03/11/2022 - 11:49

الحراكات الاجتماعيّة في القارّة الآسيويّة: كوريا الجنوبيّة وفلسطين نموذجًا

الحراكات الاجتماعيّة في القارّة الآسيويّة: كوريا الجنوبيّة وفلسطين نموذجًا

جنازة الطالب الجامعيّ لي هان يول، الّذي مات بعد إصابته في احتجاجات الطلبة المطالبة بالديمقراطيّة عام 1987.

 

شهدت فترة الستّينات من القرن الماضي تحوّلات ديموغرافيّة عالميّة أدّت إلى التأسيس لواقع جديد، كان من أبرز ملامحه الاحتجاجات الطلّابيّة الجامعيّة الّتي شاعت في معظم دول العالم. نسب علماء الاجتماع هذه التغيّرات إلى ما سُمّي «Baby Boom»، الّتي بدأت خلال الأربعينات، دلالة على ارتفاع معدّل المواليد بشكل استثنائيّ، ممّا أدّى إلى ارتفاع نسبة الشباب بين سكّان العالم في فترة الستّينات. شهدت أيضًا تلك الفترة ازدهارًا اقتصاديًّا ساعد على تسريع إعادة الإعمار بعد الحرب العالميّة الثانية، وانتشار وسائل وأنماط حياة أكثر رفاهية، ممّا أدّى إلى زيادة في الفرص الاقتصاديّة، وتمكين الشباب لتحدّي الوضع الراهن، والنهج المحافِظ، والانصياع للجيل القديم الّذي مارس سلطته على الأجيال الشابّة.

مكّن مجيء الحرب الباردة من تطوير تشكيلات سياسيّة استبداديّة وشموليّة، إلّا أنّ هذه التشكيلات تزامنت مع انتشار الأمن الاقتصاديّ، وما رافقه من استرخاء في المواقف الاجتماعيّة[1]؛ فأصبح الاستياء الناتج عن الأشكال الراسخة للسلطة سائدًا بشكل خاصّ بين الأجيال الشابّة عالميًّا، حيث بدأ الطلّاب انتقاد وجهات سياسيّة واجتماعيّة مختلفة، وتنظيم سلسلة من الاحتجاجات العنيفة ضدّ الشرطة والسلطات الرسميّة الّتي اتُّهِمَت بالاستخدام غير المشروع للقوّة، وتعزيز عدم المساواة بين طبقات المجتمع[2]؛ فظهرت الاحتجاجات المناهضة للحرب والفساد الأخلاقيّ، وسياسات التقشّف، والافتقار إلى الحرّيّة التعليميّة، والنخبويّة الفكريّة، والتوتّرات الدوليّة[3].

دفعت عالميّة الاحتجاجات الطلّابيّة وتزامنها المنظّرين إلى دراسة إمكانيّة تكوُّن ’ثقافة شبابيّة عالميّة‘، بالرغم من ذلك، جادل منظّرون آخرون ضدّ عنصر العالميّة...

دفعت عالميّة الاحتجاجات الطلّابيّة وتزامنها، في الستّينات، المنظّرين إلى دراسة إمكانيّة تكوّن ’ثقافة شبابيّة عالميّة‘[4]، بالرغم من ذلك، جادل منظّرون آخرون ضدّ عنصر العالميّة من خلال التقليل من أهمّيّة تزامن الاحتجاجات الطلّابيّة حول العالم، والتركيز على النتائج المختلفة لكلّ حركة على حدة[5]، وعلاوة على ذلك، أُكِّدَت تلك الاختلافات من خلال التمييز بين البلدان الصناعيّة ودول العالم الثالث، والتركيز بشكل خاصّ على تجربة هذه الأخيرة مع الهيمنة الإمبرياليّة والاستعماريّة[6]. وللردّ على هاتين المدرستين، حاول نهج ثالث الجمع بين الاعتراف بالطابع العالميّ للحركات الطلّابيّة، مع تحديد الطابع الفريد للوضع السياسيّ للجنوب العالميّ، من خلال فحصه كظاهرة مستقلّة نسبيًّا[7].

 

غياب الخصوصيّات المحلّيّة

بالرغم من سياق الدراسات المطروحة، شهدت الستّينات عددًا قليلًا جدًّا من الدراسات الّتي اعتمدت منهجًا نظريًّا واضحًا في فحصها لنشاطات الطلّاب الاحتجاجيّة، الّتي عُرِّفَت على أنّها ’مشكلة اجتماعيّة‘[8] من خلال المنهجيّات الأكاديميّة والبيانات التجريبيّة، وظلّ تعريف الحركات الطلّابيّة تعريفًا ركيكًا، وجلّ ما كان تأريخه كان يميل إلى الاعتماد على التكهّنات والآراء الشخصيّة[9]. بالمقارنة، شهدت العقود التالية مزيدًا من الدراسات المعمّقة، الّتي قطعت شوطًا نحو إحداث ثورة في النظريّات التقليديّة للحركات الاجتماعيّة؛ فأوّلًا، صُوِّر النشاط الطلّابيّ على أنّه حركات تعمل بشكل مستقلّ، وثانيًا، ساهم المنظّرون في إنشاء نماذج معاصرة ضمن دراسات الحركة الاجتماعيّة، من خلال توظيف ديناميكيّات الجنس والعرق والطبقة الاجتماعيّة[10].

إلّا أنّ الدراسات الّتي تتناول تفرّد الجنوب العالميّ، وتشريحه بشكل صحيح بوصفه حالةً مستقلّة عن البلدان الصناعيّة، جرى تطويرها والتركيز عليها بدرجة أقلّ[11]. وفقًا لذلك؛ ظلّت هذه الاتّجاهات الواسعة، الّتي تهدف إلى إعادة دراسة نظريّة الحركة الاجتماعيّة التقليديّة، مقصورة على الشمال العالميّ. أمّا الحركات الاجتماعيّة الطلّابيّة في الجنوب، وتحديدًا في مواقع التجارب المتجانسة (Homogenous) والفريدة من نوعها، مثل كوريا الجنوبيّة وفلسطين، فقد علقت ضمن دراسات سطحيّة وهامشيّة، أعطت الأولويّة للهويّة القوميّة، وعرقلت إمكانيّة التنظير للعديد من الظواهر بشكل صحيح[12]. بالتالي بدأت الحاجة إلى إنشاء حوارات جديدة بين تجارب لاغربيّة، خاصّةً في السياقات الآسيويّة، حيث كانت المقارنات بفلسطين تحدث من خلال سياقات محدّدة جدًّا، مثل الأبارتهايد في جنوب أفريقيا على سبيل المثال لا الحصر، الّتي سطّحت من التجربة الفلسطينيّة، وحوّلتها في المجمل إلى نقاشات عبثيّة دارجة على مواقع التواصل الاجتماعيّ[13]. من هنا، بدأ اهتمامي كآسيويّة وباحثة جندريّة بتأطير التجربة الكوريّة، بصفتها تجربة تحرّريّة ملهمة في السياق الآسيويّ.

 

تاريخ كوريا الحديث

استعمرت اليابان شبه الجزيرة الكوريّة عام 1910، جزءًا من محاولتها لتوحيد شرق آسيا تحت راية الإمبراطوريّة اليابانيّة، الّتي احتلّت فيتنام وتايوان وأجزاء واسعة من الصين. استمرّت محاولات الشعب الكوريّ للتحرّر من الاستعمار على مدى 50 عامًا، انتفض الكوريّون فيها ضدّ اليابان وقاموا بعمليّات مقاومة وتمرّد وعصيان مدنيّ، بينما حاول الاستعمار اليابانيّ دمج المواطنين الكوريّين في المنظومة اليابانيّة عن طريق إجبارهم على استخدام اللغة اليابانيّة، وتغيير أسمائهم إلى ألقاب يابانيّة، ودمج الطلّاب في مدارس يابانيّة تحظر تعليم المناهج الكوريّة. احتكرت اليابان أيضًا سوق العمل، وأجبرت الكوريّين على العمل في أسواقها وتقوية اقتصادها. لم تخلُ هذه الفترة من المقاومة المنظّمة والعفويّة ضدّ اليابان، ومن أبرزها «انتفاضة الأوّل من مارس» عام 1919، وقد طالب الشعب – ولا سيّما الطلّاب الكوريّين - بالاستقلال عن اليابان، واحتجّوا على الاندماج القسريّ في المجتمع اليابانيّ. قمعت اليابان هذه الانتفاضة، وأعدمت العديد من الطلّاب الّذين شاركوا في الحراك، وأبعدوا البقيّة إلى المستعمرات اليابانيّة في الصين.

استمرّ الحراك الشعبيّ ضدّ اليابان حتّى عام 1945 واستسلام اليابان بعد الحرب العالميّة الثانية، واستغرق الأمر ثلاث سنوات بعد استقلال كوريا عام 1945، لتأسيس جمهوريّة كوريا فعليًّا. وبتدخّل من الولايات المتّحدة الأمريكيّة، جرى أوّلًا فصل الجمهوريّة الكوريّة إلى كوريا الشماليّة والجنوبيّة بعد حرب أهليّة استمرّت ثلاث سنوات، وتنصيب حكومات موالية للإمبرياليّة الأمريكيّة في كوريا الجنوبيّة. توالت الانتفاضات الشعبيّة ضدّ الوجود الأمريكيّ والحكومات المطبّعة مع اليابان والولايات المتّحدة، وقُمِعَت كلّيًّا، وأُسِّس لـ «دستور «يوشين» الّذي نُفِّذ كقانون طوارئ ديكتاتوريّ. استهدف هذا القانون جميع فئات الشعب من فلّاحين وتجّار ومدنيّين، لا سيّما طلّاب الجامعات والمراحل الثانويّة، واستمرّ استهداف الجامعات وإغلاقها بحجّة كونها مراكز للحشد والحراك الشعبيّ والطلّابيّ.

 عام 1980، بدأت «انتفاضة كوانغجو» احتجاجًا طلّابيًّا ضدّ الإغلاق المستمرّ للجامعات، من قِبَل النظام الديكتاتوريّ لـ ’تشون دو هوان‘، في مدينة كوانغجو، وخلال الأيّام العشرة الأولى من الانتفاضة، تحوّلت إلى تمرّد مدنيّ مسلّح قابله الجيش بعنف وحشيّ...

عام 1980، بدأت «انتفاضة كوانغجو» احتجاجًا طلّابيًّا ضدّ الإغلاق المستمرّ للجامعات، من قِبَل النظام الديكتاتوريّ لتشون دو هوان، في مدينة كوانغجو في المقاطعة الجنوبيّة جولا- دو، وخلال الأيّام العشرة الأولى من الانتفاضة، تحوّلت إلى تمرّد مدنيّ مسلّح قابله الجيش بعنف وحشيّ، وانتهى بقمع عسكريّ ومذبحة[14]. على الرغم من استمرارها لفترة قصيرة من الوقت، مقارنة بالنشاط الطلّابيّ الكوريّ الطويل الأمد، تؤكّد نتائج هذه الهبّة الطلّابيّة أنّ «انتفاضة كوانغجو»، كان لها دور حاسم في تشكيل المشهد السياسيّ والاجتماعيّ لكوريا الجنوبيّة، خلال الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي[15]. قاد الطلّاب الاحتجاجات في البداية، إلّا أنّها سرعان ما تحوّلت إلى انتفاضة شعبيّة؛ إذ انضمّ إليهم عمّال وفلّاحون ومدنيّون، وشكّلوا ’المجتمع المطلق‘، فأسّسوا جيشًا مدنيًّا، وأغلقوا المدينة متخلّين عن أيّ دعم خارجيّ، وعن استخدام العملة، وصاغوا مجتمعًا مكتفيًا لا تحكمه أيّ قوانين خارجة عن مذاهبه الأخلاقيّة. حتّى يومنا هذا، تظلّ «انتفاضة كوانغجو» لحظة تاريخيّة رئيسيّة، تسلّط الضوء على التضحيات والسعي من أجل الاستقلال والتحرّر الوطنيّ في كوريا[16].

وبالمثل، كانت «انتفاضة الحجارة» حدثًا شعبيًّا بدأ على المستوى المحلّيّ ضدّ الاستعمار الإسرائيليّ[17]. فقد اندلعت الانتفاضة بعد اصطدام متعمّد لشاحنة إسرائيليّة بعمّال فلسطينيّين، واستشهاد أربعة، وقوبلت الاحتجاجات الّتي بدأت عام 1987 بقتل طالب يبلغ من العمر 17 عامًا، وجرح عشرات آخرين. شهد هذا اليوم بداية انتفاضة استمرّت ستّ سنوات، قبل أن تُقمَع عام 1993، بعد توقيع «اتّفاقيّات أوسلو»، الّتي وفّرت إطارًا لمفاوضات السلام بين إسرائيل والقيادة الرسميّة الفلسطينيّة. تشكّلت «القيادة الوطنيّة للانتفاضة» خلال سنوات الانتفاضة الأولى، ونظّمت أطر المقاومة الشعبيّة، واكتسبت ثقة المجتمع الفلسطينيّ بشكل كبير. حوّل هذا الانتفاضة من حالة تمرّد شعبيّ إلى نظام من العصيان المدنيّ والمقاومة ضدّ النظام الاستعماريّ الإسرائيليّ. إضافة إلى ذلك، انضمّ الأثرياء من المدنيّين والعمّال والفلّاحين والجماعات النسائيّة إلى الجماعات المسلّحة والطلّابيّة، في الإضرابات والمقاطعات والتكتيكات الّتي أمّنت المقاومة المدنيّة، وأسّست للحظات من الحكم الذاتيّ[18]. حتّى اللحظة ما زالت «انتفاضة الحجارة» توصف بأنّها اللحظة الأكثر تأثيرًا في التاريخ والتنظيم الفلسطينيّ المعاصر[19].

 

النوع الاجتماعيّ في الانتفاضتين

بينما تظهر الانتفاضتان في كلٍّ من تاريخ كوريا وفلسطين بجلاء، إلّا أنّ ما يصعب تتبّعه هو دراسات مفصّلة عن عمليّة حشد الطلّاب، وإن وُجِدَت فهي مرتكزة على نظريّة الحركة الاجتماعيّة الّتي أُسِّسَ لها في الشمال العالميّ، والّتي لا تطابق في العديد من تنظيراتها السياق الخاصّ لدول الجنوب. وما ينقص أيضًا من المراجعات الأدبيّة والأرشيفات هو دور المرأة الناشط في المجال العامّ خلال الانتفاضتين. تنعدم أيضًا الدراسات الّتي تحاول فهم السياق المقاوم الآسيويّ عمومًا، وتقاطع النساء في القارّة، فتظلّ الجغرافيّات المنفصلة سمة بارزة في دراسات الحركات الاجتماعيّة الطلّابيّة، ودور النساء في الجنوب العالميّ عمومًا، وفي آسيا بشكل خاصّ.

تاريخيًّا، اعتمد تحليل النوع الاجتماعيّ في كلتا الانتفاضتين على المناهج والنظريّات الّتي طُوِّرَتْ في الشمال، فنرى بوضوح مزجًا للأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع مع الفكر الاستشراقيّ، في محاولات إنتاج معرفة عن دور النساء في «انتفاضة كوانغجو» و«انتفاضة الحجارة». إن دلّ هذا على شيء، فهو يعكس مدى اعتماد معظم المنظّرين على النظريّات الغربيّة للحركات الاجتماعيّة لتنوير تفسيراتهم للبيانات الّتي جُمِعَت من كوريا وفلسطين.

إنّ الأدبيّات حول «انتفاضة كوانغجو» و«انتفاضة الحجارة» كانت متوافقة - في الغالب - مع الروايات القياسيّة للحركات الاجتماعيّة في الغرب؛ حيث أكّدت معظم هذه الروايات لحظات من النشاط المباشر والتنظيم المؤسّسيّ، عوضًا عن الانتباه إلى تجارب الأشخاص المهمّشين في الحركات مثل النساء. وغالبًا ما كان التعامل مع التسلسلات الهرميّة الجندريّة باهتمام ضئيل، أو باعتبارها فرصة لإعادة إنتاج المجازات الاستشراقيّة حول العلاقات بين الجنسين في المجتمعات الجنوبيّة[20].

أمّا على المستوى المجتمعيّ، فركّزت الدراسات على الدور المنزليّ الّذي تؤدّيه المرأة في أوقات الأزمات. في فلسطين كان تصوّر هذا الدور من خلال ’الاقتصاد المنزليّ‘، وهو اقتصاد الاكتفاء الذاتيّ الّذي قادته النساء بشكل رئيسيّ، وشجّعت «القيادة الوطنيّة للانتفاضة» النساء عليه[21]. أمّا في كوريا الجنوبيّة، فركّزت الدراسات على المجال الخاصّ، والمهامّ اليوميّة المخصّصة للنساء، مثل الطبخ والتمريض وتنظيف الشهداء استعدادًا لمراسم الدفن[22]، بالإضافة إلى دورهنّ المنزليّ أثناء تكوين ’المجتمع المطلق‘ في كوانغجو، الّذي حاكى - إلى حدّ كبير - اقتصاد الاكتفاء الذاتيّ في فترة «انتفاضة الحجارة». وعلى الرغم من أنّ هذه الأدبيّات سعت إلى تأكيد الدور العفويّ والمنظّم للمرأة[23]، إلّا أنّها سلّطت الضوء، في الوقت نفسه، على الشرخ القاسي القائم على تصنيف النوع الاجتماعيّ في كلتا الانتفاضتين.

في فلسطين كان تصوّر دور النساء من خلال ’الاقتصاد المنزليّ‘، وهو اقتصاد الاكتفاء الذاتيّ الّذي قادته النساء بشكل رئيسيّ (...) أمّا في كوريا الجنوبيّة، فركّزت الدراسات على المجال الخاصّ، والمهامّ اليوميّة المخصّصة للنساء...

بينما عَمِلَ إضفاء الطابع المؤسّساتيّ على كلتا الانتفاضتين، وهيمنة الهيكل الأبويّ لكلتا الدولتين - بالإضافة إلى التشديد المستمرّ على مركزيّة المسألة الوطنيّة، عَمِلَ على منع تشكّل لحظة ثوريّة حقيقيّة يظهر من خلالها الدور الحقيقيّ لكلا الجنسين في تعبئة مجتمعاتهم، وهمّش من مشاركة النساء في كلٍّ من المقاومة التنظيميّة والمسلّحة، ما أدّى إلى استبعاد العديد من العوامل، الّتي كان من الممكن أن تساهم في تكوين بنية عضويّة وتحرّريّة أكثر في كلتا الحركتين. ساهم هذا - بلا شكّ - في إضعاف الحركتين ونشاطهما[24].

وفقًا لذلك، ظلّت التوصيفات الأكاديميّة لماهيّة ’الناشط المثاليّ‘ مقتصرة على الرجال الّذين شاركوا - بشكل مباشر ومرئيّ - في لحظات الصدام[25]، واقتصرت رؤية المرأة على لحظات المواجهة مع المعتدي، الّتي عادة ما تتضمّن الاعتداء الجنسيّ أو الاغتصاب أو السجن[26]. على هذا النحو، فإنّ محاولات دراسة تمثيل النساء في الحشد الشعبيّ لم تؤكّد - بالمجمل - دورهنّ مشاركاتٍ نشطات في التعبئة، ولكن أكّدت وجودهنّ ضحايا للعنف القمعيّ. لذا، ظهرت الحاجة إلى تطوير أدبيّات متباينة من خلال تبنّي منهجيّات تحرّريّة، تعتمد على إعادة التأسيس لتأريخ شفويّ جديد قائم على روايات النساء أنفسهنّ. من هنا، يبدأ دوري بإعادة النظر في الأرشيف الكوريّ والفلسطينيّ، والعودة إلى سرديّات النساء لاستعادة الهويّة المخفاة خلف المنظومات السطحيّة لتاريخ الانتفاضتين.

 


إحالات

[1] Arthur Marwick. "The Cultural Revolution of the Long Sixties: Voices of Reaction, Protest, and Permeation." The International History Review (2005), 780-806.

[2] Lewis Feuer. The Conflict of Generations: The Character and Significance of Student Movements, (London: Heinemann, 1969).

[3] Arthur Marwick. "The Cultural Revolution of the Long Sixties: Voices of Reaction, Protest, and Permeation." 780-806.

[4] Philip Altbach. "Student Politics in the Third World." Higher Education (1984), 635-655.

[5] Detlef Siegfried. "Youth, Consumption and Politics in the Age of Radical Change." In Between Marx and Coca-Cola: Youth Cultures in Changing , 1-35, (Berghan Books, 2005).

[6] Gi-Wook Shin. "Marxism, Anti-Americanism, and Democracyin South Korea: An Examinationof Nationalist Intellectual Discourse." (Duke University Press, 1995), 509-534.

[7] Philip Altbach. "Perspectives on Student Political Activism." Comparative Education (1989), 97-110.

[8] Harold Meier, and William Orzen. "Student Legitimation of Campus Activism: Some Survey Findings." Social Problems (1971) 181-192.

[9] Joseph Scott, and Mohammad El-Assal. "Multidiversity, University Size, University Quality and Student Protest: An Empirical Study ." American Sociological Review (1969), 702-709.

[10] Zemlinskaya Yulia. "Social Movements Through the Gender Lens Social Movements Through the Gender Lens." Sociology Compass (2010), 628-641.

[11] Hyaeweol Choi. "The Societal Impact of Student Politics in Contemporary South Korea. ." Higher Education (1991) 175-188.

[12] Roger Heacock, and Ala Jaradat. انتفاضة 1987، تحوّل شعب. (Beriut: Institue for Palestine Studies, 2020).

[13] محمّد المجدلاوي. "استعارة "الأبارتهايد" في فلسطين: حين يقود الإسرائيليّون نضالنا". (2022) حبر: https://www.7iber.com/politics-economics/استعارة-الأبارتهايد- في-فلسطين.

[14] Jong-Chul Ahn. "Simin'gun: The Citizen's Army During the Kwangju Uprising ." In Contentious Kwangju: The May 18 Uprising in Korea's Past and Present , by Gi-Wook Shin and Kyung Moon Hwang, 11-23. (Lanham: Rowman & Littlefields, 2003).

[15] Ibid, 11-23.

[16]  Hyaeweol Choi. "The Societal Impact of Student Politics in Contemporary South Korea. ." Higher Education (1991), 175-188.

[17]  Jamal R Nassar, and Roger Heacock. Intifada: Palestine at the crossroads. (New York: Greenwood Press, 1991).

[18]  Ibid.

[19] علاء العزّة، وهم الشباب، السفير: ملحق فلسطين: تاريخ الوصول: 15/01/2022. 

[20] Islah Jad. "From salons to the popular committees: Palestinian women, 1919–89." In The Israel/Palestine Question , by Ilan Pappe, 215-234, (Routledge, 2007).

[21]  Islah Jad. "The Evolution of the Political Role of the Palestinian Women’s Movement in the Uprising." (FADA, 1990).

[22] Hyun-ah Kang. "Women's Experiences in the Gwangju Uprising: Participation and Exclusion." New Political Science (2010) 193-206.

[23] Islah Jad. "The Evolution of the Political Role of the Palestinian Women’s Movement in the Uprising.

[24] Eileen Kuttab. "Palestinian Women in the Intifada: Fighting on Two Fronts." Arab Studies Quaterly (1993) 1-69.

[25] Emma Craddock. "Doing ‘enough’ of the ‘right’ thing: the gendered dimension of the ‘ideal activist’ identity and its negative emotional consequences." Social Movement Studies (2019) 137-153.

[26] Jung-Woon Choi. "The Formation of an Absolute Community." In Contentious Kwangju: The May 18 uprising in Korea's past and present, by Gi-Wook Shin and Kyung Moon Hwang, 3-11, (MD: Rowman & Littlefield: 2003).

 


 

منتهى عابد

 

 

 

مرشّحة دكتوراه في «جامعة بير زيت»، تعمل على إعداد أطروحتها بعنوان: «انتفاضات الجندر: التعبئة الطلّابيّة في كوريّا الجنوبيّة وفلسطين». حاصة على الماجستير في النوع الاجتماعيّ والجنس من «جامعة سواس» في لندن.

 

 

التعليقات