العراقيب: اعتقال الشيخ صياح الطوري

اعتقلت الشرطة الإسرائيلية شيخ قرية العراقيب مسلوبة الاعتراف في منطقة النقب، صياح الطوري، اليوم الثلاثاء، بزعم "غزو أراض تابعة للدولة".

العراقيب: اعتقال الشيخ صياح الطوري

مهرجان التحدي والصمود الثامن بالعراقيب 28.07.2018 (عرب 48)

اعتقلت الشرطة الإسرائيلية شيخ قرية العراقيب مسلوبة الاعتراف في منطقة النقب، صياح الطوري، اليوم الثلاثاء، بزعم "غزو أراض تابعة للدولة".

وتواصل السلطات ملاحقة أهالي العراقيب من أجل اقتلاعهم من أرضهم وتهويد ما تبقى من أرض للعرب الفلسطينيين بالنقب.

وكانت المحكمة المركزية في بئر السبع قد قررت، مؤخرا، إصدار قرارها والنطق بالحكم على شيخ قرية العراقيب المهددة بالإخلاء، وأعلنت أنها ستقرر إما الإخلاء الكامل والفوري لقرية العراقيب أو قبول طلب النيابة العامة بسجن الشيخ الطوري لمدة 10 أشهر ودفع الغرامة الباهظة، ولم تمنح أي خيار آخر.

وجاء الاعتقال، وهو ليس الأول للطوري، في وقت تواصل فيه السلطات الإسرائيلية استهدافها أهالي القرية الصامدين على أرضهم، بعدما هدمت منازلهم للمرة الـ131 على التوالي، غير آبهة بتشريد الأطفال والنساء والمسنين وتركهم في العراء دون مأوى رغم أحوال الطقس شديدة الحرارة، صباح يوم الخميس الماضي. 

كما تواصل السلطات تجريف وتحريش أراضي القرية، فيما يصر أهالي العراقيب على الصمود والثبات والتمسك بأرض الآباء والأجداد والتصدي لجرائم المطاردة والتجريف ومصادرة الأرض وتهويدها. 

ولا تعترف الحكومة الإسرائيلية بنحو 45 قرية عربية في النقب، وتستهدفها بشكل مستمر بالهدم وتشريد أهلها، بينما تشرع بشكل مستمر ببناء تجمعات استيطانية لصالح اليهود في النقب. 

ماذ تعرف عن العراقيب؟

العراقيب قرية عربية فلسطينية، جنوبي البلاد، لا تعترف بها إسرائيل، تقع غرب شارع 40، بين مفرق "لهافيم" ومفرق "غورال"، كان عدد سكان القرية نحو 400 نسمة إلى حين بدء عمليات هدم المنازل المتكررة التي تنفذها السلطات الإسرائيلية، يبلغ عدد سكان القرية اليوم العشرات فقط ويسكنون قرب مقبرة القرية التي يواصلون النضال ضد هدمها من قبل السلطات، في محيط القرية توجد آبار مياه عتيقة، مقبرة أقيمت عام 1914، وسدود عديدة.

وأقيمت قرية العراقيب في فترة الحكم العثماني على أراض اشتراها سكان القرية في تلك الفترة. وفي العام 1951 أمر الحاكم العسكري الإسرائيلي سكان العراقيب بإخلاء القرية بشكل مؤقت، لمدة 6 أشهر بادعاء أن "الدولة" تحتاج إلى مساحات لإقامة تدريبات عسكرية. بعد 6 أشهر سكن خلالها سكان القرية بالقرب منها وفي مناطق أخرى في النقب طلبت منهم السلطات تأجيل العودة إلى قريتهم لبضع شهور أخرى، حتى أخبروهم بأنه يمنع عليهم العودة إلى القرية. في سنوات 70 قدم السكان دعوى ملكية على أراضيهم لموظف التسوية.

في العام 1997 بدأ موظفو "الصندوق الدائم لإسرائيل" (كيرن كييمت) العمل على أراضي قرية العراقيب، ندد أهالي القرية بالعمل على أراضي القرية التي قدموا من أجلها دعوات ملكية وقام بسحبها. منذ بداية العام 2000 بدأ سكان قرية العراقيب بزرع أراضيهم وزرع الحقول، ردا على ذلك قامت الدولة برش الحقول وحرثها وتدمير المحاصيل. وفي بداية العام 2000 عاد أبناء عائلة أبو مديغم، إحدى العائلات التي سكنت القرية حتى العام 1951، للسكن على أراضيهم في قرية العراقيب.

ولا تتوفر خدمات طبية أو تربوية على الإطلاق بالقرية، وللحصول على خدمات يضطر سكان القرية بالسفر إلى مدينة رهط، التي تبعد حوالي 6 كيلو مترات عن القرية، أي حوالي نصف ساعة سفر وأحيانا تصل المسافة إلى ساعة بسبب اكتظاظ حركة السير على مفرق "لهافيم".

والقرية غير متصلة مع شبكة الكهرباء القطرية، يستخدم السكان المولدات وألواح الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء. ولأن القرية غير متصلة مع نقطة مياه يضطر سكانها لنقل المياه بالصهاريج، بثمن باهظ وأيضا مع ضرر لجودة المياه، على بعد 18 كيلو مترا.

قامت السلطات الإسرائيلية بتعريف عشرات القرى في النقب، ومن ضمنهم العراقيب، على أنها قرى غير معترف بها. وفي 27.07.2010 هُدمت القرية بأكملها من قبل السلطات الإسرائيلية، ومنذ ذلك الوقت عادت السلطات وهدمت القرية عشرات المرات، بالمقابل تدار عدة نقاشات قضائية بشأن القرية، الأول بخصوص أراضي القرية التي عليها دعوات ملكية والثانية الدعوى التي قدمتها السلطات ضد سكان القرية على تكاليف الهدم.

وبالإضافة لذلك، قدمت دعاوى عديدة ضد سكان القرية الذين اتهموا باتهامات من خلال النضال. في 12.06.2014 هدمت كل المباني المتواجدة في محيط المقبرة، حيث كان يسكن السكان في الفترة الأخيرة.

يواصل سكان القرية إدارة النضال من أجل قريتهم، والذي يشمل بالإضافة إلى الجانب القضائي أيضا نضالا مدنيا من خلاله تقام وقفات تظاهرية أسبوعية على مفرق "لهافيم" المقابل للقرية، المشاركة في وقفات وتظاهرات وغيرها... يريد السكان أن تعترف السلطات بقريتهم على الأراضي المقامة عليها، وأن تسمح لهم بالعيش في بلدة زراعية على أراضيهم.

وجاء مخطط "برافر" الذي أقره الكنيست الإسرائيلي في أيلول/ سبتمبر من العام 2011 بمثابة تشريع تعلن فيه إسرائيل عن وجوب "إزالة" سكان العراقيب وتهجيرهم قسرا عن أراضيهم إلى جانب 30 ألف نسمة آخرين من الفلسطينيين البدو في منطقة النقب.

والقرى العربية البدوية، مسلوبة الاعتراف في النقب، هي قرى لا تعترف بها إسرائيل. تتعامل السلطات مع هذه القرى على أنها قرى "مبعثرة" أو غير قانونية. ومن هذه القرى، قرى أقيمت قبل قيام إسرائيل في العام 1948 وتسمى قرى تاريخية، قرى أخرى جرى هدمها ونقل سكانها في سنوات الخمسين إلى مناطق أخرى للسكن فيها.

وفي سنوات الخمسين بدأت إسرائيل بتركيز السكان العرب في منطقة السياج بين بئر السبع، عراد وديمونا، وفرض آنذاك الحكم العسكري على العرب. وأعلنت العديد من أراضي النقب "أراضي دولة"، وفي العام 1965 حين سُنّ قانون التخطيط والبناء، أعلن عن الأراضي، "أراضي زراعية" وحسب هذا التعريف يعتبر البناء على هذه الأراضي "بناء غير مرخص".

وأخيرا، لا تعترف إسرائيل بالقرى التاريخية ولا بالقرى التي نقل إليها السكان في سنوات الخمسين في الغالب. يعيش السكان في قرى لا تتوفر فيها أي خدمات من "الدولة"، أو أنها تتوفر بشكل ضئيل وفي كل هذه القرى لا توجد بنى تحتية. مثال: فقط في 16 قرية من القرى مسلوبة الاعتراف توجد مدرسة ابتدائية وفقط في عشر منها توجد عيادات مرضى.

ورغم كل هذه الظروف الصعبة والظلم المجحف يواصل أهال العراقيب وغيرهم من العرب الفلسطينيين بالنقب التشبث بأرضهم والتمسك بها.

النقب ما قبل نكبة العام 1948

كان عدد السكان العرب البدو في النقب قبل العام 1948 ما يقارب 90 ألف نسمة، وتنظموا في 95 قبيلـة. وأغلبيّـة بـدو النقـب فروا أو طـردوا خلال النكبة في العام 1948 وبعدها، وأصبحوا لاجئين في الدول العربيّة المحيطة وفي المناطق الفلسطينيّة التي لم تحتلها إسرائيـل في العـام 1948. وهكـذا، لم يبق منهـم في النقب مع حلول العـام 1952 إلا 11 ألف نسـمة.

سـيطرت السلطات الإسرائيليّة على معظم أراضي النقب، وهكذا فقد البدو حريّة الحركة مع قطعانهم وحريّة زراعة أراضيهم. وتم إبعاد 12 قبيلة من القبائل الـ19 المتبقية في النقب عن أراضيهم، وُحصر السـكان كافة في منطقة مغلقة معدة لذلك شرق شمال النقب تمثل %10 فقط من الأراضي التي سيطروا عليها قبل العام 1948. بالإضافـة إلى ذلك، ُوضعوا تحت حكم عسـكري حتى العام 1966، وهو ما عنى أن أنهم لم يسـتطيعوا العودة إلى أراضيهم وزراعتها، وأنهم كانوا منعزلين عن السكان الفلسـطينيين في أرجـاء أخرى من البـلاد، وأنهم كانوا بحاجة إلى تصاريـح خاصة لمغادرة القطاعـات المعـدة لهم مـن المنطقة المغلقة من أجـل الوصول إلى أماكن العمل، والدراسـة، والرعايـة الصحيّة، والأسـواق، وغيرها.

مثلت التقييدات التي فرضتهـا الحكومة الإسرائيليّة نوعا من الإقامة القسريّة والتي أنهت، عمليٍّا، نمط الحياة المتنقل وشبه المتنقل.

التعليقات