28/12/2016 - 12:13

تقاسم وظيفي...

لفت نظري، وأنا أعدّ لكتابة هذه السطور، مقال بقلم أحد الوزراء الإسرائيليين "العماليين" السابقين في دولة الاحتلال، أشار فيه إلى أن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، "مجرور" وراء مجموعةٍ من الحاخامات اليهود في مستوطنات الضفة الغربية المحتلة.

 تقاسم وظيفي...

لفت نظري، وأنا أعدّ لكتابة هذه السطور، مقال بقلم أحد الوزراء الإسرائيليين 'العماليين' السابقين في دولة الاحتلال، أشار فيه إلى أن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، 'مجرور' وراء مجموعةٍ من الحاخامات اليهود في مستوطنات الضفة الغربية المحتلة الذين وصفهم بأنهم 'متطرّفون'. وكتب هذا الوزير (عوزي برعام) أن أبرز هؤلاء هو دوف ليئور، واعتبره بمثابة 'رئيس الحكومة الحقيقي لدولة الاحتلال'، وتوقف عند 'أهم' معتقداته الشاطّة، وليس أبسطها ضرورة تطبيق 'الوعد الإلهي المُعتّق' بأن تكون 'أرض إسرائيل الكاملة' (من البحر إلى النهر) لـ'شعب إسرائيل' فقط.

قد يكون من الأصّح القول إن هناك 'تقاسمًا وظيفيًا' بين الجانبين، كون تلك المعتقدات التي يشهرها هذا الحاخام، ومن لفّ لفّه، لم تكن مرّة موضع تحفّظ، أو حتى مجرّد استفظاع من جانب نتنياهو وحزبه الحاكم.

ليئور هو حاخام مستوطنة كريات أربع في قلب مدينة الخليل، وأحد 'رموز' عصابات المستوطنين في المناطق المحتلة منذ 1967، ولا سيما 'شبيبة التلال'. كما أنه أحد الذين كتبوا المقدمات لكتاب 'توراة (عقيدة) الملك'، الذي صدر عام 2009، من تأليف الحاخامين يتسحاق شابيرا ويوسف أليتسور، وجمعا بين دفتيه شرائع يهودية، تستند إلى التوراة حول 'شرعية' قتل 'الأغيار' (غير اليهود) خلال الحرب، سواء أكانوا من الرجال أو النساء أو الأطفال أو المسنين.

وبعد شهور من صدور الكتاب واستعراض محتواه، تم استدعاء مؤلفيه وكاتبي مقدماته للتحقيق في الشرطة، لكن من دون أن يتأدّى عن ذلك أي إجراء قضائيّ. وفي مايو/أيار 2012، أعلنت النيابة الإسرائيلية العامة أنها قرّرت إغلاق ملف التحقيق ضد الواقفين وراء الكتاب، استنادًا إلى قرار اتخذه المستشار القانوني للحكومة، في 'ضوء عدم توفر أدلة كافية بالمستوى العالي المطلوب وفق القانون الجنائي'.

واشتملت 'تسويغات' هذا 'المستشار' في حينه على فقرةٍ مثيرة، اعتبر فيها أنه فيما يتعلق بتحريض الكتاب على العنصرية، لا توجد أدلةٌ كافيةٌ لإجراء محاكمةٍ جنائيةٍ ضد المؤلفين، 'بسبب صعوبة إثبات أن هدف مضمون الكتاب التحريض على العنصرية، وفقًا لما يمليه القانون'. وتابع: 'على الرغم من أن الكتاب يشمل مضامين قاسية، ينطبق عليها تعريف العنصرية وفقًا للقانون، فإنه لا ينبغي تجاهل حقيقة أن الحديث يدور حول اقتباسات وبحث في مراجع الشريعة اليهودية في سياق تفسير هذه الشريعة. ولا يوجد أي وجه شبه بين كتابٍ مضمونه عنصري، ليس ثمّة صعوبة في إقرار أن هدف ناشره هو التحريض على العنصرية، ونشر كتاب يجمع مصادر يهودية شرعية متنوعة، ويتناول بحثًا في الشريعة اليهودية حول قضايا متعدّدة. ومن الصعب، في نظرنا، التوصل إلى استنتاجاتٍ واضحة، مفادها بأن هدف ناشره هو التحريض على العنصرية حصرًا'.

ومما ورد في 'عقيدة الملك': 'توصلنا إلى استنتاج واضح، فحواه أنه في أي مكان يكون فيه وجود غير اليهودي خطرًا على حياة إسرائيل مسموح قتله'. و'ثمّة وجهة نظر تسمح بإلحاق الأذى بالأطفال، في حال كان واضحًا أنهم عندما يكبرون سيلحقون ضررًا بنا'. وهو يشبّه 'الأغيار' بـ'الحيوانات التي تعيش في هذا العالم، من دون أي غايةٍ ووعي لحياتها'. ويقرّر أن 'قساوة غير اليهود تدفع إلى التشكيك فيهم، مثلما يُشكّك في الأفاعي السامة'.

اقرأ/ي أيضًا | 'كهانا حيّ' في دولة الاحتلال

قد يكون من الصعب 'رصد' اقتباساتٍ لنتنياهو بهذه الفظاظة المفرطة. لكن، من السهل إيراد كثير من تصريحاته العنصرية، بقدر ما إنه من الأسهل الإشارة إلى أنه لم يقم بإخلاء مستوطن واحد من الضفة الغربية. وكما أشير، في السابق أكثر من مرة، نفذ نتنياهو، في 1997، تعهّد أسلافه بإخلاء الخليل في إطار تقسيمها فعليًا، من دون إخراج المستوطنين منها. وفي عام 2005، استقال من حكومة أرييل شارون، كي لا يكون شريكًا في إخلاء المستوطنات من قطاع غزة وشمال الضفة. ولا توجد الآن أي إشارة إلى أنه سيفرض اقتلاع مستوطنين يرفضون إخلاء أنفسهم طوعًا من أصغر بؤرة، كما ثبت في قضية مستوطنة عمّونه أخيراً.

('العربي الجديد')

التعليقات