22/11/2020 - 17:56

سلام كواكبي: العلمانيّة في فرنسا جرى تديينها

سلام كواكبي: العلمانيّة في فرنسا جرى تديينها

سلام كواكبي

خاصّ فُسْحَة - ثقافيّة فلسطينيّة

* السياسيّون الفرنسيّون، وعلى رأسهم ماكرون، يتدخّلون في الشؤون الدينيّة بما يخالف القانون.

* في الكثير من الدول الأوروبّيّة، صار الانتماء لليمين المتطرّف مدعاة إلى الفخر.

* نحن بحاجة إلى قراءة ما كتبه مفكّرون فرنسيّون عظماء عن المسلمين لفهم أنفسنا.

* على المسلمين الفرنسيّين التخلّي عن أداء دور الضحيّة دائمًا، والانهماك في الشأن العامّ.

* سياسات الحكومة الفرنسيّة، تحديدًا في الضواحي، الصانع المركزيّ «للانعزاليّة» والتطرّف.

* الإسلاموفوبيا في فرنسا موجودة في بعض الدوائر وليس عند المجتمع بعامّة.

* الإسلاموفوبيا الإراديّة تختلف عن الجهل الّذي يمكن التعامل معه من خلال التوعية والنقاش.

 

منذ أن قُطع رأس أستاذ التاريخ الفرنسيّ، صامويل باتي، الّذي عرض رسومات كاريكاتيريّة للنبيّ محمّد على بعض طلّابه، أصبح من العسير البحث عن أصوات عارفة ودارسة لتفيد غير العارفين بقضيّة مسلمي فرنسا وكيفيّة قراءة أبعادها السياسيّة والاجتماعيّة، الّتي تبدو أكثر عمقًا وتعقيدًا من أن تُحْصَر في الجانب الدينيّ الّذي يبدو عليه ظاهر الأمور. ذهبت تمثيلات الغضب نحو اتّجاهات أضاعت ركيزة هذه القراءة، من لافتات تنادي «بفتح باريس»، وتضع صور ماكرون على حاويات القمامة، حتّى مواقف مجموعة واسعة من العلمانيّين العرب، الّذين نزعوا مسألة حرّيّة التعبير من سياق القضيّة السياسيّ والتاريخيّ والاجتماعيّ العميق، سياق جعل علاقة مسلمي فرنسا بالسلطة علاقة معقّدة، وتحتاج إلى دراسة وفهم بعيد عن شعبويّة وسائل الإعلام الّتي يغذّيها التطرّف واليمينيّة.

أحد هذه الأصوات العارفة والدارسة صوت الكاتب والباحث الأكاديميّ سلام كواكبي، مدير «المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات» - فرع باريس، الّذي كان لنا في فُسْحَة – ثقافيّة فلسطينيّة هذا الحوار المطوّل معه، لرسم صورة ذات صفة شموليّة في الحديث عن المسلمين في فرنسا، وجدليّة العلاقة بالنظام السياسيّ هناك، وإرث الاستعمار المجرور إلى الحاضر.

 

فُسْحَة: لم تأتِ الأحداث الأخيرة من فراغ، بل على أرض خصبة تمهّد لها السياسة أيضًا. كيف تقرأ مخطّطات الحكومة المعلنة وغير المعلنة؟ ماذا تريد الإدارة الفرنسيّة في النهاية؟

سلام: أظنّ أنّ الحكومات المتعاقبة في فرنسا، ومنذ أن انتهى العهد الاستعماريّ الّذي كانت فرنسا أحد أبطاله الأساسيّين في شمال أفريقيا وجنوب الصحراء وبعض دول الشرق الأوسط، لا تعرف ماذا تريد بالضبط في هذا الملفّ تحديدًا. لاحظي أنّ الوضع في فرنسا متمايز جدًّا عن بقيّة الدول الأوروبّيّة؛ فهي لا تقود اتّجاهًا فكريًّا معيّنًا في الفكر الغربيّ، بل على العكس، تتساءل الصحف الأوروبّيّة بلهجة ساخرة حول المواقف الّتي اتّخذتها الدولة الفرنسيّة في الفترة الأخيرة. ثمّ إنّ هذه المواقف ليست بجديدة، أي أنّها ليست مرتبطة بالحقبة الماكرونيّة. تُفَسَّر هذه المواقف لدى البعض على أنّها سعي من طرف ماكرون لاستقطاب أصوات اليمين المتطرّف، في الانتخابات الرئاسيّة القادمة بعد سنتين. قد يكون ذلك أحد العوامل المشكّلة لهذه المواقف، لكنّه ليس العامل الرئيسيّ. ثمّة تقاطع للكثير من العوامل، منها طبعًا السعي إلى سرقة أصوات من اليمين المتطرّف؛ لأنّ الأخير كان في صعود متزايد منذ موجة الهجرة عام 2015، ثمّ صعد بشكل قويّ جدًّا مع صعود ترامب إلى الحكم، حتّى تحوّل إلى المنافس الوحيد في الانتخابات الرئاسيّة، بعد انهيار اليسار الأوروبّيّ وعجزه عن التحالف بين قواه المختلفة، فبقي الليبراليّون ويمين الوسط، ممثّلين بالحكومة الماكرونيّة، واليمين المتطرّف ممثّلًا بالتجمّع الوطنيّ. في السابق كان الناس يُخفون انتماءهم إلى اليمين المتطرّف في الكثير من الدول الأوروبّيّة، أمّا الآن فقد صار مدعاة إلى الفخر، وصار التصريح به علنًا واسع الانتشار. أمّا العوامل الأخرى فترتبط بالإرث الاستعماريّ الفرنسيّ، وعلاقة فرنسا بالإسلام، كما بفشل السياسات العامّة. نحن نعرف أنّ قانون العلمانيّة وُضع عام 1905 تجاه الكنيسة، كانت أعداد المسلمين في فرنسا لا تُذكر، لقد عرفت فرنسا المسلمين في مستعمراتها، وكانت شؤون الدين الإسلاميّ تُدار مركزيًّا في باريس. تُشير التقديرات إلى بلوغ عدد المسلمين سبعة ملايين في الأقصى، ولا يمكن أن يكون الرقم دقيقًا؛ لأنّ الإحصاء، بناءً على الانتماء الدينيّ، غير مسموح قانونيًّا في فرنسا.

 

فُسْحَة: لماذا - في رأيك - تُصرّ الحكومة الفرنسيّة على الربط بين الممارسة الدينيّة والتمثيلات الشكليّة للدين، وبين ما تسمّيه الإدارة الفرنسيّة «الأزمة الاجتماعيّة السياسيّة» الّتي تدّعي أنّ الإسلام يعيشها، بل يهدّد فيها الكيان الفرنسيّ؟

سلام: كنت سأصل إلى هذه النقطة عبر ذكر العامل الثالث، وهو مدرسة الاستشراق الفرنسيّة الّتي تعود إلى حملة نابليون في مصر. أنا أحذّر من الوقوع في فخّ شيطنة الاستشراق كما وصلت إليه بعض الكتابات. أنا أنظر إلى الاستشراق بجوانبه الإيجابيّة وتلك السلبيّة، لكنّ الجانب السلبيّ هو ما يهيمن على توجيه الفكر السياسيّ والفكر الإداريّ الفرنسيّ، حاليًّا على الأقلّ، وذلك من خلال النظر إلى أيّ ممارسة في الإسلام على أنّها شبهة. أعطيكِ مثالًا جاء على لسان أحد الوزراء، قال فيه إنّ مَنْ يصلّي خمس مرّات في اليوم ينبغي إدراجه في لائحة المشبوهين. لقد وصلنا إلى درجة تطرّف مخيفة في الخطاب؛ مَنْ يرفض أن يصافح امرأة مشبوه أيضًا. بهذا المنطق، وفي زمن جائحة كورونا، سيتوجّب على الحكومة أن تضع الجميع في لوائح الاشتباه. هذه الأمور تدلّل على تحالف موضوعيّ بين التطرّف الدينيّ وهذه الطريقة في النظر إلى الإسلام. عندما يخرج نوّاب ويحتجّون على وجود حجاب خاصّ للمسلمات اللاتي يمارسن الرياضة، ويطلبون سحبه من البيع فيُسْحَب فعلًا، هم بهذا يلتقون فكريًّا مع «داعش» الّذي يرى أنّ خروج المرأة من عتبة البيت محرّم. عندما تحارب الحكومة الفرنسيّة المرأة المحجّبة، تتلاقى بشكل لاإراديّ مع إرادة المتطرّفين الدينيّين و«داعش» الّذي يرى في المنزل مكان المرأة الوحيد. ينطبق الأمر على ما يسمّى بـ «البوركيني» (لباس السباحة الشرعيّ) الّذي أثار جدلًا واسعًا في فرنسا. ثمّة تطرّف لا شكّ في وضوحه، لكنْ ثمّة في المقابل دَفْعٌ باتّجاه هذا التطرّف؛ فحين يجد المسلم نفسه محاربًا أو مُنَمَّطًا في لباسه وممارساته، سيدفعه ذلك في اتّجاه التقوقع أكثر والتطرّف، وقد يبحث عن هويّة أخرى. وبالمناسبة، بعد الحديث عن قضيّة الحجاب، ازداد عدد المحجّبات في فرنسا بنسب كبيرة كردّ فعل، وتمثّل بالبحث عن هويّة، بعضهنّ وَضَعْنه شكلًا من أشكال التحدّي لا نتيجة لقناعتهنّ الدينيّة.

 

فُسْحَة: هل تقصد أنّ السياسة الفرنسيّة الآن لا تختلف، بحلّها لجمعيّة هنا وإغلاقها لمسجد هناك، بوصفها سلطة أيديولوجيّة عن الدين بوصفه أيديولوجيا؟ بأيّ مصطلحات يمكن أن نستعين حتّى نصِف هذا الموقف السياسيّ؟

سلام: للأسف، أصبحت العلمانيّة الّتي أدعو إليها ويدعو إليها الكثير من المثقّفين العرب، أصبحت لدى بعض الفرنسيّين دينًا، ولكلّ دين أيديولوجيا وتطرّف. العلمانيّة الفرنسيّة تتّصف بأنّها حادّة؛ فقانون العلمانيّة الفرنسيّ يقول في نصّه بحياديّة الدولة تجاه الأديان، وعدم تدخّل الدولة في الدين، والعكس. إلّا أنّ ما يقوم به السياسيّون الفرنسيّون الآن هو تدخّل في الشؤون الدينيّة. يقول ماكرون إنّ الإسلام يعيش أزمة، لكنّها جملة قد يقولها مفكّر أو أكاديميّ، أمّا الإشارة إلى ذلك، وفي هذا التوقيت، فهي ليست من وظيفة سياسيّ. أنا لا أقصد أن أقول بعدم وجود إشكالات ترتبط بالمسألة الدينيّة فكرًا وتطبيقًا، بل أعتقد بوجودها وبحاجتها إلى مراجعة واجتهاد، لكن ما أقصده أنّ هذا الحديث من قِبَل سياسيّ في هذا الشأن خرقٌ لقانون العلمانيّة نفسه. أمّا مسألة إغلاق المساجد والجمعيّات، فالقانون يسمح بإغلاق الأماكن الّتي تدعو إلى العنف أو الإرهاب. لقد أُغْلِق مسجد لمدّة ستّة أشهر؛ لأنّ أحد مسؤوليه نشر على موقع المسجد ما اعْتُبِرَ أنّه تحريض على العنف، وعوضًا عن معاقبته شخصيًّا، عوقب المصلّون في المنطقة عبر إغلاق المسجد. هذه عقوبة جماعيّة لا تتوافق مع روح الليبراليّة، والثورة، والديمقراطيّة الفرنسيّة، وحرّيّة التعبير الّتي كثر تناولها مؤخّرًا. كذلك الأمر في ما يتعلّق بإغلاق بعض الجمعيّات، لمجرّد الشبهة بأنّها تدافع عن مواقف عنفيّة أو تدعو إليها، ويكون المتّهم بذلك شخصًا من أعضائها. يأتي ذلك شكلًا من أشكال ردّ الفعل غير المستند إلى قرارات مدروسة. تشعر الدولة بأنّها في حاجة إلى أعمال استعراضيّة تُظْهِر للناس من خلالها بأنّها تقوم بما يجب، من أجل كبح جماح ما تعتقد أنّه مؤيّد للإرهاب. يصل هذا الاستعراض حدّ تصريح من وزير الداخليّة، يرى فيه أنّ الطعام «الحلال» في الحوانيت جزء من تطييف المجتمع... في المقابل، نجد أنّ ماكرون استخدم في مقابلته مع «قناة الجزيرة»، الّتي روّجتها الصحافة العربيّة بوصفها اعتذارًا، استخدم مصطلحات صحيحة. يظنّ السامع أنّ مَنْ وضع الخطاب هو مفكّر وليس سياسيًّا، وهو ما يُظهر الفجوة الهائلة بينه وبين خطاب وزرائه. ولعلّ ذلك يدلّل على طبيعة شخصيّته، الّتي يفضّل دائمًا أن تظلّ على بُعْد فكريّ ممّن هم تحت إمرته. وقد يكون توزيع الأدوار هذا مقصودًا. ثمّة بالمناسبة ما هو جدير بالإشارة للقرّاء العرب، أنّ ماكرون توجّه في خطابه في «السوربون» قائلًا إنّه سيستمرّ في دعم الكاريكاتير وكلّ أشكال التعبير... لم يقل سأستمرّ في دعم الكاريكاتير الّذي يُسيء إلى النبيّ محمّد. الاستنتاج الآخر يُتَرْجَم جهلًا أو سوء طويّة من بعض المعلّقين العرب، محاولين استخدام هذه الإضافة كالنار في الهشيم، وهم يعون تبعاتها وأثرها في الناس جيّدًا. ربّما أخطأ ماكرون بأنّه أعاد استخدام كلمة الكاريكاتير؛ لأنّها ارتبطت الآن بأذهان الناس في تلك الّتي مسّت بالنبيّ فقط.

 

فُسْحَة: نعود إلى مسألة إرث الاستعمار، هل بالإمكان تخيّل هذه العقليّة آنذاك باختلاف أدوات التعبير؟ كيف يختلف إرث الاستشراق الغربيّ في فرنسا عن تيّار الاستشراق الحديث الّذي نراه في واجهة الحديث الإعلاميّ؟

سلام: الاستشراق التقليديّ الّذي يعامل المسلم شخصًا غريب الأطوار والشكل، هو المهيمن على عقليّة اليمين المتطرّف، ونلحظ أنّه بدأ ينتشر عند أطراف سياسيّة أخرى. من جهة أخرى، لدى فرنسا مفكّرون عظماء درسوا الإسلام بشكل عميق، وتوسّعوا في الكتابة عن المجتمعات العربيّة وتاريخها. ونحن الباحثين نحتاج أحيانًا إلى اللجوء إلى ما كتبه الباحثون الفرنسيّون خاصّة، من أجل التعمّق في فهم مجتمعاتنا. ذلك لا ينفي وجود مَنْ يكتب بحثًا عن سلطة ما، أو تَقَرَّب من السلطة أو البروز، مثل «مدرسة جيل كيبيل» مثلًا، فهي تضمّ مستشرقين وباحثين في العلوم الاجتماعيّة، يسعون إلى إنتاج أبحاث تروق السياسات الحكوميّة. برنار روجييه الّذي كتب عن الضواحي معتبرًا إيّاها بؤرًا للانعزاليّة خارج إطار الجمهوريّة، دون التعمّق في البحث، أحد الّذين اخترعوا مصطلح «الانفصاليّة الإسلاميّة»؛ فهذه العبارة بالتأكيد ليست من بنات أفكار ماكرون. هؤلاء المستشرقون التقليديّون هم المهيمنون حاليًّا على التأثير بالقرار الرسميّ. في الحديث عن الدولة العلمانيّة الفرنسيّة، يجب ألّا ننسى أنّ فرنسا هي الّتي أنشأت النظام الطائفيّ في لبنان. إذن، فاستخدام الدين في إدارة الشأن الخارجيّ لا علاقة له بالعلمانيّة. كان العثمانيّون متّهمين باستخدام الملفّ الطائفيّ للتأثير والسيطرة، لكنّ الفرنسيّين لم يفعلوا شيئًا مغايرًا، بل رسّخوه مثلًا في لبنان ووضعوا له ميثاقًا. وفي النهاية، يجب التنويه إلى نقطة سلبيّة صارت طاغية في توجيه العقل الغربيّ عمومًا والفرنسيّ بخاصّة في ما يخصّ بلاد الجنوب، ولا سيّما الإسلاميّة منها، الّتي تكاد تجزم بعدم قابليّة الإسلام للممارسة الديمقراطيّة، وهذا يمكن أن يُفَسِّر جزئيًّا وقوف باريس إلى جانب أنظمة استبداديّة تدّعي محاربة التطرّف والإرهاب، وتؤدّي دور شرطيّ حدود أوروبّا الجنوبيّة ضدّ الهجرة. ومن نتائج ممارسات هذه الأنظمة القمعيّة تعزيز التطرّف وتوفير أسباب للإرهاب على المديَيْن المتوسّط والطويل. ولنا في موقف باريس من الجنرالين السيسي وحفتر أدقّ مثال. إضافة إلى بُعْد تجاريّ يتمثّل في بيع الأسلحة الّتي تستخدمها أنظمة مستبدّة، إمّا في قمع شعوبها وإمّا في محاربة شعوب أخرى.

 

فُسْحَة: وهل تعزو السياسةَ المنتهجة ضدّهم إلى أنّ الحكومة الفرنسيّة حكومة تحمل فكرًا يمينيًّا؟ أم أنّ إرث التاريخ والهوّة التاريخيّة بين الفرنسيّين والمسلمين أعمق من أن يردمها تغيير سياسيّ؟

سلام: الحكومة الحاليّة ليست حكومة يمين عنصريّ، اليمين العنصريّ يتربّص كي يصل إلى الحكم. ثمّة حكم يدّعي أنّه يمين وسطيّ أو ليبراليّ، لكنّه يحابي في جزء من خطابه - وخاصّة في الفترة الحاليّة - المتطرّفين. ولقد وجدنا في الفترة الأخيرة أنّ معظم أحزاب اليسار عزف نفس المعزوفة، ودخل على خطّ الحكومة. وأعتقد أنّ ذلك لن يتغيّر عبر إحداث تغيير سياسيّ، بل عبر مراجعات فكريّة متبادلة ومتقاطعة بين كلّ الفرنسيّين، عدا المتطرّفين منهم. ثمّ إنّه على المسلمين الفرنسيّين التخلّي عن أداء دور الضحيّة دائمًا، والسعي إلى أن يجدوا لهم موقعًا تحت الشمس، من خلال الانخراط في العمل العامّ المتاح وفق القوانين بصفتهم مواطنين كاملي الحقوق.   

 

فُسْحَة: في الحديث عن المجتمع الفرنسيّ، قلتَ مرّة إنّ المجتمع الفرنسيّ يتحمّل مسؤوليّة أنّه يستهلك ما يعطيه الإعلام، ومن جهة ثانية تُحَمِّل المسلمين مسؤوليّة نشر الوعي في المجتمع الفرنسيّ. هل فعلًا تتحمّل المجتمعات وزر ثمار ما تبنيه وتخطّط له حكومات بكلّ منظوماتها القويّة؟

سلام: أنا لا أحمّل المجتمعات، بل السياسات العامّة. لا أعتقد أنّ مجتمعًا بأكمله يتحمّل مسؤوليّة أيّ قضيّة. ربّما قصدت أنّه ينبغي لمسلمي فرنسا مراجعة دورهم ومواطنيّتهم ومواجهة تطرّف بعض الأفراد والجماعات منهم، دون مبادرة من الدولة. ثمّة بعض الممارسات - وأنا لا أعمّم طبعًا - غير مقبول في أيّ مكان في العالم؛ مثلًا، أن يذهب شخص مع زوجته إلى المشفى الحكوميّ، ويفرض عليهم أن تعالج طبيبة أنثى زوجته. إن أراد أن يفرض شروطه فبإمكانه التوجّه إلى مشفًى خاصّ. وهذا التصرّف كما سواه يعطي صورة مرضيّة لتوجّهات العقليّة الذكوريّة لمثل هؤلاء. وقد تكون هذه حالة نادرة، لكنّ الإعلام سيعمّمها على جميع المسلمين. على الرغم من أنّ دراسات عمليّة أشارت إلى أنّ أكثر من 80% من مسلمي فرنسا مندمجون تمامًا، وليس لديهم إشكاليّة في العبادة والعلاقة بالآخر أو نزوع إلى التطرّف.

 

فُسْحَة: السؤال، ما نسبة مَنْ يشعرون منهم بأنّهم مسلمون؟ هذا يقودني أيضًا إلى سؤالك عن الهويّة الفرنسيّة، وهل من مكوّن جوهريّ فيها يجعلها قادرة على احتواء الأقلّيّات؟

سلام: لنكن منصفين، فأنا مواطن فرنسيّ منذ سنوات طويلة، ولم أواجه تمييزًا عنصريًّا منذ 18 عامًا. العنصريّة غير مسيطرة على الفرنسيّين، ثمّة عنصريّون بالطبع، ولكن فرنسا ليست عنصريّة. ولفهم كثير من التناقضات الّتي تدفع أحيانًا إلى ترجمة بعض الظواهر فقط اجتماعيًّا، نعود إلى المسألة الاقتصاديّة الّتي هي أساس حقيقيّ لفتح نقاش أوسع. من الملاحظ أنّ الوضع الاقتصاديّ للكثير من المسلمين الفرنسيّين، نتيجة فشل السياسات العامّة وتناقض بعضها الآخر، كما التهميش في الدراسة والإقصاء في بعض حقول العمل، ويُضاف إلى ذلك كلّه البُعْد الجغرافيّ الحضريّ للضواحي الّتي تضمّ أغلبهم، كلّها وسواها عوامل تؤدّي إلى خلق شعور لديهم بالاضطهاد، وهو ليس اضطهادًا عرقيًّا أو دينيًّا، بل هو قائم على أسس اقتصاديّة. وكلّ الخطوات الّتي قامت للوصول إلى حلّ قوبلت بِتَعَنُّت حكوميّ، أو رفض بيروقراطيّ، كما خطّة الوزير السابق بورلو لإنعاش الضواحي وتجاوُز العنف في بعضها.

في عيد رأس السنة، بعض شبّان الضواحي يذهبون إلى وسط باريس، ويقومون بأعمال شغب متنوّعة، وهذا ليس شغبًا لأجل الشغب، وليس عبارة عن سلوك متهوّر وحسب، بل هي ردود فعل لم تنجح الحكومات بجميع اتّجاهاتها في إيجاد حلول لها من خلال تغيير السياسات العامّة. يُضاف إلى ذلك مسألة الانتماء؛ فالكثير منهم لا يشعرون بانتماء إلى أيّ شيء. ثمّة شباب ينتمون إلى مدخل العمارة الّتي يقضون جلّ النهار فيها دون عمل، فَهُم لا ينتمون حتّى إلى المجتمع المحيط أو إلى الحيّ، إضافة إلى العزوف عن الانخراط في أيّ عمل مدنيّ أو سياسيّ. فعلى الرغم من أنّ الأغلبيّة مواطنون فرنسيّون، لكنّهم ما زالوا متأثّرين بثقافة أجدادهم القادمة معهم من بلادهم، الّتي لا تتمتّع بأيّ هامش حرّيّة للعمل العامّ. يُضاف إلى ذلك فقدان الأمل في أن يؤدّي هذا الانخراط إلى تغيير يُذْكَر. في هذا الإطار، أستعيد ما طلبه شقيق جورج فلويد، الأسود الأمريكيّ الّذي قتله شرطيّ، عندما توجّه إلى المحتجّين قائلًا: "لا تكسروا المحلّات وتحرقوا السيّارات، صوّتوا!". وهذه المقولة تصحّ في كلّ مكان في العالم. أنا شخصيًّا صوّتُّ لأوّل مرّة في حياتي في سنّ الأربعين بعد تجنّسي، فكما تعلمين لا يوجد انتخابات في سوريا، ومن الملاحظ أنّ نسبة التصويت في الضواحي منخفضة جدًّا.

 

فُسْحَة: هل تقصد بذلك أنّ الطرفين يغذّيان ما يُسَمّى بـ «الانعزاليّة»؟ كيف تغذّيها الإدارة الفرنسيّة؟ هلّا تُعْطينا أمثلة ترتبط بما هو اقتصاديّ وتربويّ واجتماعيّ.

سلام: إن أتينا على ذكر التنظيم الحضريّ وهندسة المدن، فالضواحي بعيدة عن المركز ووسائل الترفيه والثقافة وإمكانيّات التفاعل الفعليّ مع باقي المجتمع. يُضاف إلى البُعْد الجغرافيّ الّذي تغذّيه وسائل مواصلات متراجعة الفعاليّة، تعاني معظم المدارس الحكوميّة في الضواحي من النقص في الإمكانات التعليميّة والخدميّة والترفيهيّة الحديثة، الّتي توجد في مدارس المدينة. ربّما يقول البعض إنّ طلّاب مدارس الضواحي هم مَنْ يخرّبون ممتلكاتها، لكن أين عمليّة التوعية والتنبيه؟ ثمّة سياسات عامّة تسعى إلى تحقيق ظروف تعليم متساوية للجميع، وهو ما يُسَمّى في فرنسا بـ «المدرسة الجمهوريّة»، لكنّ ذلك غير مُحَقَّق في الكثير من الضواحي.

ثمّة جانب يستحقّ التنبيه إليه، وهو ظاهرة من أُسَمّيهم «عرب الخدمة»؛ وهم أشخاص مسلمون أو عرب، يمارسون العنصريّة تجاه أبناء جلدتهم. بعض الأسماء تظهر عند اليمين المتطرّف، وهذا الأخير يختبئ وراءها ويستخدمها في وسائل الإعلام، ليُظْهِر وجود مَنْ هو مسلم وعنصريّ أكثر منه. وصار بعض الإعلام يبحث عنهم ليعطي مصداقيّة لخطاب عنصريّ. وربّما يحلو للبعض أن يكون «المسلم الجيّد» هو مَنْ ينتقد أبناء جلدته في كلّ المناسبات، ويجد العلّة فيهم وحدهم، ويُسَخِّف الأمور ويتحدّث بلغة تغازل الخطاب السائد، ومَنْ غيره فَهُم حتمًا متطرّفون.   

 

فُسْحَة: وما قصّة سَنّ قانون متعلّق بالمسلمين؟ هل من ملامح واضحة لماهيّته؟

سلام: كان اسم القانون المزمع طرحه على البرلمان بداية الشهر المقبل «مواجهة الانفصاليّة الإسلاميّة»، لكن عُدِلَ عن ذلك بالميل نحو تسميته «قانون تمتين العلمانيّة والحفاظ على مبادئ الجمهوريّة». مُرَوِّجوه يدّعون أنّه غير موجّه إلى المسلمين، بل لكلّ مَنْ يحاول أن يُنْشِئ مجتمعًا داخل المجتمع الفرنسيّ منفصلًا عن مبادئ الجمهوريّة، وهذه الخطوة جزء من سياسة ردّ الفعل؛ لأنّ المكتبة القانونيّة الفرنسيّة متكاملة، ولا حاجة إلى أيّ قانون إضافيّ، ويُخْشى أن يُسْهِم هذا القانون الجديد في تنميط مجموعة دينيّة دون غيرها. في المقابل، من حسن الحظّ، فثمّة مجلس دستوريّ ومجلس الدولة، وغالبًا ما تُنْقَض هذه القوانين «الاستثنائيّة»، إن وُجِدَت فيها ثغرات لا تتوافق مع دولة القانون. في فرنسا مشاكل اقتصاديّة وصحّيّة حادّة، ويُعْتَبَر التركيز على موضوع كهذا بهذه الشدّة جزءًا من السعي إلى تغييب المشاكل الأساسيّة عن المشهد العامّ.

 

فُسْحَة: كيف ترى إلى الإسلاموفوبيا في أوروبّا، وفي فرنسا تحديدًا؟ كيف يمكن ظاهرةً، لا تبعد عن أن تكون مشروعًا سياسيًّا، أن تُصيب مجتمعًا في عمقه النفسيّ؟ هل تعتقد أنّ المجتمعات أصبحت ذات جهوزيّة لحمل الكراهية؟

سلام: ربّما لا أتّفق معكِ بأنّ لدى الإنسان جهوزيّة. الإسلاموفوبيا في فرنسا موجودة في بعض الدوائر وليس عند المجتمع بعامّة. ما بإمكانه وصف الحالة العامّة هو الجهل بالآخر. أيّ جهل في نهاية المطاف مدعاة إلى الحذر والتوجّس. الكتاب الأوّل الّذي تناول الإسلاموفوبيا كُتِبَ في فرنسا في عام 2003، والآن أصبح استخدام الكلمة غير مقبول؛ لاعتبار الخطاب الرسميّ أنّها تشكّل حجّة للإسلاميّين للاختفاء خلفها وتبرير الإرهاب والعنف. حتّى أنّ مصطلح «الإسلاميّون اليساريّون» الّذي ابتكره اليمين المتطرّف أصبح متداولًا عند جميع الأحزاب السياسيّة، ويتّهِم في ضوئه الباحثين في علم الاجتماع الّذين يتناولون قضيّة المسلمين بأنّهم إسلاميّون يساريّون. وبهذا؛ أصبح الاصطلاح هذا تهمة يتلقّفها الساسة والوزراء. الإسلاموفوبيا الإراديّة تختلف عن الجهل الّذي يمكن التعامل معه من خلال التوعية والنقاش. يمكنني القول إنّ الإسلاموفوبيا ليست موجودة في القانون كما في مجمل الإدارة العامّة، لكنّها تكون بنسب متفاوتة في بعض الإجراءات وفي الكثير من الخطاب الإعلاميّ، وحديثًا صار بعض السياسيّين يدمجون تعابيرها في خطابهم لغايات شعبويّة. حتّى الآن ثمّة خلط في المفاهيم، في الخطاب الرسميّ والاستشراقيّ التقليديّ، بين «الإسلاميّ» و«الإسلامويّ» و«المسلم» و«المتديّن» و«المتطرّف». منذ سنة خرجت مظاهرة ضدّ الإسلاموفوبيا، وشاركت فيها النقابات وبعض اليسار وشخصيّات ثقافيّة، وقد كان شعارها أنّ المسلمين الفرنسيّين فخورون بأنّهم مسلمون وفرنسيّون، وهم ينتمون إلى الجمهوريّة ويتبنّون مبادئها، وعوضًا عن أن يُنْظَر إيجابيًّا إلى هذه المبادرة، صار يُعْتَبَر الآن كلّ مَنْ خرج فيها داعمًا أو مبرّرًا للإرهاب الإسلاميّ. إذن، ثمّة انحراف واضح.

 

فُسْحَة: ربّما ظهر انحراف وخلط في المصطلحات عند العرب والمسلمين أيضًا. كيف تقرأ ردود الفعل الشعبيّة في العالم العربيّ على الأحداث الأخيرة، ولا سيّما مواقف بعض العلمانيّين الّتي وقعت في فخاخ الدفاع عن العلمانيّة، على حساب الدفاع عن الأقلّيّات المسلمة كأيّ أقلّيّة يمكن أن تواجه قمعًا سياسيًّا واجتماعيًّا يمسّ حقوقها الأساسيّة؟

سلام: تكمن المشكلة في رفض العقل. نحن كثيرًا ما نرفض إعمال العقل رغم مخزوننا الثقافيّ، فنأخذ الأمور من جوانبها العاطفيّة. أقول نحن النخب، فما بالك بعامّة الناس؟ لقد جرى تحريف لكلام ماكرون سعيًا إلى الاستغلال السياسيّ، وأنا لا أدافع عنه، فكلّ ما قلته في هذه المقابلة كلام نقديّ تجاه سياساته. لا يمكن حصر أسباب خروج بعض المسلمين إلى الشوارع احتجاجًا بموقف دينيّ بحت، وإن كان الأمر ينطلق من غيرة وحرص على الإسلام والمسلمين، فأين ردود الفعل تجاه ما يتعرّض له مسلمون في كثير من الدول قتلًا وتهجيرًا واعتقالًا؟ أمّا الخروج بسبب الكاريكاتير، والدعوة أحيانًا إلى القصاص العنفيّ، فأنا أقول إنّ الدين والرسول ليسا في حاجة إلى الغوغاء لتدافع عنهما، هما وأثرهما الأخلاقيّ والاجتماعيّ والفكريّ في غِنًى عن هذا الأسلوب من الدفاع. كان رسول الله يتعامل مع السخرية بسخرية مقابلة أو حتّى بالصمت. غدا الكاريكاتير الحقيقيّ في ردود الفعل، كفتح باريس وغيرها من الردود الّتي تسخّف المسألة وتسيء إلى الدين، أكثر كثيرًا من الرسوم في رأيي، عدا أنّ كثيرًا من الدول استغلّت المسألة سياسيًّا.

 

فُسْحَة: أريد أن أسألك عن هذا الاستغلال في سياق سياسة تركيا، وعن «تمثيل المسلمين» الّذي يمارسه أردوغان. كيف يمكن ادّعاء تمثيل هذا العدد من الأعراق والألسن أن يصحّ؟ أتظنّ أنّه يلجأ إليه لتحقيق مكتسبات سياسيّة، أم لأنّ ذلك جزء من تكوينه الهويّاتيّ؟

سلام: الملفّ يُسْتَغَلّ سياسيًّا من قِبَل العديد من الدول. تأييد محمّد بن زايد - على سبيل المثال - للموقف الفرنسيّ تأييد سياسيّ لا علاقة له بقناعته وتبنّيه للعلمانيّة. كذلك موقف أردوغان، فهو يسعى من خلاله إلى مكسب سياسيّ قائم على قضيّة دينيّة، ضمن مواجهته المستمرّة لماكرون، والممتدّة من مياه المتوسّط الشرقيّة، مرورًا بليبيا ووصولًا إلى كاراباخ.

 

فُسْحَة: على سيرة الحوار، أسألك من موقعك الأكاديميّ والبحثيّ في «المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات»، كيف يمكن أن نستفيد من دراسات وأبحاث جديدة، تنشغل بمسألة المسلمين وعلاقتهم بأوروبّا بشكل عمليّ إصلاحيّ؟

سلام: قبل التطرّق إلى دور «المركز العربيّ»، أشير إلى وجود «المرصد الوطنيّ للعلمانيّة» في فرنسا، الّذي يضمّ شخصيّات سياسيّة وفكريّة محترمة. يتعرّض اليوم هذا المرصد المكلَّف بالسهر على احترام العلمانيّة إلى هجوم عنيف، بسبب قراءته الهادئة والعقلانيّة. إنّ العمل على تفادي التطرّف في أيّ اتّجاه كان يحتاج إلى تعزيز دور العمليّة التربويّة، كما التوعية المجتمعيّة، ومحاولة فهم الأسباب الحقيقيّة للتوجّه الراديكاليّ والعنفيّ. وردود الفعل الهوجاء والصراخ الإعلاميّ لا يمكن أن يكونا مفيدَين. إنّ مسألة الاندماج والتلاقح الثقافيّ والعيش المشترك وقعت ضحيّة مزايدات الطرفين. وعلى النخب الواعية في رأيي أن تدعو إلى حوار قائم على أسس واضحة، يسأل أسئلة الديمقراطيّة وحرّيّة التعبير والعلمانيّة.

نحن في «المركز العربيّ» انطلقنا أساسًا من فكرة ردم الفجوة بين الباحثين العرب والباحثين الغربيّين، ومن أهداف تأسيس المركز في باريس، تعريف الآخر بإنتاجنا الثقافيّ والعلميّ بشكل منفتح ونقديّ وتشاركيّ، ونعتزم حاليًّا وضع خطّة لإطلاق منصّة حوار فكريّ، لا يدور حول المسائل الطارئة والآنيّة، بل حول المفاهيم الأساسيّة والقواسم المشتركة. وسنسعى إلى إطلاق مشروع حضاريّ تشاركيّ منفتح، يهدف إلى تجسير الفجوة في الفهم المتبادل، ويعمل على تقديم العقل. لحسن الحظّ، لدى «المركز العربيّ» شركاء إعلاميّون جادّون سيتيح التعاون معهم طرح الأمور بشكل هادئ، وذلك على عكس السرعة والبحث عن الإثارة الّتي يعمل تحت ضغطها الإعلام الآن. وسنسعى لاحقًا إلى التفاعل مع الجمعيّات المدنيّة الفاعلة، انطلاقًا من القناعة بأنّ الإعلام والمجتمع المدنيّ أساسيّان للمساعدة في إيصال الخطاب، من المستوى الأكاديميّ إلى المجتمعيّ.

 

 

أسماء عزايزة

 

شاعرة وصحافيّة. حاصلة على البكالوريوس في الصحافة والأدب الإنجليزيّ من جامعة حيفا. لها ثلاث مجموعات شعريّة؛ "ليوا" (2010)، و"كما ولدتني اللدّيّة" (2015)، و"لا تصدّقوني إن حدّثتكم عن الحرب" (2019). تشارك في أنطولوجيّات ومهرجانات شعريّة في العالم. تُرجمت قصائدها إلى لغات عدّة. عملت لسنوات في الصحافة المكتوبة وفي التلفزة. تدير حاليًّا "فناء الشعر"، وهي مبادرة مستقلّة أسّستها عام 2017. تكتب في عدد من المنابر العربيّة.

 

 

التعليقات