16/11/2016 - 12:54

الرياح "الترامبية" وحكومة الاستيطان والعنصرية

التخلص من حل الدولتين يستدعي الانقضاض على الحقوق الجماعية للفلسطينيين في إسرائيل، وإضعاف حضورهم الوطني والثقافي والديني/ التاريخي في هذه البلاد، لأن مخاطر هذا الحضور ستتضاعف في ضوء إستراتيجية الضم الزاحف لأراضي ا

الرياح

مشاريع القوانين التي طرحت هذا الأسبوع في الكنيست من قبل الائتلاف الحكومي، وفي مقدمتها "قانون منع الأذان" و"قانون تسوية المستوطنات غير القانونية"، وبقطع النظر إذا كان سيكتب لها النجاح أم لا، تأتي انسجاما مع الرياح "الترامبية" المعادية للإسلام والمتصالحة مع الاستيطان القادمة من الولايات المتحدة.

لقد وجد اليمين الاستيطاني الإسرائيلي، بقيادة بنيامين نتنياهو، بصعود دونالد ترامب فرصته التي لا تعوض، في ظل ظروف انهيار عربي وتداع فلسطيني كان ينقصهما ضوء أخضر دولي، يأتي كما يفترض أن يكون من الولايات المتحدة الأميركية زعيمة "العالم الحر" وراعية عملية السلام، ضوء أخضر لشرعنة الاستيطان في مختلف أنحاء المناطق المحتلة عام 67 وعدم اعتباره عقبة أمام عملية السلام.

اليمين الإسرائيلي اعتبر فوز ترامب بمثابة إعلان عن دفن حل الدولتين ونهاية للتفكير بإقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل، بلسان الوزير نفتالي بينيت، الذي يطمح لضم مناطق "جـ" التي تشكل 60% من الضفة الغربية لإسرائيل. وكان ترامب قد وعد خلال حملته الانتخابية بنقل سفارة الولايات المتحدة للقدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، كما أنه امتنع عن انتقاد سياسة الاستيطان الإسرائيلية واعتبارها عقبة أمام عملية السلام وشكك بفرص حل الدولتين.

وكان من الطبيعي والحال كذلك، أن يتم الدفع بقانون شرعنة المستوطنات غير القانونية وأن تدفع بلدية الاحتلال في القدس، بمناقصات لبناء آلاف الشقق الاستيطانية في أحياء مختلفة أقيمت على أراض تقع في شرقي المدينة المحتلة، في انتعاشة مجددة للمشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية، وذلك ضمن محاولات استغلال فترة رئاسة ترامب لإسباغ المزيد من الشرعية على الاستيطان، وتعزيز إستراتيجية الضم الزاحف للضفة الغربية الذي يتبناه بينيت وينفذه نتنياهو.

في هذا السياق، يدعو رئيس مجلس الأمن القومي الأسبق، الجنرال غيورا آيلاند، في مقال نشرته "يديعوت احرونوت" هذا الأسبوع، إلى استغلال عهد ترامب للتخلص من حل الدولتين المهيمن منذ عام  1992، والذي تكمن سلبياته، بالنسبة لإسرائيل، في كونه محكوم بحدود الجغرافيا الواقعة بين النهر والبحر، ومشروط بإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة على أساس حدود 1967؛ وبكونه يرى أن الضفة الغربية وغزة يجب أن تكونا كيانا سياسيا واحدا.

الافتراضات الأربعة تلك تخلق، وفقا لآيلاند، مجالا محدودا جدا للمفاوضات، تحوم حول «مبادئ كلينتون»  كما عرضت في نهاية العام 2000، وكل من يحاول العودة في المستقبل إلى المفاوضات على أساسها سيصل إلى خطة مشابهة أو حتى مماثلة، كما يقول، ولذلك يجب التحرر منها والتفتيش عن حلول أخرى على غرار "حل إقليمي" مع تبادل للأراضي بين أربعة لاعبين ـ مصر، الأردن، إسرائيل وفلسطين ـ أو إقامة فيدرالية بين الأردن والضفة أو تقسيم وظيفي وليس بالذات إقليمي بين إسرائيل وبين الفلسطينيين، أو خطة بينيت بشأن ضم المناطق "جـ" وإقامة حكم ذاتي فلسطيني في باقي المناطق.

رياح ترامب العنصرية أعادت أيضًا الى الواجهة مشروع قانون منع الأذان الذي بادرت إليه أنستاسيا ميخائيلي، تذكرونها، عارضة الأزياء وعضو الكنيست السابقة من "يسرائيل بيتينو"، التي أنزلت حنين زعبي من على منصة الكنيست بالقوة ورشقت المياه على غالب مجادلة؛ ميخائيلي التي قدمت اقتراح القانون عام 2011، والتقطت صورا لها إلى جانب مساجد في جسر الزرقا والفريديس لهذا الغرض، حظيت في حينه بتأييد نتنياهو لاقتراحها، إلا أن معارضة وزراء الليكود، دان مريدور، ميخائيل إيتان وليمور لفنات الحاسمة للاقتراح، اضطره إلى إسقاطه من جدول أعمال اللجنة الوزارية لشؤون التشريع، علما أن نتنياهو وعد بإدراجه في موعد لاحق، وها هو وجد بالرياح القادمة من أميركا والتي تعبق بالعداء للمسلمين، فرصته لإيجاد نقاط تقاطع مشتركة، إضافة إلى تسجيل نقطة أخرى لصالحه في معركته المفتوحة ضد العرب في إسرائيل، والذين يرى فيهم عدوا محتملا.

وإن كان هناك من رابط، فإن التخلص من حل الدولتين يستدعي الانقضاض على الحقوق الجماعية للفلسطينيين في إسرائيل، وإضعاف حضورهم الوطني والثقافي والديني/ التاريخي في هذه البلاد، لأن مخاطر هذا الحضور ستتضاعف في ضوء إستراتيجية الضم الزاحف لأراضي الضفة الغربية الى إسرائيل.

 

التعليقات