ما التدابير التي اتّخذتها الصين لتحفيز قطاع العقارات المأزوم اقتصاديًّا؟

وإن كانت هذه النسبة قد تمثّل رقمًا تطمح إليه العديد من الدول المتطوّرة، إلّا أنّها تبقى أدنى بكثير من النموّ الفائق الّذي سجّلته الصين في العقود الثلاثة الماضية وجعل منها ثاني أكبر اقتصاد في العالم...

ما التدابير التي اتّخذتها الصين لتحفيز قطاع العقارات المأزوم اقتصاديًّا؟

(Getty)

اتّخذت الصين تدابير جديدة لتحفيز القطاع العقاريّ الّذي يعتبر حيويًّا لاقتصادها، والّذي يعاني أزمة حادّة منذ العام 2020 مع انهيار بعض مجموعات البناء الكبرى.

وانعكست هذه التدابير انتعاشًا في البورصات بالرغم من تسجيل النشاط الصناعيّ مجدّدًا انكماشًا في أيلول/سبتمبر للشهر الخامس على التوالي.

ومثل قطاع البناء والإسكان لفترة طويلة أكثر من ربع الناتج المحلّيّ الإجماليّ في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

غير أنّه يتكبّد منذ 2020 تبعات سياسة بكّين الّتي شدّدت شروط الحصول على القروض لشركات التطوير العقاريّ، ما دفع بعض الشركات العقاريّة الكبرى مثل إيفرغراند وكانتري غاردين إلى شفير الإفلاس.

وعلى وقع ورش البناء المجمّدة والتباطؤ الاقتصاديّ وتراجع الأسعار الّذي يخفض من قيمة الأملاك العقاريّة، بات الصينيّون يحجمون عن الاستثمار في البناء.

وسعيًا لتحفيز القطاع المأزوم، أعلنت عدّة مدن الأحد رفع بعض القيود المحلّيّة الّتي تعتبر بمثابة عائق أمام شراء عقار.

ففي كانتون (جنوب) الّتي تعدّ حوالى 19 مليون نسمة، لم يكن بإمكان الأفراد شراء أكثر من مسكنين، وذلك بهدف تفادي المضاربات العقاريّة خلال سنوات ازدهار القطاع.

ورفع هذا القيد اعتبارًا من الإثنين، كما أنّ السوق العقاريّة في المدينة لم تعد تقتصر على سكّانها حصرًا.

كما اتّخذت شينزين (جنوب) البالغ عدد سكّانها حوالى 18 مليون نسمة، تدابير مماثلة إنّما فقط في أطراف المدينة.

أمّا شنغهاي، فخفّضت الدفعة الأولى المطلوب تأمينها لشراء مسكن أوّل في العاصمة الاقتصاديّة الّتي تعدّ نحو 25 مليون نسمة.

وبموازاة ذلك، أعلنت السلطات الأحد خفض معدّلات الرهن العقاريّ المطلوب لشراء مسكن رئيسيّ أو ثانويّ.

وانتعشت البورصات الصينيّة الإثنين على وقع هذه التدابير الجديدة الّتي صدرت قبل أيّام قليلة من الأوّل من تشرين الأوّل/أكتوبر، يوم العيد الوطنيّ والذكرى الـ75 لقيام جمهوريّة الصين الشعبيّة.

وأغلقت بورصة شنغهاي على ارتفاع بنسبة 8,06%، فيما ارتفعت بورصة شينزين بحوالى 11%. أمّا بورصة هونغ كونغ الّتي تغلق لاحقًا، فتسجّل ارتفاعًا بأكثر من 3%.

وقال المحلّل يان يوجين من مكتب "إي هاوس" المتخصّص ومقرّه شانغهاي "قلّة من الناس يشترون أملاكًا عقاريّة هذه الأيّام".

وأوضح أنّه "إذا لم يقبّل أحد على شراء عقارات، فهذا سينعكس على الاستهلاك، وبالتّالي على النموّ" نظرًا إلى وزن قطاع البناء في الاقتصاد الصينيّ.

وأقرّ القادة الصينيّون وفي طليعتهم الرئيس شي جينبينغ الخميس بأنّ الاقتصاد يواجه "مشكلات" جديدة.

فسجّل النشاط الصناعيّ في البلاد انكماشًا جديدًا في أيلول/سبتمبر مواصلًا منحى مستمرًّا منذ خمسة أشهر، وفق ما أظهرت أرقام رسميّة نشرت الإثنين.

وبلغ مؤشّر مديري المشتريات الّذي يعتبر مقياسًا للنشاط الصناعيّ 49,8 نقطة بحسب بيانات مكتب الإحصاءات الوطنيّ.

ويعكس هذا المؤشّر نموًّا في النشاط التصنيعيّ إن تخطّى عتبة الخمسين، أو انكماشًا في حال كان دون هذا الحدّ.

وكان محلّلون استطلعتهم وكالة بلومبرغ توقّعوا انكماشًا أكبر بمستوى 48,4 نقطة.

وفي آب/أغسطس، سجّل هذا المؤشّر الّذي يستند إلى دفاتر الطلبيّات لدى الشركات، انكماشًا وصل إلى 49,1.

وسجّلت الصين العام الماضي نسبة نموّ كانت من الأضعف خلال ثلاثة عقود بلغت 5,2%، وفق أرقام رسميّة يقابلها بعض خبراء الاقتصاد بالتشكيك نظرًا إلى حجم الصعوبات بوجه النشاط الاقتصاديّ في هذا البلد.

وإن كانت هذه النسبة قد تمثّل رقمًا تطمح إليه العديد من الدول المتطوّرة، إلّا أنّها تبقى أدنى بكثير من النموّ الفائق الّذي سجّلته الصين في العقود الثلاثة الماضية وجعل منها ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

ولا تزال السلطات تتوقّع نموًّا بحوالى 5% هذه السنة، لكنّ المحلّلين يعتبرون هذا الهدف متفائلًا على ضوء العقبات الكثيرة الّتي يواجهها الاقتصاد الصينيّ.

وتصدر أرقام النموّ للفصل الثالث من السنة في منتصف تشرين الأوّل/أكتوبر.

التعليقات