08/12/2016 - 10:55

قانون "التسوية": قوانين لعبة جديدة

سابقة خطيرة جدا حصلت في الكنيست أمس، الأربعاء. البرلمان الإسرائيلي يصادق على قانون للمرة الأولى مخصص للضفة الغربية أو للسيطرة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بوسائل قانونية.

قانون "التسوية": قوانين لعبة جديدة

سابقة خطيرة جدا حصلت في الكنيست أمس، الأربعاء. البرلمان الإسرائيلي يصادق بالقراءة الأولى على قانون للمرة الأولى مخصص للضفة الغربية أو للسيطرة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بوسائل قانونية، أي أن السيادة الإسرائيلية القانونية أو الدستورية صارت تطبق على الأرض المحتلة، تمهيدا لضمها كلها أو جزء منها لإسرائيل بشكل فعلي. حتى أمس كانت السيطرة تجري بوسائل عسكرية أو احتلالية.

مر القانون على الرغم من تحفظ أو حتى معارضة المستشار القضائي للحكومة لكن بتصويت 'ديمقراطي'، أي أن القانون مر بأغلبية في 'اقتراع برلماني ديمقراطي'، ما يعني أن البرلمان أو الحكومة، وخصوصا إذا كانت ذات نزعة يمينية فاشستية، تطوع الإجراءات القانونية لتمرر قانونا، ليس بهدف تجاوز عقدة دستورية، وإنما لنهب أرض محتلة، وتدعي سلامة الإجراءات البرلمانية والديمقراطية.

هذه حالة نموذجية مثالية 'لنظام ديمقراطي' يطوع القانون والدستور لتمرير قوانين استعمارية. أي أن اللعبة البرلمانية 'الديمقراطية' صارت أداتية ولم يعد البرلمان إلا منصة لتعبر المعارضة عن رأيها وليبث أعضاء الائتلاف سمومهم التحريضية ضد كل من يعارض نظام الحكم.

كسر قانون 'التسوية' قواعد اللعبة وصار يشرع قوانين استعمارية تتجاوز حدود سيادته ومواطنته، وكل قبول لهذه القواعد الجديدة سيبدو وكأنه 'شهادة زور' لسلامة الإجراءات الديمقراطية.

وهذه 'الجرأة' في تشريع قانون يسري على أراض محتلة يعني أن الاحتلال لم يعد يواجه أي ردع سواء كان سياسيا، محليا وإقليميا، ودبلوماسي أو قانوني دولي. فإذا تجرأ النظام على دوس إجراءاته الديمقراطية المتبعة على مدار عقود، فإن أغلظ إدانة وأشد استنكار والتكبير عشرات المرات في الكنيست لم تعد تردعه. هو يدمر 'معبده الديمقراطي' على رؤوس الجميع ويحوله لأداة لا أكثر مثل برلمانات جمهوريات الموز العالمثالثية لكن مع حرية تعبير أوسع، حاليا.

وهذا الواقع المستجد، يدفعنا للتساؤل ما العمل؟ هل فرغت ذخيرتنا السياسية؟ من يوقف هذا الوحش الاستعماري الذي بات لا يرتدع لا من 'مجتمع دولي' ولا 'ملاحقة دولية'؟ هل بات 'النضال البرلماني' مجديا حقا بعدما صار البرلمان ختما مطاطيا لليمين المعادي للعرب والديمقراطية، والذي يهدف إلى ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 لسيادته؟

اختار حكم اليمين كسر قواعد اللعبة وتجاوز حدود المواطنة في تشريعاته لتشمل شعبًا واقعًا تحت الاحتلال، هل علينا أن نتمسك نحن بهذه الحدود؟ أم أن الوقت قد حان لنقيم شعار one man one vote  بدلا من إقامة الصلاة في الكنيست؟

أدرك جيدا أن هذا الكلام قد يلامس أحلام اليمين المتطرف الحاكم في إسرائيل أمثال نفتالي بينيت وعصابته، لكن إذا اختار نظام الحكم دوس حدود المواطنة والديمقراطية وفرض قوانينه على شعب محتل، فهل نبقى 'شهاد زور' على ديمقراطيته، مصوتين ومنتخبين، أم نقرر أن نتصرف كشعب له حركة وطنية لديها رؤية إستراتيجية أبعد من تحالفات برلمانية وأحلام بتشكيل معسكر ديمقراطي في ظل نظام حكم فاشستي؟

قانون 'التسوية' لم يكسر قوانين اللعبة فقط، بل يرسخ قوانين لعبة جديدة لفرض سيادة إسرائيل على الأراضي المحتلة تمهيدا لضمها. 

لقد استنفذنا كل وسائل ردع هذا النظام المتعطش للاستيطان والذي أسقط حدود المواطنة. حان الوقت لنبدع وسائل جديدة ليس بالضرورة بإلغاء ما هو قائم، لكن الأكيد ما هو قائم لم يعد يجدي نفعا. تحولت 'اللعبة البرلمانية' لأداة لترسيخ هيمنة حكم اليمين على مؤسسات الدولة، ولسرقة الأراضي المحتلة 'بشكل قانوني'. يبدو أن تقويض هذا الحكم من الداخل بات مفروغا منه.

التعليقات