18/12/2020 - 15:35

2020... عام مفصليّ بالنسبة لعمالقة التكنولوجيا

كرّست جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) من خلال تسريع عملية الانتقال الرقمي؛ نفوذ شركات التكنولوجيا العملاقة مع مليارات المستخدمين اليوميين، إلا أنها شهدت يقظة لدى الدول حيال سطوتها الكبيرة، إذ بسطت هذه الشركات التي كانت تتمتع بموقع قوة قبل الجائحة، هيمنتها

2020... عام مفصليّ بالنسبة لعمالقة التكنولوجيا

(أ ب)

كرّست جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) من خلال تسريع عملية الانتقال الرقمي؛ نفوذ شركات التكنولوجيا العملاقة مع مليارات المستخدمين اليوميين، إلا أنها شهدت يقظة لدى الدول حيال سطوتها الكبيرة، إذ بسطت هذه الشركات التي كانت تتمتع بموقع قوة قبل الجائحة، هيمنتها الكاملة خلال عام 2020.

وجاء ذلك من خلال اجتماعات عبر منصة "زووم" وعمليات البحث عبر "جوجل" وتبادل الرسائل عبر "واتسآب" والأمسيات عبر "نتفليكس".

وتُعرف هذه الشركات في الولايات بمختصر "غافام" أي "جوجل" و"أمازون" و"فيسبوك" و"آبل" و"مايكروسوفت"، وفي الصين بـ"باتكس" أي "بايدو" و"علي بابا"، و"تنسنت" و"شيامو".

وتقول خبيرة الاقتصاد، جويل توليدانو، وهي أستاذة في جامعة باري-دوفين، إن "نجمات" الرأسمالية الرقمية هذه "أعطت الانطباع أنها لا تقهر في عالم كانت تبدو فيه الكثير من الأمور متينة وصلبة لكنها باتت ضعيفة اليوم".

وحققت هذه الشركات خصوصا مكسبا ماليا أكثر منه اقتصاديا خصوصا وأن جوجل تعاني من تراجع كبير في سوق الإعلانات وبوكينغ.كوم من شلل القطاع السياحي.

وفي حين تنفق الدول آلاف المليارات لتجنب الإفلاس، راحت أسعار أسهم هذه الشركات ترتفع منذ كانون الثاني/ يناير الماضي مع 35 % لفيسبوك و67 % لأمازون و68 % لآبل.

يُضاف إلى ذلك منصة زووم التي أسهها مهندس من كالفيورنيا، في عام 2011، والتي ارتفع سعر سهمها بنسبة 600 % فيما تضاعف سعر سهم "إير بي إن بي" في اليوم الذي طرحت فيها أسهمها في البورصة.

أما التطبيقات الصينية التي كانت لفترة طويلة تقتصر على السوق المحلية، فباتت الآن تنتشر في العالم مثل تيك توك وشيين (للملابس) ولايكي (للفيديو).

لم تساهم الجائحة بتعزيز غافا فحسب، بل إنها أحدثت إدراكا بضرورة تنظيم هذه الشركات المتطورة التي يتواصل توسعها مع شرائها الكثير من الكيانات الأخرى.

وتقول توليدانو: "حتى العام 2017 كنا نعتبر أن الميزات التي تحملها هذه الشركات ولا سيما على صعيد الابتكار تتجاوز الأضرار التي تلحقها "لكن الوضع تغير الآن".

(أ ب)

إلى جانب تحكمها بالدخول إلى العالم الرقمي، خصوصا وأن محرك البحث جوجل يستحوذ على 93 % من السوق، تحتجز هذه المجموعات شبه الاحتكارية مستخدميها في "بيئة موصدة" على ما تؤكد خبيرة الاقتصاد هذه.

وقد استخلصت المفوضية الأوروبية العبر من انتكاسات الماضي بسبب إجراءات طويلة ومتأخرة وغرامات غير رادعة كثيرا، وهي تعد لبرنامج طموح يحدد قواعد اللعبة ويشمل مواضيع تراوح بين المنافسة والحقد عبر الإنترنت مرورا بشفافية الخوارزميات.

وتكثر الشكاوى القضائية في الولايات المتحدة في حق جوجل وفيسبوك. والأخيرة مستهدفة بشكوى من الهيئة الناظمة للمنافسة و48 ولاية بتهمة استغلال موقع مهيمن. وقد استدعي رؤساء الشركات التكنولوجية الكبرى مرات عدة أمام الكونغرس في إطار المساءلة.

في الصين، تشدد السلطات منذ أشهر عدة الأنظمة المفروضة على محتويات منصات مختلفة. وأعلنت كذلك قواعد جديدة للتجارة الإلكترونية.

وفسر مراقبون عدة تعليق دخول مجموعة "أنت غروب" للدفع عبر الإنترنت، البورصة في اللحظة الأخيرة على أنه تحذير من الحكومة الصينية تجاه قطاع أصبح نفوذه كبيرا ويحقق إيرادات هائلة.

ويندد المجتمع المدني بشكل متزايد أيضا بسلطة الشركات العملاقة هذه إلا أن هذا الغضب لم يفض بعد إلى تغيير نموذجها الاقتصادي.

في الولايات المتحدة واجهت فيسبوك في تموز/ يوليو مقاطعة من حوالي مئة ماركة على خلفية التعبئة في إطار حركة "حياة السود مهمة" من دون أن يلحق ذلك ضررا اقتصاديا بارزا بها.

وفي كاليفورنيا ترفض شركتا "أوبر" و"ليفت" لسيارات الأجرة توظيف السائقين بموجب قانون العمل في الولاية، وقد أقنعتا الناخبين بدعمهما خلال استفتاء حاسم أجري في الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر.

في فرنسا، يتركز الاستياء على أمازون المتهمة بالقضاء على المتاجر الصغيرة واستغلالها، والتشجيع على الاستهلاك المفرط، من دون مراعاة البيئة إلا أن الشركة التي يترأسها، جيف بيزوس، حققت مبيعات قياسية خلال "بلاك فرايدي" هذه السنة.

من جانبها، نددت الأستاذة في "هارفرد سكول أوف بيزنيس"، شوشانا زوبوف بـ"رأسمالية المراقبة" التي تستند على تحقيق الكسب المادي من البيانات الشخصية.

وقالت في مقابلة مع صحيفة لوموند نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر، إن "مصنع القرن الحادي والعشرين الذي استحدثته جوجل لا يتمتع بمداخن عالية (...) بل يرتكز على الذكاء الاصطناعي والمنتجات التي تصنعها تعتمد على توقع سلوك بشري تبيعه إلى المعلنين".

في المقابل، ذكر جاك كريمير من كلية الاقتصاد في تولوز، أن الاستهداف الإعلاني موجود منذ فترة طويلة ويرى أنه "من الطبيعي" أن تستخدم فيسبوك وجوجل وتويتر "البيانات التي تملكها عن الفرد لتعرض عليه إعلانات".

وأضاف كريمر الذي وضع تقريرا حول تنظيم القطاع، رفعه إلى المفوضية الأوروبية في عام 2019: "يجب تنظيم كل هذه المنصات لكن يجب التنبه إلى عدم جعلها كبش محرقة، فهي شركات تتمتع بحس ابتكاري رائع وتدار بشكل ممتاز وتوفر نوعية خدمات عالية".

التعليقات