28/07/2023 - 11:35

داخل السور القديم: نصوص قاسم الريماوي عن «الجهاد المقدّس» | فصل

داخل السور القديم: نصوص قاسم الريماوي عن «الجهاد المقدّس» | فصل

كتاب «داخل السور القديم: نصوص قاسم الريماوي عن الجهاد المقدّس» (2020)

 

يقدّم كتاب «داخل السور القديم: نصوص قاسم الريماوي عن الجهاد المقدّس»، الصادر عن «المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات» عام 2020، دراسة تحقيقيّة نقديّة، عمد فيها بلال محمد شلش إلى تحقيق مخطوطين غير منشورين لأحد أبرز قادة «الجهاد المقدّس»، الدكتور قاسم محمّد الريماوي (1918-1982): الأوّل، تقريره عن «الجهاد المقدّس» المقدّم إلى رئيس «الهيئة العربيّة العليا» الحاجّ محمّد أمين الحسيني في عام 1949؛ والثاني، مخطوطه عن عبد القادر الحسيني الّذي خطّ مسوّدته مطلع الخمسينات. عرض الباحث تحوّلات خطاب الريماوي المرتبطة بتحوّلات نشاطه من العمل في صفوف «الجهاد المقدّس» إلى العمل السياسيّ، وتحوّلات الوقائع والتحالفات والصراعات السياسيّة والاجتماعيّة المختلفة الّتي مرّت بها المنطقة على امتداد ربع قرن.

تنشر فُسْحَة – ثقافيّة فلسطينيّة جزءًا من مقدّمة الكتاب بإذن من الكاتب.

 


 

سيرة قاسم الريماوي ونصوصه

"لمّا وصلت بالشحنة الثالثة [من السلاح]، علمتُ أنّ عبد القادر [الحسيني] قد دخل فلسطين، فهرعت إليه". هذا بعض ما دوّنه قاسم محمّد الريماوي، في نصّ له مخطوط عن عبد القادر الحسيني، موثّقًا لحظة اللقاء الأولى به، بعد حضوره إلى فلسطين، ومتوّجًا سلسلة اتّصالات أُسِّست خلال الأشهر السابقة، بعد وصوله إلى مصر في شباط (فبراير) 1946[1]. ويشير الريماوي إلى أنّ صلته بعبد القادر الحسيني قديمة قِدَم مشاركة عبد القادر في ثورات أهل فلسطين. وتعزّزت، كما يبدو، بعد عودته إلى مصر، واتّخاذه الريماوي نقطة اتّصال رئيسيّة برفاق السلاح القدامى والجدد.

 

العلاقة مع عبد القادر الحسيني

وُلِد قاسم محمّد الريماوي في قرية بيت ريما[2]، يوم 11 كانون الثاني (يناير) 1918، بعد أيّام من سقوط القدس وجوارها بأيدي القوّات البريطانيّة المحتلّة، الّتي اتّخذت من قواعدها في مصر منطلقًا لهجومها على فلسطين، فعموم بلاد الشام، بعد فشل القوّات العثمانيّة وحلفائها في اتّخاذ فلسطين قاعدة أماميّة للهجوم على مصر، فشمال إفريقيا. وكعادة بعض أهل بلدته، التحق الريماوي بالتعليم الحكوميّ، فأنهى الابتدائيّة ثمّ الإعداديّة والثانويّة في «الكلّيّة الرشيديّة» و«الكلّيّة العربيّة» في القدس؛ لينتقل بعد حصوله على الشهادة الثانويّة في عام 1936 للعمل محاسبًا في دائرة البريد العامّة[3]، بالتوازي مع اندلاع ثورة الفلسطينيّين الكبرى ضدّ الاحتلال البريطانيّ، ثورة 1936-1939.

شهدت هذه الثورة بدء صعود نجم عبد القادر الحسيني، خاصّة بعد إصابته في معركة الخضر، واستشهاد القائد سعيد العاص (1889 - 6 تشرين الأوّل (أكتوبر) 1936)، ثمّ نجاحه في الهروب من حجزه في كانون الأوّل (ديسمبر) 1936، فخروجه من فلسطين متوجّهًا إلى دمشق، ثمّ إلى ألمانيا، حيث تدرّب على تصنيع المتفجّرات، ثمّ عودته إلى فلسطين في تشرين الثاني (نوفمبر) 1937؛ مبتعثًا لقيادة الثوّار في منطقتَي القدس والخليل اللتين بقي فيهما إلى أن أُصيب في معركة بني نعيم، في يوم 18 كانون الأوّل (ديسمبر) 1939؛ ليخرج على إثرها من فلسطين مرّة ثانية، ويبدأ رحلة جديدة عَمِلَ فيها، وبعض مجاهدي الثورة، على تعزيز خبرتهم العسكريّة المستمدّة من الميدان، من خلال الانتساب إلى الكلّيّة العسكريّة في العراق، أو في دول المحور لاحقًا[4].

وقد شهدت بواكير هذه الثورة أوّل إشارات لتكوّن العلاقة بين عبد القادر الحسيني والريماوي؛ فبينما كان الريماوي في مرحلته النهائيّة في المدرسة الرشيديّة، أغلق وزملاءه أبواب مدرستهم، وخرجوا في تظاهرة بمناسبة ذكرى ’وعد بلفور‘، يوم 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 1935، فقمع الجنود البريطانيّون التظاهرة. وبعد تفريقها، اعتقلوا الريماوي وزميله فريد أحمد العوري (1915-1936)؛ لاتّهامهما بالمسؤوليّة عن التظاهرة. هنا، تدخّل عبد القادر الحسيني محتجًّا، وأسفر تدخّله عن الإفراج عنهما. وفي المساء، كان الاجتماع الّذي وصفه الريماوي، فكتب: "وفي مساء ذلك اليوم، حضر عبد القادر إلى البيت، واجتمع بنا، وقال: "إنّ خير عدّة ومقاومة أن نتسلّح لنأخذ الاستقلال بالقوّة. وإنّني أطلب إليكما الحضور إلى بيتي لأعلّمكما صنع المتفجّرات والقنابل. نحن لا نريد طلاقًا أو احتجاجًا، بل نريد أن نحاربهم بمثل سلاحهم". وبالفعل، أخذنا نتردّد عليه، وتعلّمنا كيفيّة صنع بعض المتفجّرات"[5].

لم تكن العلاقة بين قاسم والحسيني مقتصرة على تدخّلات الحسيني للإفراج عنه؛ إذ كان بعض أقارب الريماوي من النواة الأولى الّتي شاركت عبد القادر الحسيني عمله الثوريّ...

بعد أشهر من هذه الحادثة، كانت القدس على موعد مع حدث استثنائيّ؛ إذ نفّذ سامي إبراهيم الأنصاري (1918-1936)، وبهجت عليّان أبو غربيّة[6]، محاولة لاغتيال مفتّش الشرطة آلان سيجرست (Alan Edward Sigrist) يوم 12 حزيران (يونيو) 1936. وبينما كان الأنصاري وأبو غربيّة يفرغان ذخيرة مسدّسيهما في الهدف، باغتت الأنصاري رصاصة مرافق سيجرست، فأُصيب بجراح انسحب على إثرها من المكان بمساعدة أحد المارّة[7]. لم يكن المارّ المجهول في مذكّرات أبو غربيّة، إلّا قاسم الريماوي الّذي كان على موعد مع اعتقال جديد، لكن هذه المرّة بتهمة محاولة اغتيال سيجرست لإنقاذه الأنصاري ونقله، الّذي استشهد لاحقًا في المستشفى. وهنا، يحضر من جديد عبد القادر الحسيني الّذي صار مديرًا لـ «الحزب العربيّ»[8] في القدس، مدافعًا عن الريماوي، من خلال تجنيد المحامين له، إلى أن أُفْرِج عنه لعدم ثبوت التهمة[9]. ثمّ لم تمضِ أيّام قليلة على حادثة اغتيال سيجرست، حتّى استشهد فريد العوري، رفيق الريماوي في الاعتقال الأوّل، في أثناء تصنيعه قنبلة بهدف استخدامها في الثورة[10].

لم تكن العلاقة بين قاسم والحسيني مقتصرة على تدخّلات الحسيني للإفراج عنه؛ إذ كان بعض أقارب الريماوي من النواة الأولى الّتي شاركت عبد القادر الحسيني عمله الثوريّ، منهم صالح أحمد الريماوي (1907-1992)، وفايز حسن طه الريماوي (1912–1939). وكذلك رافق الحسيني في جهاده، ثمّ في مهجره، شقيق قاسم، أديب محمّد الريماوي (1905-1985)، وابن عمّه عاهد محمود الريماوي (1907-1986). ولعلّ هذا كان سببًا إضافيًّا لتوطيد علاقة الحسيني المستقبليّة بقاسم الّذي استمرّ في عمله الحكوميّ حتّى عام 1944.

مع قرب انتهاء معارك الحرب العالميّة الثانية، بدأ الفلسطينيّون بالسعي إلى إعادة تأسيس قواهم السياسيّة، المنهارة خلال أعوام الثورة ثمّ الحرب العالميّة، وكان «الحزب العربيّ» على رأس هذه القوى. ومع بعث «الحزب العربيّ» من جديد، اختير الريماوي ليشغل منصب مدير مكتبه في القدس[11]، مقرّ القيادة الرئيسيّ للحزب. كما ساهم في تحرير صحيفة «الوحدة»، الناطق غير الرسميّ باسم الحزب (1945-1947)[12]، وهو ما زاد من حضوره الّذي سيؤهّله لدوره المقبل مع الحسيني لحظة استقراره في مصر.

 

الصورة الأولى: قاسم الريماوي المقاتل

"الصورة الّتي لا تُمْحى من الذاكرة عن قاسم الريماوي هي تلك الّتي رأيناها أطفالًا، وهو بلباس المناضلين والسلاح على صدره. كان في «الجهاد المقدّس» مع المرحوم عبد القادر الحسيني، وكان من أبرز رجاله. وظلّت صورته، مثل صورة عبد القادر وفوزي القاوقجي[13] وسعيد العاص، وغيرهم من المجاهدين، علامة من علامات الذاكرة الفلسطينيّة"[14].

بعدما توفّي الريماوي، كان أبرز ما اسْتُذْكِر به، كما في مقالة «أبو حاتم» لإبراهيم أبو ناب[15]، صورته قائدًا في «الجهاد المقدّس»، مقرَّبًا من قائده عبد القادر الحسيني. ولا يُسْتَحْضَر اليوم، إلّا نادرًا، عمله الوزاريّ في عدد من الحكومات الأردنيّة، ودوره النيابيّ خلال دورات متعدّدة لمجلس النوّاب الأردنيّ، وعمله الجامعيّ، وعمله في المؤسّسات والهيئات المختلفة الّتي شغل فيها مناصب عدّة بعد نهاية الحرب ونهاية «الجهاد المقدّس». هذا الحضور للريماوي؛ أي حضوره قائدًا في «الجهاد المقدّس»، هو أبرز ما يحضر أيضًا في الأدبيّات المتعلّقة بتاريخ فلسطين. وتُعَدّ بعض نصوصه، المنشورة أو المخطوطة، المصدر الأبرز لكلّ ما كُتِب عن «الجهاد المقدّس» قديمًا وحديثًا، أو المتعلّقة بنشاط قائده المؤسّس عبد القادر الحسيني وسيرته، خاصّة بعد استخدام عيسى خليل محسن، في كتابه عن عبد القادر الحسيني «فلسطين الأمّ وابنها البارّ عبد القادر الحسيني»[16]، مخطوط قاسم الريماوي عن الحسيني، فعاد الكثير من المصادر اللاحقة إلى نصّ المخطوط، باستخدام نصّ محسن كمرجع وسيط[17].

نشط الريماوي، كما يروي، مع «الجهاد المقدّس» منذ لحظته الأولى. وتبدأ هذه اللحظة مع استقرار عبد القادر الحسيني في مصر، بعد قدومه إليها من الحجاز، مع انتهاء الحرب العالميّة الثانية في شباط (فبراير) 1946؛ إذ قرّر الحسيني العمل من جديد على تأسيس تنظيم عسكريّ سرّيّ استعدادًا لمعركة فلسطين المقبلة، واستكمالًا لثورتها الماضية. وتضاعف هذا الجهد إثر قدوم الحاجّ أمين الحسيني إلى مصر في أواخر أيّار (مايو) 1946، وتشكيل «الهيئة العربيّة العليا»، فأصبح عبد القادر الحسيني مسؤولًا عن الشؤون العسكريّة في الهيئة، وهو ما مكّنه من إتمام بنائه التنظيميّ الجديد[18].

 

سنوات «الجهاد المقدّس»

بحلول 1 كانون الثاني (يناير) 1948، بدأت أولى شرارات الحرب الّتي لن تنتهي رسميًّا إلّا بتوقيع آخِر اتّفاقات الهدنة في رودس، بين الكيان الصهيونيّ الناشئ تحت اسم ’دولة إسرائيل‘ وسوريا، في 20 تمّوز (يوليو) 1949. ومع انطلاقة هذه الشرارة، بدأت تشكيلات «الجهاد المقدّس»، وبعض خلاياه المؤسّسة، نشاطًا عسكريًّا دفاعيًّا في أيّام الاشتباك الأولى. وعمل الريماوي خلال هذه المرحلة على تنسيق إسناد منطقة القدس بالمجاهدين من قضاء رام الله، وكذلك نقل السلاح المقرَّر للقدس من «الهيئة العربيّة العليا» واللجنة العسكريّة العربيّة، إلى أن عاد عبد القادر الحسيني إلى فلسطين ليؤسّس قوّة عسكريّة شبه نظاميّة، ستتركّز في المنطقة الشرقيّة من القطاع الأوسط من فلسطين، الّذي ستتوجّه «اللجنة العسكريّة العربيّة العليا»، في شباط (فبراير) 1948، إلى إقرار عبد القادر الحسيني على قيادته، وإقرار رفيقه في الإعداد الأخير، حسن علي سلامة[19]، لقيادة المنطقة الغربيّة من القطاع الأوسط. أمّا بقيّة القطاعات وحاميات المدن، فأُوكِلت إلى قادة عرب، أُسْنِدوا في كثير من المراحل بقادة محلّيّين، كانوا في مرحلة من المراحل - وفقًا لنصّ الريماوي - من النواة الصلبة لتنظيم الحسيني الجديد.

نشط الريماوي، كما يروي، مع «الجهاد المقدّس» منذ لحظته الأولى. وتبدأ هذه اللحظة مع استقرار عبد القادر الحسيني في مصر، بعد قدومه إليها من الحجاز، مع انتهاء الحرب العالميّة الثانية...

نجح عبد القادر الحسيني وقوّاته النشطة في القطاع الشرقيّ من المنطقة الوسطى، خلال الأشهر الأولى من الحرب، في تنفيذ سلسلة عمليّات دفاعيّة وهجوميّة، كانت ذات أثر نوعيّ، خاصّة في حرب المواصلات، وكذلك بعض عمليّات النسف النوعيّة. وأثمر هذا الفعل تراجعًا أوّليًّا، في آذار (مارس) 1948، عن المشروع الأمريكيّ المساند لقرار التقسيم؛ نتيجة لاحتدام المعارك غير المتوقّع، وهو ما انعكس سلبًا على الحركة الصهيونيّة وقيادتها، فكان التعجيل في سلسلة عمليّات هجوميّة انطلقت في منطقة القدس مع عمليّة ’نحشون‘، مطلع نيسان (أبريل) 1948؛ أولى عمليّات «الخطّة دالت». خلال أشهر الاشتباك هذه، كان الريماوي إلى جوار الحسيني في جولاته المحلّيّة، داعيًا الأهالي إلى القتال، والتوحّد خلف البندقيّة، أو في التخطيط والتنفيذ للعمليّات العسكريّة المختلفة، أو في رحلاته الخارجيّة للتنسيق أو طلب الدعم من «اللجنة العسكريّة العربيّة العليا» الّتي أصبحت المرجع الأوّل، ومحدّد الإستراتيجيّة العامّة للقوّات النشطة في فلسطين، منازعة «الهيئة العربيّة العليا»، وقائدها الحاجّ أمين الحسيني، السيطرة على القوّات المحلّيّة الّتي كان يترأّسها بشكل أساسيّ عبد القادر الحسيني وحسن سلامة.

كانت قرية القسطل[20] أبرز المناطق المستهدفة في العمليّة الصهيونيّة ’نحشون‘، وهي بلدة مرتفعة تسيطر على طريق القدس - يافا، جزءًا من المخطّط الصهيونيّ للسيطرة على جميع المواقع العربيّة المهدّدة لطريق إمداد الأحياء الصهيونيّة في القدس. سقطت البلدة في 4 نيسان (أبريل) 1948، بينما كان الحسيني ورفيقه الريماوي في دمشق؛ للاجتماع مع «الهيئة العربيّة العليا» و«اللجنة العسكريّة العربيّة»، وغادر الحسيني الاجتماع الّذي ستحتلّ قصّته، وقصّة قوّة «الجهاد المقدّس» وقائدها الحسيني، مع «اللجنة العسكريّة العربيّة»، موقعًا كبيرًا من نصوص الريماوي عن «الجهاد المقدّس».

عاد الحسيني إثر ذلك إلى القدس؛ لتبدأ معركة استعادة القسطل الّتي انتهت بسقوطه شهيدًا على أرضها، في 8 نيسان (أبريل) 1948. وبفراق الحسيني، بقي الريماوي وحيدًا، بعدما تقرّر تعيين خالد شريف الحسيني[21] قائدًا عامًّا جديدًا لقوّة «الجهاد المقدّس»، وقرار الأخير نقل مقرّ القيادة إلى القدس، بدلًا من اعتماد مقرّ عبد القادر السابق في بلدة بير زيت. أمّا الريماوي فإنّه سيتحوّل بالفعل، بعد هذه اللحظة، إلى قائد قوّات بير زيت، وسيخوض معاركه بشكل مستقلّ تقريبًا عن المقرّ العامّ في القدس، وعن قوّة «الجهاد المقدّس» الّتي استقرّت في مواقع أخرى كبيت لحم.

وخلال الأشهر التالية لاستشهاد الحسيني، سيشارك الريماوي في عدد من المعارك الرئيسيّة، وعلى رأسها معارك باب الواد في شهر أيّار (مايو)، وكذلك معارك رأس العين الّتي سيسقط فيها رفيق الحسيني في قيادة القوّات المحلّيّة، حسن سلامة. كما سيعمل الريماوي، من موقعه في مقرّ قيادة قوّة «الجهاد المقدّس» في بير زيت، على محاولة لمّ شمل شتات قوّات حسن سلامة، بعد تنسيق جهده مع القوّات العراقيّة الّتي دخلت فلسطين مع الجيوش العربيّة الأخرى، بعد 15 أيّار (مايو) 1948.

علاقة التنسيق هذه مع القوّات العراقيّة الّتي أُسِّست، كما ورد في نصوص الريماوي، على ثقة متبادلة، سترادف علاقة متوتّرة في أحيان، وسيّئة في كثير من الأحيان، مع القوّات الأردنيّة، خاصّة مع بدء النشاط الإداريّ المؤسّس للمرحلة التالية؛ مرحلة ضمّ بقيّة فلسطين الخاضعة لسيطرة هذه القوّات إلى المملكة الأردنيّة الهاشميّة. أُسِّست هذه العلاقة السيّئة على إرث ممتدّ من العلاقات المتوتّرة بين الملك عبدالله الأوّل بن الحسين[22] والحاجّ أمين الحسيني، وتفاقمت مع استشعار الريماوي، وأنصار «الهيئة العربيّة العليا» عمومًا، مساعي الأردنّ للقضاء على أيّ وجود لكيان فلسطينيّ مستقلّ، أو قوّة فلسطينيّة عسكريّة منظّمة.

أُسْدِل الستار على هذا التوتّر بقرار الجيش الأردنيّ احتلال مقرّ قوّة «الجهاد المقدّس» في بلدة بير زيت، في كانون الثاني (يناير) 1949، بعد حوادث وجولات من الشدّ والجذب، يسرد الريماوي تفصيلاتها في بعض نصوصه المحقّقة هنا. كما أُسْدِل الستار أيضًا على تجربة الريماوي في «الجهاد المقدّس»، وتجربة «الجهاد المقدّس» عمومًا؛ ليرحل الريماوي على إثرها إلى القاهرة، في عام 1949، وليستقرّ إلى جوار الحاجّ أمين الحسيني، ويعمل سكرتيرًا لـ «حكومة عموم فلسطين».

 

قاسم الريماوي الكاتب 

في هذه المرحلة، دوّن الريماوي ما يُظَنّ أنّه أوّل نصوصه عن تجربة «الجهاد المقدّس»؛ إذ قدّم تقريرًا إلى الحاجّ أمين الحسيني، يقع في أربعين صفحة خطّها الريماوي بيده، مقدّمًا ما أسماه "الأعمال الّتي تمّت أثناء قيام معركة فلسطين، خاصًّا بالذكر موقف قيادة «الجهاد المقدّس»، من بعد استشهاد عبد القادر الحسيني، وكيف حالت الترتيبات الّتي اتّبعوها بيني وبين قيام سيادة مطلقة لـ «الهيئة العربيّة العليا» في فلسطين، أو على الأقلّ الإبقاء على بعض الخلايا الّتي ستكون سلاحًا في يد الهيئة، ترتكز عليه في الأعمال المقبلة؛ ليكون نواة التحرير المنشود"[23].

وبعد شدّ وجذب، وشعور باليأس من الحكّام والسياسيّين العرب والفلسطينيّين، ومن الجيوش العربيّة[24]، انصرف الريماوي للدراسة واستكمال تحصيله العلميّ، فالتحق بـ «الجامعة الأمريكيّة» في القاهرة، ليحصل، في عام 1952، على شهادة البكالوريوس في «علم الاجتماع». وانصرف إلى الكتابة، وتدوين تجربته وتجربة عبد القادر الحسيني، متأثّرًا كما يبدو بمرارة الفقد والهزيمة، فكان النصّ الثاني له عن هذه التجربة، مقالة نُشِرت في صحيفة «الجمهور المصريّ»، بتاريخ 9 نيسان (أبريل) 1951، بمناسبة ذكرى استشهاد عبد القادر الحسيني، نشر فيها موجز لخطّة الأهداف، الخطّة المركزيّة الّتي خطّها عبد القادر الحسيني؛ ليبدأ فيها المعركة في فلسطين لمواجهة قرار «الأمم المتّحدة» بتقسيمها.

الريماوي كان عازمًا على تأليف كتاب كامل يعرض فيه سيرة عبد القادر الحسيني، ووضع لذلك هيكلًا أوّليًّا، قسّم فيه الكتاب إلى تسعة محاور رئيسيّة...

وبالإضافة إلى هذه المقالة، يتّضح من الأوراق المتوافرة بين يدي الباحث، أنّ الريماوي كان عازمًا على تأليف كتاب كامل يعرض فيه سيرة عبد القادر الحسيني، ووضع لذلك هيكلًا أوّليًّا، قسّم فيه الكتاب إلى تسعة محاور رئيسيّة، دوّن الريماوي بخطّ يده مسوّدة أولى لمعظمها في مجموعة من الدفاتر والأوراق.

أوّل هذه المحاور يتحدّث عن سيرة الحسيني، وضمّ العناوين التالية: «نشأته الأولى»، «عبد القادر صحافيًّا»، «عبد القادر موظّفًا»، «عبد القادر سياسيًّا»، «الحياة الزوجيّة وعبد القادر». والثاني يتناول ملامح شخصيّة عبد القادر، وضمّ العناوين: «شمائله وصفاته»، «عبد القادر بين الناس؛ بين أولاده؛ بين جنوده». بينما يتناول المحور الثالث عبد القادر في الميدان، وضمّ العناوين: «عبد القادر يقود الثورة الأولى»، «عبد القادر يقود الثورة الثانية»، «عبد القادر في العراق»، «عبد القادر في الحجاز»[25]. وهذه المحاور جميعًا لا تتطرّق، إلّا نادرًا، إلى مرحلة «الجهاد المقدّس»، ونشاط عبد القادر الحسيني في أثناء تأسيسه وقيادته. لذلك، جرى تجاوز جلّ هذه النصوص في هذا الكتاب، مع الإشارة إلى أنّها تشكّل جوهر كتاب عيسى خليل محسن عن الحسيني؛ إذ إنّ محسنًا اعتمد البناء الأساسيّ للريماوي، وعزّزه ببعض الإضافات. وكان في كثير من الأحيان يوثّق ما أخذه من الريماوي، وفي أحيان أخرى يتجاوز ذلك[26].

أمّا النصوص الّتي تطرّقت إلى «الجهاد المقدّس»، ودور الحسيني في تأسيسه وقيادته، فتبدأ، وفقًا لهيكل المخطوط الرئيسيّ، من: المحور الرابع، الّذي عنونه الريماوي بـ «الجهاد المقدّس»، وفيه حديث عن عودة عبد القادر الحسيني إلى مصر؛ المحور الخامس «عبد القادر قائدًا، فاستشهاده»؛ المحور السادس «عبد القادر وفلسطين و[الفلسطينيّون]»؛ المحور السابع «صحب عبد القادر»؛ المحور الثامن «عبد القادر الرجل الّذي حِيلَ بينه وبين إنقاذ فلسطين»، ويشمل هذا المحور العناوين التالية: «لماذا ضاعت فلسطين؟»، «تآمر الدول العربيّة»، «مهزلة اللجنة العسكريّة وجيش الإنقاذ»، «لماذا دخلت الجيوش العربيّة؟»، «نهاية فلسطين»، وفيه: «مزاعم الدول العربيّة»، و«منع السلاح عن عرب فلسطين»، و«تحويل القدس كلّها إلى لجنة العسكريّة»، و«إيجاد مشكلة اللاجئين لوضع عرب فلسطين وشعوب العالم العربيّ أمام أمر واقع»، و«عودة إلى التقسيم وأيّ عود!». أمّا المحور الأخير فإنّ الريماوي عنونه بـ «عبد القادر من رجال التاريخ العربيّ المجيد»، وأضاف عنوانًا فرعيًّا إليه، وهو "نجم لا يزال يلمع في آفاق المجد العربيّ، يهدي السائرين، مهما ادلهمّت الخطوب وتكاثفت الصعوبات"[27].

لم يطُِلْ مقام قاسم في مصر؛ إذ سافر إلى الولايات المتّحدة الأمريكيّة، بعد أن اختارته حكومة عموم فلسطين ليكون مراقبها في «الأمم المتّحدة»[28]، واستغلّ سفره لاستكمال دراسته العليا، فالتحق في عام 1953 بـ «جامعة كولومبيا» (Columbia University) في نيويورك؛ ليتحصّل أوّلًا على شهادة ماجستير في «الإدارة والشؤون الاجتماعيّة» في عام 1954، برسالة عن دور الاختصاصيّين الاجتماعيّين في تنمية المجتمع الصناعيّ في مصر[29]، ثمّ على درجة الدكتوراة من «كلّيّة المعلّمين» في الجامعة (Teachers College)، في عام 1956، بأطروحة بعنوان «التعليم والتحدّي الصناعيّ في مصر»[30]. وخلال هذه الفترة، نشط الريماوي عضوًا مؤسِّسًا في «اتّحاد الجمعيّات الإسلاميّة» في أمريكا وكندا.

غادر الريماوي أمريكا إثر العدوان الثلاثيّ على مصر (تشرين الأوّل (أكتوبر) 1956)، عائدًا إلى القاهرة مطلع عام 1957. وفي ظلّ التحوّلات السياسيّة الّتي حدثت في الأردنّ، بدءًا من نيسان (أبريل) 1956، بعد طرد غلوب باشا[31] (John Bagot Glubb)، ثمّ انتخابات تشرين الأوّل (أكتوبر) 1956، والانفتاح المؤقّت على الأحزاب والقوى السياسيّة المعارضة، الّتي شاركت لأوّل مرّة في تأليف الحكومة، في حكومة سليمان النابلسي[32] (29 تشرين الأوّل (أكتوبر) 1956 - 13 نيسان (أبريل) 1957)، عاد الريماوي إلى المملكة الأردنيّة الهاشميّة ليبدأ نشاطًا جديدًا، ويصنع صورة جديدة لنفسه، بعيدًا عن السلاح، مستغلًّا الخبرة والتحصيل الأكاديميّ اللذين تحصّل عليهما في كولومبيا.

 


إحالات

[1] ادّعى عيسى خليل محسن، في كتابه عن عبد القادر الحسيني، أنّ عودته إلى مصر كانت في 1 كانون الثاني (يناير) 1948: عيسى خليل محسن، فلسطين الأمّ وابنها البارّ عبد القادر الحسيني (عمّان: دار الجليل للنشر والدراسات والأبحاث الفلسطينيّة، 1986)، ص 208. لكن بالنظر في ملاحق الكتاب، يجد القارئ صورة عن تذكرة مرور واحدة صادرة عن المملكة العربيّة السعوديّة، تسمح بسفر عبد القادر إلى مصر وسوريا وفلسطين، مؤرّخة بتاريخ 10 صفر 1365 هـ؛ أي ما يوافق 14 كانون الثاني (يناير) 1946. ويوجد على الوثيقة ختم من مكتب مراقبة الموانئ بتاريخ 5 شباط (فبراير) 1946، يؤكّد أنّ وصوله إلى مصر كان في شهر شباط (فبراير). وما كتبه الحاج أمين الحسيني في مذكّراته، بأنّه أرسل رسالة إلى عبد القادر حال وصوله إلى مصر يهنّئه فيها بالسلامة، وكان ردّ عبد القادر عليه ما يوافق 16 شباط (فبراير) 1946: العمر، ص 435.

[2] قرية بيت ريما: تقع شمال غرب رام الله، على بُعد 27 كلم عنها. قُدِّر عدد سكّانها في عام 1945 بـ930 شخصًا. للمزيد، يُنْظَر: مصطفى مراد الدبّاغ، بلادنا فلسطين، الجزء التاسع، ديار بيت المقدس (بيروت: مؤسّسة الدراسات الفلسطينيّة، 2018)، ص 211-212.

[3] "معالي الدكتور قاسم بن محمّد الريماوي"، ملحق الجريدة الرسميّة للمملكة الأردنيّة الهاشميّة (1 كانون الثاني (يناير) 1963)، ص 26؛ يعقوب العودات، من أعلام الفكر والأدب في فلسطين (القدس: دار الإسراء، 1992)، ص 224.

[4] مع انتهاء الثورة، كانت السلطات الاستعماريّة البريطانيّة قد نجحت في تفتيت معظم البنى التنظيميّة العسكريّة، وقتلت وأعدمت مئات المقاتلين، وشرّدت البقيّة وطاردتهم. توارى البعض داخل فلسطين، أو سُجِنوا، لكنّ جزءًا كبيرًا منهم، جُندًا وقادة، انتقلوا إلى المهاجر، وبدؤوا بالسعي إلى تطوير قدرتهم وخبرتهم العسكريّة، وصقلها بتجارب جديدة. بدأ البعض بالتدرّب في العراق، وبعد فشل ثورة رشيد عالي الكيلاني هناك، لجؤوا إلى دول المحور المختلفة، والتحقوا متدرّبين في صفوف قوّاتها. تعكس سِيَر بعض هذه الشخصيّات، مثل سيرة القسّاميّ (أبو إبراهيم الكبير) خليل محمّد عيسى (توفّي في عام 1979)، حجم الجهد والجدّ المبذول من طرفهم لاكتساب الخبرة العسكريّة؛ استعدادًا للمعركة المقبلة. تحدّث الكبير الّذي التحق بدورة للتدريب العسكريّ في العراق، ثمّ بمعسكر ألمانيّ لتدريب المغاوير في اليونان: "أنا سافرت إلى ألمانيا، لكن ليس لاجئًا سياسيًّا، بل عسكريًّا. سافرت لأجل التدريب مع الجيش الألمانيّ؛ لأنّ قضيّتنا ما انتهت، وحتّى يكون لي خبرة قويّة في الحرب، يعني في النواحي العسكريّة. وفعلًا، تدرّبت في الجيش الألمانيّ إلى أن حصلت على رتبة ملازم أوّل، يعني على أساس رتب ألمانيا كنت بنجمتين": نزيه أبو نضال (إعداد وتقديم)، مذكّرات أبو إبراهيم الكبير خليل محمّد عيسى القائد القسّاميّ لثورة 36–39. (رام الله: منظّمة التحرير الفلسطينيّة - المجلس الأعلى للتربية والثقافة، 2010)، ص 94. ويُنْظَر أيضًا: ذو الكفل عبد اللطيف، قصّة كفاحي من الثورة الفلسطينيّة إلى حرب 1948 (عمّان: دار سندباد للنشر، 2000)، ص 33-34.

[5] قاسم الريماوي، "مخطوط الشهيد عبد القادر الحسيني"، مخطوط محفوظ في أرشيف مشروع توثيق وبحث القضيّة الفلسطينيّة، المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات، مخطوط رقم 1/ د.

[6] بهجت عليّان أبو غربيّة (1916-2012(: وُلِد في الخليل. تلقّى تعليمه في مدرسة المعارف في مدينة الخليل، ثمّ المدرسة الرشيديّة الّتي تركها قبل الحصول على الشهادة الثانويّة لظروفه الصحّيّة. عمل مدرّسًا في المدرسة الإبراهيميّة الّتي كان يديرها شقيقه نهاد. نشط في ثورة 1936-1939، بعدما أسهم في تأسيس مجموعة ثوريّة منذ عام 1934، الّتي استشهد بعض كوادرها خلال الثورة. كان من أركان التنظيم السرّيّ الّذي أسّسه عبد القادر الحسيني استعدادًا للحرب. وكان من أبرز قادة قوّة «الجهاد المقدّس» في معارك حرب 1947-1949، الّتي اعتُقل خلالها وأُصِيب غير مرّة. بعد الهزيمة وضمّ الضفّة الغربيّة، أسهم في تأسيس «حزب البعث العربيّ» في فلسطين، وكان من أبرز قادته.

[7] بهجت أبو غربيّة، مذكّرات المناضل بهجت أبو غربيّة 1916- 1949: في خضمّ النضال العربيّ الفلسطينيّ (بيروت: مؤسّسة الدراسات الفلسطينيّة، 1993)، ص 75. ولتفصيلات عمليّة الاغتيال يُنْظَر: المرجع نفسه، ص 72-77. ويُنْظَر عن الأنصاري: "الشهيد الأستاذ سامي الأنصاري"، فلسطين، 20 حزيران (يونيو) 1936، ص 1؛ خليل السكاكيني، يوميّات خليل السكاكيني: يوميّات. رسائل. تأمّلات. الكتاب السادس، الجزء الثالث: بين الأب والابن، رسائل خليل السكاكيني إلى سري في أمريكا، 1935-1937، أكرم مسلم (محرّر) (القدس: مركز خليل السكاكيني/ مؤسّسة الدراسات المقدسيّة، 2010)، ص 262-263. ويُنْظَر أيضًا: Matthew Hughes, "A History of Violence: The Shooting in Jerusalem of British Assistant Police Superintendent Alan Sigrist, 12 June 1936," Journal of Contemporary History, Vol. 45, Issue 4 (October 2010), pp. 725-743.

[8] الحزب العربيّ الفلسطينيّ: أُسِّس رسميًّا في آذار (مارس) 1935، وانتُخِب لرئاسته جمال الحسيني. يُعْتبَر الحزب واجهة جديدة للتيّار السياسيّ الفلسطينيّ المؤيّد لرئيس «المجلس الإسلاميّ الأعلى» الحاج أمين الحسيني. توزّعت فروعه في جميع أنحاء فلسطين، وكان أبرز أحزابها. بعد تشكيل «اللجنة العربيّة العليا» في نيسان (أبريل) 1936، جمّد الحزب نشاطه. جرت محاولات عدّة لإحياء الحزب خلال الحرب العالميّة الثانية، تُوِّجت في نيسان (أبريل) 1944، وانتُخِب توفيق صالح الحسيني وكيلًا له. استمرّ الحزب في نشاطه إلى لحظة اندلاع حرب 1947-1949. عن إعادة تنظيم الحزب العربيّ ونشاطه، يُنْظَر: بيان نويهض الحوت، القيادات والمؤسّسات السياسيّة في فلسطين 1917-1948 )بيروت: مؤسّسة الدراسات الفلسطينيّة، 1986)، ص 307-310، 475-480.

[9] الريماوي، "مخطوط رقم 1/ د".

[10] استشهد فريد أحمد العوري في مطلع حزيران (يونيو) 1936، في أثناء إعداده عبوّة ناسفة في منزل في وادي الجوز في القدس؛ بهدف استخدامها في الثورة. وكان العوري ممثّلًا للطلّاب الفلسطينيّين في «مؤتمر اللجان القوميّة»، المنعقد في القدس يوم 7 أيّار (مايو) 1936: دفار [بالعبريّة]، 2 حزيران (يونيو) 1936، ص 7؛ أكرم زعيتر، الحركة الوطنيّة الفلسطينيّة 1935-1939 يوميّات أكرم زعيتر، ط 2 (بيروت: مؤسّسة الدراسات الفلسطينيّة، 1992)، ص 94، 200.

[11] العودات، ص 224. وعلى الرغم من تشكيك إميل الغوري في تسلّم الريماوي إدارة الحزب - يُنْظَر: إميل الغوري، إظهار حقائق وتفنيد أباطيل: ردود على مقالات السيّد قاسم الريماوي (عمّان: [د. ن.]، 1974)، ص 106 - فإنّ وثائق الحزب المتوافرة بين يدي الباحث، وكذلك بعض أخبار الصحف، تؤكّد ذلك. من ذلك مثلًا، خبر يجمع الغوري والريماوي في تظاهرة أُقِيمت في القدس في يوم 3 تشرين الأوّل (أكتوبر)؛ احتجاجًا على تقرير لجنة التحقيق الدوليّة؛ إذ أشارت صحيفة «فلسطين» إلى أنّ قاسم الريماوي، مدير مكتب «الحزب العربيّ»، كان أحد الخطباء، وتقتبس بعض أقواله. ثمّ تبعه خطاب لإميل الغوري؛ عضو «الهيئة العربيّة العليا»: فلسطين، 4/ 10/ 1947، ص 1. وهنا، تجدر الإشارة إلى ضرورة وضع جميع ما يورده الغوري في كتابه ضدّ الريماوي موضع شكّ مضاعف.

[12] العودات، ص 224. وكان إسحاق عبد السلام الحسيني قد أصدر صحيفة «الوحدة» صحيفة عربيّة سياسيّة أدبيّة اجتماعيّة مصوّرة، صدرت أسبوعيًّا بإشرافه ورئاسة تحريره، بدءًا من 5 حزيران (يونيو) 1945، ثمّ صدرت يوميًّا بدءًا من 12 تمّوز (يوليو) 1946. وانضمّ إلى الحسيني، مع أواخر كانون الأوّل (ديسمبر) 1946، خيري حمّاد مديرًا للتحرير، ثمّ انضمّ إميل الغوري مديرًا للسياسة، وعمر الحسيني مديرًا للإدارة. وفي مطلع آب (أغسطس) 1946، أصبح شكري قطينة مديرًا للإدارة، بينما بقي إسحاق الحسيني رئيسًا للتحرير. ويذكر إميل الغوري أنّ الريماوي لم يسهم في تحرير الصحيفة، مدّعيًا أنّه كان رئيس تحريرها المسؤول وأحد ملّاكها: الغوري، إظهار، ص 20. لكن بالعودة إلى ترويسة الصحيفة، يُلاحَظ أنّ نشاط الغوري، بوصفه مديرًا للسياسة فيها، اقتصر على فترة محدودة (أواخر كانون الأوّل (ديسمبر) 1946 - نهاية تمّوز (يوليو) 1947). ومن الممكن أن يكون الريماوي قد أسهم في تحريرها بغير علم الغوري.

[13] فوزي القاوقجي (1890–1977): وُلِد في مدينة طرابلس لبنان، ودرس في المدارس العثمانيّة في إسطنبول إلى أن التحق بالمدرسة الحربيّة، حيث تخرّج ضابطًا في سلاح الخيّالة العثمانيّ في عام 1912. اشترك في الحرب العالميّة الأولى في القتال ضدّ الإنجليز، في البصرة في عام 1914، ومن ثَمّ خدم في بئر السبع ضمن فرقة الخيّالة العثمانيّة الثالثة. بعد هزيمة القوّات العثمانيّة في فلسطين، عاد إلى مسقط رأسه طرابلس، وعمل في خدمة الدولة العربيّة الجديدة في دمشق. ومن ثَمّ التحق بخدمة القوّات الفرنسيّة المستعمرة لسوريا، إلى أن أسهم في حراك سوريا الثوريّ ضدّ المستعمر الفرنسيّ في عام 1925 في مدينة حماة. بعد فشل الثورة، انتهى به المطاف في خدمة الملك عبد العزيز بن سعود، وولده فيصل، إلى أن التحق في عام 1932 بخدمة الملك فيصل بن الحسين في العراق، حيث عمل في المدرسة الحربيّة الملكيّة. قدم إلى فلسطين في آب (أغسطس) 1936، مع قوّة من المتطوّعين العرب، وأُعْلِن قائدًا عامًّا للثورة، وخاض أبرز معاركه، معركة بلعا، في أيلول (سبتمبر) 1936، لكنّه سرعان ما انسحب مع إعلان وقف الإضراب، فغادر فلسطين في تشرين الأوّل (أكتوبر) 1936 عائدًا إلى العراق. أسهم في ثورة رشيد عالي الكيلاني، وكان دوره في معركة الرطبة موضع اتّهام دائم من الحاجّ أمين الحسيني وأنصاره في ما بعد. وبعد فشل الثورة، لجأ إلى ألمانيا، إلى أن اعتقلته القوّات السوفييتيّة في برلين في أيّار (مايو) 1946. وبعد الإفراج عنه، انتقل إلى فرنسا، ثمّ إلى مصر الّتي وصل إليها في شباط (فبراير) 1947. ومع بدء المساعي العربيّة لتشكيل قوّات عسكريّة؛ استعدادًا لمواجهة التقسيم، كان التوجّه نحو دعم تعيين فوزي القاوقجي قائدًا عامًّا لهذه القوّات، لكنّ هذا التوجّه جُوبِه برفض حادّ من الحاجّ محمّد أمين الحسيني، رئيس «الهيئة العربيّة العليا» وأنصاره، فعُيِّن في النهاية قائدًا للقطاع الشماليّ في فلسطين، وخاضت قوّاته معارك أسهمت في تأليب خصومه عليه لاحقًا. بعد استشهاد عبد القادر الحسيني، عُيِّن القاوقجي قائدًا للمنطقة الوسطى بالإنابة، بعد رفض محمود الهندي تسلّم قيادة القوّات في فلسطين. وبعد دخول قوّات الجيش العربيّ الأردنيّ إلى فلسطين، غادر وقوّاته المناطق الّتي تسلّمها الجيش يوم 16 أيّار (مايو) 1948؛ ليُتَّهَم من جديد بتآمره مع الملك عبدالله بن الحسين، لكنّه سرعان ما عاد من جديد من الجبهة الشماليّة مع القوّات السوريّة واللبنانيّة، إلى أن سقطت معظم مواقعه إثر الهجمات الصهيونيّة أواخر تشرين الأوّل (أكتوبر) 1948، فكانت النهاية الفعليّة لـ «جيش الإنقاذ» وللقاوقجي. للمزيد عن القاوقجي عمومًا: Laila Parsons, The Commander Fawzi al-Qawuqji and the Fight for Arab Independence 1914-1948 (New York: Hill and Wang, 2016). وعن الاتّهامات المثارة حول شخصيّته يُنْظَر: Laila Parsons, "Soldiering for Arab Nationalism: Fawzi Al-qawuqji in Palestine,” Journal of Palestine Studies, vol. 36, no. 4 (Summer 2007), pp. 33–48. ويمكن مراجعة مذكّراته في: خيريّة قاسميّة (إعداد)، مذكّرات فوزي القاوقجي 1890-1988، ط 2 معدّلة مع وثائق (دمشق: دار النمير، 1995).

[14] إبراهيم أبو ناب، "أبو حاتم"، الرأي [الأردنيّة]، 1/ 5/ 1982، ص 19.

[15] إبراهيم أبو ناب، "أبو حاتم"، الرأي [الأردنيّة]، 1/ 5/ 1982، ص 19.

[16] سيُناقَش أدناه استخدام محسن للمخطوطة، ومقدار اعتماده على نصّ الريماوي. كما سيُناقَش لاحقًا سبب تحقيق المادّة الّتي دوّنها الريماوي عن «الجهاد المقدّس» في المخطوط، على الرغم من نسخ محسن جزءًا كبيرًا من هذه المادّة. وسبق نصّ محسن عن الحسيني، كتاب قضيّة فلسطين في سيرة بطل، الشهيد الحيّ عبد القادر الحسيني، لنبيل خالد الأغا الصادر عن دار الأسوار في عكا، في عام 1986. ولم يطّلع الأغا على نصوص الريماوي المخطوطة الّتي كانت بحوزة أسرة عبد القادر الحسيني والحاجّ أمين الحسيني، واقتصر على ما نشره الريماوي في صحيفة «الدستور»، لكنّ استخدامه لنصوص الريماوي بقي محدودًا؛ بسبب انتصاره لخصوم الريماوي وروايتهم، كما سيُناقَش لاحقًا.

[17] من ذلك مثلًا، أطروحة ماجستير قدّمها مؤيّد العقرباوي في «الجامعة الأردنيّة»، في عام 2006، نُشِرت لاحقًا في طبعات عدّة، آخرها: مؤيّد العقرباوي، عبد القادر الحسيني ودوره في الدفاع عن فلسطين حتّى 1948 (عمّان: دار الأيّام للنشر والتوزيع، 2017). وكذلك نصوص إيتمار راداي، وخاصّة ورقته عن الحسيني: إيتمار راداي، "عبد القادر الحسيني: قائد فلسطينيّ بحرب 1948" في: أوراق زيتون وسيف [بالعبريّة]، نير مان (محرّر)، العدد 13 (2013)، ص 213–254. وكذلك: داني روبنشتاين، إمّا نحن وإمّا هم، القسطل والقدس، نيسان (أبريل) 1948: الـ24 ساعة الّتي حسمت الحرب [بالعبريّة]، (القدس: يدعوت سفريم، 2017).

[18] الريماوي، "مخطوط الشهيد"، دفتر رقم 4؛ قاسم الريماوي، "بعد كتاب يا قدس: الحقيقة كما عرفتها وعشتها (3)"، الدستور، 21/ 8/ 1972، ص 4؛ محمّد عزة دروزة، مذكّرات محمّد عزة دروزة سجلّ حافل بمسيرة الحركة العربيّة والقضيّة الفلسطينيّة خلال قرن من الزمن 1305-1404 ه/ 1887- 1984 م، مج 5 (بيروت: دار الغرب الإسلاميّ، 1993)، ص 593.

[19] حسن علي سلامة (1913–1948): وُلِد في قرية قولة قضاء الرملة. لم يستكمل تعليمه، وانتقل إلى العمل في محاجر رأس العين. نشط في ثورة 1936-1939، وكان مع نهايتها أحد أبرز قادتها، وقائدها الأبرز في منطقة يافا - اللدّ. مع انتهاء الثورة، لجأ إلى خارج فلسطين، والتحق بدورة عسكريّة خاصّة في ألمانيا خلال الحرب العالميّة الثانية، تمهيدًا لإنزال مظلّيّ على أريحا في تشرين الأوّل (أكتوبر) 1944. بعد فشل العمليّة، خرج سلامة من جديد، وبقي متنقّلًا بين الدول العربيّة المجاورة، إلى أن عاد إلى فلسطين قائدًا عسكريًّا مؤسّسًا لتشكيلات «الهيئة العربيّة العليا» العسكريّة في منطقة يافا – اللدّ. أسّس خلال شهر كانون الثاني (يناير) 1948 جيش «حُماة الأقصى». وفي شباط (فبراير) 1948، عُيِّن سلامة قائدًا للقطاع الغربيّ في المنطقة الوسطى. هاجمت قوّة صهيونيّة مقرّ قيادته، في ’ملجأ الرجاء‘ في صرفند، مطلع نيسان (أبريل) 1948، بالتزامن مع هجمات عمليّة ’نحشون‘، ساعية إلى ضرب مراكز القوّة العربيّة المحلّيّة في المنطقة الوسطى الشرقيّة والغربيّة. استشهد متأثّرًا بجراحه بعد إصابته في معارك رأس العين في أواخر أيّار (مايو) 1948، ويروي هذا الكتاب بعض تفصيلات هذه المعركة، وبعض تفصيلات نشاطه مع عبد القادر الحسيني لتأسيس تشكيلات عسكريّة سرّيّة بعد الحرب العالميّة الثانية؛ استعدادًا للمعركة المقبلة في فلسطين.

[20] قرية القسطل: تقع على بُعد عشرة كيلومترات غرب القدس. قُدِّر عدد سكّانها في عام 1945 بـ 90 شخصًا. احتلّت موقعًا إستراتيجيًّا، فكانت من أوائل القرى المستهدفة من ’الهاغاناه‘ لاحتلالها؛ بهدف السيطرة على خطوط المواصلات المؤدّية إلى القدس. للمزيد؛ يُنْظَر: الدبّاغ، بلادنا، ج 9، ص 93-94؛ الموسوعة الفلسطينيّة، القسم العامّ، عبد الهادي هاشم (محرّر رئيس)، مج 3 (دمشق: هيئة الموسوعة الفلسطينيّة، 1984)، ص 570-573. ويُنْظَر تفصيلات معركتها في المحور الرابع من القسم الثاني في هذا الكتاب.

[21] خالد شريف الحسيني (1910-1951): وُلِد في القدس. وبسبب تيتّمه المبكّر، ربّاه عمّه موسى كاظم الحسيني، أبرز الشخصيّات الوطنيّة الفلسطينيّة خلال العشرينات ومطلع الثلاثينات، ووالد عبد القادر الحسيني. درس في «كلّيّة روضة المعارف» في القدس، وأنهى دراسته الثانويّة في عام 1929. التحق بالشرطة البريطانيّة في فلسطين، ووصل إلى رتبة القائد العامّ لشرطة القدس. بعد استشهاد عبد القادر الحسيني في نيسان (أبريل) 1948، اختير ليرث قيادة قوّة «الجهاد المقدّس». بعد حلّ الأردنّ «الجهاد المقدّس»، عمل بالزراعة، ثمّ مديرًا لعمليّات «وكالة الغوث» في نابلس، إلى أن اغتيل في 2 آذار (مارس) 1951.

[22] عبدالله بن الحسين بن علي (1882-1951): ملك المملكة الأردنيّة الهاشميّة، ومؤسّس إمارة شرق الأردنّ، الّتي وصل إليها من مكّة في عام 1920، واستقرّ فيها بعد وأد الحكم العربيّ في سوريا. أيّد مشروع تقسيم فلسطين، ودعا إلى ضمّ القسم العربيّ إلى إمارته/ مملكته. كان طموحه الأساسيّ تأسيس مملكة عربيّة متجاوزة للأردن بقيادته، ولم يتحقّق منه سوى ضمّ بعض فلسطين في نيسان (أبريل) 1950. اغتيل في مدينة القدس. للمزيد؛ يُنْظَر: عيسى الحسن (إعداد)، الآثار الكاملة للملك عبدالله بن الحسين المؤسّس (عمّان: الأهليّة للنشر والتوزيع، 2009)؛ ماري ولسن، عبدالله وشرق الأردنّ بين بريطانيا والحركة الصهيونيّة، ترجمة فضل الجرّاح (بيروت: شركة قدمس للنشر والتوزيع، 2000).

[23] قاسم الريماوي، "تقرير مخطوط مقدّم إلى الحاجّ أمين الحسيني"، بتاريخ 1949، محفوظ في أرشيف "مشروع توثيق وبحث القضيّة الفلسطينيّة"، المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات، ص 1.

[24] هذا ما وصف به الريماوي شعوره: قاسم الريماوي، "بعد كتاب يا قدس: الحقيقة كما عرفتها وعشتها (9)"، الدستور، 2/ 10/ 1972، ص 4. لكنّه لم يُشِر إلى أسباب شعوره باليأس من الفلسطينيّين، ويعكس التقرير المحقّق في القسم الأوّل بعض هذه الأسباب، خاصّة عند الحديث عن علاقاته بقيادة «الجهاد المقدّس» الّتي خلفت عبد القادر الحسيني، والّتي اتّخذت من القدس مقرًّا، والّتي يتّهمها الريماوي بإفشال مساعيه لتثبيت «الهيئة العربيّة العليا»، أو أيّ كيان فلسطينيّ آخر، في بقيّة فلسطين الّتي سيطر عليها الأردنّ. ويشير ذو الكفل عبد اللطيف بأنّ الريماوي أيضًا اختلف مع الحاجّ محمّد أمين الحسيني، بعد أن أنكر عليه مطالبته بأموال قال الريماوي إنّه استدانها وصرفها على الجهاد، بأمر من الحاجّ الحسيني: عبد اللطيف، ص 229، 246-251. ويُنْظَر رسالة الريماوي إلى جمال صالح الحسيني يوم 30 أيلول (سبتمبر) 1949، المدرجة في الملحق الثاني من هذا الكتاب.

[25] خطّ الريماوي مسوّدات لهذه المحاور، فدوّن المحور الأوّل كالآتي: «نشأته الأولى»، في ستّ صفحات، واحتلّت الرقم 1/ أ. وخطّ «عبد القادر صحافيًّا» في صفحة واحدة، برقم 1/ ب. وخطّ «عبد القادر موظّفًا» في أربع صفحات، برقم 1/ ج. وخطّ «الحياة الزوجيّة لعبد القادر» في غير مسوّدة بلغت صفحاتها تسع صفحات. أمّا المحور الثاني فخُطّ في عنوانين؛ الأوّل «من شمائله وصفاته» خُطّ في مسوّدة أولى في ستّ وعشرين صفحة، والمسوّدة الثانية في خمس صفحات، برقم 2/ أ. بينما العنوان الثاني «عبد القادر بين الناس» خُطّ في إحدى عشرة صفحة، برقم 2/ ب.

أمّا المحور الثالث والأخير فخُطّ في غير مسوّدة، وأُضيف إليه ملحق توضيحيّ، وبلغ عدد صفحات ما خُطّ فيه مئة وستًّا وأربعين صفحة، موزّعة كالآتي: مسوّدتان للعنوان الأوّل «عبد القادر يقود الثورة الأولى»، في ستّين صفحة، برقم 3/ أ. ومسوّدتان لبقيّة عناوين المحور وملحقه التوضيحيّ، الّذي دُوِّن اعتمادًا على شهادة حسين جاد الله، أحد مرافقي عبد القادر الحسيني، في ستٍّ وثمانين صفحة.

[26] يمكن مطالعة أبرز ما ورد في المحاور الثلاثة الأولى من المخطوط في نصّ عيسى خليل محسن: محسن، ص 145-207. مع الإشارة إلى أنّ نصّ محسن، وإن أُسِّس في معظمه على شهادة الريماوي، إلّا أنّه لا يُغني عن تحقيق بقيّة المخطوط وفقًا لأصول تحقيق النصوص التاريخيّة. والأمل أن يتيسّر نشر بقيّة هذا المخطوط لاحقًا في دراسة تقتصر على سيرة عبد القادر الحسيني.

[27] لم يلتزم الريماوي الهيكل الرئيسيّ كالتزامه في المحاور الأولى. واستخدم لتدوين النصوص المتعلّقة بـ «الجهاد المقدّس»، والّتي حُقِّقت هنا، دفترًا من الدفاتر المدرسيّة بترويسة «وزارة المعارف»، واستخدم دفترًا مروّسًا بترويسة مكتبة ومطبعة خضير نصر، ودفترين من نوع Block - Note Extra، ودفترين من نوع Block – Note A Lettre, Royal، ودفترًا واحدًا Romney, Writing Pad.

وتفصيل هذه النصوص كالآتي: المخطوط الأوّل عنوانه الرئيسيّ «الجهاد المقدّس»، وتحدّث فيه الريماوي عن عودة عبد القادر الحسيني إلى مصر، وبداية ظهور التنظيم السرّيّ الّذي أسّسه الحسيني، انطلاقًا من مصر. ودوّن هذا المخطوط في ثلاث عشرة صفحة، وسيُشار إليه لاحقًا بدفتر رقم 4 من مخطوط عبد القادر الحسيني. أمّا المخطوط الثاني ففيه استكمال للحديث عن قوّة «الجهاد المقدّس»، وجاء في سبع وستّين صفحة، وسيُشار إليه لاحقًا بدفتر رقم 5 من مخطوط عبد القادر الحسيني. واحتلّت الأعمال العسكريّة الّتي تمّت على يد القائد عبد القادر ثماني وستّين صفحة، وسيُشار إليها لاحقًا اختصارًا بدفتر رقم 6. وضمّ المخطوط اثنتين وعشرين صفحة تحدّثت عن نسف الوكالة اليهوديّة، وأحوال البلاد الداخليّة قبل لحظة الحرب، وبدء تأسيس التنظيم السرّيّ. وسيُشار إليه لاحقًا اختصارًا بدفتر رقم 7. ودوّن الريماوي الحديث عن استشهاد الحسيني وأثره في دفترين؛ الأوّل بعنوان «استشهاده»، في تسع وعشرين صفحة، وسيُشار إليه لاحقًا اختصارًا بدفتر رقم 8. والثاني تحدّث في خمس عشرة صفحة عن أثر استشهاده، وعن معركة باب الواد الّتي قادها الريماوي في شهر أيّار (مايو) 1948، وسيُشار إلى هذا الدفتر اختصارًا بدفتر رقم 9. وكان الدفتر الأخير من عشرين صفحة، تحدّث فيه الريماوي عن علاقات عبد القادر الحسيني بـ «اللجنة العسكريّة العربيّة العليا»، وبـ «جيش الإنقاذ»، وقائده فوزي القاوقجي، وسيُشار إليه اختصارًا بدفتر رقم 10.

أمّا المحور الأخير من عموم الكتاب فقد خصّصه الريماوي لمدح الحسيني، مبتدئًا النصّ بلازمة ستتكرّر في معظم فقراته، "سمعت فعرفت فآمنت". والنصّ لا يعدو أن يكون خاطرة مديح عامّة في الحسيني، ولعدم علاقته المباشرة بموضوع الكتاب استُثْنِي من التحقيق.

[28] "معالي الدكتور قاسم بن محمّد الريماوي"، ص 27؛ العودات، ص 225.

[29] Qasim Mohamed Al-Rimawi, "The Role of the Social Worker in Industrial Community Development in Egypt," Master Dissertation, Columbia University, New York, 1954.

[30] Qasim Mohamed Al-Rimawi, "Education and the Challenge of Industrialization in Egypt: a Report of a Type B Project," PHD. Dissertation, Columbia University, New York, 1956. 718 pages.

ونُشِرت في بيروت: Qasim Mohamed Al-Rimawi, The challenge of industrialization, Egypt, (Beirut: United Publishers, 1974).

[31] جون باغوت غلوب (1897-1986): وُلِد في بريستون - لانكشير. التحق بالجيش البريطانيّ، وخدم في الحرب العالميّة الأولى، وأُصيب فيها في فكّه، فلُقِّب لاحقًا ’أبو حنيك‘. التحق بقوّات المستعمر البريطانيّ في العراق في عام 1920. ثمّ التحق بالفيلق العربيّ في عام 1930، وأسّس قوّات البادية وقادها. خلال حرب 1947-1949، كان غلوب قائدًا للجيش العربيّ الأردنيّ، وأحد أبرز صنّاع الإستراتيجيّة العسكريّة للجيش، وحُمِّل مسؤوليّة الهزيمة الأردنيّة في الحرب، خاصّة بعد سقوط اللدّ والرملة. عُزِل من منصبه بعد قرار الملك حسين بن طلال بتعريب الجيش العربيّ، في آذار (مارس) 1956.

[32] سليمان النابلسي (1908-1976): وُلِد في السلط، وحصل على درجة البكالوريوس في العلوم من «الجامعة الأمريكيّة» في بيروت. شغل مناصب حكوميّة عدّة منذ عام 1933. كان خلال اللحظات الأولى من حرب 1947-1949 وزيرًا للماليّة والاقتصاد (شباط (فبراير) – كانون الأوّل (ديسمبر) 1947). شغل عضويّة مجلس النوّاب، ومن ثَمّ مجلس الأعيان. وكان الأمين العامّ لـ «الحزب الوطنيّ الاشتراكيّ الأردنيّ». شغل رئاسة وزراء حكومة الأغلبيّة النيابيّة المنتخبة في تشرين الأوّل (أكتوبر) 1956.

 


 

بلال شلش

 

 

 

باحث في تاريخ المقاومة الفلسطينيّة المسلّحة، وطالب في برنامج دكتوراه العلوم الاجتماعيّة في «جامعة بير زيت».

 

 

التعليقات