05/10/2016 - 11:25

"تحت الرادار الصيني"

لن تفاجئ هذه المعلومات كثيرين ممن يعلمون أنّ أكثر ما يسم العلاقات بين إسرائيل والصين، وبالتالي يؤثر فيها، هو احتكامها إلى مقاربةٍ مرنةٍ انتهجتها حكومة بكين حيال دولة الاحتلال.

"تحت الرادار الصيني"

المؤتمر الذي عقد في معهد السياسة والإستراتيجيات الإسرائيلي في أواخر سبتمبر/ أيلول الفائت، وتناول موضوع 'السياسة الإسرائيلية حيال الصين' بمشاركة أكاديميين من الصين وخبراء وشخصيات رسمية من إسرائيل، اعتبره أحد المشاركين الصينيين بمثابة 'نقطة انطلاق' متقدّمـة، للاستفادة من الآفاق الكبيرة الكامنة في فرص التعاون بين الدولتين.

كتب هذا المُشارك الصيني أيضًا مقالة، في إحدى الصحف الإسرائيلية اليمينية، بمناسبة هذا المؤتمر، حملت عنوانًا 'مُوحيًا' هو 'تحت الرادار الصيني'، أشار فيها، من ضمن أمور أخرى، إلى أن إسرائيل 'شريكةٌ مهمةٌ للغاية بالنسبة للصين'. ولفت إلى أن العلاقات بين الدولتين 'باتت تستند إلى أسس متينة ومستقرة'. وأكد أن الصين تثمّن عاليًا 'التزام إسرائيل بأن تدفع بهذه العلاقات قدمًا، كما ينعكس الأمر في إقامة قنصلية إسرائيلية رابعة في غرب البلد أخيرًا، فضلًا عن قنصلياتٍ ثلاث قائمة قبلًا، وعن السفارة الإسرائيلية في العاصمة'.

لن تفاجئ هذه المعلومات كثيرين ممن يعلمون أنّ أكثر ما يسم العلاقات بين إسرائيل والصين، وبالتالي يؤثر فيها، هو احتكامها إلى مقاربةٍ مرنةٍ انتهجتها حكومة بكين حيال دولة الاحتلال.

تعود بداية العلاقات المباشرة بين الطرفين إلى اتصالاتٍ شرع رجل الأعمال الإسرائيلي، شاؤول أيزنبرغ، في إقامتها مع القيادة الصينية في السبعينيات المنصرمة، ونجح خلالها في إقناع تلك القيادة بامتلاك خدمات تكنولوجية إسرائيلية متطوّرة. في تلك السنوات، انصبّ اهتمام الصين على استيراد تكنولوجيا متطورة في المجالين المدنيّ والعسكريّ، نظرًا لانشغالها بإنشاء بنى تحتية في إطار سياسة الإصلاح والانفتاح الاقتصاديّ.

وتشير وثائق إسرائيلية إلى أن أيزنبرغ هذا نجح، عام 1979، الذي شهد صداماتٍ حدودية بين الصين وفيتنام، في عقد لقاء سريّ جمع بين أرباب الصناعات العسكرية الإسرائيلية وقيادة المؤسسة الأمنية في الصين، ترتبت عليه عدة صفقات كبيرة لتبادل السلاح. وفي تلك المرحلة، زودت دولة الاحتلال الصين بنموذج متطوّر من دبابات T-59مجهزة برشاشات جديدة. وخدم التعاون العسكري الذي نشأ في أعقاب ذلك، الدولتين وأرسى منظومة علاقات قريبة فيما بينهما لا تزال قائمة.

غير أن الصين ظلت ترفض أن تنعكس هذه العلاقات الأمنية- الاقتصادية الوثيقة على مستوى تبادل التمثيل الرسمي بين الدولتين، بسبب الخشية من أن يؤثر ذلك على علاقاتها المتشعبة مع الدول العربية. وفقط في يناير/ كانون الثاني 1992، أقامت الدولتان علاقاتٍ دبلوماسية كاملة فيما بينهما. وتمّ ذلك بعد انهيار الاتحاد السوفييتي والكتلة الشرقية، وأساسًا وفي إثر اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل، وانعقاد مؤتمر مدريد للسلام. ومنذ ذلك التاريخ، تبودلت زيارات دبلوماسية على أعلى المستويات بين الطرفين، بما في ذلك زيارة قام بها الرئيس الصيني إلى إسرائيل عام 2000، كما وقعت اتفاقيات تعاون عديدة في المجالين الاقتصادي والأمني.

على الرغم من هذا، ظلت إسرائيل تركّز على أن تطوّر العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية لم يؤثر بتاتًا على تقدّم غايات دولة الاحتلال السياسية.

وصل حجم التبادل التجاري بين الدولتين، في عام 2008، إلى نحو 6 مليارات دولار، منها 4 مليارات دولار صادرات صينية إلى السوق الإسرائيلية، والباقي صادرات إسرائيلية إلى الصين. وخلال زيارة رئيس الحكومة السابق، إيهود أولمرت، إلى الصين عام 2007، ذكرت توقعات أن حجم التبادل التجاري يمكن أن يصل إلى حدود 10 مليارات دولار عام 2010، ويستثني هذا الرقم صفقات السلاح والتسليح وتطوير التقنيات العسكرية التي تصل إلى المليارات. وفي عام 2010، بلغ حجم التبادل التجاري 8 مليارات دولار، وارتفع عام 2014 إلى 11 مليار دولار.

اقرأ/ي أيضًا للكاتب: تجريب المُجرّب

وفي عدد سبتمبر/ أيلول 2016 من مجلة الأمة التابعة لحزب حيروت، بلغت الثقة المفرطة بمتانة علاقات دولة الاحتلال مع الصين لدى مستشار الأمن القومي السابق لرئيس الحكومة، يعقوب عميدرور، حدّ النقل عن مسؤولين صينيين قولهم إن 'دولته مهمة لاستقرار الشرق الأوسط' في إثر ثورات 'الربيع العربي'.

(العربي الجديد)

التعليقات