عــ48ـرب تحت المجهر الإسرائيلي../ هاشم حمدان

عــ48ـرب تحت المجهر الإسرائيلي../ هاشم حمدان
وإن كنا نؤكد أن فلسطينيي الداخل لن يساوموا في انتمائهم ولن يبدلوا ملامحهم الكنعانية، ولن يخدعوا بفتات الحقوق التي يصرح بها بين الفينة والأخرى كلما جرت مناقشة "أخطار" ثقل الجماهير العربية الذي لم تستنفذ طاقاته بعد والمرشح للتصاعد.. فإن ذلك لا يعني تجاهل جملة من التقارير والدراسات والمؤتمرات الإسرائيلية التي تتناول الفلسطينيين في الداخل، في الآونة الأخيرة، وتضعها في دائرة الرصد والمتابعة وخاصة في الجانب الأمني والديمغرافي والانعكاسات الإستراتيجية للجانبين على إمكانيات تحقيق "الحلم الإسرائيلي".

وليس أدل على ذلك من الوثيقة التي قدمها رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) إلى رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، بشأن اعتبار العرب في الداخل مصدراً للخطر الاستراتيجي على دولة العسكر وعلى فكرة "دولة اليهود"، انطلاقاً من أن محض وجودهم يشكل تهديداً على الطابع اليهودي للدولة على الأمد البعيد، وزيادة الإلتفاف حول شعار "دولة المواطنين" وليس "دولة اليهود". وعلاوة على ذلك تأتي تصريحات جهاز الأمن العام بشأن التصدي لفعاليات قد تمس الطابع اليهودي للدولة، حتى لو كانت هذه الفعاليات ديمقراطية.

ومؤخراً الدراسة التي قام بها سامي سموحا للوقوف على مواقف العرب في الداخل بالنسبة للقصف الإسرائيلي على لبنان خلال الحرب، والموقف من قصف إسرائيل بصواريخ الكاتيوشا، وأسر جنود إسرائيليين. وفي هذا السياق لم يغفل سموحا الإشارة إلى أن الجماهير العربية قد "خيبت التوقعات الإسرائيلية" بانتمائها القومي العربي وليس الطائفي أو القطري، ولم تثبت الولاء للدولة عن طريق إدانة المقاومة اللبنانية التي دافعت عن لبنان.

ينضاف إلى ذلك التحريض المتواصل والإلحاح المتصاعد في المطالبة بإعلان الولاء للدولة ورموزها والاعتراف بيهوديتها وأداء الخدمة الوطنية الإسرائيلية، ناهيك عن الممارسات السلطوية بكل ما يتعلق بالأرض والمسكن والحقوق المدنية، ومخططات التهويد والاستيطان التي بدأ تنفيذها في النقب والجليل.

كل هذا التصعيد، الذي يجب عدم تناوله بمعزل عن الظروف الإقليمية، ضد الجماهير الفلسطينية في الداخل، والتي فرض عليها قبول ثمن زهيد هو المواطنة المنقوصة والمتناقصة مقابل نكبتها حين فجعت بتقويض هيكلها المجتمعي وتمزيقه أفقياً وعامودياً وعشوائياً، وتدمير الإطار المدني والسياسي لكيانها.. كل هذا التصعيد يشير إلى أن فلسطينيي الداخل، تحت المجهر الإسرائيلي، يقفون مرة أخرى على عتبات مفصل تاريخي هام وحاسم يجب أن يوضع على رأس سلم الأولويات الجماعية الحالية..

التعليقات