في ظل تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، يواجه الاقتصاد الأميركي تباطؤًا حادًا، مع تزايد المخاوف من دخول البلاد في ركود اقتصادي.
وأظهرت بيانات حديثة أن النمو الاقتصادي في الربع الأول من عام 2025 قد يكون قد تباطأ بشكل كبير أو حتى شهد انكماشًا، نتيجة لزيادة الواردات بشكل غير مسبوق قبل فرض تعريفات جمركية جديدة.
وأفادت وزارة التجارة الأميركية بأن العجز في الميزان التجاري للسلع ارتفع إلى مستوى قياسي بلغ 162 مليار دولار في مارس، مدفوعًا بزيادة الواردات إلى 342.7 مليار دولار، وهو أعلى مستوى على الإطلاق.
ويرجع هذا الارتفاع إلى قيام الشركات الأميركية بتخزين البضائع قبل دخول التعريفات الجمركية الجديدة حيز التنفيذ، مما أثر سلبًا على الناتج المحلي الإجمالي.
وقدّر خبراء الاقتصاد أن العجز التجاري قد خصم ما يصل إلى 1.9 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول.
وتوقعت مؤسسات مالية بارزة، مثل جولدمان ساكس وبنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، أن الاقتصاد الأميركي قد انكمش بنسبة تتراوح بين 0.8% و1.5% خلال هذه الفترة.
وتزامن هذا التباطؤ مع مرور 100 يوم على تولي الرئيس دونالد ترامب ولايته الثانية، حيث شهدت هذه الفترة تراجعًا في ثقة المستهلكين والشركات، وارتفاعًا في المخاوف من التضخم.
وفرضت الإدارة الأميركية تعريفات جمركية بنسبة 145% على الواردات الصينية، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار وزيادة حالة عدم اليقين الاقتصادي.
وفي الوقت نفسه، أظهرت بيانات أخرى أن ثقة المستهلكين الأميركيين تراجعت إلى أدنى مستوى لها منذ مايو 2020، حيث انخفض مؤشر ثقة المستهلكين بمقدار 7.9 نقطة إلى 86 في أبريل.
وأعرب نحو ثلث الأميركيين عن توقعاتهم بتباطؤ التوظيف في الأشهر المقبلة، مما يعكس تزايد القلق من دخول الاقتصاد في حالة ركود.
وعلى الصعيد العالمي، حذر صندوق النقد الدولي من أن استمرار التوترات التجارية قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، حيث خفض توقعاته للنمو العالمي إلى 2.8% في عام 2025، مقارنة بتوقعات سابقة بلغت 3.3%.
وأشار الصندوق إلى أن التعريفات الجمركية الأميركية، التي وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ قرن، تؤثر سلبًا على سلاسل التوريد العالمية وتزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق المالية.
وفي ظل هذه التطورات، يواجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي تحديات كبيرة في تحديد السياسات النقدية المناسبة، حيث تتزايد الضغوط لخفض أسعار الفائدة لدعم الاقتصاد، في حين أن ارتفاع التضخم قد يحد من قدرة البنك المركزي على اتخاذ مثل هذه الإجراءات.
ومع استمرار الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وتزايد المخاوف من ركود اقتصادي، يبقى مستقبل الاقتصاد الأميركي والعالمي غير مؤكد، مما يستدعي مراقبة دقيقة للتطورات واتخاذ سياسات اقتصادية متوازنة للتعامل مع هذه التحديات.
التعليقات