09/02/2021 - 22:40

لقاء خاص مع د. عزمي بشارة على "التلفزيون العربي"

استضاف "التلفزيون العربي" مساء، الثلاثاء، مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، د. عزمي بشارة، في الذكرى العاشرة لانطلاق الثورات العربيّة وتناول واقع ومستقبل السلطوية والديمقراطية في المنطقة بعد عقد كامل على ثورات الربيع العربي

لقاء خاص مع د. عزمي بشارة على

د. عزمي بشارة خلال اللقاء (شاشة)

استضاف "التلفزيون العربي" مساء، الثلاثاء، مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، د. عزمي بشارة، في الذكرى العاشرة لانطلاق الثورات العربيّة وتناول واقع ومستقبل السلطوية والديمقراطية في المنطقة بعد عقد كامل على ثورات الربيع العربي، بالإضافة إلى قضايا الساعة مثل دلالات فوز جو بايدن في انتخابات الرئاسة الأميركية وانعاكسات ذلك على الملفات الكبرى في منطقة الشرق الأوسط.

وتوقع بشارة أن يكون الملف اليمني محور التغيير الجذري الذي سيظهر في السياسة الخارجية الأميركية للإدارة الجديدة؛ كما اعتبر أن تونس رغم كل شيء لا تزال قصة نجاح وإن كان نظامها الديمقراطي مهددا اليوم، وطرح 3 مهمات طارئة يجب القيام بها من أجل إنقاذ نظامها الديمقراطي من الخطر.

وعلى المستوى الفلسطيني، قال بشارة إنه "سيكون هناك تغيير في الموقف الأميركي لا في السياسات العملية مقارنة مع ما كان سائدا في حقبة دونالد ترامب وإدارته التي فاجأت حتى اليمين في درجة صهيونتها"؛ وتطرق إلى المفاوضات الفلسطينية - الفلسطينية في القاهرة واصفا إياها بأنها "بعيدة عن أصل الصراع وهو قضية التحرر الوطني الفلسطيني".

وأشار إلى أنه "قد تحصل انتخابات وهذا أمر جيد، وقد تحصل مصالحة لكن الانتخابات هي نوع من الهروب إلى الأمام، في حال لم ننظر إلى عمق القضية وهي التحرر الوطني وإن صوّرنا القضية باعتبارها مسألة معيشية وبكائيات، فلا نستطيع أن نتوقع من العالم أن يتضامن معنا وأن يقف ضد التطبيع طالما أن محور الانقسام الفلسطيني أصبح يختصر بقضايا سلطة ورواتب ومسائل معيشية يومية".

ولفت إلى أنه "من دون إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير وللشباب الفلسطيني المنتشر في كل مكان من العالم والسماح له بالمشاركة في النضال الوطني، فلا أمل فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية".

وحول التأثير المحتمل للسياسات الأميركية على قضايا المنطقة العربية، رأى بشارة أنه "في الموضوع الفلسطيني قد نشهد تغييرًا أميركيًا (مقارنة مع إدارة ترامب) في الموقف لا في السياسات العملية، حيث أن إدارة بايدن قد لا تبذل جهدًا في سبيل إقامة دولة فلسطينية لكنها ستكون أكثر نقدية تجاه الاستيطان من دون إعادة عجلة سياسة ترامب فيما يتعلق بالقدس وبنقل السفارة إليها إلى الوراء".

وتطرق بشارة إلى مدى اهتمام إدارة بايدن بالتطبيع الإسرائيلي مع دول عربية بالقول إن "الديمقراطيين لن يمانعوا التطبيع، لكن لن يهتموا كثيرا به".

كما توقع د. عزمي بشارة انخراطا جديا من إدارة بايدن في ليبيا نحو دعم العملية الدبلوماسية التي تركتها واشنطن طيلة السنوات الماضية للأوروبيين، أما التغيير الرئيسي فبتقدير بشارة سيكون في اليمن من خلال دعم عملية سلام وقد بدأ المسار في وقف تسليح التحالف الإماراتي السعودي مقابل إلغاء تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، وبالتالي لن يجد الأميركيون نتيجة أفضل من مخرجات الحوار الوطني اليمني الذي بدأ عام 2013 وظهرت مخرجاته في العام 2014.

ولاحظ بشارة تناقضا في مواقف يعلنها أركان إدارة بايدن حيال الملف النووي الإيراني، ذلك أنه من جهة، يقول وزير الخارجية أنطوني بلينكن، إنه في حال عودة إيران إلى التزاماتها النووية، فيمكن إعادة إحياء الاتفاق النووي، بينما يتردد على ألسنة رسمية أخرى كلام عن ضرورة إبرام اتفاق جديد مع حلفاء أميركا. وبتحليل بشارة، ربما يكون ذلك تأجيلا إلى حين وصول المحافظين الإيرانيين إلى الحكم (بعد انتخابات 18 حزيران/ يونيو المقبل)، أو قد يكون هدفه زيادة الضغط على إيران، أو ثالثا قد يكون نتيجة خلاف داخل الإدارة الأميركية بين المجموعة التي صنعت اتفاق 2015 مثل روبرت مالي وآخرين، وطرف ثانٍ ممثلا بوزير الخارجية أنطوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جايك سوليفان.

ورداً على سؤال يتعلق بتوقيت المصالحة الخليجية مطلع كانون الثاني/ يناير الماضي، أوضح أن "قرار المصالحة كان سعوديا، ذلك أن الحصار على قطر استُنفد ولم يحقق شيئا، واقتنع الجميع بأن كل الأطراف متضررة منه". وبتحليله فإن "القرار السعودي انطلق من أن مرحلة بايدن ستكون مختلفة عن حقبة ترامب، وارتأوا أن يكون القرار بالمصالحة سعوديا من دون ضغط أميركي". فيما ذكّر بشارة أن الخلاف السياسي بين أطراف الأزمة الخليجية موجود حول السياسات الخارجية لا في طبيعة الأنظمة، مشددا على أن هذه خلافات "تُحل بالحوار فقط"، ولاحظ أن مجلس التعاون لا يتوفر على ضمانات وآليات لمنع تكرار مثل هذه الأزمات مستقبلا، لذلك فإن الأمر يتوقف على زعماء الدول.

وحول تطورات الأزمة الدستورية في تونس، تمسك بشارة بوصف تونس على أنها "قصة نجاح في تداول السلطة والانتخابات وسط محيط لا يساعد على ذلك، بثورات مضادة وحروب أهلية". وذكّر أن المرحلة الانتقالية في تونس انتهت ونحن الآن أمام نظام ديمقراطي في خطر؛ ورأى أن الأزمة اليوم ناجمة عن عدم تطبيق الدستور وعدم سن قانون انتخابي، لأن النظام الموجود حاليا تم سنّه لانتخاب المجلس الوطني لا لانتخابات البرلمان، فضلا عن الأزمة الاقتصادية الاجتماعية. وبينما وصف الدستور التونسي بأنه أفضل دستور عربي ديمقراطي ومن بين أفضل دساتير العالم من حيث الصياغات، فإنه خلص إلى أن حل الأزمة الحالية يكمن في 3 خطوات طارئة وهي أولا الاتفاق بأسرع وقت على تأليف محكمة دستورية (نص عليها الدستور ولم يتم تشكيلها بعد)، ثانيا تغيير قانون الانتخاب، وثالثاً أن تتصرف الرئاسة بمسؤولية لا أن تصبح طرفا في مهاجمة الحكومة والبرلمان.

وتوقف بشارة عند ظواهر شعبوية تتخلل المشهد التونسي الحالي، كوجود أحزاب تؤلب الجماهير شعبويا "حتى وصل الأمر بسياسيين سقطوا في الانتخابات، إلى حد رفع شعار الشعب يريد إسقاط النظام" مثلاً، "وهذا نوع من سلوكيات الثورات المضادة التي تمارسها فئات تدخل إلى البرلمان لتعطيله ولإعادة الاستبداد" على حد وصفه.

وعما تبقى من الثورات العربية بعد مرور عقد على انفجارها، اعتبر بشارة أن ما بقي من الانتفاضات يشير إلى أن الشعوب العربية لم تعد تقبل بالديكتاتوريات العربية، وأن الكرامة الانسانية أصبحت قضية جوهرية بالنسبة للناس. وتوقف عند أزمة عجز الجماهير "عن فرز كوادر ونخب جديدة"، مقابل "عدم خروج أي طرف إصلاحي من داخل الأنظمة"، على عكس ما حصل في كل حالات الانتقال الديمقراطي جنوبي المتوسط وأميركا الجنوبية وأوروبا الشرقية والبرتغال، وهو ما حصل في تونس أيضا.

وفي الشأن الأميركي الداخلي، جدد بشارة رأيه بأن المؤسسات الأميركية أنهت محاولة ضرب الديمقراطية من خلال غزوة الكابيتول بسرعة مذهلة، "حتى أن الحزب الجمهوري بدأ يتنصل مما جرى" على حد تعبيره.

وأوضح أنه ظهرت درجة "رسوخ المؤسسات والديمقراطية الأميركية، بعدما استنفر المجتمع والمؤسسات، لكن الأهم أن ما حصل من اقتحام لمبنى السلطة التشريعية أطلق صفارات إنذار من الخطر"؛ كما وضع بشارة محاكمة ترامب حاليا أمام مجلس الشيوخ في إطار النزعة الانتقامية من الرجل، ورأى أن المحاكمة كانت ستكون مفيدة لو أنها ستمنع ترامب من الترشح مرة أخرى، لأن لا أهمية لترامب من دون منصب الرئاسة، "لكن إن لم يحصل العزل، فلن تكون المحكمة سوى إيغالا في استفزاز الحزب الجمهوري، بينما استعادة الثقة من المجتمع الأميركي أهم من ذلك" وفق توصيفه.

وفي السياق، وجد بشارة أن تعيينات بايدن الأخيرة هي مكافأة للذين يعود لهم الفضل في فوزه بالانتخابات، وهذا ربما يُشعر الفئات التي صوتت لترامب أنها فعلا مضطهدة "وهو ما قد يتفاقم في حال لم يتدارك بايدن الموقف من خلال خرق الفئات المناهضة اقتصادياً واجتماعياً لكي يشعروا أنهم ليسوا خاسرين".

التعليقات