31/10/2010 - 11:02

"القمر الأخير" - فيلم "وثائقي" للمخرج التشيلي الفلسطيني ميغيل ليتين

في عام 1914 هاجر ميخائيل سليمان من بلده بيت ساحور الى تشيلي، كما فعل الآلاف من مواطنيه الفلسطينيين، والذي وصل عددهم الآن في تشيلي وحدها الى 350 الفاً. ومن بين هؤلاء الاحفاد المخرج التشيلي العالمي ميغيل ليتين، الذي تعرف عليه محبو الفن السابع من خلال اعماله ومشاركته في مهرجانات السينما وعرف على نطاق واسع عندما وضع الكاتب العالمي الحائز على جائزة "نوبل" غابريل غارسيا ماركيز كتاباً عنه، يتحدث فيه عن تجربة ليتين مع حكم بينوشت العسكري في تشيلي ونجاته من الموت بأعجوبة في المجازر التي ارتكبها نظام بينوشت بعد الانقلاب على حكم الرئيس الليندي، وترجم كتاب ماركيز الى لغات العالم المختلفة وصدر باللغة العربية بترجمة صالح علماني.
وبعد زوال حكم بينوشت العسكري وعودة المنفيين الى وطنهم ومن ضمنهم ليتين نفسه، بدأ الاخير يسأل عن جذوره ويخرج من الذاكرة بقايا حكايات جده ميخائيل اليتيم وجدته الفلسطينية العربية هي الاخرى، التي كانت تجلس مع العربيات الأخريات يتحلقن للحديث ليس لهن غير الحنين الى الوطن وحكايته التي لا تنتهي.

وسنحت فرصة لـ «ليتين» عندما دعي في أواسط تسعينيات القرن الماضي ليترأس لجنة التحكيم في احدى دورات مهرجان دمشق الدولي، فلبى الدعوة فوراً يحمل على كتفيه حكايات الجد والجدة وايضاً صوراً قديمة لهما ولاقربائهما في الوطن.
وفوجيء ليتين عندما كان عدد من ابناء بلدته بيت ساحور في دمشق ينتظرونه، فلم يكن يتوقع ان يجد آخرين مهتمين بأصله العربي الفلسطيني، وتحدث ميغيل مع الذين التقاهم عن من بقي من العائلة في بيت ساحور وسأل كثيراً عن بلدة جده، ولم يكن احد يقدر مدى حماس ميغيل لارض الاجداد، فبعد انتهاء مهرجان دمشق الدولي، قصد فلسطين وتحديداً مدينة بيت ساحور وحل ضيفاً على ابن عمه الياس اليتيم، وطلب من مضيفه ان ينادونه باسمه الجديد ميخائيل اليتيم.
ثم عاد مرة اخرى ميغيل ليتين الى بيت ساحور ومعه هذه المرة ابنه الذي يحمل نفس الاسم «ميغيل ليتين» وهو شاب يعمل في اخراج الافلام التسجيلية، وطوال السنوات الخمس الماضية تكررت زيارات ميغيل ليتين الى بيت ساحور وبيت لحم والقدس، وعندما كان يواجه بالسؤال التقليدي حول ما اذا كان ينوي عمل فيلم عن القضية الفلسطينية، لم يكن يجيب اجابات مباشرة ولكنه قال انه يعمل على اعداد فيلم.
وفي الصيف الماضي وصل ميغيل ليتين مع طاقمه الى الاماكن التي اصبح يعرفها جيداً ليصور فيلمه «القمر الاخير» مقتفياً آثار جده الذي يحمل اسمه.
وبميزانية قدرت بنحو مليون ونصف المليون دولار انجز ليتين فيلمه الذي انتجته كما قال احدى اكبر شركات الانتاج في اميركا اللاتينية وبمساهمة حكومة تشيلي، وسيتم عرضه في مختلف دول العالم وسيترجم للعربية، وقال ليتين انه عاد الى فلسطين ليصور فيلمه الذي يحمل رقم 21 بين افلامه ليس كسائح ولكن كفنان يصور حياة الشعب الفلسطيني خلال النصف الاول من القرن العشرين.

اعتبر ليتين فيلمه «القمر الاخير» فيلمه «الفلسطيني الاول» مؤكداً انه لو لم يكن مقتنعا بعدالة القضية الفلسطينية لما صنع هذا الفيلم، وحول موضوع الفيلم الذي شارك فيه العشرات من الفنيين والممثلين والكومبارس الفلسطينيين اكتفى بالقول بأنه يجمع بين الوثائقية والخيال والروائية، ويحمل رسالة الى العالم بأن الحياة في فلسطين ليست فقط عنفاً وحرباً ولكن ايضاً تحفل بالامل والابداع.
واسم الفيلم مأخوذ من اغنية قديمة لطفل فلسطيني يخاطب جده قائلا: لا تدع التنين يأكل قمرنا، تقول كلماتها كما ترجمها بطل الفيلم ايمن ابو الزلف:

في ليلة خسوف
تنين افترس القمر
واذا ما قتلنا الوحش
حيكون آخر قمر

وقد اسند بطولة الفيلم الوثائقي للشاب ايمن ابو الزلف من مدينة بيت ساحور الذي ارتبط بالفيلم بالصدفة ولم يكن يطمح يوماً ان يكون ممثلاً.

التعليقات