15/08/2016 - 17:00

نحن شعب جميل

​نلاحظ أن هناك تركيزا كبيرا على السلبيات في مجتمعنا، وفي أحيان كثيرة بشكل مضخّم وبلا تدقيق أو حذر، وخصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإلكترونية، وهناك تجاهل غير مبرر للإيجابيات.

نحن شعب جميل

نلاحظ أن هناك تركيزا كبيرا على السلبيات في مجتمعنا، وفي أحيان كثيرة بشكل مضخّم وبلا تدقيق أو حذر، وخصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإلكترونية، وهناك تجاهل غير مبرر للإيجابيات.

البعض ينتقد لأجل الإصلاح والبعض يحترف جلد الذات، بل تشعر أنه يقصد إشعارنا بالنقص، فلا يعجبه شيئا ولا يمكنه إلا أن ينتقد أي عمل مهما كان جميلا وأصيلا، فلا نراه يصفق أو يطرب لعمل جميل في مجتمعنا، بل يبحث عن ثغرة لينتقد، فينسى ال99% من الجمال ويتمسك ب 1% من القباحة.

كثيرا ما نرى مقارنات رجالية (فيسبوكية) بين المرأة الغربية والعربية، ودائما النتيجة محسومة لصالح المرأة الغربية، فهي مثقفة رومانسية تعشق الموسيقى والفنون والرياضة، بينما العربية قبيحة نهمة لا هم لها سوى الطعام ومناكدة زوجها، ولا وجود للرومانسية في حياتها،

وينسى هذا الرجل أن ثقافة المرأة متعلقة بشكل كبير بثقافته هو وثقافة مجتمعه، ويتناسى أن المرأة الغربية قد تعاشر عشرات الرجال قبل أن تقرر الارتباط بأحدهم، فتكون تجربتها غنية مع الرجال وتتفهم احتياجاتهم ولهذا يراها أنثى أحلامه، لأنها تقدم له خلاصة تجربة طويلة.

هذا ينطبق على النساء العربيات(الفيسبوكيات)، فهن ينظرن للرجل الغربي بأنه رومانسي ونظيف وكريم ومعطّر دائما، يقدم الهدايا والورود لزوجته، بينما الرجل العربي غليظ القلب قبيح، بلا مشاعر، عنيف. المقارنات دائما ليست في صالح العربي، علما أن معظم الشباب والرجال العرب ما زالوا يخجلون من مشاركة الأنثى لهم في دفع حساب المطعم مثلا أو دفع أجرة الطريق، وينتخون ولو كان آخر قرش في جيوبهم.     

كثيرا ما نسمع أحدهم أو إحداهن يقول/ تقول إنه كان في مكان ما وقام بعمل طيب فلم يصدقوا أنه عربي، استغربوا وسألوني: أحقا أنت عربي؟ لا يبدو عليك أبدا أنك عربي! أنا لا أصدق أنك عربي!  

لقد بلغ بنا النقص حتى بتنا نظن أن كل ما لدى الأجانب جميل ورائع، وكل ما لدينا قبيح. 

بلا شك هناك الكثير مما يجب أن نتعلمه من الغرب ومن الشرق ومن الجنوب والشمال وأهمّه عدم التدخل في شؤون الآخرين واحترام الخصوصيات، أما أن يتحول الأمر إلى جلد ولطم للذات فهذا مرفوض!

هناك كثير من المزايا نستطيع أن نفتخر بها، بل ويتمنى كل مجتمع أن تكون موجودة عنده مثلما هي عندنا، المُسن في مجتمعنا لا يُترك ليموت وحيدا في شقته، كما يحصل لدى الكثير من الأوروبيين، فقد لا يدري بهم أحد إلا بعد تفسخ جثثهم، هذا نادرا ما يحدث عندنا.  

المشاركة الفعالة في الأفراح والأتراح، وإن كنا بحاجة إلى إعادة نظر في إدارة أفراحنا التي ندعو إليها كل من عرفناه في يوم ما، هناك حاجة للتهذيب، ولكن نبدأ المشاركة الكبيرة بحد ذاته يضفي الفرح على الناس ويشعرهم باهتمام الآخرين بهم، ويرفع معنوياتهم. 

المشاركة في الأحزان والمواساة في مجتمعنا عادة أصيلة، فهي تدعم صاحب المصاب وتنقذه من الكآبة التي تتضاعف إذا ما شعر بالوحدة، في مجتمعنا نجد تعاضدا وتضامنا كبيرا يخفف الكثير من ألم أصحاب المصاب، مع ملاحظة ضرورة ترشيد وتنظيم ساعات المواساة.      

كثيرا ما يعلن على صفحات التواصل المحلية في بلداتنا عن العثور على مال أو أشياء ثمينة، يتم التعرف عليها لتعود لصاحبها، أشك بوجود مثل هذه الإعلانات في المجتمعات الغربية.

التبرع بالدم، إذا احتاج أحد للتبرع بالدم في بلدة عربية وأعلن عن الأمر، سنرى المئات وحتى الآلاف يقفون بالدور للتبرع بالدم.

التعاضد والدعم في حالة حاجة مريض لزرع أعضاء أو إجراء عمليات جراحية مكلفة، فما أن يعلن الأمر في بلدة ما من بلداتنا حتى تقام لجنة أو جمعية تجمع مبالغ كبيرة تساعد المريض وتخفف من آلامه وتسهل له إجراء العملية المطلوبة أو زراعة العضو الباهظ الثمن.

التنافس الحميد بين الطلاب على التفوق في تحصيل العلامات العالية في الدراسة، والاحتفاء بالناجحين والمتفوقين.

 الاحتفاء بالفنان المحلي، وهنا أنوه بأن المقصود بالمحلي ليس على صعيد البلدة فقط بل على صعيد البلاد، وكانت لنا تجربة مع دعم الفنانين محمد عساف ثم هيثم خلايلة ومنال موسى، ورأينا كيف وقف الناس من كل حدب وصوب مشجعين لهم.

 من الأمور الجميلة التي يجب الحفاظ عليها، إكرام الضيف وحسن استقباله، ومساعدة الغريب وإشعاره بالطمأنينة وبأنه بين أهله وأناسه.

تقديم الضيافة من قهوة أو شراب أو أكثر من هذا لمن يعملون أمام بيوتنا من تعبيد شوارع أو حفريات أو مد خطوط مياه وغيرها، هذه العادة الحميدة التي يجب أن تستمر، لا أظنها موجودة لا في الغرب ولا في الشرق.

مساعدة الغريب، مثلا إذا تعطلت سيارته في إحدى بلداتنا، إذا كان سيدة (تغيير إطار سيارة مثلا)، فنحن ننتخي لمساعدة الغريب حتى نوصله إلى بر الأمان، هذه عادة يجب أن تستمر.

اقرأ/ي أيضًا| فزاعة نتنياهو المضاعفة

لن نتحدث عن السلبيات، وقد نطرحها في مقالة قادمة، وهي كثيرة ويجب معالجتها، ولكن يجب أن لا ننسى أننا مجتمع عريق من أمة عريقة لها تقاليدها الجميلة والتي يجب أن نتمسك ونعتز بها، وأن نعمّق شعور الفخر لدى الأجيال الصاعدة بحضارتهم وانتمائهم وقيم شعبهم وأمتهم الأصيلة.           

التعليقات