28/10/2016 - 12:12

مواطنون أصحاب حق

ولكي تقوم القائمة المشتركة بالدور التاريخي في هذه المرحلة، عليها أن تكون كتلة فاعلة ومبادرة، وأن ترتكز في إستراتيجية عملها على خطاب قوي ومتين يقوم على مركبين أساسيين

مواطنون أصحاب حق

أمام ما هو متوقع من توغل يميني عنصري لحكومة نتنياهو ضد العرب وضد حرية الرأي ومختلف حقوق الإنسان الأساسية، وإزاء ترهل وتساوق ما يسمى المعارضة المبنية على كتلتي 'المعسكر الصهيوني' و'يش عتيد' مع هذا الائتلاف، على 'القائمة المشتركة' أن تكون رأس الحربة في مقاومة الموجة العنصرية القادمة. 

ولكي تقوم  بهذا الدور التاريخي في هذه المرحلة، عليها أن تكون كتلة فاعلة ومبادرة، وأن ترتكز في إستراتيجية عملها على خطاب قوي ومتين يقوم على مركبين أساسيين:

الأول، إننا مواطنون أصحاب حق، وأن لا أحد يصنع معنا معروفا في أي حق مدني أو خدمات أساسية أو تطوير، فهذه أمور تنبع من حقوقنا الأساسية كمواطنين. وهنا، وفي هذا الموضوع، علينا ألا نكتفي بخطاب المساواة، وإنما بخطاب سد الاحتياجات، مما يعني ضرورة التمييز التفضيلي في الكثير من المجالات. وهنا علينا أيضا أن نؤكد أننا مواطنون دافعي ضرائب، وأننا لا نشكل أي عبء على الحكومة كما يدّعون منذ عشرات السنين. ليس هذا فحسب، بل على العكس تمامًا، في الحقيقة أننا نمول بضرائبنا ميزانية الدولة.

تقديراتي أن المواطنين العرب يدفعون لخزينة الدولة أكثر من ١٠٪‏ من مداخيل الضرائب المباشرة، وأكثر من ١٥٪‏ من الضرائب غير المباشرة. بحسب معطيات ٢٠١٥ هذا يعني أننا ندفع لخزينة الدولة أكثر من ٤٥ مليار شيكل فيما لا نحظى بالمتوسط بأكثر من ٦٪‏ من الميزانية العامة، أي أقل من ٣٠ مليار شيكل. وهذا يعني أننا ندفع سنويا في تقديري أكثر من ١٥ مليارد شيكل أكثر مما نسترجع من ميزانية الدولة. هذا يعني نسفًا كاملًا ونهائيًا لمقولة أن المواطنين العرب عبء، والقضاء عليها واجتثاثها من الخطاب العام، ومن نفوس بَعضنا الذين ذوتوا مقولة  الحاكم المستعمر هذه اتجاه 'رعاياه من السكان الأصليين'. هذا يعني أيضا أن خطابنا في موضوع الحقوق المدنية يجب أن يكون واثقا بنفسه، ويقف على أرض صلبة، فنحن لا نستجدي أحدا، وأن أي إنجاز نحققه هو ليس منة من أحد، وإنما هو نقطة في بحر الاحتياجات، ولا يكاد يكون خطوة صغيرة على الطريق الطويل جدا لتحقيق العدل التصحيحي، الذي يجب أن يأتي على أرضية تصحيح الغبن التاريخي لنا كأصحاب الوطن الأصليين. هذا بدوره يشكل لبنة هامة للمركب الثاني لخطاب المشتركة المقترح هنا.

المركب الثاني هو إبراز حقوقنا القومية  الجماعية كجماعة قومية أصلانية. لقد خضنا في هذا الجانب في مقالات سابقة بتوسع، ويهمنا هنا أن نذكر أن هذا المركب في خطابنا معترف به دوليا، وتحكمه إعلانات ومواثيق دولية تمككنا من أن نطور إستراتيجيات عمل 'المشتركة' بشكل يوفر لنا نقاط قوة إضافية. هذا المركب هو ما يضع روايتنا التاريخية بعنفوان وبتحد أمام الرواية الصهيونية، وهو ما يقودنا لمقاطعة جنازة شمعون بيريس مثلًا، وهو ما يمكننا من مواجهة مشاريع التجنيد والخدمة المدنية ومحو الهوية وشرذمتها، وهو الذي يشكل القاعدة الفكرية والأخلاقية والقانونية لمطالبنا بالحقوق الجماعية، وبإقامة مؤسساتنا القومية الجامعة.

المطلوب منا في 'المشتركة' اليوم هو إستراتيجية عمل تتلائم مع فهم دورنا باعتبارنا الكتلة البرلمانية الأساسية والوحيدة التي تقوم بدور المعارضة البرلمانية في الكثير من الأحيان. يجب أن تتضمن هذه الإستراتيجية أساليب عمل ومبادرات سواء بالتشريعات المقترحة أو سائر الأدوات البرلمانية المعمول بها لتحقق من توطيد حقوقنا المدنية كمواطنين أصحاب حق، وترجمة ذلك لفوائد اقتصادية وخدمات وتطوير ناحية، وأن تنزع الشرعية عن حكومة التمييز القومي والهدم  والاحتلال من ناحية أخرى . يتطلب ذلك تحقيق قفزة في عمل 'المشتركة' وأدائها، عبر زيادة التنسيق بين الأحزاب وبين النواب، والتخفيف من نزعة العمل الفردي والفئوي، توسيع وتطوير علاقة 'المشتركة' مع الناس ومع همومها اليومية، ومع مؤسسات المجتمع الفلسطيني، وخصوصا الجمعيات والسلطات المحلية، تشديد عمل الطواقم المهنية التي شكلت والاستعانة بخبراء متطوعين في كافة المجالات، بالإضافة إلى تحقيق نقلة نوعية بالعمل الدولي إلى مراتب جديدة، خصوصا في ساحات المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة و OECD  وغيرها. 

اقرأ/ي أيضًا لـ د. باسل غطاس

التعليقات