15/08/2016 - 15:31

أعطوني حريتي لا الجائزة!

من وراء حاجز زجاجي بقفص اتهام مكتظ بسجناء إسلاميين، قال المصور الصحافي المصري، محمود عبد الشكور، إنه يشعر بأنه "منسي" في السجن، منذ 3 سنوات، حين قبض عليه خلال فض قوات الأمن اعتصام أنصار الرئيس المعزول، محمد مرسي.

أعطوني حريتي لا الجائزة!

شوكان (ناشطون)

من وراء حاجز زجاجي بقفص اتهام مكتظ بسجناء إسلاميين، قال المصور الصحافي المصري، محمود عبد الشكور، إنه يشعر بأنه 'منسي' في السجن، منذ 3 سنوات، حين قبض عليه خلال فض قوات الأمن اعتصام أنصار الرئيس المعزول، محمد مرسي، في 14 آب/أغسطس 2013 بالقاهرة.

وبعد عامين ظل خلالهما محبوسًا احتياطيًا من دون توجيه اتهامات رسمية إليه، أُحيل شوكان (29 عامًا)، وهو اسم شهرته، للمحاكمة في قضية عنف مرتبطة بفض الاعتصام مع مئات الإسلاميين.

ويؤكد شوكان أن محاميه قدّم مستندات تثبت أنه كان في مهمة عمل صحافية أثناء فض الاعتصام، الذي نظمه أنصار مرسي، وقد أدى تدخّل قوات الأمن يومذاك إلى سقوط مئات الضحايا.

ومن وراء الحاجز العازل للصوت، كان شوكان يصرخ محاولًا التحدّث إلى فرانس برس، خلال رفع جلسة محاكمته، الثلاثاء الفائت، قائلًا 'أشعر بأنني منسي في السجن، كما أشعر باليأس والعجز. فالزمن يمر وما زلت في السجن'.

وأضاف شوكان، الذي يؤكد أنه يقبع منذ أشهر في زنزانة سيئة التهوية لا تدخلها الشمس إلا نادرًا في سجن طرة، جنوب القاهرة، 'تتضاءل آمالي كل يوم'.

وفي منزل العائلة، قرب إحدى صوره داخل إطار بني اللون زجاجه مشروخ بجوار سريره، تقول والدته رضا محروس (60 عامًا) وسط الدموع 'أشعر بالظلم والقهر. لا أستطيع أن أنام لأن ابني مظلوم'.

وأضافت رضا، التي تضع سوارًا أخضر حول معصمها صنعه ابنها في سجنه 'أقوم بترتيب سريره يوميًا وأنتظر أن يطرق الباب، لكن هذا لا يحدث'.

وشوكان متهم مع 738 آخرين معظمهم من الإسلاميين بـ'القتل والشروع في القتل ومقاومة السلطات وإرهاب المواطنين وحيازة أسلحة' أثناء فض الاعتصام.

وهذه الاتهامات قد تصل عقوبتها للإعدام في حال الإدانة.

إلا أن محاميه المتطوع، كريم عبد الراضي، قال في قاعة المحكمة 'لا توجد أي أدلة اتهام ضده، بالعكس، هناك ما يثبت أنه يعمل كصحافي بشكل مستقل'.

وأضاف لفرانس برس 'كل ما في القضية ضده هي تحريات الأمن، التي لا تشكل دليلًا كافيًا'.

>> أعطوني حريتي لا الجائزة

محنة شوكان المستمرة أكسبته جائزتين خلال صيف 2016، الأولى من نادي الصحافة الوطني الأميركي والأخرى من لجنة حماية الصحافيين الدولية.

إلا أن شوكان قال مبتسمًا إنه يشعر تجاه ذلك 'بمعضلة كبيرة، أود أن أعبر عن سعادتي لكنني لا أعرف كيف'، مضيفًا 'أعطوني حريتي وخذوا الجائزة'.

وشوكان مصاب بالتهاب الكبد الوبائي، وتقول أسرته إنه يحتاج لرعاية صحية ملائمة غير متوافرة في السجن، وما زالت تلك الأسرة تأمل أن يحظى ابنها بعفو رئاسي مثل صحافيي محطة الجزيرة القطرية الثلاثة، الأسترالي بيتر غريست والكندي محمد فهمي والمصري باهر محمد.

إلا أن والده، عبد الشكور أبو زيد (68 عامًا) قال 'ابني يدفع ثمن عدم وجود مؤسسة خلفه تسانده'.

من جهته، يقول مراسل 'نيوزويك'، الذي قبض عليه مع شوكان وأطلق سراحه حينها بعد ساعات، مايك جيغليو 'قبض علينا أثناء تواجدنا للتغطية في الجهة التي تواجدت فيها الشرطة وليس ناحية المتظاهرين'.

بدوره، يقول مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، جمال عيد، إن 'شوكان نموذج يوضح العداء لحرية الصحافة واستخدام الحبس الاحتياطي كعقوبة في مصر'.

>> ثاني أكبر سجن للصحافيين

واستمرار حبس شوكان لثلاث سنوات يعتبر جزءًا من معضلة أكبر، يتعرض لها الصحافيون المصريون، بحسب حقوقيين، إذ تتهم منظمات حقوقية دولية نظامَ الرئيس، عبد الفتاح السيسي، بمحاولة إسكات كافة أطياف المعارضة والقضاء على حرية الرأي والتعبير، إلا أن السيسي يقول إن 'مصر تشهد حرية إعلام غير مسبوقة، ولا توجد أي ضغوط تمارس على حرية التعبير'.

وتصاعدت المخاوف، أخيرًا، عقب إحالة نقيب الصحافيين يحي قلاش واثنين من أعضاء مجلس النقابة إلى المحاكمة بتهمة التستر على صحافيين اثنين مطلوبين للعدالة، في سابقة من نوعها منذ تأسيس النقابة قبل 75 عامًا.

كما يقول مدير قسم الشرق الأوسط في لجنة حماية الصحافيين الدولية، شريف منصور، إن 'هذا أسوأ عصر يمكن للمرء أن يكون صحافيًا فيه، حتى مقارنة بعهد (الرئيس المخلوع، حسني) مبارك'.

وفي تموز/يوليو الفائت، صدر حكم غيابي بالسجن 15 عامًا بحق مصور صحافي يدعى بلال دردير، أدين بالانتماء لجماعة غير قانونية، في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين المحظورة والمشاركة في تظاهرة غير مرخصة.

وحلت مصر في المرتبة الثانية بعد الصين على قائمة الدول التي لديها أكبر عدد من الصحافيين المسجونين، بحسب تقرير للجنة حماية الصحافيين، التي أحصت 23 صحافيًا مسجونًا في مصر بنهاية كانون الأول/ديسمبر 2015.

وعلى الجدار المجاور لسرير شوكان، ملصقان يدعوان للتظاهر ضد مرسي، وتعليقًا على ذلك يقول 'لا أفهم لماذا يحدث كل هذا الظلم معي، أنا من الداعمين لـ30 يونيو، فكيف يحصل هذا معي؟'.

اقرأ/ي أيضًا | في ذكرى "رابعة": مظاهرات محدودة وصخب بمواقع التواصل

وكان يشير إلى التظاهرات التي شارك فيها ملايين المصريين في 30 حزيران/يونيو 2013، للمطالبة برحيل مرسي والتي فتحت الطريق أمام الجيش لعزله بعدها بثلاثة أيام في 3 تموز/يوليو.

التعليقات