05/04/2016 - 12:50

الإضراب والمظاهرة أساليب نضالية لا تسقط بالتقادم

الاقتراحات التي تتحدث عن معارض رسم ومعارض تراث وجولات في المناطق والأراضي المعرضة وغير المعرضة للمصادرة، فكلها تصلح لأن تكون برامج مكملة لا أن تحل محل المنشور والمظاهرة والإضراب، وفي هذا الباب من الجدير التمييز جيدًا بين وسائل وأساليب الا

الإضراب والمظاهرة أساليب نضالية لا تسقط بالتقادم

كثير من السم ظهر بائنًا هذه المرة في دسم النقد السياسي الذي رافق يوم الأرض الأربعين، في العديد مما كتب وقيل عشية الذكرى وغداتها، حيث لم تنجح سمفونية انتقاد الأحزاب وقصور أدائها  في إخفاء نشاز محاولات تسخيف وتسفيه العمل السياسي مستغلة هذه المرة تقليدية وسائله المتمثلة بالإضراب والمظاهرة والاجتماع الشعبي وغيرها من أساليب الاحتجاج المتبعة في هكذا مناسبات.

هي أساليب اجترحتها الجماعات والشعوب خلال كفاحها من أجل الحرية وانتقلت عبر الزمن والجغرافيا لا يعتليها غباره ولا حول دونها حدودها، لا تتآكل مع الوقت ولا تسقط بالتقادم مثلها كمثل الحقوق والمواثيق الوطنية التاريخية. هو المنطق نفسه الذي سعى لإسقاط الميثاق الوطني الفلسطيني بالتقادم 'كادوك' (caduc)، أنه المنطق الانهزامي متلفعًا بالنهج التلفيقي يتمظهر بعباءة التجديد تارة وبلحاف الحرص على القضية تارة أخرى.

لقد سمعنا منذ نعومة أظفارنا السياسية، وما زلنا، تعابير مثل و'ماذا سينفع المنشور' و'ماذا تفيد المظاهرة' و'ما الطائل من الاجتماع'، كلها كانت تصب في التقليل من شأن نضالنا السياسي والحط من مكانته وتسفيهه، وقاومنا وما زلنا هذا المنطق الذي يسعى إلى نشر اليأس ودفعنا إلى الإحباط والاستسلام في وجه الظلم والاضطهاد. وكانت وما زالت ترتفع عقيرة هذا المنطق مع تفاقم أزمة العمل السياسي وضمور أحزابه وحركاته، ضمور يجعل من القضايا السياسية ذات الطابع الوطني الفلسطيني وقضايا الأرض والاضراب 'كبيرة عليها' ويكفيها الانشغال في قضايا 'الصرف الصحي والنفايات' وغيرها من قضايانا المدنية الصغيرة.

لا نقول ذلك هربًا من مواجهة الأزمة التي تعتري العمل السياسي في الداخل الفلسطيني وحالة الإرباك التي أصابت مفرداته، عقب الإعلان عن حظر أحد أهم مركباته - الحركة الإسلامية الشمالية -  والذي أصابه في الصميم، بل نقول ذلك بغية فرز الحب عن الزوان والتمييز بين النقد الهادف والذي يسعى إلى معالجة هذه الأزمات وحلحلتها وبين من يستغلها لإشباع رغبات محرمة ناتجة عن إحباطاته الشخصية أو من يسعون إلى اقتناص الفرصة المواتية للاقتصاص من العمل والنهج الوطني ومنطقه السياسي الذي يقوم على رفض الاستسلام والخنوع.

تكفي 'الذكرى الأربعين' وحدها، بما تحمله من رمزية، لإعلان الاضراب العام في يوم الأرض هذا العام وخير فعلت لجنة المتابعة بأن أدركت ذلك، بغض النظر عن الظروف السياسية. وفي هذا الجانب، من المفيد التوضيح أن يوم الأرض فيه من الثابت المطلق ما يجعله مناسبة وطنية و'يوم كفاحي سنوي'، بقطع النظر عن ظروف المد والجزر السياسي التي تواكب ذكراه في كل سنة وأخرى، وكان يفترض أن يترسخ خلال الأربعين عامًا الماضية كيوم عطلة تلقائية وأن يتم التعامل معه أسوة بما تتعامل شعوب العالم مع ومناسباتها وأيامها الوطنية. وفي الجانب المتغير منه فلا أسوأ من الظروف السياسية التي يمر بها شعبنا وجماهيرنا، في ظل حكومة المستوطنين التي يرأسها نتنياهو، الذي يضع العرب في الداخل الفلسطيني 'في رأسه' وسياسة هدم البيوت على أجندته، لا أسوأ ولا أحوج وأنضج من هكذا ظروف لإعلان الاضراب العام.

بعد أربعين عامًا على إعلان الإضراب في يوم الأرض عام 1976 بعثت القيادة السياسية لجماهيرنا، بإعلانها الإضراب هذا العام، برسالة مفادها أنها ما زالت تمتلك القرار وأن المواجهة مع سياسة التهويد والهدم والمصادرة ما زالت هي الخيار، علمًا أن وتائر التصعيد، وإن كانت محكومة بظروف موضوعية، فهي مشروطة أيضًا بتوافر النية بالتصعيد أصلا وهي لم تكن موجودة لدى الأحزاب التي تعاملت مع المناسبة بنوع من رفع العتب، على ما يبدو.

أما الاقتراحات التي تتحدث عن معارض رسم ومعارض تراث وجولات في المناطق والأراضي المعرضة وغير المعرضة للمصادرة، فكلها تصلح لأن تكون برامج مكملة لا أن تحل محل المنشور والمظاهرة والإضراب، وفي هذا الباب من الجدير التمييز جيدًا بين وسائل وأساليب الاحتجاج ووسائل التثقيف والتعبئة، ويوم الأرض هو أساسًا صرخة احتجاج في وجه سياسة التهويد واغتصاب الأرض يجب أن لا يتم إسكاتها أبدًا.  

التعليقات