16/07/2023 - 16:24

"تويتر بلو": سلاح مدفوع لمروّجي الأخبار الكاذبة على المنصّة

"سواء في ما يتعلق بأوكرانيا أو بكوفيد أو أعمال الشغب الأخيرة في فرنسا، فإن المحاور الرئيسية للتضليل يتم دفعها من خلال الحسابات المرفقة بعلامات توثيق"

(Getty)

أصبحت علامة التوثيق الزرقاء على موقع تويتر، وسيلة فعّالة لنشر المعلومات الكاذبة، إذ تمنح الجهات الضالعة في التضليل الإعلامي انتشارًا أوسع لم يكن متوقعًا، وذلك بعد أن شكّلت هذه العلامة لفترة طويلة ضمانة للمحتوى الأصلي على المنصّة.

وفيما كان من الضروري في السابق استيفاء شروط معينة، بينها أن يكون صاحب الحساب شخصية عامة، فضلًا عن الخضوع لعمليات تدقيق في الهوية، بات يكفي حاليًا الاشتراك في خدمة "تويتر بلو" Twitter Blue (بسعر يبدأ بثمانية دولارات شهريًا) للحصول على العلامة الزرقاء على الملف الشخصي للمستخدم، وبالتالي الإفادة من انتشار أوسع بفضل خوارزميات المنصة.

وفي حزيران/يونيو، أكد حساب موثق بالعلامة الزرقاء، معلومة خاطئة مفادها أن "مخدّر الزومبي"، وهو مزيج من الفنتانيل والزيلازين يفتك بكثيرين في الولايات المتحدة، قد "غزا" فرنسا، وهي رسالة تمت مشاركتها مئات المرات.بالنسبة لمستخدمين كثر، لا يزال الالتباس قائمًا: إذ لا تزال العلامة الزرقاء في أذهانهم مرادفًا لمصداقية التغريدات وصحة هوية صاحب الحساب.

وفي مثال حديث آخر، انتشرت تغريدة أعيد نشرها آلاف المرات بواسطة حسابات عدة تحمل العلامة الزرقاء، تضمنت إعلانًا كاذبًا يدعو مواطني شمال إفريقيا والشرق الأوسط للمشاركة في "الهجوم المضاد الأوكراني" في مقابل فرصة الحصول على جنسيات بلدان غربية.

ويؤكد المتخصص في الثقافات الرقمية والتطرف عبر الإنترنت تريستان منديس فرانس "سواء في ما يتعلق بأوكرانيا أو بكوفيد أو أعمال الشغب الأخيرة في فرنسا، فإن المحاور الرئيسية للتضليل يتم دفعها من خلال الحسابات المرفقة بعلامات توثيق والتي تستفيد من دعم بواسطة الخوارزمية".كما أن "Europa, the last battle" ("أوروبا، المعركة الأخيرة")، وهو فيلم دعائي سويدي للنازيين الجدد معروف جيدًا في أوساط أتباع نظرية تفوق العرق الأبيض والمعادين للسامية، شهد انتشارًا متجددًا بفضل هذا النوع من الحسابات.

وقال الرئيس التنفيذي لمركز مكافحة الكراهية الرقمية عمران أحمد، في مذكرة نُشرت في أوائل حزيران/يونيو "كانت علامة التوثيق الزرقاء على تويتر مؤشرًا إلى النفوذ والأصالة، لكنها الآن مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالترويج للكراهية ونظريات المؤامرة".

وقد أُطلق نظام التوثيق الجديد عبر تويتر في تشرين الثاني/نوفمبر 2022 في جوّ من الغموض، وكان من شأنه وفق رئيس تويتر الحالي، الملياردير إيلون ماسك، إتاحة الشبكة بشكل متساوٍ لجميع المستخدمين ومكافحة الحسابات المزيفة وتنويع مصادر دخل الشركة.

وبفضل هذا النظام الجديد، أعيد تفعيل حسابات تنشر ملاحظات عنصرية أو معادية للسامية أو تآمرية أو استفزازية، بعد حظرها من الشبكة الاجتماعية قبل استحواذ ماسك على الشبكة.

نتيجة لذلك، في غضون أسابيع قليلة، اكتسب بعض هذه الحسابات عددًا من المتابعين فاق ما كان لديها خلال خمسة عشر عامًا من وجودها على تويتر الذي يضم حاليًا أكثر من 500 مليون مستخدم نشط.

ويقول تريستان منديس فرانس "هناك نشطاء يمينيون متطرفون شعروا بأنهم منبوذون من المنصات الكبيرة التي فرضت عليهم الرقابة عندما قرروا تشديد الخناق في عام 2017" بعد وفاة ناشطة مناهضة للعنصرية دهسًا في شارلوتسفيل على يد أحد المتعاطفين مع النازيين الجدد.

في هذا السياق، كان التغيير في قواعد إصدار علامات التوثيق على تويتر بمثابة نعمة لنشطاء اليمين المتطرف الذين، من خلال شراء العلامة الزرقاء، تمكنوا من "استعادة الحضور" على المنصة، وفق منديس فرانس.

واجتذب هذا التغيير أيضًا أصحاب نظريات المؤامرة، بعدما أغوتهم خطب إيلون ماسك الداعية إلى الحرية الكاملة للتعبير.

في نيسان/أبريل، وجهت "نيوزغارد" تحذيرًا في هذا الإطار، إذ حذّرت الشركة التي تقوّم مصداقية المواقع الإلكترونية من "الشرعية الجديدة الممنوحة" لـ"بعض المؤثرين المروجين للمعلومات الكاذبة".

بعد ثلاثة أشهر، يبدو هذا المنحى آخذًا في التمدد. وقد زعمت حسابات موثقة بالعلامة الزرقاء، أن "التنوع ذريعة للإبادة الجماعية للبيض"، أو أن "هتلر كان على حق"، من دون أي عقوبات بحق أصحاب هذه الحسابات، رغم البلاغات الكثيرة بحقها، وفق مركز مكافحة الكراهية الرقمية.

بالنسبة إلى تشين لابي، نائبة رئيس "نيوزغارد"، فإن هذا "المزيج الخطير" يرتدي أهمية خاصة لأن الكثير من "المصادر النوعية" رفض دفع الاشتراك الشهري بـ"تويتر بلو"، ما خفّف ظهورهم على الشبكة.

وأضافت "مع ظهور ثريدز (التطبيق الذي أنشأته "ميتا" لمنافسة "تويتر")، من الصعب التنبؤ بما سيحدث ولكن الخطر يتمثل في أن جميع المصادر الموثوق بها ستغادر المنصة".

وردا على سؤال لوكالة فرانس برس، اكتفت تويتر بردها التلقائي على أي طلب للتعليق، وهو رمز تعبيري على شكل كومة فضلات.

التعليقات