31/10/2010 - 11:02

أبعد من تزوير المادة 14../ رشاد أبوشاور

أبعد من تزوير المادة 14../ رشاد أبوشاور
محاولة تزوير المادة 14 في النظام الأساس لمنظمة التحرير الفلسطينيّة، هي أخطر من مجرّد تجاوز لمادة من المواد التي تنظّم عمل هيئات المنظمة. إنها استكمال لسرقة ( التمثيل) الفلسطيني، بالهيمنة على مؤسسات المنظمة، وفي ختامها المجلس الوطني الفلسطيني آخر المؤسسات شبه المتماسكة، والتي اشتدّ استهدافها في الفترة الأخيرة من قبل جماعة ( أوسلو).

ماذا يريد الذين يعملون على تجاوز المادة 14؟
إضافة 4 أعضاء للجنة التنفيذيّة، في مواقع الأعضاء الأربعة الذين توفاهم الله.
ولتحقيق هذه الغاية فهم مارسوا ضغوطات على هيئة رئاسة المجلس الوطني، لعقد اجتماع للمجلس في ( رام الله) بمن حضر، لتمرير مأربهم.

تقول المادة 14 ما يلي: إذا شغرت العضويّة في اللجنة التنفيذيّة بين فترات انعقاد المجلس الوطني لأي سبب من الأسباب، تملأ الحالات الشاغرة كما يلي:

"إذا كانت الحالات الشاغرة تقّل عن الثلث يؤجّل ملؤها إلى أوّل انعقاد لمجلس الوطني".

النّص القانوني واضح وحاسم وجازم، لا إضافة لأعضاء جددا إلاّ عند انعقاد دورة جديدة للمجلس الوطني الفلسطيني.
ولكن المزورين الذين يسرقون (تمثيل) الشعب الفلسطيني منذ (أوسلو) مرورا بكّل الاتفاقات والوثائق المشتركة، وبخّاصة ( وثيقة جنيف - بيلين عبدربّه) لا يأبهون بالقوانين، ويضربون عرض الحائط برأي الشعب الفلسطيني فيهم، ولا يصيخون السمع إلاّ لكونداليسا رايس، وشغلهم الشاغل دوام اللقاءات مع أولمرت وليفني.

رئاسة المجلس الوطني - مقرّها في العاصمة الأردنيّة عمّان - تعاملت قانونيّا مع الضغوطات فشكلّت لجنة قانونيّة يرأسها الشيخ محمّد أبوسردانة، والتي اجتمعت عدّة اجتماعات، وكان قرارها بالإجماع، بأنه إذا كانت الحالات الشاغرة تقّل عن الثلث وهو 6 أعضاء، فإنه يؤجّل ملؤها إلى أوّل انعقاد للمجلس الوطني.

لكن المزورين ممثلين بواحد منهم استحوذ على موقع أمين سّر اللجنة التنفيذيّة، وبات يوجّه الرسائل نيابة عنها، وعن رئيسها الذي هو رئيس السلطة كما هو معروف، بدأوا يلتفون على عدم تمكنهم من عقد دورة مزوّرة للمجلس في (رام الله) بعدّة أساليب، منها تسريب خبر عن تعيين صالح رأفت - حزب فدا الذي انشقّ عن الجبهة الديمقراطية، ورأسه في البداية عبد ربّه ثمّ تنازل لرأفت مكتفيا بعضوية اللجنة التنفيذيّة - رئيسا للدائرة العسكريّة، ثمّ بعد صدور ردود فعل من جهات فلسطينيّة فاعلة، نفوا الخبر برخاوة.. وماذا يهّم إذا كان صالح رأفت يحضر اجتماعات اللجنة التنفيذيّة في رام الله!

دائرة عسكريّة!.. ولكن جماعة (أوسلو) يطاردون كّل أنواع العسكر بما فيهم (كتائب الأقصى)، ولا يرتاحون إلاّ لعسكر الجنرالين (دايتون) و(جونز) المشرفين على إعادة بناء أجهزة السلطة!

في عمّان تنادى أعضاء المجلس الوطني المتواجدين في الأردن وعقدوا اجتماعا مطولاً صريحا طرحت فيه الأمور القانونيّة، والخلفيات السياسيّة لكّل ما يجري.
رئيس المجلس كشف للحاضرين بأن (المرسل) من رام الله زاره، وألحّ عليه أن يدعو لعقد جلسة في (رام الله) و.. بمن حضر، لإضافة أربعة أعضاء للجنة التنفيذيّة..بالتصفيق!
هذا ( المرسل) ردّ على رئيس المجلس، وتشبثه برفض التزوير: أبوعمّار كان يزوّر واحنا بدنا نزوّر!

محضر الاجتماع الأوّل الذي عقد بتاريخ 21 آب، دوّنه وعممّه الصحفي شاكر الجوهري، ولذا جاء الاجتماع الثاني الاستكمالي حاشدا، وقد حضرته إلى جانب الأعضاء، شخصيات وطنيّة فلسطينيّة، و..حضره السيّد (أبو اللطف) رئيس الدائرة السياسيّة، أمين سّر اللجنة المركزيّة لحركة فتح، الذي وعد بالعمل على عقد دورة للمجلس يبدأ العمل لإنجازها بعد رمضان، لأن الظروف ناضجة ومناسبة!
في هذا الاجتماع تحدّث عدد من الأعضاء، منهم رئيس المجلس (الزعنون) ونائبه (قبعة)، والشيخ أبوسردانة، وغازي الحسيني ابن القائد عبد القادر الحسيني، و.. أنا!

طرحت شخصيّا ما يلي: ضرورة إنهاء التداخل بين منظمة التحرير الفلسطينيّة و(السلطة). يعني أن يفصل موقع رئيس اللجنة التنفيذيّة عن منصب رئيس السلطة، وكذا اللجنة التنفيذيّة فلا يجوز أن يجمع أي شخص بين عضوية اللجنة التنفيذيّة وأي منصب في السلطة.
أن تفصل مالية المنظمة عن السلطة، وينهى استتباع الصندوق الوطني لمالية السلطة...
أن تعود منظمة التحرير بمؤسساتها وفي مقدمتها المجلس الوطني، مرجعيّة للسلطة، تراقب، وتتابع، وتحاسب.

وتساءلت : كيف يمكن أن يكون رئيس السلطة هو نفسه رئيس اللجنة التنفيذيّة، يعني مرجعيّة نفسه ؟!
طبعا هذا الخلل بدأه الراحل ياسر عرفات الذي جمع المناصب كلّها في شخصه، ثمّ أورثنا هذا الوضع المتردّي الذي نتخبّط فيه، والذي آن لنا أن نتجاوزه قانونيّا ووطنيّا، وإلاّ فإن جماعة ( أوسلو) سيواصلون مسيرتهم التدميريّة، بينما نحن نقف عاجزين عن التصحيح الجذري المطلوب، وشعبنا يستنزف ويتمزّق.

الشعب الفلسطيني بلا مرجعيّة وطنيّة تقوده وتوجهه وتستقوي به، بروحه الكفاحيّة، وبتراثه المقاوم والمنتفض، وبجبروت إرادته التي لا تكّل ولا تمّل.
هو حاليّا يمزّقه طرفان، واحد أخذه في ظلمات اتفاقات أوسلو وأنا بوليس ووعود رايس بوش، وواحد لم ينقذه، ولا يقدّم البديل المقاوم، ولا يتعلّم من الوقائع.

لقد توجهت بأسئلة لأعضاء المجلس : هل هناك أي أمل بالحصول على دولة فلسطينيّة بعد استفحال الاستيطان، وجدار الضّم والنهب والتهجير، وتهويد القدس؟
نحن هنا لسنا متطرفين وها نحن نتفّق على أن مسيرة (أوسلو) أفلست (من الجانب الفلسطيني)، فالعدو كسب الوقت، والأرض، وتفسّيخ صفوفنا، وترهل قياداتنا، وانفضاض التأييد العربي والعالمي لقضيتنا.
هل سيتراجع جماعة ( أوسلو) عن خيارهم، ويعلنون انتهاء هذه المسيرة الفاشلة، وأنه لم يبق أمام الشعب الفلسطيني سوى خيار المقاومة وبكّل وسائلها؟!

الخلاف بيننا وبين جماعة أوسلو بات فراقا نهائيّا، فهم يرددون ليل نهار أن المفاوضات والمفاوضات هي خيارهم! ألم يؤكّد أبو مازن في المؤتمر الصحفي قبل أيام مع كونداليسا رايس على إن المفاوضات لم تكن عبثيّة، وأنهم سيواصلون التفاوض في ظل مجيء إدارة جديدة للبيت البيض!

الأصوات التي ترتفع يوما إثر يوم مطالبة بالتحضير لعقد مجلس وطني فلسطيني، ينتخب قيادة فلسطينيّة جديدة تمثّل الشعب الفلسطيني، وتحمل خياراته الوطنيّة بهمم تليق بالقضية وتراث شعبنا العظيم، قيادة تنهي مرحلة الخراب والفساد والانقسام، قيادة مقاومة تضع كّل الأطراف أمام خيار يدير الظهر المفاوضات، وحقبة السلطة بين الطرفين المتصارعين عليها، الذين الحقا بشعبنا وقضيتنا أفدح الخسارات...

التعليقات