01/02/2016 - 18:11

اليوم العالمي بين قضية الأقلية وقضية الشعب../ سليمان أبو ارشيد

ربما يحتل يوم التضامن الذي يقف في مركزه فلسطينيو 48 في 30 كانون ثاني مكان يوم التضامن الذي استند إلى قرار التقسيم في 29 تشرين الثاني

اليوم العالمي بين قضية الأقلية وقضية الشعب../ سليمان أبو ارشيد

 السؤال الذي طرح نفسه بإلحاح عند الإعلان عن اليوم العالمي للتضامن مع فلسطينيي الداخل، هو لماذا يكون لنا يوم عالمي خاص بنا، طالما أن هناك يوما عالميا للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي نحن جزء منه، أعلنت عنه الأمم المتحدة منذ عام 1977، هو 29 تشرين ثاني من كل عام، وهو التاريخ الذي صادف صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 181عام 1947 والقاضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين يهودية وفلسطينية.

إذًا، يوم التضامن المذكور مع شعبنا يقوم على قاعدة تقسيم فلسطين، الذي ما زالت إسرائيل، التي تحتل كامل أرض فلسطين التاريخية، تمنع تطبيقه من خلال منع الشعب الفلسطيني من إقامة دولته على مساحة هي أقل بكثير من المساحة التي نص عليها القرار المذكور ولا تشمل الجليل والمثلث والنقب.

إسرائيل ما زالت تمنع، بعد مرور 68 عاما على القرار، ليس فقط تطبيق الشق الثاني منه والمتعلق بإقامة دولة فلسطينية، بل إنها تمنع أيضا حق العودة من اللاجئين، وتمارس سياسة الاستيلاء على الحيز المكاني الذي يتجسد بمصادرة الأرض، وهدم البيوت ضد الفلسطينيين المتبقين في حدود 48، إضافة إلى سياسة قهر وتمييز تقارب في الآونة الأخيرة سياسة فصل عنصري، ( تهدم الحواجز السياسية التي بنتها هي مع الضفة والقطاع)، هي ما دفعتهم/ نا إلى إخراج قضيتهم/ نا إلى العالم، عن طريق اليوم العالمي للتضامن مع فلسطينيي الداخل الذي أعلن عنه بتاريخ 30 كانون الثاني.

وعودة إلى السؤال الأول وهو إذا أردنا "تخصيص"، قضيتنا أي التركيز على خصوصيتها، و"تدويلها هل ينفع أن نعرضها أمام العالم كقضية أقلية قومية" تعاني من التمييز وانعدام المساواة في دولة تدعي الديمقراطية، ونحن نعرف والعالم يعرف أننا لسنا أقلية مقطوعة الجذور والامتداد، فنحن جزء من شعب ما زال يصارع من أجل العودة وتقرير المصير وإقامة دولته على أرض وطنه، بل إن سياسة الاضطهاد والتمييز العنصري التي نتعرض لها نابعة ومرتبطة بكوننا جزءا من هذا الشعب وهذا الصراع على هذه الأرض، مثلما أن انكماشها وتصعيدها مرتبط أيضا بتصعيد سياسة العداء لكل مكونات وتجمعات الشعب الفلسطيني.

لقد نجحت بعض جمعيات المجتمع المدني الفلسطيني في طرح قضايانا أمام بعض المحافل الدولية، من خلال خطاب حقوقي ( هو وفق تصنيفاتهم خطاب "الأقلية" أو "أقلية أصلانية") وهو خطاب أحرج الدوائر الإسرائيلية في بعض الحالات أو في الكثير منها، ولكن علينا التمييز جيدا بين الخطاب الحقوقي والخطاب السياسي، فنحن لسنا الهنود الحمر في أمريكا أو الأشوريون في العراق، نحن شعب هذه البلاد، ما زلنا نشكل أغلبية على أرضها من البحر إلى النهر، إضافة إلى ملايين اللاجئين الذين هجروا منها عام 48 ويسكنون المخيمات على بعد بضعة كيلومترات عن بيوتهم، كما أن طلائع شعبنا ما زالت تحمل راية الكفاح من أجل العودة وتقرير المصير وإقامة كيانه الوطني فوق أرضه.

يجب أن لا نقع في فخ الخطاب الحقوقي، وأن لا ضير في ترك هذه المساحة لما يسمى بمؤسسات المجتمع المدني، أما نحن/ أحزاب وهيئات شعبية وتمثيلية وعلى رأسنا لجنة المتابعة، وبغض النظر من يرأسها، فخطابنا هو خطاب سياسي، يتكامل بخصوصيته مع الخطاب الفلسطيني العام الذي يقوم على ثابت أساس وهو أن هذا الجزء هو ضلع أساسي من المثلث الفلسطيني الذي يكتمل بالضفة والقطاع والشتات.

هذا هو الثابت ، فيما تخضع المسيرة السياسية التي أفرزتها عملية مدريد وأوسلو للمزيد من التحولات في ضوء التغيرات التي أحدثتها إسرائيل على الأرض، وفي ظل المتغيرات التي تشهدها بنية المجتمع الإسرائيلي، وهي بالمجمل متغيرات تغلق، على ما يبدو، بأسف أو بغير أسف، الباب على فكرة تقسيم البلاد وحل الدولتين، وربما يحتل والحال كذلك يوم التضامن الذي يقف في مركزه فلسطينيو 48 في 30 كانون ثاني مكان يوم التضامن الذي استند إلى قرار التقسيم في 29 تشرين الثاني. 

التعليقات