24/09/2023 - 14:00

’مختبر فلسطين‘: إسرائيل تصدّر كابوس المراقبة إلى العالم

’مختبر فلسطين‘: إسرائيل تصدّر كابوس المراقبة إلى العالم

كتاب ’مختبر فلسطين‘، لأنتوني لفنشتاين

 

العنوان الأصليّ: Review: “The Palestine Laboratory” By Antony Loewenstein – Apartheid Israel Exports Surveillance Nightmare.

الكاتب: Gideon Polya.

المصدر: Counter Currents.

ترجمة: علاء سلامة. 

 


 

أنتوني لوينشتاين، الكاتب اليهوديّ الأستراليّ المعارض للعنصريّة، يصف في كتابه الأخير «مختبر فلسطين»، كيف تستخدم إسرائيل الفاشيّة العنصريّة والمتطرّفة، الأسلحة التكنولوجيّة المتقدّمة وأسوار المراقبة الشاملة؛ للسيطرة كاملًا على 5.5 مليون فلسطينيّ محتلّ ومضطهد بقسوة، وكيف تصدّر هذه التكنولوجيا الفاشيّة إلى دول حول العالم، من دول الاتّحاد الأوروبّيّ والديمقراطيّات الأنجلوسفيريّة*، إلى الديكتاتوريّات الوحشيّة.

كتاب «مختبر فلسطين: كيف تصدّر إسرائيل تكنولوجيا الاحتلال إلى العالم؟» لأنتوني لوينشتاين، تحليل مروّع للانحراف العنيف والإبادة في فلسطين المحتلّة والعالم النامي. يتوجّه هذا الكتاب إلى جمهور واسع قد يكون غير مدرك؛ بسبب التضليل المستمرّ حول فلسطين من قِبَل الصحافيّين والمحرّرين والسياسيّين والأكاديميّين والمعلّقين الرئيسيّين في الغرب، للأبعاد الفظيعة للإبادة الفلسطينيّة المستمرّة منذ قرن، وانتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة في فلسطين. لدى لوينشتاين سجلّ متميّز كاتبًا يهوديًّا أستراليًّا معارضًا للعنصريّة في فضح شرور الاستعمار الصهيونيّ.

يكرّس أنتوني لوينشتاين هذا الكتاب المهمّ لإظهار كيف يكون بيع تكنولوجيا الحجز والمراقبة الشاملة العسكريّة الإسرائيليّة (المجرّبة مسبقًا)، الّتي تُسْتَخْدَم ضدّ الفلسطينيّين المحتلّين، إلى جميع أنحاء العالم، وكيف تؤثّر بشكل متزايد في المواطنين، سواء في الديكتاتوريّات العسكريّة الفقيرة والمضطربة في الجنوب العالميّ، أو في الديمقراطيّات الغنيّة في الشمال العالميّ. يجب أن يكون هذا الكتاب في كلّ مدرسة وجامعة ومكتبة مؤسّسيّة وحكوميّة في العالم؛ لأنّه يكشف عن تهديد كبير للإنسانيّة جمعاء، ليس فقط في الدول المعرّضة للخطر في الجنوب العالميّ، بل أيضًا لأولئك في الديمقراطيّات الغنيّة.

قبل سنوات عدّة، حذّر الكاتب والناشط والناشر الدنماركيّ سورين كورسجارد من خطر الدولة المراقبة والديكتاتوريّة الرقميّة، ولكنّ التكنولوجيا المعلوماتيّة (IT)، والذكاء الاصطناعيّ (AI)، والتكنولوجيا العالية الّتي تُسْتَعْمَل للمراقبة الجماعيّة تجعل ذلك واقعًا عالميًّا في الوقت الحاليّ، خاصّة مع تقدّم تقنيّة الحوسبة الكموميّة، الّتي تضيف قفزات كموميّة إلى قوّة الذكاء الاصطناعيّ.

يمكن للذكاء الاصطناعيّ المتقدّم أن يقدّم فوائد ضخمة للإنسانيّة، لكن ثمّة مخاوف مبرّرة من التكنولوجيا المعلوماتيّة والذكاء الاصطناعيّ في الأيدي الخاطئة، وكذلك من الذكاء الاصطناعيّ المتطوّر بسرعة، ومن الإمكانيّة المحتملة لوجود ذكاء اصطناعيّ واعٍ بذاته.

في فلسطين، أصبحت مخاوف استغلال التكنولوجيا المعلوماتيّة والذكاء الاصطناعيّ واقعًا فظيعًا بالفعل، لـ 5.5 مليون فلسطينيّ محتلّ خاضع للحجز التكنولوجيّ العالي والمراقبة، وكذلك، لجميع رعايا إسرائيل الفاشيّة (أكثر من 50% منهم فلسطينيّون أصليّون). إسرائيل الفاشيّة والعنصريّة تصدّر الآن التكنولوجيا المتقدّمة للتقييد الجسديّ الجماعيّ، والمراقبة الجماعيّة حول العالم، إلى الدول ’اللطيفة‘ وإلى الديكتاتوريّات الوحشيّة على حدّ سواء. «كلّنا فلسطينيّون» تتحوّل من تصريح نبيل للتضامن مع حقوق الإنسان إلى واقع متدهور للمراقبة التكنولوجيّة الجماعيّة للإنسانيّة جمعاء.

تتناول مقدّمة «مختبر فلسطين» الموضوعات الرئيسيّة في الكتاب، وعمليّات التسليح الصهيونيّة منذ وقت الثورة الفلسطينيّة الأصليّة في ثلاثينات القرن الماضي، (وما لم يُذْكَر في الكتاب أنّه خلال الثورة العربيّة في الثلاثينات، قُتِل 10% من الفلسطينيّين البالغين من قِبَل البريطانيّين، وميليشيات الإرهاب الصهيونيّة الّتي كانت مسلّحة ومدرّبة من البريطانيّين). الصمت الاستثنائيّ للغرب حول التطهير العرقيّ الفظيع وتقييد الفلسطينيّين يأتي نتيجة لتحوير الصهيونيّة وتفسيرها للغرب الّذي يهيمن عليه الأمريكيّون المتأثّرون بالصهيونيّة. ثمّ إنّ النازيّة الجديدة في إسرائيل تفرض رقابة شديدة على وسائل الإعلام. وهكذا يقول لوينشتاين: "يجب على جميع وسائل الإعلام في إسرائيل، إلى جانب الناشرين والكتّاب، تقديم القصص المتعلّقة بالشؤون الخارجيّة والأمن لرئيس رقيب الجيش الإسرائيليّ قبل النشر".

تسلّط المقدّمة الضوء على قضايا رئيسيّة، مثل (أ) الاعتراف المتزايد من قِبَل اليهود بالفصل العنصريّ الإسرائيليّ، و(ب) المبيعات الإسرائيليّة الضخمة لتكنولوجيا الحرب والتحكّم والمراقبة الحديثة (الّتي اخْتُبِرَت مسبقًا على الفلسطينيّين) للديكتاتوريّات والديمقراطيّات غير الأخلاقيّة حول العالم، و(ج) التصويت الشديد لصالح الصهيونيّة من قِبَل الغرب الّذي يهيمن عليه الأمريكيّون، والنازيّون الجدد، وأصحاب فكر التفوّق الأبيض العنصريّون. من دون شكّ، واعيًا لجمهوره الأوسع والحاجة إلى "الحديث باحترام" (الرقابة الذاتيّة) في الغرب، يتوقّف الكتاب عند إعلان الواقع المروّع الّذي يُظْهِر أنّ الصهيونيّة عنصريّة قاتلة ونازيّة، بدون غرف غاز وقتل جماعيّ صناعيّ، ولكن بطرد جماعيّ للسكّان الأصلانيّين، وتقييد شامل لهم من قِبَل واحدة من أكبر القوّات العسكريّة التكنولوجيّة في العالم، الّتي تمتلك نحو 90 قنبلة نوويّة.

 

الفصل الأوّل: بيع الأسلحة لِمَنْ يريدها

يتناول الفصل كيف تقدّمت صناعة الأسلحة الإسرائيليّة التكنولوجيّة العالية، منذ ثلاثينات القرن الماضي؛ من استخدامها في الإبادة الجماعيّة، وتقييد فلسطين، وهزيمتها المتكرّرة لجيرانها المتعفّفين، إلى المبيعات العالميّة الضخمة للأسلحة العسكريّة التكنولوجيّة العالية (الطائرات بلا طيّار؛ الصواريخ؛ مضادّات الصواريخ، البنادق، السفن الحربيّة، الطائرات والذخائر) للغرب وللديكتاتوريّات في الجنوب العالميّ. إسرائيل الفاشيّة (سواء بشكل مستقلّ أو عميلًا لأعمال الحيل القذرة للولايات المتّحدة) قد ساعدت بشكل متنوّع في العنف العسكريّ الرهيب، والإبادة الجماعيّة في العديد من البلدان، منها تشيلي، وكولومبيا، وغواتيمالا (إبادة الهنود المايا)، وإيران (تحت الشاه)، وإندونيسيا (تحت سوهارتو)، ورومانيا (تحت تشاوشيسكو)، وهايتي (تحت دوفالييه)، وباراغواي (خطّة فاشلة للتخلّص من الفلسطينيّين في غزّة)، والأرجنتين، ولبنان، وأفغانستان، ونيكاراغوا (فضيحة إيران كونترا)، والسودان وجنوب السودان (الحروب الأهليّة)، وميانمار (إبادة الروهينغا)، وسيريلانكا (إبادة التاميل)، وغيرها في أمريكا الوسطى، وأفريقيا وآسيا. يقول لوينشتاين: "العدد الهائل من الديكتاتوريّات الّتي كانت لإسرائيل علاقات معها مذهل". يتناول لوينشتاين، في وقت لاحق في الكتاب، التدخّل الإسرائيليّ في السودان، وجنوب السودان، وإبادة الروهينغا في ميانمار، وإبادة التاميل في سيريلانكا.

الرقم المروّع للوفيات الناجمة عن العنف والحرمان، الّذي فرضته الحروب في "مناطق الموت" من الجنوب العالميّ، غائب في الكتاب (الّذي من المتوقّع أن يقرأه أساسًا أشخاص غربيّون حسّاسون وودودون). وهكذا، كما قُدِّر في عام 2007، بلغ إجماليّ الوفيات الّتي كان من الممكن تجنّبها 24 مليونًا (1950-2005)، في البلدان الّتي احتلّتها إسرائيل في مراحل مختلفة (مصر، وفلسطين، والأردنّ، ولبنان، وسوريا)، وهو إجماليّ ضخم يضع إسرائيل في فئة ألمانيا النازيّة من الشرّ. بالطبع، هذا الواقع المروّع لا يُبَلَّغ عنه بشكل حازم في الغرب الّذي يدّعي الديمقراطيّة، ولكنّه نيونازيّ وعنصريّ ومُوالٍ للصهيونيّة، وأيّ انتقادات لإسرائيل من اليهود المناهضين للعنصريّة وغير اليهود، يكون وصفها باطلًا بأنّها "معادية للساميّة"، من قِبَل الصهاينة الكثيري الكذب وأنصارهم العنصريّين.

 

الفصل الثالث: منع نشوب السلام 

يبدأ الفصل بوصف مروّع للاستهداف الإلكترونيّ المتطوّر للفلسطينيّين، بحيث "يجب أن يكون قتل - أو إصابة - الفلسطينيّين سهلًا مثل طلب البيتزا". ويواصل الفصل، فيصف عنصريّة القادة الإسرائيليّين الإباديّة، وتتابع عمليّات الترحيل الجماعيّ للفلسطينيّين، ومجازر غزّة، واقتراحات التطهير العرقيّ الكامل للفلسطينيّين الأصلانيّين. يصف لوينشتين الوحدة الإسرائيليّة المرعبة، «وحدة 8200»، المتخصّصة في المراقبة الجماعيّة الشاملة للفلسطينيّين المحتلّين، الّتي تشمل مثلًا جمع معلومات عن العلاقات الجنسيّة، والميول الجنسيّة الّتي تُسْتَخْدَم لابتزاز الفلسطينيّين وإجبارهم على التعاون مع المحتلّين. هذه التكنولوجيا تُباع اليوم للعالم، وبالتالي نصبح جميعًا فلسطينيّين.

يقول لوينشتين: "كانت جائحة «كوفيد-19» الفرصة المثلى لشركات المراقبة الإسرائيليّة لجذب الأعمال؛ فاحتواء انتشار المرض يتطلّب تتبّع الاتّصال الفعّال، وتروّج الشركات الإسرائيليّة نفسها على أنّها الأفضل في العالم في هذا المجال".

في أثناء الجائحة، اعترض اليهود الأرثوذكس على تدابير الرقابة الإسرائيليّة؛ ممّا أدّى إلى عزل «مجتمع بني براك» عمّا حوله. يعلّق لوينشتين قائلًا: "بعض شرائح الجمهور الإسرائيليّ يحمل كراهية أكثر تجاه الطوائف اليهوديّة الأرثوذكسيّة ممّا تحمله تجاه الفلسطينيّين".

 

الفصل السادس: المراقبة الإسرائيليّة الجماعيّة في دماغ هاتفك

يتناول الفصل نظام برنامج التجسّس «بيغاسوس» (Pegasus) الّذي تديره منظّمة غير حكوميّة إسرائيليّة، والّذي يمكنه اختراق الهواتف المحمولة، والتجسّس على المحادثات، وحتّى إدراج موادّ تتيح الملاحقة الجنائيّة للمستخدمين الأبرياء.

يقول لوينشتاين: "جهاز المراقبة الإسرائيليّ منافس وحليف لـ «وكالة الأمن القوميّ الأمريكيّة» (NSA)، أقوى شبكة تنصّت في العالم. بينما تتفوّق واشنطن من حيث عدد الأفراد، فإنّ لإسرائيل تاريخًا طويلًا في التجسّس على حليفها الأقرب، وهو أمر لا يظهر أنّه يزعج القوّة العظمى". اسْتُخْدِم نظام «بيغاسوس» الإسرائيليّ، وأنظمة مماثلة؛ لتحديد هويّة المعارضين واعتقالهم وتعذيبهم وقتلهم في الشرق الأوسط، ويُعْتَمَد حاليًّا في الهند، وفي جميع أنحاء العالم.

تُسْتخدَم شركة «سيلبرايت» (Celebrite) الإسرائيليّة، على نطاق واسع حول العالم؛ لاستهداف المعارضين السياسيّين والنشطاء. أمّا «بلاك كيوب» (Black Cube) الإسرائيليّ فهو نظام تجسّس مقابل الأجر، يُسْتَخْدَم في أفريقيا وأوروبّا والولايات المتّحدة. حوّلت إسرائيل تكنولوجيا السجن والمراقبة، الّتي تقمع 5.5 مليون فلسطينيّ تحت الاحتلال، إلى منتجات تبيعها للديمقراطيّات والديكتاتوريّات على حدّ سواء في العالم. وبفضل إسرائيل، فإنّ الدولة الفاشيّة الّتي تُظهرها سلسلة العلوم الفضائيّة «Blake's 7» التلفزيونيّة، على وشك أن تتحقّق على الأرض.

 

الفصل السابع: شركات وسائل التواصل الاجتماعيّ لا تحبّ الفلسطينيّين

يصف الفصل كيف تحذف عمالقة وسائل الإعلام الأمريكيّة، مثل «جوجل» و«تويتر» و«يوتيوب» و«فيسبوك»، الموادّ الّتي تنتقد إسرائيل. على الرغم من حرّيّة التعبير المنصوص عليها في التعديل الأوّل للدستور الأمريكيّ، فإنّ «فيسبوك» لديه أكثر من 15000 مشرف على المحتوى. تشير الأمثلة المقدّمة في هذا الفصل إلى أنّ الانتقادات الموجّهة إلى الفصل العنصريّ الإسرائيليّ، بما في ذلك تلك الّتي يقدّمها عدد متزايد من اليهود المناهضين للعنصريّة، تُعْتَبَر باطلًا خطاب كراهية ومعاداة للساميّة، وهما الادّعاءان المفضّلان للصهاينة المتطرّفين الكثيري الكذب.

لا يذكر الكتاب هذا، لكنّ الرئيس التنفيذيّ لـ «يوتيوب» افتخر بأنّه حوّل 70% من المشاهدين بعيدًا عن "المواقع المثيرة للقلق" إلى "المواقع المعتمدة". أفاد «موقع الاشتراكيّين العالميّ» (WSWS) أنّ «جوجل» (أو الخوارزميّات الموجّهة من «جوجل») قلّل كثيرًا من رؤية المقالات الاشتراكيّة في بحث «جوجل»، مشيرًا إلى أنّ نحو 95% من الّذين يبحثون لا يكترثون بالذهاب إلى ما بعد أوّل 20 نتيجة بحث. البحث عبر «بينج» أفضل كثيرًا، ولذلك يُنْصَح الناس باستخدامه، كلّ هذا مقلق للغاية.

في الجانب الشخصيّ، وجدت أنّ مقالًا عنّي في «ويكيبيديا» أُزيل "على الرغم من أنّني قد كتبت 8 كتب ضخمة، ومئات المقالات الإنسانيّة المبحوثة بعناية، بالإضافة إلى أكثر من 100 ورقة علميّة في مسيرة علميّة استمرّت نصف قرن". وحُذِفْت مؤخّرًا من «تويتر». أنا ناقد حازم للجرائم المروّعة ضدّ الإنسانيّة الّتي ارتكبتها إسرائيل، وقد وجدت أنّ بعض المقالات الرئيسيّة الّتي كتبتها اختفت فعليًّا من بحث «جوجل»، عن طريق إعادة تصنيفها في نتائج البحث. في السنوات العشر الأخيرة، شهّر بي الصهاينة زورًا، وأُزِلْتُ فعليًّا من الرؤية في وسائل الإعلام الرئيسيّة في أستراليا، الّتي زوّرها الصهاينة وأفسدوها.

 

* مصطلح يشير إلى المستعمرات البريطانيّة السابقة الّتي ما تزال تخضع للتأثير البريطانيّ. 

 


 

روزَنَة: إطلالة على الثقافة الفلسطينيّة في المنابر العالميّة، من خلال ترجمة موادّ من لغات مختلفة إلى العربيّة وإتاحتها لقرّاء فُسْحَة - ثقافيّة فلسطينيّة. موادّ روزَنَة لا تعبّر بالضرورة عن مبادئ وتوجّهات فُسْحَة، الّتي ترصدها وتنقلها للوقوف على كيفيّة حضور الثقافة الفلسطينيّة وتناولها عالميًّا.

التعليقات