09/04/2016 - 11:49

الآن الآن.. وليس غدا

نجاح التجمع في تحقيق أهدافه في مؤتمره القادم يعتبر مصلحة وطنية جماعية، وليست فئوية كما قد يعتقد البعض

الآن الآن.. وليس غدا

ينعقد المؤتمر السابع لحزب التجمع الوطني الديموقراطي في أوائل حزيران القادم بعد مرور خمس سنوات على مؤتمره السادس الذي انعقد في حزيران عام 2011. وانعقاد المؤتمر في هذه الظروف يعتبر حدثا هاما ومؤثرا ليس في حياة الحزب وحده بل في حياة شعبنا، ويجب أن يثير اهتمام الأصدقاء والمناصرين كما الشركاء واللاعبين الرئيسيين في الحلبة السياسية العربية.

التجمع الوطني الديموقراطي بخطابه ومشروعه السياسي وبفروعه الممتدة من أعالي الجليل وحتى النقب، وبحركته الطلابية الزاخرة نشاطا وحيوية، واتحاد شبابه الناشط في العشرات من القرى والمدن العربية، وبنسائه النشيطات في كل ساحة نضال نسوية وسياسية واللواتي يشكلن طليعة قيادية على مستوى الحزب، يشكل عامودا فقريا وتيارا مركزيا في العمل السياسي العربي في الداخل.

ولهذا السبب بالذات فإن نجاح التجمع في تحقيق أهدافه في مؤتمره القادم يعتبر مصلحة وطنية جماعية، وليست فئوية كما قد يعتقد البعض.

يأتي انعقاد المؤتمر في ظروف صعبة ومعقدة تتصاعد فيه الهجمة العنصرية على مجرد الوجود العربي في أرض الوطن، وليس فقط على التمثيل العربي في البرلمان. ويتخذ هذا الهجوم اليميني الفاشي بقيادة نتنياهو شخصيا من التجمع هدفا مباشرا له، كما جرى بعد لقاء نواب التجمع مع أهالي الشهداء.

وكما كنت قد أشرت في مقال سابق أن نتنياهو واليمين الإسرائيلي الاستيطاني لا يتبع السياسة الصهيونية التقليدية في محاولة تقسيم العرب إلى معتدلين ومحبي تعايش من ناحية، ومتطرفين ومغامرين من ناحية أخرى، فبالنسبة لهذا اليمين كل العرب أعداء، ويشكلون خطرا إستراتيجيا ويكرهون كل النواب العرب بنفس الدرجة.

ومع ذلك فإن خطر صبغ التجمع بصبغة التطرف قائم خاصة وأن شعبنا يتأثر بالإعلام العبري، وهو أيضا يتعرض لعمليات غسل دماغ مثلما نجح هذا الإعلام في الماضي بإدخال سوسة 'ماذا يفعل لكم النواب العرب' إلى عقول الناس.

وتنبع الخطورة من أن يستطيع الإعلام العبري المهيمن والمسيطر أن يحول أكثر مقولة ديمقراطية وعصرية وإنسانية طورها التجمع ألا وهي دولة المواطنين كقاعدة ضرورية لتحقيق المساواة إلى مقولة متطرفة في ذهنية الناس العامة لمجرد أنها، وهي كذلك فعلا، تتحدى يهودية الدولة وطابعها العنصري.

لا يوجد مأساة أكبر من تلك التي يستطيع فيها المستعمِر أن يحقق انتصاره من خلال جعل المستعمَر يقبل روايته ويستسلم أمام مخططاته في مسح الذاكرة التاريخية وتفتيت الإرادة الجمعية، ويجعل من كل مطالبه مرتبطة بتحسين شروط معيشته ومجرد البقاء.

في هذه المرحلة المعقدة تحديدا، يقف التجمع الوطني الديموقراطي في مؤتمره القادم أمام جملة تحديات عليه أن ينجح بها جميعها، ولا خيار هناك أمام التجمع سوى الانتصار على كل المصاعب والعقبات، وهو يملك من مقومات القوة ما يضمن أن يكون المؤتمر القادم مؤتمر انطلاقة وتجدد.

أولا: أول هذه التحديات هو تجديد مشروع التجمع السياسي، وفي صلبه دولة المواطنين كبديل لدولة الفصل العنصري وللدولة اليهودية، وهو مشروع ديمقراطي وإنساني يحقق المساواة المدنية والقومية للجميع، وهو المشروع الصالح والصحيح بغض النظر عن نتيجة الحل النهائي بإقامة دولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران، وعاصمتها القدس وحل قضية اللاجئين بالاستناد للقوانين والمرجعيات الدولية أو بإقامة الدولة الواحدة باحتمالاتها المتعددة. مشروع دولة المواطنين هو مشروع ديموقراطي مناهض للصهيونية العنصرية والاستعمارية ويعني النضال لمقاومة الطبيعة العنصرية والاستعمارية للمشروع الصهيوني وهو الوحيد القادر على توفير المساواة الحقيقية الفردية والجماعية لنا كجزء من الشعب الفلسطيني تحت المواطنة الإسرائيلية. وعلى مؤتمر التجمع القادم تطوير وتأكيد المشروع ووضعه في صلب عمل التجمع السياسي.

ثانيا: على التجمع وضع رؤية أكثر تفصيلية مع مخططات تشتمل خطوات عينية مع جدول زمني في موضوع بناء المجتمع الفلسطيني في الداخل ومؤسساته القومية، والعمل على إيجاد شركاء لوضع هذه الرؤى قيد التنفيذ، وخاصة في موضوعة انتخاب القيادة الوطنية للأقلية الفلسطينية في الداخل أي انتخاب لجنة المتابعة انتخابا مباشرا.

ثالثا: من تحديات المؤتمر المركزية التأكيد على هوية الحزب كحزب وطني فلسطيني وقومي ديموقراطي صاحب مشروع حضاري حداثوي للتغيير الاجتماعي مؤسس على قيم حقوق الإنسان العالمية وحقوق المرأة والمساواة والعدالة الاجتماعية.

رابعا: بعد عشرين عاما على تأسيس التجمع يتحمل المؤتمر القادم أيضا مسؤولية إحداث التغيير في تجديد الدم في القيادات والهيئات المركزية للحزب قيادات ذات إخلاص وولاء لمشروع ولفكر التجمع وذات قدرة على حمل هذا المشروع والسير به للأمام.

خامسا : مشروع التجمع في جوهره حرية الإنسان ومساواته، وهو بعيد جدا عن أن يكون مشروعا متطرفا. إنه مشروع مركزي ووسطي يحمل الحد الأدنى مما يجب أن نقبل به كناس وكمجموع، ولن نقبل أن يدمغنا أحد بالتطرف لأننا نطالب بالحياة بمساواة في وطننا، ولأننا نطالب بتصحيح الغبن والظلم التاريخي الذي ارتكبته الصهيونية ضدنا. 

التعليقات