21/10/2011 - 02:29

جائعون للحرية؛ علينا بالنقد...\ مجد كيال

الأمر الأساسي والأكثر استراتيجية، برأيي، هو قضية تقديم النموذج المغاير. ومن هذا المنطلق يصبح نقد التجربة ليس أمرًا محبذًا، بل أمرًا ضروريًا لإنجاز هذا الهدف. النقد، مهما كان لاذعًا، يجب أن يكون جزءًا لا يتجزأ من الجدل لأجل صياغة النضال الفلسطيني من جديد.

جائعون للحرية؛ علينا بالنقد...\ مجد كيال

يضيق بنا الوقت للإمساك بكل خيوط تجربة "جائعون للحرية". وعاهدت نفسي (والمحرر) أن أحاول في الأيام القادمة أن أتوقف عند نقاط هامة في التجربة علّنا نفتح باب للحوار والنقاش السياسي حول آليات العمل والإحتجاج السياسي في الداخل. ولكن نقطة واحدة لا تحتمل الإنتظار، أوجهها لنفسي قبل الجميع: علينا ألا نقتل التجربة بالتهليل لها!

 
تجربة "جائعون للحرية" هي صياغة لأسلوب نضالي عبر التفاعل مع فعل سياسي واحد، هو الإضراب عن الطعام. وحين نقول أن مهامها قد أُنجزت، لا نقصد أهدافها السامية، بل نقصد الأهداف الصغيرة التي وضعناها لأنفسنا في بداية الطريق. وضعنا أهدافا محددة: إيصال صوتنا إلى داخل السجون، رفع الوعي الجماهيري، تقديم نموذج مغاير للنشاط السياسي وكسر التقسيمات الجغرافية. إنجاز هذه الأهداف تم في إطار الحراك؛ هذا التحرّك لم يحاول طرح إجابة على كل القضايا السياسية، ولا أن يقدّم حلولا، هذا التحرّك هدف إلى قرع الطبول، ونجح في ذلك.
 
 
الأمر الأساسي والأكثر استراتيجية، برأيي، هو قضية تقديم النموذج المغاير. ومن هذا المنطلق يصبح نقد التجربة ليس أمرًا محبذًا، بل أمرًا ضروريًا لإنجاز هذا الهدف. النقد، مهما كان لاذعًا، يجب أن يكون جزءًا لا يتجزأ من الجدل لأجل صياغة النضال الفلسطيني من جديد.
 
أؤمن، أن الشارع يمكنه أن يطوّر وسائله بنفسه، إذا ما شعر الناس بأنهم يلتفّون حول فعل صادق، وبنموذج الإضراب عن الطعام، استطاعت "جائعون للحرية" أن تضمن إثبات صدقها، وهذه مهمة صعبة تحتاج إلى فعل متقدم مثل الإضراب، لأننا في بلد فقدت فيه السياسة، للأسف، معناها الحقيقي، وارتبطت بالدسائس والكذب والمساومة والتنازلات.
 
وأؤمن كذلك أن التحركات الصغيرة ستنجح إذا ما تكثفت ضمن مبادرات تعتمد على العمل الصادق، وتعتمد على التسامح العقلاني بدلاً من التعصب الرجعي، وعلى منظومة علاقات إنسانية بدلاً من الالتزام بتنظيمات مقوننة، تعتمد على الشفافية وتوظيف الطاقات والدفع بكل فئات المجتمع للمشاركة في صياغة القرار وصياغة الفعل. كلما اقتربت المبادرة من هذه الشروط، زاد احتمال ولادتها في ظروف موضوعية أخرى، وأنا لا أدعي أن "جائعون للحرية" أوفت بكل هذه الشروط، ولكني أدّعي أنه فقط عبر هكذا مبادرات يمكن أن يتبلور جدل شعبي يعيد صياغة أساليب النضال، ويستخلص من نفسه تيارًا متفاقمًا ومتعاظمًا يحقق آمالنا الوطنية النابعة من إنسانيتنا أولاً، ويحقق انجاح الموقف السياسي النابع من العقل. 

التعليقات