في باقة الغربية وجت: مبادرات محلية وجهود طبية لمنع تفشي كورونا

في الوقت الذي امتنعت فيه وزارة الصحة الإسرائيلية عن تقديم الدعم العملي لمدينة باقة الغربية وقرية جت المثلث لتمكنهما من مواجهة فيروس كورونا المستجد تتركز الجهود والمبادرات المتواصلة للأسبوع الخامس على التوالي على إجراءات السلطات المحلية

في باقة الغربية وجت: مبادرات محلية وجهود طبية لمنع تفشي كورونا

من مكان إجراء الفحوصات بباقة (عرب ٤٨)

في الوقت الذي امتنعت فيه وزارة الصحة الإسرائيلية عن تقديم الدعم العملي لمدينة باقة الغربية وقرية جت المثلث لتمكنهما من مواجهة فيروس كورونا المستجد، حيث سُجلت حتى مساء اليوم الأحد، 34 إصابة بالفيروس (18 حالة في باقة الغربية و16 حالة في جت)، تتركز الجهود والمبادرات المتواصلة للأسبوع الخامس على التوالي على إجراءات السلطات المحلية والعشرات من الأطباء والممرضين والمتطوعين الذين يعملون على مدار الساعة في ظل حالة من الطوارئ للحد من انتشار الجائحة.

واكتفت وزارة الصحة الإسرائيلية بالتحذير من انتشار الفيروس في البلدين إثر الدالة التصاعدية لعدد الإصابات (التي تشهدها أيضا كل من طمرة، عرب الشبلي، جسر الزرقاء، أم الفحم ودبورية) وامتنعت حتى عن تحويل معلومات حول المصابين وتحديد مسارات تنقلهم، وهي المهمة التي يقوم بها الأطباء في صناديق المرضى واللجان الطبية في البلدين، وذلك سعيا من رئيسي السلطتين المحلتين رائد دقة في باقة الغربية، وخالد غرة في جت، لاحتواء الفيروس والحد من انتشاره.

رئيس بلدية باقة رائد دقة والنائب أسامة السعدي والشيخ خيري إسكندر بمحطة الفحص بالمدينة ("عرب 48")

وخلال حدثهم لـ"عرب 48"، وجه العديد من المسؤولين والمواطنين في البلدين، انتقادات شديدة اللهجة لوزارة الصحة لعدم الاهتمام الحكومي الرسمي في المجتمع العربي، والتقصير بكل ما يتعلق في إجراء الفحوصات لتشخيص الإصابة بالفيروس، وكذلك الامتناع عن تحديد مسارات المصابين بالفيروس عند العرب مثلما هو معمول به في البلدات اليهودية.

وتحت ضغط تفشي الفيروس في باقة وجت والذي كان مصدره من شبكات التسوق في "غليلوت" ومدينة هرتسليا، حيث يعمل عشرات الشبان من البلدين، وافقت وزارة الصحة بعد متابعة نواب من القائمة المشتركة، على إقامة محطات فحص متنقلة.

وأجرى المئات من المواطنين فحوصات لاكتشاف فيروس كورونا، فيما طالب دقة وغرة بتخصيص جولة ثانية للمحطات المتنقلة بالبلدين البالغ تعداد سكانهما 45 ألفا، حيث أجرى نحو 1000 مواطن فقط فحوصات لاكتشاف الفيروس.

وتواكب بلدية باقة الغربية كما مجلس جت، تطورات الأحداث على مدار الساعة حول كل ما يتعلق بتسجيل إصابات جديدة، فيما تعمل بالتوازي مع ذلك لجنتي الطوارئ واللجان الطبية ومجموعات من المتطوعين بالبلدين، بالتعاون مع مختلف الأقسام بالسلطتين المحليتين، على تعميق الوعي لدى المواطنين لضرورة الالتزام بالتعليمات الاحترازية للوقاية من الفيروس والتزام المنازل وعدم مغادرتها إلا لحالات الضرورة وللتزود بالمواد الغذائية أو شراء مواد طبية وأدوية.

في مواجهة كورونا: الأمور في باقة الغربية تحت السيطرة

رئيس بلدية باقة الغربية رائد دقة ("عرب 48")

وتوجه رئيس بلدية باقة الغربية، رائد دقة، بالشكر لكل من ساعد بوصول محطة الفحص المتنقلة للمدينة ومن ضمنهم نواب المشتركة والنائب أسامة السعدي، كما أشاد بأهالي المدينة وأصحاب المصالح والمحلات التجارية على التزامهم بالتعليمات وعلى التعاون من أجل منع انتشار الفيروس، وكذلك أشاد بالدور الريادي للأطباء والممرضين من باقة على عملهم وتطوعهم لحماية المواطنين ومساعدتهم.

وعن الإجراءات التي تقوم بها البلدية للحد من انتشار الفيروس، قال دقة في حديثه لـ"عرب 48" إن الأمور في باقة الغربية تحت السيطرة، وهذا بفضل التعاون والتنسيق والتشبيك ما بين البلدية ولجنة الطوارئ واللجنة الطبية ومختلف اللجان والفعاليات النشطة وأئمة المساجد في المدينة.

وأكد أن جميع الإصابات لشبان عملوا بشبكات التسوق في بلدات يهودية، بحيث تقوم البلدية مع لجنة الطوارئ بمتابعة أوضاعهم الصحية.

جانب من محطة الفحص قبالة ديوان باقة ("عرب 48")

وانتقد رئيس البلدية تقصير وزارة الصحة بالتعامل مع أزمة كورونا في البلدات العربية وباقة الغربية على وجه الخصوص، وامتناعها عن تزويد السلطات المحلية بمسار المصابين الأمر الذي يعيق العمل لاحتواء الفيروس.

وبيّن أن البلدية وغرفة الطوارئ والأطباء في صناديق المرضى يقومون باستجواب كل المصابين بالفيروس حول مسارات تنقلهم وإعلام الجمهور كإجراء وقائي.

وأوضح دقة أن بلدية باقة الغربية وبسبب موقع البلدة الإستراتيجي، حيث تعتبر شريان مواصلات حيوي في منطقة المثلث، تلزم مختلف الأقسام والهيئات ببذل جهود مضاعفة، مشيدا بالتعاون والتنسيق بين مختلف القطاعات، سواء باعتماد وتعميم الإجراءات والعمل بها، وتعقيم المؤسسات والمتاجر، والدعم والمساعدة لمختلف الشرائح الاجتماعية وتحديدا كبار السن.

دون المسؤولية الشخصية لكل فرد لا يمكن لأي جهة احتواء الفيروس

ذات الموقف عبر عنه مُركز غرفة الطوارئ في باقة، عضو بلدية فطين بيادسة، الذي شدد على ضرورة مضاعفة الفحوصات لاكتشاف الفيروس، مبينا أن مئات الفحوصات لمدينة يبلغ تعداد سكانها 33 ألفا تعتبر غير كافية بل تعتبر هزيلة، وذلك إثر الدالة التصاعدية للإصابة بالفيروس في باقة.

وأوضح بيادسة في حديثه لـ"عرب 48" أن تعامل وزارة الصحة مع أزمة كورونا في البلاد والمجتمع العربي على وجه الخصوص، يثبت الفشل المتواصل للوزارة في الاستثمار بالمنظومة الصحية، مشيدا بدور الأطباء والممرضين ولجنة الطوارئ التي انطلقت في باقة مع تشخيص أول إصابة بالبلاد، وكانت بأوج الجهوزية لتدارك تداعيات الفيروس واحتمال تفشيه بأوساط المواطنين في المدينة.

دور نشط للمتطوعين في باقة الغربية للحد من انتشار كورونا ("عرب 48")

وشدد بيادسة على ضرورة مواصلة التعاون مع مختلف الجهات والأوساط في المدينة لتدعيم الحصانة المجتمعية ومواصلة خدمة ورعاية المسنين وحماتيهم من الفيروس، إلى جانب العمل على مسار التوعية للجمهور لمواصلة الالتزام بالتعليمات، مشيدا بتعاون أهالي المدينة ودورهم بالتصدي للفيروس، مؤكدا أنه من دون المسؤولية الشخصية لكل فرد لا يمكن لأي جهة احتواء الفيروس.

في جت: نشر الأسماء ومسارات المصابين للحد من انتشار الفيروس

رئيس مجلس جت المربي خالد غرة ("عرب 48")

الواقع ذاته تعيشه قرية جت المثلث، التي تُركت وحيدة أسوة بباقة الغربية لمواجهة فيروس كورونا والحد من انتشاره مع تسجيل 16 إصابة غالبيتها لشبان يعملون بشبكات تسوق في البلدات اليهودية، إذ تدارك المجلس المحلي الأمور وأنطلق مع لجنة الطوارئ والأطباء ومجموعة المتطوعين في معركة الوقاية من الفيروس.

وأوضح رئيس مجلس جت، خالد غرة، أن الجهوزية والتحضيرات التي تم القيام بها في القرية مع بدء أزمة كورونا في البلاد، حال دون انتشار الفيروس وتسجيل إصابات واسعة، علما بأن الإصابات الحالية بالفيروس مقارنة بعدد سكان القرية تعتبر عالية، مبينا أن مصدرها شبكة التسوق "غليلوت".

وأكد غرة لـ"عرب 48" أن قرية جت وبفضل عمل لجنة الطوارئ الطبية والأطباء في صناديق المرضى كانت السباقة في ابتكار فكرة نشر مسار المصابين بالفيروس بعد أن امتنعت وزارة الصحة عن تزويد المجلس بالمعلومات والمسارات، مؤكدا أن نشر الأسماء والمسارات للمصابين بالفيروس يساهم بشكل كبير بمنع انتشار كورونا.

لجنة الطوارئ والأطباء والجهوزية ساعد في منع تفشي الفيروس بشكل أوسع

من جانبه، يرى مركز لجنة الطوارئ الطبية في جت الدكتور خالد وتد، أن الإجراءات الاستباقية التي قامت بها لجنة الطوارئ والأطباء في القرية، ساعدت على منع تفشي الفيروس بشكل أوسع، مبينا أنه بعد تسجيل 16 إصابة بالقرية، بات الجميع ومن ضمنهم الأطباء، يعملون بتكاتف وعلى مدار الساعة لتوعية الأهالي وحثهم على التقيد بالتعليمات والتزام منازلهم.

الدكتور خالد وتد مركز لجنة الطوارئ الطبية في جت ("عرب 48")

وأوضح وتد لـ"عرب 48" أن الفحوصات التي تجرى في المجتمع العربي لاكتشاف الفيروس غير كافية، داعيا لمضاعفة الفحوصات خاصة بالبلدات التي تظهر بها دالة تصاعدية بالإصابة بالفيروس، مشددا على ضرورة منح الإمكانية لجميع من لديهم أعراض الإصابة بالفيروس إجراء الفحوصات.

ودعا جميع من يصابون بالفيروس في المجتمع العربي وفي قرية جت الإعلان عن أسمائهم ومسارات تنقلهم، مؤكدا أن الكشف عن مسارات التنقل للمصابين يعتبر من أهم الإجراءات للحد من انتشار الفيروس، مؤكدا ضرورة اعتماد إجراءات الوقاية لمنع الإصابة أو نقل العدوى، قائلا "الإصابة بالفيروس ليست عيبا، فكل إنسان قد يصاب بكورونا، وعليه، فإن التعاون بين قطاعات المجتمع يساهم بالحد من انتشاء الفيروس ومنع الوباء".

مبادرات للتطوع والمساعدة

وللمساهمة في منع انتشار الفيروس والمساعدة في حالة الطوارئ، ينشط الحاج عيد أبو زقيقة من باقة الغربية في التطوع من خلال الطواقم الطبية التابعة لـ"نجمة داوود الحمراء"، حيث تجند في توعية أهالي البلدة والقرى المجاورة في كيفية تحديد المواعيد لإجراء الفحوصات لاكتشاف الفيروس، وحث الأشخاص الذين كانوا عرضة لانتقال الفيروس، على ضرورة إجراء الفحوصات كإجراء وقائي، كما أنه لا يتردد بإحضار سيارة الإسعاف للمسنين بغية إخضاعهم للفحوصات أثناء تواجدهم في منازلهم.

ذات الجهد يقوم به مسؤول قسم المتطوعين في مجلس جت، الشاب ذياب خلف، الذي انخرط مع العشرات من الشبات مع لجنة الطوارئ، حيث ركزوا جل نشاطهم وعملهم التطوعي في خدمة المسنين ومساعدة قسم الرفاه الاجتماعي في توزيع الطرود الغذائية والوجبات الساخنة على العائلات المحتاجة وعلى المسنين، كما ساهموا بنشر التوعية عبر شبكات التواصل الاجتماعي والنشاط بصفوف الشبان لحثهم على البقاء بالمنازل والتزام التعليمات، علما بأن الغالبية العظمى للإصابات سجلت بصفوف الجيل الشاب.

وعلى وقع هذه المشاهد، بدت البلدات العربية وكأنها جمهوريات مستقلة بذاتها، فلولا مبادرات الحكم المحلي العربي والتنسيق والتعاون مع القائمة المشتركة لما كان الاهتمام بإجراء الفحوصات عند العرب، يقول النائب أسامة السعدي "هذا تقصير وتمييز واضح من قبل المؤسسات الرسمية والحكومة، وبفضل الجهد الجماعي كانت هناك أكثر من 25 محطة فحوصات متنقلة بالبلدات العربية، ولمسنا الإقبال من قبل المواطنين على إجراء الفحوصات التي يجب مضاعفتها، وفي المقابل العمل معا كل من موقعه لتقليص الإصابات والحد من انتشار الفيروس".

التعليقات