كورونا في البلدات العربية: عشرات الإصابات تنذر بتفشي الفيروس

بعد تأخير لثلاثة أسابيع، شرعت وزارة الصحة الإسرائيلية، بإجراء فحوصات بين المواطنين العرب في البلاد لاكتشاف فيروس كورونا المستجد، وذلك عبر نقاط الفحوصات المخبرية المتنقلة بين القرى والمدن العربية التي تشهد حملات توعوية وتثقيفية مكثفة للحد من انتشار الفيروس.

كورونا في البلدات العربية: عشرات الإصابات تنذر بتفشي الفيروس

محطة متنقلة لفحص الكورونا في المجتمع العربي

*خطيب: التأخير في إجراء الفحوصات قد يكون سببا في تفشي الفيروس في المتجمع العربي

*دقة: لماذا نستغرب من تشخيص عشرات الإصابات عند العرب؟ هذه البداية والحبل على الجرار

*غرة: أزمة كورونا تحتم على المجتمع العربي إعادة النظر بأولويات الصحة للفرد والمجتمع


بعد تأخير لثلاثة أسابيع، شرعت وزارة الصحة الإسرائيلية، بإجراء فحوصات بين المواطنين العرب في البلاد لاكتشاف فيروس كورونا المستجد، وذلك عبر نقاط الفحوصات المخبرية المتنقلة بين القرى والمدن العربية التي تشهد حملات توعوية وتثقيفية مكثفة للحد من انتشار الفيروس، مع تسجيل نحو 160 إصابة بالفيروس خلال أيام.

ومع الإعلان عن تسجيل عشرات الإصابات بالفيروس في المجتمع العربي، لوحظ اهتمام من المواطنين العرب، سواء من ناحية التصرف بموجب حالة الطوارئ والتقيد بالتعليمات والتزام المنازل أو حتى بالوقاية من خلال اعتماد النشرات والإرشادات الطبية، وهي الحالة التي لم نلمسها في الأسابيع الماضية.

وينظر الأهالي ببالغ الأهمية للدور الإنساني الذي تقوم به الطواقم الطبية العربية في صناديق المرضى والعيادات والمراكز الطبية في البلدات العربية، من خلال توعية المواطنين العرب لمخاطر الفيروس وضرورة التقيد بالتعليمات والإرشادات للوقاية والحد من انتشار الفيروس.

التزام المنازل لمنع انتشار الفيروس في البلدات العربية

ويولي رئيس لجنة الصحة في لجنة المتابعة، د. محمد خطيب، من جمعية الجليل للبحوث والخدمات الصحية، أهمية قصوى لإجراء الفحوصات والالتزام بالتعليمات والإرشادات بالتزام المنازل، وذلك بهدف منع انتشار الفيروس في البلدات العربية.

د. محمد خطيب

وحذر خطيب في حديثه لـ"عرب 48" من مغبة تفشي الفيروس وتحوله لوباء في البلدات العربية في حال لم يتم الالتزام بالتعليمات، وفي حال لم تضاعف وزارة الصحة عدد الفحوصات عند العرب.

ونبه إلى وجود دالة تصاعدية بكل ما يتعلق بالارتفاع في عدد الإصابات بالفيروس، وذلك عن فحوصات أجريت أو حالات كانت في الحجر الصحي خلال شهر آذار/ مارس الماضي.

ارتفاع عدد الإصابات مع توسيع دائرة الفحوصات في البلدات العربية

وأوضح الباحث في جمعية الجليل أن عشرات الإصابات التي أعلن عن تشخيصها في المجتمع العربية قليلة نسبيا، وقد تكون مغالطة ومغايره للواقع، وعليه يتوقع خطيب ارتفاع عدد الإصابات مع توسيع دائرة الفحوصات في البلدات العربية خلال الأسابيع المقبلة.

وأبدى الباحث قلقه من تهميش وزارة الصحة الإسرائيلية احتياجات المواطنين العرب الصحية، وأكد على ضرورة إجراء الفحوصات لاكتشاف الفيروس، معربا عن تخوفه من أن التأخير في إجراء الفحوصات قد يكون سببا في تفشي الفيروس في المتجمع العربي.

ودعا خطيب المواطنين العرب إلى الالتزام، بشكل شخصي، بالتعليمات والحجر المنزلي وعدم التردد بإجراء الفحوصات، وذلك كإجراءات لمنع تفشي الفيروس بين المواطنين العرب.

وزارة الصحة ملزمة بإجراء 5000 فحص يوميا في المجتمع العربي

وقال اختصاصي أمراض القلب، د. فتحي دقة، لـ"عرب 48" إن "المواطنين العرب يبدون تخوفا من الذهاب إلى أقسام الطوارئ في المستشفيات لإجراء فحوصات لاكتشاف الفيروس، كون نقاط الفحص المتنقلة التي باشرت بها وزارة الصحة في البلدات العربية لا تكفي، ولا يمكنها أن تحل مشكلة قلة الفحوصات في أوساط المواطنين العرب".

"المطلوب إجراء فحوصات بعدد كاف يوميا في المجتمع العربي"

وعلى الرغم من ذلك، رأى دقة الذي يعمل في صندوق المرضى "لئوميت" في مدينة باقة الغربية وقرى زيمر، أن نقاط الفحص المتنقلة بداية صحيحة، لكنها لا تكفي وقد تكون متأخرة لمنع الوباء إذا لم يتم الالتزام بالعزل وتعليمات الإغلاق.

وشدد على أن وزارة الصحة ملزمة بإجراء 5000 فحص يوميا في المجتمع العربي ليتسنى، أولا، تشخيص الحالات وعزلها للعلاج، وأيضا للوقاية والحد من انتشار الفيروس في القرى والمدن العربية التي يكتشف فيها العديد من الإصابات يوميا.

وأشار إلى أن عشرات الإصابات التي تم تشخصيها، على الرغم من انعدام الفحوصات في المجتمع العربي، بمثابة مؤشر إلى الارتفاع المتوقع خلال الأسابيع المقبلة في عدد الإصابات بالفيروس عند العرب، وتساءل دقة: "لماذا نستغرب من تشخيص عشرات الإصابات عند العرب؟ هذه البداية، والحبل على الجرار".

السلطات الإسرائيلية لا تأخذ العرب بعين الاعتبار في التخطيط الصحي

ووجه دقة انتقادات شديدة اللهجة لمنظمة "نجمة داوود الحمراء" لاحتكارها إجراء فحوصات الفيروس في البلاد، ونهجها وتعاملها مع المواطنين العرب بكل ما يتعلق بإجراء الفحوصات والمراجعات بشأن معرفة النتائج، إذ تماطل في تحويل نتائج الفحوصات للمراجعين ممن ألزموا بالحجر الصحي المنزلي لمدة 14 يوما.

د. فتحي دقة

وأوضح أنه توجه باسم العديد من المراجعين ممن كانوا بالحجر الصحي للحصول على نتائج الفحوصات لاكتشاف الفيروس، إلا أن "نجمة داوود الحمراء" وبعد مرور أسبوع على الحجر الصحي، لم توفر الأجوبة بخصوص نتائج الفحوصات للكثير من المواطنين الذين عاشوا مع عائلاتهم أياما من التوتر والقلق.

وبيّن الطبيب أنه تم وضع مئات المواطنين العرب بالحجر الصحي في الفنادق، وبعيدا عن المنازل وعائلاتهم التي تعيش أياما عصيبة وحالة من الهلع، دون أن يحصلوا على نتائج الفحوصات حتى بعد انتهاء فترة الحجر، وفي المقابل فإن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وخلال أقل من 4 ساعات أجريت له فحوصات وأُعلن عن نتائجها.

وأوضح أن أزمة كورونا كشفت أن المؤسسات الإسرائيلية المختلفة لا تأخذ المواطنين العرب بعين الاعتبار في كل ما يتعلق بالتخطيط الصحي، وذلك على الرغم من أن عشرات آلاف العرب هم جزء أساس بالمنظومة الصحية والمستشفيات والمراكز الطبية في البلاد.

لولا التقييدات لكانت الإصابات والوفيات 10 أضعاف

وفي الجانب الآخر حيث المستشفيات الإسرائيلية، بدا المشهد الصحي أكثر وضوحا مقارنة بالمجتمع العربي، وذلك على الرغم من الارتفاع المتواصل بالإصابات بالفيروس بين اليهود.

وعلى الرغم من ذلك، أعرب المدير المناوب في مستشفى "عين كارم" بالقدس، سائد جميل غرة، عن اعتقاده أن الوضع في البلاد بكل ما يتعلق بالإصابات والوفيات من جراء كورونا، أفضل من بكثير من الدول الأوروبية، وعزا ذلك إلى إجراءات الإغلاق المتدرج التي تم اعتمادها في البلاد، في مطلع شهر آذار/ مارس الماضي.

وأوضح غرة، الحاصل على اللقب الثاني في الصحة العامة، في حديثه لـ"عرب 48"، أنه لولا حالة الطوارئ والإجراءات المشددة والتقييدات لكانت حصيلة الإصابات والوفيات في البلاد 10 أضعاف ما عليه الآن.

محطة فحص متنقلة لإجراء فحصوات كورونا في بلدات عربية

وبيّن أنه وبسبب تسجيل عشرات الإصابات، على الرغم من عدم إجراء الفحوصات بشكل واسع في البلدات العربية، لوحظ في الأيام الأخيرة الالتزام بالتعليمات، وهو من شأنه أن يمنع تفشي الفيروس.

الكثير من المواطنين يحملون الفيروس دون علمهم

وعزا غرة عدد الإصابات القليلة نسبيا، والتي تم تسجيلها بين العرب، إلى عدم إجراء الفحوصات بشكل واسع بينهم، وأيضا إلى عزوف وامتناع المواطنين العرب عن إجراء الفحوصات.

ورجح أن الكثير من المواطنين، عربا ويهودا، أصيبوا خلال الأسابيع الأخيرة بالفيروس، وظهرت عليهم أعراض أنفلونزا عادية، لكن متانة جهاز المناعة لديهم حالت دون تدهور وضعهم الصحي وإخضاعهم للعلاج في المستشفيات، ومكنهم من تطوير مناعة ذاتية ضد فيروس كورونا.

وعن إمكانية احتواء الفيروس ومنع تفشيه في القرى والمدن العربية، أوضح غرة أن الاحتمال وارد في حال تم الالتزام بالتعليمات والعزل في المنازل، محذرا من إمكانية تفشي الفيروس إذا تم تجاوز التعليمات وخرق الحجر الصحي والعزل المنزلي.

تطوير منظومة صحية عربية قُطرية

وأوضح المدير المناوب في مستشفى "عين كارم" بالقدس أن خطورة الفيروس تكمن في سرعة انتشاره، إذ أنه يمكن نقل العدوى من شخص واحد لعشرات الأشخاص خلال وقت قصير، مشددا على أن الالتزام الشخصي تجاه سلامة وصحة المجتمع هو الكفيل لكبح انتشار الفيروس ومنع تحوله لجائحة في البلدات العربية.

سائد جميل غرة

ورأى أن أزمة كورونا تحتم على المجتمع العربي إعادة النظر في أولويات الصحة، داعيا السلطات المحلية العربية إلى وضع صحة الجمهور على أجندتها، عبر تفعيل وتشغيل أقسام الصحة وعدم اقتصار دورها على جمع النفايات والتعقيم ورش المبيدات.

ودعا غرة السلطات المحلية العربية إلى ابتكار مراكز بحثية وتشكيل مجموعات طبية للتوعية وتشخيص الأمراض والتشبيك، والتعاون مع الطواقم الطبية المهنية وتطوير منظومة صحية عربية قُطرية.

التعليقات