08/10/2017 - 10:16

بعد التحريض: هل يغير الإعلام المصري موقفه من حماس؟

في حين كانت غزة تواجه أسوء حالات الحصار، كانت حماس رمزا للإرهاب ومرتكبة جرائم في غزة بأعين الإعلام المصري، إلا أن هذا العداء وبشكل مفاجئ بدء يأخذ منحنى آخر في الأيام القليلة الماضية.

بعد التحريض: هل يغير الإعلام المصري موقفه من حماس؟

(صورة جمعت عمرو أديب وإسماعيل هنية الأسبوع الماضي)

في حين كانت غزة تواجه أسوء حالات الحصار، كانت حماس رمزا للإرهاب ومرتكبة جرائم في غزة بأعين الإعلام المصري، إلا أن هذا العداء وبشكل مفاجئ بدء يأخذ منحنى آخر في الأيام القليلة الماضية.

هذا التغير "المفاجئ" في التناول الإعلامي الذي طرأ على أجندة بعض القنوات المصرية التي اعتادت مهاجمة حماس، خاصة خلال السنوات الأخيرة، رآه أكاديمي إعلامي مصري بارز، بمثابة "تغير تكتيكي وتهدئة مرحلية".

في حين قرأ محللان سياسيان مستقبل هذا التغير، أنه سيكون مسايرا لموقف النظام من الحركة.

ويعتبر مراقبون، حركة حماس جزءًا من الحركة الفكرية لـ"جماعة الإخوان المسلمين"، التي صّنفتها مصر "إرهابية" منذ أواخر ديسمبر/ كانون الأول 2013، قبل أن تشهد علاقاتها مع الحركة الفلسطينية تحسنًا، بعد توتر ظهر عقب الإطاحة بـ"مرسي" المنتمي تنظيميًا للجماعة في 3 يوليو/ تموز من العام نفسه.

وجرى اتهام الحركة الفلسطينية سابقا بالضلوع في هجمات بمنطقة سيناء، واغتيال النائب العام السابق هشام بركات عام 2015 والتخابر وغيرها من القضايا، وهو ما نفته "حماس" بشكل متواصل.

غير أن مصر تقوم حاليا بدور الوساطة لتحقيق المصالحة الفلسطينية بين حركتي "فتح" و"حماس" نتج عنها بدء وزراء حكومة الوفاق الفلسطينية تسلم مقار وزارات قطاع غزة الأسبوع الجاري عقب عقد أول اجتماع وزاري في القطاع منذ 2014.

عمرو أديب ولميس الحديدي في غزة

والأسبوع الماضي، أجرى الإعلاميان عمرو أديب ولميس الحديدي، حوارين منفصلين مع هنية أثناء زيارتهما قطاع غزة مع وفد أمني بقيادة مدير المخابرات العامة المصرية اللواء خالد فوزي، أظهرا فيه ابتسامات ونظرات إيجابية، بعد هجوم حاد تعرّضت له الحركة منهما سابقا، واتهامها بالوقوف خلف حوادث عنف بالبلاد.

هذه الاتهامات نفتها "حماس" أكثر من مرة، غير أنها لا تزال محل نظر في قضايا تتعلق باقتحام السجون إبان ثورة 2011، وأخرى تتصل بأعمال عنف في سيناء، واغتيال النائب العام السابق، هشام بركات، صيف 2015.

لكن هذا التغير المفاجئ لأديب ولميس وغيرهم، خرج عنه الإعلامي المصري المحسوب على النظام المصري، أحمد موسى، إذ تمسك بموقفه المناهض لـ"حماس"، ووجه لها "اتهامات بالإرهاب والعنف ضد" بلاده.

وبينما لم يقدم هؤلاء الإعلاميون توضيحات حول تغيّر موقفهم، كانت منصات التواصل الاجتماعي، تشهد حالة سخرية وتهكم لدى معارضين مصريين من التحولات المفاجئة في موقف الإعلام المصري تجاه الحركة الفلسطينية.

الأديب المصري ‏علاء الأسواني، كتب عبر "تويتر" متهكمًا: "الإعلاميون الذين يحتفلون بقادة حماس هم الذين رددوا طويلا أنها فتحت السجون أثناء ثورة يناير".

وبتهكم وتساؤل كتبت عائشة، ابنة نائب مرشد جماعة الإخوان، خيرت الشاطر المعتقل حاليا، عبر "فيسبوك" الثلاثاء الماضي: "بمناسبة أن اليوم جلسة أبي خيرت الشاطر، وأخي الحسن، بتهمة التخابر مع حماس، أليس من المفروض أن يأخذا براءة".

واستدركت: "أم أن عمرو أديب سيُتهم أيضًا بالتخابر في ذات القضية، هل حماس إرهابية في حالة أبي وشقيقي، وحلوة مع عمرو أديب.. حلال عليهم حرام علينا".

بدوره، تساءل المعارض البارز، حازم عبد العظيم عبر حسابه بـ"تويتر": "بعد أن اعترف نظام (الرئيس المصري عبد الفتاح) السيسي بحماس، من الذي فتح السجون في 2011، من الذي قتل النائب العام السابق، من الذي قتل جنودنا في رفح (على الحدود مع غزة)".

والثلاثاء الماضي، أجلت محكمة جنايات القاهرة، جلسة محاكمة مرسي و23 آخرين في القضية المعروفة بـ"التخابر مع حماس"، إلى 16 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.

وفي لقاء مع صحيفة "الأهرام" (المملوكة للدولة) نشر في 6 أكتوبر، أوضح وزير الخارجية المصري سامح شكري، أن "الأمور المرتبطة بتحقيقات وقضايا حماس، تأخذ مجراها في نطاق قضائي، ومن يثبت تورطه في أعمال تصيب الشعب المصري بالأذى يجب أن يلقى كل العقاب".

العلاقات الخارجية للنظام المصري هي المحدد لأجندة الإعلام

صفوت العالِم، الأكاديمي المصري البارز، المتخصص في الإعلام السياسي والرأي العام، رأى أن التغير الملحوظ في أجندة الإعلام المصري، تجاه حركة حماس "تكتيكي".

واعتبر العالِم، ظهور قادة حماس كضيوف على بعض الشاشات المصرية أمر طبيعي، لأن الإعلام في مصر عادة ما يرتبط بالنظام السياسي، وقراراته.

والعلاقات الخارجية للنظام المصري وفق العالِم، هي "المحدد لأجندة الإعلام".

وأضاف: "لو كانت علاقات النظام الخارجية بها مشكلات (مع دولة)، يوجه دعايته المضادة نحوها، ولو عادت للمصالحة والزيارات المتبادلة والتفاهم المشترك، يبدي الإعلام تأييده ومجاملته ومساندته للدولة".

ومتفقًا مع الطرح السابق، رأى المحلل السياسي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية المصري مختار غباشي، أن "المشهد الرسمي المتناقض تجاه حماس، تسبب في ارتباكٍ واستغرابٍ إعلامي حيال الحركة".

وغباشي الذي أبدى امتعاضًا من الهجوم القاسي على الحركة خلال السنوات الماضية، أكد أن تصنيف "حماس كعدو لمصر يعد خطأ كبيرا".

واعتبر أن "تصنيف حماس حركة إرهابية بالإعلام المصري يجب أن ينتهي، باعتبار العلاقات الثنائية والأمنية مع مصر".

ومفسرًا ذلك التناقض الإعلامي، قال المحلل المصري، إن "نظرة الإعلام (المصري) للقضية الفلسطينية لا تزال غير متعمقة، ولا تراعي أوضاعًا إقليمية، في غير صالح الأمن القومي العربي".

ملف المصالحة

وبشأن مستقبل التهدئة الإعلامية المصرية تجاه "حماس"، رأى العالِم أنها "مرحلية وليست استراتيجية".

فيما قال غباشي، إن "مهاجمة حماس تغيرت مؤخرًا جذريًا، كون جزء كبير من الإعلام (المصري) يساير السلطة بشكل مطلق".

وتابع: "حماس المعترف بها أو المتخابرة، لن يحددها الإعلام بل النظام نفسه".

وفي السياق ذاته، قال عاطف سعداوي، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الحديث عن اتهام حماس بقضية السجون والتآمر على مصر، "سيقل جدًا خلال الفترة القادمة".

وأضاف: "وفي النهاية الأمور ستعتمد على موقف النظام المصري من حماس".

وشهد ملف المصالحة تطورات مهمة مؤخرًا؛ فبعد حل حركة حماس لجنتها الإدارية بغزة في 17 سبتمبر / أيلول الماضي، قرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس إرسال حكومة التوافق إلى القطاع.

وبالفعل، توجهت الاثنين الماضي، حكومة التوافق التي تشكلت بموجب اتفاق الشاطئ في أبريل/نيسان 2014، برئاسة رامي الحمد الله إلى غزة، وعقدت اجتماعها الأسبوعي هناك.

اقرأ/ي أيضًا | مصالحة أم مقامرة؟

وتجدر الإشارة، إلى أن القاهرة، ستستضيف الثلاثاء المقبل، مباحثات بين "فتح" و"حماس"؛ لاستكمال إجراءات نقل مهام العمل.

التعليقات