29/01/2016 - 09:33

أبو مازن إذ ينافس على قلوب اليمين الإسرائيلي/ خالد تيتي

تهافت كبار الصحافيين الإسرائيليين في غرفة ضيقة في المقاطعة في رام الله للقاء خاص مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد دعوة من مكتب الرئيس للصحافة الإسرائيلية لم يعلن عن موضوعاتها أو مضمونها مسبقا.

أبو مازن إذ ينافس على قلوب اليمين الإسرائيلي/ خالد تيتي

تهافت كبار الصحافيين الإسرائيليين في غرفة ضيقة في المقاطعة في رام الله للقاء خاص مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد دعوة من مكتب الرئيس للصحافة الإسرائيلية لم يعلن عن موضوعاتها أو مضمونها مسبقا. لا يحظى الصحافيون الاسرائيليون بمثل هذه الفرصة النادرة لدى رئيس حكومتهم الذي لا يعقد حتى مؤتمرا صحافيا، فكانت المقاطعة لهم ملاذا ومأوى. 

لماذا لم يكتف الرئيس عباس ببيان أو مؤتمر صحافي لكي يتحدث للرأي العام الإسرائيلي حول التزامه بالتنسيق الأمني ورفضه للهبة الشعبية وللتحريض ضد إسرائيل؟ لا يوجد أي سبب وجيه سوى رغبة المقاطعة في تكثيف الرسالة على كون السلطة الفلسطينية على العهد في محاولة لإحداث توازن إزاء أجواء التطرف الآخدة بالازياد في إسرائيل في ظل هرولة المجتمع الإسرائيلي نحو اليمن أكثر فأكثر وازدياد المنافسة على قلوب قطعان اليمين من قبل الساسة في إسرائيل، إلا أن محاولة الموازنة التي تنتهجها السلطة إزاء هذا الواقع السياسي تنم عن تبني ذات إستراتيجية التنافس على قلوب جموع جمهور اليمين الإسرائيلي! فبعد أن فهم يائير لابيد ويتسحاق هرتسوغ أن لا مستقبل سياسي لمن لا  يستميل اليمين الإسرائيلي – أي الغالبية العظمى من المجتمع الإسرائيلي - يبدو أن السلطة الفلسطينية فهمت أن مستقبلها السياسي مربوط بمخاطبة اليمين في إسرائيل وليس المجتمع الإسرائيلي فحسب. 

ولا يوجد في محاولة التحليل أعلاه أي غرابة أو مبالغة إذا ما تعمقنا قليلا "القصف الإعلامي المكثف" الذي نتج عن لقاء الصحافة الإسرائيلية بعباس، فليس بالأمر الهين أن تفتتح نشرات الأخبار المركزية في القنوات الإسرائيلية متزامنة بعناوين مفادها أن عباس يؤكد على استمرار التنسيق الأمني حتى اللحظة (وهو يشير بأصبعه للساعة الفاخرة التي في يده)، ولا يحدث كل يوم أن يقوم كاتب أشهر عامود صحافي في يديعوت أ حرونوت (ناحوم برنيع) بكتابة مقال علاقات عامة لأبو مازن على الصفحة الأولى تحت عنوان "أنا لست محرضا". وما هذه إلا نتيجة مباشرة لما يعرف في عالم الصحافة والسياسة "بالمحادثات الإرشادية" أو "محادثات خلفية" يقوم من خلالها السياسي أو المؤسسة بإيصال رسائله المباشرة من دون رقابة أو تحرير للصحافة التي بدورها تقوم بترويجها للرأي العام وفق سياستها العامة، إلا إن الصحافي كأي إنسان آخر عادة ما يتأثر في مثل هذه اللقاءات بشخص السياسي قبل الشخصية السياسية. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. 

التعليقات