03/05/2019 - 10:33

الجزائر: "الحراك الشعبي حفز الصحفيين على تكسير القيود"

يعتقد إعلاميون في الجزائر، أن الحراك الشعبي الذي بدأ في 22 شباط/ فبراير الماضي، قد ساهم في منح الصحافة في البلاد جرأة وهوامش حرية أوسع لم تكن قبل ذلك التاريخ.

الجزائر:

يعتقد إعلاميون في الجزائر، أن الحراك الشعبي الذي بدأ في 22 شباط/ فبراير الماضي، قد ساهم في منح الصحافة في البلاد جرأة وهوامش حرية أوسع لم تكن قبل ذلك التاريخ.
وفي 22 شباط/ فبراير انطلق حراك شعبي عبر مختلف مدن الجزائر، انتهى بتراجع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن الترشح لولاية خامسة، وتقديم استقالته في 2 نيسان/ أبريل الماضي.
وتحتفل الجزائر كغيرها من الدول باليوم العالمي لحرية التعبير والصحافة المصادف لـ 3 أيار/ مايو من كل عام، في غياب الرئيس بوتفليقة لأول مرة منذ 20 سنة. 
وتعرضت وسائل إعلام جزائرية خاصة وحكومية لضغوطات من طرف السلطة الحاكمة خلال مسيرات 22 شباط/ فبراير، وتلقت أوامر لتفادي تغطية تظاهرات الحراك، بحسب إعلاميين.

22 فبراير منعرج حاسم 
وفي ليلة 22 شباط/ فبراير تحاشى التلفزيون الحكومي الجزائري نقل المسيرات التي عمت مدن البلاد في نشرته الرئيسية على الثامنة بالتوقيت المحلي، وكذلك الشأن للإذاعة الحكومة ووكالة الإنباء الرسمية.
وكرد فعل على تغطية الحراك الشعبي في أسبوعه الأول، منع الإعلانات الحكومية عن جريدتي الشروق والبلاد الخاصتين، وتم تقليص طباعة صحيفة "الشروق" إلى مستويات دنيا لدى مطابع الحكومية. 
ونظم صحفيون جزائريون من القطاعين الحكومي والخاص عدة وقفات احتجاجية وسط العاصمة، تنديدا بما وصفوه التعتيم الإعلامي والضغوط التي يتعرضون لها من طرف السلطة الحاكمة.
وفي خضم الحراك الشعبي، شهد التلفزيون والإذاعة الحكوميين ووكالة الأنباء الجزائرية الرسمية حركات احتجاجية ووقفات واعتصامات للمنتسبين إليها، بسبب التعتيم الممارس في نقل ما يجري عبر مدن البلاد.
وفي السياق يرى الصحفي بجريدة النصر الحكومية، عبد الحكيم أسابع، أن "الحراك الشعبي حفز الصحفيين على تكسير القيود والتحرر من التضييق والضغوط التي كانت تعترض عملهم".
وأوضح لوكالة "الأناضول" الإخبارية أن "زخم الحراك ساهم في تحرر الكثير من رجال ونساء الصحافة من بعض الولاءات وهو ما من شأنه أن يتحول إلى ضامن لحق القراء والجمهور في إعلام صادق وموضوعي".
وبحسبه، فإن "الفرصة مواتية الآن لتنظيم القطاع من خلال فتح ورشات للإصلاح وتغيير قانون الإعلام الحالي من اجل ترقية ظروف ممارسة المهنة وحماية الصحافيين من الضغوطات".
وشدد أنه "على السلطة التي سينتخب قيادتها الشعب الجزائري في المرحلة المقبلة، توفير البيئة المناسبة للعمل الصحفي وتعزيز النصوص القانونية الحالية".

الإعلام الحكومي أكبر مستفيد 
ويرى الصحفي بجريدة لوكوتيديان دورون (يومية وهران) الخاصة الناطقة بالفرنسية زهير مهداوي أن "حراك 22 فبراير منح المزيد من الحرية والشجاعة في تناول المواضيع من جانب الصحافة الحكومية على وجه الخصوص".
وذكر مهداوي في حديث لـ "الأناضول" ان "الصحافة في الجزائر ومنذ عقود كانت تحظى بهوامش حرية لا بأس بها خصوصا وسائل الإعلام الخاصة، غير أن الحراك ساهم في قلب كافة الموازين والتوقعات وحرر العديد من القطاعات وليس الإعلام فقط".
وأضاف "الحراك دفع بالإعلام الحكومي خصوصا نحو جرأة اكبر وتناول مواضيع المسؤولين الرسميين بشكل أعمق من السابق.
أما الصحافة الخاصة، حسب مهداوي، فالكثير منها كافح وخصوصا في عهد بوتفليقة رغم الوضعية المهنية والمالية غير الملائمة للصحفيين".
وعلق بالقول "الصحفيون عانوا كثيرا خصوصا في فترة حكم بوتفليقة ومورس نوع من الابتزاز على وسائل الإعلام التي تنتقد النظام والوضع بحرمانها من الإعلانات الحكومي".
أما الصحفي بجريدة "صوت الأحرار" التابعة لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، رياض بوخدشة فاعتبر أن "الحراك الشعبي قدم فرصة ذهبية للصحفيين الجزائريين للتحرر من الضغوط والقيود والتعتيم".
وذكر بوخدشة في حديث لـ "الأناضول" أنه بعد بداية الحراك الشعبي سمعنا شعارات تندد بالصحافة التي تخلفت عن تغطية الحدث رغم أن الصحفيين مغلوب عن أمرهم. 
وقال "الحراك قدم فرصة ذهبية للصحفيين للتحرر من الضغوط السابقة وكي يصبحوا أحرارا وأعطى الدليل على أن السلطة القائمة لم تكرس حرية التعبير داخل قاعات التحرير".
وأضاف بوخدشة وهو رئيس نقابة المجلس الجزائري للصحفيين (مستقلة) "بعد انطلاق الحراك الشعبي، صار الصحفيون يتمتعون بنوع من الحرية في التناول لكنها (الحرية) بحاجة إلى تثمين وتعزيز أكثر".

تحذير من الإندفاع 
ويشرح أستاذ كلية الإعلام بجامعة الجزائر، مصطفى بورزامة، أن الحراك الشعبي كانت بدايته صعبة على الصحفيين لكن الإعلام بعد ذلك تحرر بشكل لافت للانتباه. 
وأوضح بورزامة للـ"أناضول" إن "تحرر الإعلام الجزائري جاء بعد أن رفعت القوى غير الدستورية (شقيق الرئيس بوتفليقة والمقربون منه)، يدها عن الإعلام في خضم الحراك الشعبي".
ومضى محدثنا "لاحظت أن الصحافة الحكومية اخذت نصيبها من التحرر ولأول مرة صارت احتجاجات أمام مقر الإذاعة والتلفزيون الحكوميين رفضا لطريقة تغطية الأحداث".
وأضاف "رغم هذا التحرر إلا أن الإعلام الحكومي ما زال يتعامل بنوع من التحفظ في معالجته للمواضيع".
وعموما، يرى مصطفى بورزامة أن الإعلام الجزائري أخذ نصيبه من التحرر بعد الحراك وصار الحديث عن شخصيات ومسؤولين كان ممنوع التطرق إليهم سابقا، أمرا عاديا.
"لكن يجب الحذر في التعامل مع هذه الحرية، حسب مصطفى بورزامة، وخصوصا عدم الاندفاع الذي قد يدفع بالسلطات على غرار السلطة القضائية للتضييق مجددا من باب تشهير وسائل الإعلام بأشخاص ومسؤولين متابعين في قضايا فساد مثلا".
وختم قائلا "يجب على الإعلام الحذر وأن يتقصى الحقائق جيدا".
وفي تصنيف مراسلون بلاد حدود للعام 2019 بشأن حرية التعبير والصحافة، نشر في 18 نيسان/ أبريل الماضي، خسرت الجزائر 5 مراتب في الترتيب العام.
وحسب المنظمة فقد حلت الجزائر في الصف 141 عالميا، بعد أن كانت في المرتبة 136 في عام 2018، علما بأن هذا التصنيف استند لوضع الصحافة في عهد بوتفليقة.

التعليقات