*قضية الاسرى والمعتقلين قضية وطنية عامة. هكذا كانت على الدوام، وهكذا يجب أن تكون.
ومن العار أن تختزل وتترك لتصير مسألة فئوية تخص الأسرى وذويهم وبعض المؤسسات المعنية بهم أو بحقوق الإنسان.
وقضية الأسرى ـ ككل القضايا المركزية في النضال الوطني الفلسطيني ـ قضية ملحة لا تقبل التسويف والإرجاء، ويجب أن تبقى باستمرار على أجندة وجدول العمل اليومي، ولا يجوز في أية حال تحويلها إلى شأن موسمي.
فهي قضية حيَة كبرى، لا ذكرى ماضية تستعاد في موعد سنوي مناسباتي يكرر فيه الخطباء والكتَاب كلماتهم ووعودهم وتحياتهم.
ما حلَ بقضية الأسرى من تراجع هو النتيجة الطبيعية لما حل بالقضية الفلسطينية ككل. فبعدما كانت قضية وجود شعب ومصير أمة، جرى تفكيكها وتفريغها من المضمون والمعنى اللذين اجتمع عليهما الشعب والأمة وقدما في سبيلهما التضحيات الهائلة على مرِ التاريخ الفلسطيني الحديث والمعاصر.
تبعاً لهذا، تحوَل الصراع الوجودي المصيري مع العدو الصهيوني إلى ضرب من المسائل الخلافية التي يجري العمل على حلها، لا بالصراع والكفاح كما جرى طوال الوقت، بل بلقاءات تعقد هنا وهناك، أو بتقديم الشكاوى التي تستجدي العطف والإحسان.
وكما هو واضح منذ انطلاق ما يسمى بمسيرة التسوية السلمية، لم تنجح كل التنازلات والتوسلات، ولا إثبات حسن النوايا بالتخلي عن المقاومة، في تحرير أسير واحد أو أسيرة واحدة أو حتى تحرير الأطفال الأسرى. ولنا ان نتوقع ما سيكون عليه مصير القضايا المركزية كالقدس واللاجئين والحدود والأمن والمستوطنات.
لا بدَ من الخروج من هذا المسار التدميري وإعادة الاعتبار لقضية فلسطين كقضية تحرير وطني تواجه استعمارا عنصريا إجلائيا، وهو ما سيفتح الطريق مجددا أمام استنهاض وإطلاق قوى الشعب والأمة لخوض الصراع على كل الجبهات وبكل الأشكال.
وفي سياق تحقيق هذا المسعى، يجب أن تخاض معركة تحرير الأسرى ـ ككل القضايا المنبثقة عن القضية الأم ـ بجد وعزم، وأن تنهض بها مؤسسات وهيئات تشمل كل الساحات الفلسطينية والعربية والدولية، وعلى كل المستويات: السياسية والإعلامية والقانونية والمعنوية والمعيشية.
ومع كل هذه الأعمال وغيرها، ينبغي أن لا ننسى العمل المجدي والمجرب مع العدو الصهيوني الذي يجبره على تحريرهم بدون أية مساومات أو تنازلات، ألا وهو الرد على عنفه بالمثل، وتهديد مؤسساته الاغتصابية وأسر جنوده وأفراده.
ففي صراع الشعوب من أجل البقاء، كما هي حال الشعب الفلسطيني، لا مكان للضعفاء والمستعطفين.. وستتبدد أصوات صرخاتهم دون أن تترك أي صدى.
أما الرصاص، فدويُه كفيل ببلوغ الأسماع اللاهية، وإدارة الرؤوس الصلفة وإجبارها على الإذعان.
التعليقات