24/04/2016 - 10:07

بالفن ننتصر على العنف

ينتشر العنف كالسرطان في قرانا ومدننا العربية، وكلما وقعت جريمة أو أكثر عدنا لنفس السؤال عن دور الشرطة وأين التربية ومحاضرات التوعية! ونعقد جلسات طارئة ونعود إلى الحديث المتكرر وهو صحيح إلى حد كبير،

بالفن ننتصر على العنف

سهيل كيوان

ينتشر العنف كالسرطان في قرانا ومدننا العربية، وكلما وقعت جريمة أو أكثر عدنا لنفس السؤال عن دور الشرطة وأين التربية ومحاضرات التوعية! ونعقد جلسات طارئة ونعود إلى الحديث المتكرر وهو صحيح إلى حد كبير، ولكن العامل الأساسي للعنف هو البيئة التي ينمو فيها ويتغذى منها، وهذه لا تتغير بل تبقى كما هي.

بل ونلاحظ في هذه البيئة أن العنف صار يتفشى طرديا مع ظاهرة العداء للفن ومحاربته، ظاهرة التجرؤعلى منع عروض فنية ولو بالقوة والتهديد.

لا يمكن الفصل بين بيئة تحارب المسرح والغناء والعروض الفنية وتزايد العنف في داخلها، إنها بيئة غير مشجعة للفن، هذا يعني أنها بيئة كابتة لكثير من طاقات المجتمع وللشباب بشكل خاص، فأين سيذهب الشباب بطاقاته إن لم توجه إلى الإبداع والفنون والعطاء الجميل؟ بالطبع سوف تنحرف هذه الطاقات مهما حاولنا لجمها بالمواعظ الحسنة وما يسمى التربية الجيدة.

التربية على الأخلاق الحميدة وحدها لا تكفي، بل وكثيرًا ما نفاجأ بأن بعض ممارسي العنف وحتى القتل من أسر طيّبة غير معروفة بأنها عنيفة أو منحرفة، بل من بيوت محترمة، فجأة ينفجر كبت سنين ليتحول إلى عنف.

بلا شك أن التربية على الأخلاق الحميدة مطلوبة بل وهي عامل أساسي، إلا أن السؤال ما هي الأخلاق الحميدة التي نقصدها بهذا المصطلح الفضفاض!

التربية الحميدة ليست فقط باحترام الكبير ومساعدة الفقير وإكرام الجار، فكم من مجرم يكرم جاره، وكم مجرم يحترم والديه، وكم من مجرم تسمع أنه كريم وصاحب نخوة! إذن هناك حلقة ناقصة! 

هناك حاجة ماسة لتذويت قيمة التسامح والخلاف كأساس في التربية الحميدة، التربية الحميدة ليست دينية فقط بمعناها الواسع، بل هناك حاجة لتربية فنية كجزء من التربية الحميدة، الموسيقى والمسرح والرسم والأدب والأمسيات الفنية التي يجب أن ندعمها من كل أطياف شعبنا، ترتقي بمجتمعنا نحو الأفضل، ترتقي بنا إلى قيم جمالية بعيدة عن العنف، ترتقي بطاقات الشباب بدلا من الذهاب بها إلى العنف واللاجدوى والعبث، ترتقي إلى ما هو جميل ويهذب للنفس البشرية ويصقلها ويجعلها أقل عدوانية وقادرة على تمييز الخير من الشر. فلنلاحظ أن المجتمعات التي ترتقي بالفنون هي مجتمعات مسالمة، فالفن بالأساس هو ارتقاء بالغرائز البشرية وخصوصا الحيوانية العدوانية إلى ما هو أجمل، إلى السمو بالأرواح والتعالي عن الصغائر، التي تؤدي في النهاية إلى نبذ العنف.

لا يمكن لمجتمع أن ينتصر على العنف في الوقت الذي يحرم عروضا مسرحية أو أمسيات موسيقية، الفنون تنزع الشر وترتقي بحب الحياة، ولهذا فعلينا إلى جانب الحديث عن محاضرات تربوية وتوعوية أن نبادر أيضا إلى فتح أذرعنا للفنون بكل أشكالها وأن ندعمها.

 نعم لتسييس شبابنا   

إلى جانب الفنون، يجب العمل على تشجيع الشباب للتنظيم في أحزاب أو جمعيات وحلقات ثقافية ناشطة في مجال العطاء للمجتمع، إلى جانب العمل السياسي فالأحزاب والجمعيات تصقل وعي الشباب بواقعهم بغض النظر عن الحزب وقدراته، هذه التنظيمات تعزز لديهم حب شعبهم واحترام أنفسهم والنأي عن ما يؤذي الناس، والوعي بالمخاطر المحيقة بنا كشعب ومجتمع وكل هذا يؤدي إلى الابتعاد عن العنف! من النادر أن تجد شابا حزبيا أو في جمعية ويمارس العنف!

الفنون والسياسة والتربية الصالحة والنشاطات الثقافية تغير جذريا مفاهيم الرجولة والبطولة، وبلا شك أنها ستسهم في الحد من هذه الظاهرة المقيتة والخطيرة.  

التعليقات