02/03/2017 - 19:50

هل تنجح إسرائيل بالتحكم بتوجهات النواب العرب؟

عضو الكنيست عوديد فورير الذي قدم التعديل، أشار في معرض شرحه، بالاسم، إلى النائبة حنين زعبي التي شطبت ترشيحها لجنة الانتخابات في حينه، بذريعة رفضها نعت خاطفي المستوطنين الثلاثة من الخليل بالإرهابيين

هل تنجح إسرائيل بالتحكم بتوجهات النواب العرب؟

بعد أن حشرتهم في قائمة واحدة، اصطف أعضائها خلف التوجه السياسي الذي أسس العلاقة القائمة بين من بقوا في وطنهم بعد النكبة وبين إسرائيل، وما زال يضبط إيقاعها إلى يومنا هذا، تسعى إسرائيل إلى تفصيل مرشحي هذه القائمة وفق مقاس إسرائيلي، بعد 'تقليم أظافرها' وتنقيتها من 'الشوائب الوطنية'، من خلال شطب المرشحين الذين تنسب لهم تصريحات مؤيدة للكفاح المسلح أو 'دولة معادية ' أو يفهم منها 'عدم الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية'.

 تعديل قانون أساس الكنيست الذي تقدم به عضو الكنيست عوديد فورير بهذا الخصوص، أقر، أمس الأربعاء، في لجنة الدستور التابعة للكنيست، بالقراءتين الثانية والثالثة، وليس من قبيل الصدفة أن تقف من وراء التعديل أيضا، كتلة 'يسرائيل بيتينو' التي وقفت في حينه من وراء قانون رفع نسبة الحسم الذي نتج عنه تشكيل القائمة المشتركة، ويسعى التعديل الحالي إلى التدخل في تركيبة ونوعية أعضائها وتفصيلهم وفق أنماط العرب الجيدين.

عضو الكنيست عوديد فورير الذي قدم التعديل، أشار في معرض شرحه، بالاسم، إلى النائبة حنين زعبي التي شطبت ترشيحها لجنة الانتخابات في حينه، بذريعة رفضها نعت خاطفي المستوطنين الثلاثة من الخليل بالإرهابيين، وهو القرار الذي ألغته المحكمة العليا الإسرائيلية لاحقا، وكأنه يقول ذلك لن يحدث في المرة القادمة.

وبدون شك، فإن التعديل المذكور غير مقطوع السياق، بل يندرج في نطاق إعادة رسم المسموح والممنوع في الحيز الديمقراطي الإسرائيلي الذي يضيق هامشه أمام العرب مع استفحال قوة التيارات اليمينية الاستيطانية وهيمنتها على القرار السياسي في إسرائيل، حيث بدا واضحا السير باتجاه تغيير قواعد اللعبة، التي ترجمت بإخراج الحركة الإسلامية الشمالية عن القانون وحظر عشرات المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية التابعة لها، وهي خطوة استتبعت بالملاحقات السياسية التي تعرض لها التجمع الوطني الديمقراطي وقمع الحراكات الشبابية ومواصلة ملاحقة عناصرها.

اللافت أن الهجمة السلطوية التي استهدفت التيارات الإسلامية والقومية، لم تكتف بقمع الشق غير البرلماني للعمل المنظم، بل امتدت إلى شقه البرلماني أيضا، وهو مؤشر إلى محاولة فرض معادلات جديدة وقواعد لعبة مختلفة في علاقة الدولة (إسرائيل) بفلسطينيي الداخل.

وعندما نقول، مجازا، هي عودة إلى أيام الحكم العسكري، نقصد إسقاط الشرعية السياسية المكتسبة والعودة إلى التعامل الأمني او التعاطي معنا ومع نشاطنا وتنظيمنا السياسي كقضية أمنية يجري معالجتها بواسطة 'الشاباك' وليس بواسطة الهيئات السياسية، وفي هذا النطاق يحل إسقاط جميع الحصانات التي قد نتمتع بها فرادى وجماعات، الحصانة التي يمنحك إياها موقعك كقائد وممثل جمهور والحصانة التي تمنحك إياها عضويتك في الكنيست والحصانة التي يمنحك إياها موقعك كمحام أو مرب أو رجل دين.

وتصبح الهيئات التشريعية والقضائية، أو تعود لتكون مثلما كانت سابقا، ختما مطاطيا في خدمة القضية الأمنية وملفاتها، فالكنيست وهيئاتها جاهزة لنزع حصانة النائب العربي بسرعة قياسية والمحكمة جاهزة للمصادقة على اعتقاله واعتقال أي قائد آخر وإصدار الحكم عليه وفق التهمة التي يفصلها 'الشاباك'، والمشرعون جاهزون لمنح الأغلبية لأي تعديل أو تشريع يستهدف العربي حتى لو تطلب 90 صوتًا.

والحال كذلك، فإن شطب حنين زعبي أو أي نائب 'مشاغب' آخر لم يعد مستبعدا، واعتقال وسجن أي قيادي كما حدث مع الشيخ رائد صلاح ليس مستغربا، وإخراج أي تنظيم آخر عن القانون لن يكون مستهجنا.

ويبقى السؤال، إذا كان تأييد الكفاح الفلسطيني المشروع الذي يسمونه إرهابا والدعوة إلى تغيير الطابع اليهودي للدولة سيصبح ممنوعا، فماذا سيفعل الأعضاء العرب بالكنيست؟ ويقابل بسؤال، وإذا خرجوا من الكنيست فماذا سيفعلون هم وأحزابهم خارج الكنيست؟

ختام القول، لم يعد الالتزام بقواعد اللعبة القديمة نافعًا، ونحن على يقين بأن هذه القواعد قد تغيرت، بل يجب استشفاف قواعد اللعبة الجديدة والتحرك وفقها.

التعليقات