15/03/2016 - 21:59

ألف يوم ويوم من حصار مخيم اليرموك..

أكثر من 1060 يوماً من انقطاع الكهرباء، و 550 يوماً من انقطاع المياه الصالحة للشرب و186 ضحية قضوا نتيجة نقص الغذاء والدواء

ألف يوم ويوم من حصار مخيم اليرموك..

تصوير أحمد عباسي من مخيم اليرموك

لم يكن يتوقع أحمد عباسي الناشط الإغاثي والإعلامي في مخيم اليرموك أن تصل عدد أيام حصار المخيم العسكري إلى الف يوم كاملة، في الحادي عشر من هذا الشهر، يقول عباسي لعرب 48 إنه فقد الكثير خلال أيام الحصار، لكن أكبر خساراته هم 10 من الرفاق الذين قضوا بشتى الطرق التي عرف فيها أهل مخيم اليرموك الموت، بات وحيداً ومخذولاً على حد تعبيره.

اكتمل ألف يوم من حصار عسكري أطبقه النظام السوري بشكل كامل منذ بداية تموز عام 2013، مع أكثر من 1060 يوماً من انقطاع الكهرباء، و 550 يوماً من انقطاع المياه الصالحة للشرب و186 ضحية قضوا نتيجة نقص الغذاء والدواء وفق ما يؤكد ناشطون من داخل المخيم.

يقول عباسي ' كنا نظن قبل ألف يوم أو خمسئة يوم حتى، أننا استثناء. كنا نعتقد أن العالم مثلاُ لن يترك مخيم اليرموك لهذا المصير، كنا ننتظر التحرك من المحيط القريب والبعيد، لكن من الواضح اليوم أننا مخطئون، لا نملك أي استثناء في الحدث السوري'. يشعر عباسي أن كل العالم تآمر على المخيم اليوم، وفق تعبيره.

يعيش عباسي الذي لم يتجاوز الخامسة والعشرين في منطقة محاذية للمخيم منذ اجتياح تنظيم الدولة الاسلامية داعش لليرموك في نيسان الماضي، مع أسرته وزوجته، لا يملك اليوم أي أحلام استثنائية أو كبيرة، يحدثك بعد جهد عن بعض رغباته التي يتمنى أن يحققها في يوم من الأيام.

'ربما أحلم برحلة إلى جبل ما، أو إلى البحر أو حتى في غابة ما، ربما سيسخر البعض مما أقول، لكني اتمنى لو استطيع فعلاً القيام بنشاطات مثل تلك'.

لا يفكر عباسي بالحياة في أوروبا ، هو يعلم أن حلما مماثلا بات يكلف الفلسطيني السوري المحاصر في اليرموك أكثر من مليون ليرة سورية فقط ليصل إلى الحدود السورية التركية.

أكثر ما يؤلم عباسي اليوم هو ما يسميه بلا تردد بـ 'ازدحام البنايات' كل بناء وكل منزل وكل شقة فارغة هي من تترك في نفسه شيئاً لا يستطيع تفسيره، تؤلمه الأبنية الفارغة والمهدمة، ولا يستطع إلا أن يتأمها ويتركها تزيد من وجعه اليومي.

المخيم ليس بخير

في داخل اليرموك لا يزال عصام بيطاري أبو العبد يعيش مع أسرته الصغيرة كل تفاصيل الحصار من جهة، والاقتتال بين جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية من جهة أخرى. لا يزال الرجل الذي يعتبر واحداً من أبرز وجوه المخيم السياسية يرى أن العدو الأول لليرموك هو النظام السوري، يقول إن الف يوم من الحصار والقصف والتجويع والعطش والموت، كان سببها الأول هو ما فرضه النظام السوري من حصار خانق على اليرموك.

'اليوم تتواصل عملية الاذلال بحق من لا زالوا يعيشون في اليرموك، حتى توزيع المساعدات الغذائية في منطقة يلدا المجاورة يتم عبر إجراءات مهينة بحق النساء والرجال، فضلاً عن عمليات القنص التي تسجل دائماً ويذهب ضحيتها مدنيون. القنص يتم أحياناً من داعش وغيرها من التشكيلات المتواجدة في يلد، حتى المساعدات تسرق هناك، حصص المحاصرين من الخبز لاتعطى لهم'.

يصر بيطاري خلال حديثه مع عرب 48 على سرد كل تفاصيل الحصار التي يصفها بأنها تزداد سوءا 'المدارس غير مؤهلة، وليس لدينا ما يكفي من المياه الصالحة للشرب، حتى الأطفال قد يقتلون وهم في طريقهم إلى المدرسة'.

كانت الاشتباكات الأخيرة بين داعش والنصرة في المخيم، والتي وقعت في الثاني من آذار قد أدت  إلى إصابة الطفلين محمد عبد وحسين عليان بإصابات بالغة وهما في طريقهما إلى المدرسة الدمشقية البديلة في المخيم، والتي علقت العمل فيها ليومين على إثر ذلك.

كان بيطاري واحدا من وجوه اتفاقات سابقة لتحييد المخيم عن الصراع السوري الحالي، وذلك طوال عام 2014 وبداية 2015. اليوم لا يرى أي أمل في حل سياسي طالما لا يزال تنظيم الدولة الإسلامية داعش متواجداً في المنطقة 'الحل أولا يبدأ من أبناء اليرموك.. لن يأتي الحل من خارج المخيم.. يجب أن نتكاتف ونتعاضد فلسطينيين وسوريين والوقوف بوجه داعش وأخواتها عملاء إيران، لا بد من إجبار كافة الأطراف المتواجدة في المخيم على عودة الناس المهجرين في يلدا وببيلا'.

لم ينته بعد

في يلدا لا يزال نضال أبو العلا القيادي في كتائب أكناف بيت المقدس يحض أهالي اليرموك على الوحدة والتكاتف من أجل المخيم. يقول لعرب 48 إنه يرى أن الحصار الذي يدخله يومه الألف لم تعرف له سورية مثيلا.. ' لم تشهده أي منطقة أخرى، وهذا إن دل على شيء، فهو دليل على صمود شعبنا، وأن شعبنا ذاق كل أنواع الموت والحصار'.

لكن ألف يوم من الحصار قد تكون قد أنهت المخيم بالفعل، إذ يقدر عدد من يعيشون اليوم في اليرموك ببضعة آلاف، فيما وصل عشرات الآلاف منهم إلى أوروبا خلال العام الماضي فقط، ونزح آلاف آخرون عنه منذ نيسان 2015. أبو العلا يقول 'لم ولن ينتهي المخيم بدليل أن هناك عائلات ما زالت  في المخيم، وهذا هو شعبنا الفلسطيني القادر على الحياة من رحم الموت.. المخيم ليس فقط مكان بالنسبة لأي فلسطيني، وإنما المخيم هو وطن، والوطن هو أم'.

يتفق السوريون والفلسطينيون على أن حصار مخيم اليرموك في جنوب العاصمة السورية دمشق، لا يشبه أي حصار آخر عرفته مناطق سورية منذ عام 2011، طبيعة الجغرافيا والديموغرافية جعلت من المخيم أرضاَ لأبشع صور الحصار العسكري المفروض من قبل النظام السوري. عدد ضحايا الجوع في اليرموك يفوق مجموع من ماتوا جوعاً في بقية المناطق السورية. ولم تنقذهم طبيعة الأرض التي أقيم عليها المخيم قبل خمسين عاماً، من توافر أراض زراعية قد تستثمر وقت الحصار، فضلاً عن اشتباكات وخذلان عرفه المحاصرون لأنهم فلسطينيون من المعارضة السورية المسلحة المنتشرة في مناطق جوار المخيم.

 

* بدأ الحصار الجزئي على مخيم اليرموك في 26-12-2012 ، بعد غارة طيران الميغ مباشرة؛

* أطبق الحصار عليه في أول تموز 2013 بشكل كامل؛

* اجتاحه تنظيم الدولة الإسلامية داعش في الأول من نيسان 2015؛

* سجل عمليات اغتيال بحق ناشطين وسياسين وعسكرين فلسطينين طوال أعوام 2013 و 2014؛

* تقدر نسبة الدمار في المخيم بحوالي 30% وقد دمرت شوارع كاملة في المدخل الرئيسي له؛

* استخدم النظام السوري القصف المدفعي ومدافع الفوزديكا وطيران الميغ والبراميل المتفجرة وقذائف الهاون وعلميات القنص كأسلحة قصف بها المخيم منذ عام 2012.

 

التعليقات