المغرب: نصف النساء معنّفات... والرجال معنّفون أيضًا

كشفت تقارير مغربية رسمية عن تزايد معدّلات العنف ضدّ النساء، إذ وصل معدّل انتشاره لنسبة تقارب 54.4% إلّا أإنّ تقارير أخرى أظهرت في المقابل تزايدًا في حالات العنف ضدّ الرّجال.

المغرب: نصف النساء معنّفات... والرجال معنّفون أيضًا

توضيحية (Pixabay)

كشفت تقارير مغربية رسمية عن تزايد معدّلات العنف ضدّ النساء، إذ وصل معدّل انتشاره لنسبة تقارب 54.4%، وأظهرت أنّ النساء اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين 25 و29 سنة هن الأكثر عرضة للعنف بنسبة حوالي 59.8%؛ إلّا أإنّ تقارير أخرى أظهرت في المقابل تزايدًا في حالات العنف ضدّ الرّجال.

فقد كشفت الشبكة المغربية للدفاع عن حقوق الرجال (غير حكومية) أنّها استقبلت منذ تأسيسها عام 2008 أكثر من 24 ألف حالة عنف ضد الرّجال، بينها نحو 25% حالات عنف جسديّ؛ وبحسب بيانات الشبكة، لا ينحصر العنف الممارس ضد الرجال في العنف الجسدي، بل يشمل تشمل أنواعا أخرى من العنف كالطرد من بيت الزوجية والاستيلاء على مقدرات الزوج، وحرمان الأب من رؤية أبنائه، وغيرها.

ودفعت هذه البيانات المندوبية السامية للتخطيط، وهي الهيئة الرسمية المكلفة بالإحصاء، في المغرب، إلى أن تطلق بحثًا ينتهي إعداده خلال شهر حزيران/ يونيو الجاري، بعد أن بدأ في شهر شباط/ فبراير الماضي، شاملًا عيّنةً تتكون من نحو ثلاثة آلاف رجل، تتراوح أعمارهم ما بين 15 و74 عاما، موزعين على مختلف المدن المغربية؛ بهدف قياس انتشار العنف ضد الرجال وأشكاله، تحت عنوان "وقائع الحياة لدى الرجال والنساء 2019".

ويهدف البحث الوطني لاستقصاء آراء أفراد الأسر المغربية حول أشكال العنف الذي تعرضوا له في مختلف الأوساط سواء في فضاءات عمومية أو خاصة، أو في العمل وعبر الأنترنت أو في بيت الزوجية.

وتتقصى استمارة البحث المتعلقة بوقائع الحياة لدى الرجال، ما إذا كان الرجل موضوع البحث قد تعرض للإهانة أو الإذلال أو الترهيب أو التهديد بالكلام أو مقاطعته من طرف زوجته أو خطيبته، أو ما إذا كانت هددته بفسخ العلاقة الزوجية والطرد من بيت الزوجية أو الخيانة أو حرمانه من الأبناء.

كما تتضمن أسئلة حول ما إذا كان الرجل قد تعرض للإيذاء الجسدي أو الصفع أو الضرب أو الركل أو الخنق أو التهديد باستخدام سكين أو استعماله فعليا، أو تعرض للإجبار على إقامة علاقة حميمية لم يكن يرغب فيها، أو أجبر على القيام بأعمال جنسية لم يرغب بها أو رأى أنها تحط من شأنه أو تذله.

وقال أستاذ علم الاجتماع بجامعة سيدي محمد بن عبد الله في فاس (شمال المغرب)، أحمد شراك، إنّ العنف ملة واحدة سواء كان من النساء اتجاه الرجال أو العكس"، معتبرًا أنّه "في إطار مجتمع ذكوري فإن المعروف أن النساء هن اللواتي يتعرضن للعنف فيما الرجال هم الذين يمارسونه، إما بشكل مادي كما هو في المجتمعات السائرة في طريق التقدم أو بشكل رمزي كما هو عليه الحال في العالم المتقدم".

توضيحية (Pixabay)

مستدركًا بأنّ "الإيديولوجية الذكورية ليست موقوفة على جنس الرجال، بل يمكن أن تمتد حتى إلى بعض النساء فيمارسن العنف إذا كن يملكن سلطة ما تجاه الرجل"، معتبرًا أنّ "الأيديولوجية الذكورية تتغلغل ليس داخل نفوس الرجال باعتبارهم رجالا، بل داخل المجتمع ككل".

ورأى شراك أنّ المعادلة تحوّلت إلى أن يكون "كل من ملك ميزان قوة أو سلطة ما فإنه نظريا يمكن أن يمارس العنف اتجاه الآخر"، واعتبر أنّه "يمكن تفسير العنف ضد الرجال الذين قد يمارسون عنفًا نفسيًّا اتجاه النساء فيكون رد الفعل قويًّا من طرف النساء".

فيما رأى الأكاديمي والباحث في علم الاجتماع، علي الشعباني، أنّ "العنف وليد انهيار مجموعة من القيم في المجتمع" و؟أنّه "لا يأتي من فراغ"، مؤكّدًا أنّ "غياب التنشئة على قيم الاحترام وتقدير الآخر والصبر تجعل الإنسان يدافع عن مصالحه الضيقة فحسب، ويعتبر نفسه صاحب حق وإن كان ليس معه حق، مما يولد العنف".

ورأى الشعباني أن "العنف ضد الرجل كان موجودا دائما لكنه كان خفيا في السابق لعدة أسباب، أهمها أن الرجل كان يجد حرجا للتصريح بتعرضه لعنف من قِبل المرأة"، وأشار إلى أن "وصف المجتمع بالذكورية زاد من حرج الرجل بإعلان تعرضه لعنف".

وتابع قائلا: "العنف ضد الرجل لم يعد حبيس القاعات المغلقة بعد أن خرج إلى الواجهة عن طريق الإعلام والدراسات في السوسيولوجيا وعلم النفس"، واعتبر أن "المرأة لم تعد تتقبل العنف من الرجل كما كان عليه الأمر في السابق، بل أصبحت في أحيان كثيرة هي المبادرة للاستقواء على الرجل وتعنيفه".

التعليقات