15/08/2017 - 20:52

شخصنة القضية والتدافع على المقاعد

لطالما حلمنا بوحدة الحركات الوطنية والأحزاب تحت إطار واحد، لتجميع الطاقات ومواجهة سياسة المؤسسة الحاكمة العنصرية، على أمل المحافظة على فلسطينية وهوية وقضية الفلسطيني داخل الخط الأخضر بشكل خاص وخارجه بشكل عام.

شخصنة القضية والتدافع على المقاعد

لطالما حلمنا بوحدة الحركات الوطنية والأحزاب تحت إطار واحد، لتجميع الطاقات ومواجهة سياسة المؤسسة الحاكمة العنصرية، على أمل المحافظة على فلسطينية وهوية وقضية الفلسطيني داخل الخط الأخضر بشكل خاص وخارجه بشكل عام.

عندما نشأت الأحزاب والحركات الوطنية، نشأت من صلب القضية والأزمات التي مرت بها، بداية النكبة ثم النكسة، ويوم الأرض وهبة أكتوبر، وغيرها من الأحداث التي مرّ بها فلسطينيو البلاد، متأثرين بالانتفاضتين؛ الأولى والثانية وبمأساة فلسطينيي الشتات.

تفاوتت واختلفت طرق النضال بين الأحزاب والحركات، كل على حدة، وبدأت تنشأ قيادات ميدانية حقيقية قادت الجماهير الفلسطينية في البلاد، وساهمت في بناء حركات سياسية ودينية وأحزاب تفي بغرض فلسطينيي البلاد، وترفع رايتهم عاليا، بعيدا عن الانتهازيين والوصوليين الذين لم ينقطعوا عن مسيرة الحركة الوطنية، الذين لطالما تشبثوا بها كغطاء لمآربهم ومشاريعهم الشخصية والتي في بعض الأحيان تكون مشبوهة.

في خضم المعركة، وعندما كان العلم الفلسطيني محظورا، وعندما لم يجرؤ الكثيرون على رفعه، كان من يصطاد هؤلاء ويسلمهم للحاكم العسكري، وكأنهم ارتكبوا خطيئة وكان يرى أنه يجب معاقبتهم، تراه اليوم يجهر بتصريحاته ويرفع العلم الفلسطيني ويلوح به بكل محفل، ويتمادى على من لم يحسب حسابا للمؤسسة، وكان يلوح به على الملأ بلا هوادة.

بدأت الحركة الوطنية بالانتشار بفضل قادة أشاوس أشداء، لم تهمهم حياتهم الشخصية، ولا مشروعهم الشخصي، ناضلوا وعملوا جاهدين على بناء الحركة الوطنية التي قضت مضجع المؤسسة الإسرائيلية.

عندما كانت المؤسسة الإسرائيلية تلاحق أبناء الحركة الوطنية وتعتقلهم لتعذبهم، وبينما كانت تعمل جاهدة على حذر الحركة الوطنية لترهيب الناس، كان بعض المتنفذين في الحركات والأحزاب اليوم، يلازمون جحورهم لا يجرؤون على مواجهة سياسة المؤسسة الإسرائيلية القمعية، وما لبثت المؤسسة وتراجعت نوعا ما عن ملاحقة أبناء الحركة الوطنية، دخلت الحركة الوطنية في دوامة جديدة، أبطالها نجوم ساطعة في عالم التنظير، وهم أبعد ما يكون شعبهم وهمومه، يلوحون بشعارات رنانة لا تتعدى سقف المقبول بعين المؤسسة الإسرائيلية، وقريبة جدا من الخطاب الإسرائيلي المهادن بعيدا عن كرامة وحقوق فلسطينيي البلاد.

لم تقتصر هذه الحالة من الهوان على فقاعة حزبية هنا أو هناك، والتي غالبا ما تكون فقاعة الشخص الواحد والتي تذهب مهب الريح عندما يأفل نجم القائد الافتراضي هذا أو ذاك، إنما شملت بعض المتسلقين في الأحزاب خاصة وفي الحركة الوطنية عامة، وترى هؤلاء يصولون ويجولون بحماية افتراضية لا تتعدى بعض الشعارات الرنانة بعيدا عن الميدان خاصة في حالات الغليان.

إن أصحاب الشعارات الرنانة الكثر في أيامنا، يلتزمون بيوتهم ويختفون عن الأنظار بحجة أنه على سفر أو بحجة مشروعه الشخصي، هم ذاتهم الذين تراهم يتدافعون في أوقات الهدنة وفي معارك نزقة، كمعارك تقسيم المقاعد أو الوظائف.

إن هذه الظاهرة هي خطيرة جدا، وليست أقل خطورة من المتهجمين على مشروع الحركة الوطنية وإحباطها، حيث ترى هؤلاء المنظرين يتحركون بطاقات مضاعفة في معارك داخلية نزقة لا تتعدى المناكفات وإبراز العضلات في معارك داخلية رخيصة ضد أبناء الشعب الواحد.

منذ ظهرت المشتركة، أفل نجم بعض القادة الافتراضيين داخل الأحزاب وخارجها، الأمر الذي جعلهم يتحركون بشكل غريب وبلا عنوان حقيقي، ومنهم من أجج الصراع الداخلي والخارجي ولم يأبه لخطورة تحركاته ومشروعه الشخصي، فما بدر من بعض الشخصيات مؤخرا، حول الصراع على مقاعد في البرلمان الإسرائيلي، ليس أمرا دخيلا، وإنما ولد من خضم الحركة الوطنية والأحزاب, الأمر الذي انعكس على ترتيب المقاعد في القائمة المشتركة.

لطالما حلمنا بإقامة جسم وحدوي شامل، يشمل جميع التيارات في مجتمعنا ليمثلها ويحمل همها، ولم يكن حلمنا أن نصل إلى ما وصلنا إليه اليوم، لذا يجب على كل من يدعي الغيرة على شعبه ويدعي أنه يحمل همه، أن يعترف بدوره السلبي والمعيق، وأن يتنحى جانبا.

إن ما يدور اليوم من نقاشات وصراعات داخل الأحزاب وخارجها، لا يليق بالقيادة الحقيقية، وإن كان فعلا يحمل هؤلاء الأشخاص قيما وأخلاقا، يجب عليهم أن يجهروا بفشلهم حيث أن الاعتراف بالذنب فضيلة، كما وأن شعبنا يستحق أكثر بكثير من شعار هنا وهناك في مواسم الحصاد.

اقرأ/ي أيضًا | جهاز تفكيك المشتركة

لطفا منكم، اتركوا المشروع وانصرفوا، اتركوه فإنّ للقضية رب يحميها، وجيل أشوس قادم لا يهادن ولا يساوم.

التعليقات