10/08/2018 - 10:08

3 مظاهرات تخشاها إسرائيل بعد "قانون القومية"

الخيارات كثيرة والإمكانيّات متعددة والأفكار الإبداعيّة تخرج عندما يُتاح لشرائح أوسع في المشاركة السياسيّة، وعدم احتكار الفعل والقرار السياسي لمن يتصدرون لجنة المتابعة والقائمة المشتركة فقط.

3 مظاهرات تخشاها إسرائيل بعد

اختارت إسرائيل الظرف السياسي العالمي والإقليمي والمحلي الأفضل لها لسن "قانون القومية"؛ فأميركا ترامب اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقلت السفارة، العالم العربي يتخبط بحروبه وثورات مضادة قمعت بأبشع الاساليب الانتفاضات الشعبيّة، وأنظمة تعمل سرًا وعلنا للتحالف مع إسرائيل، وحركة وطنيّة فلسطينيّة متشظيّة انتهت ومأسسة الانقسام الفلسطيني بين غزّة والضفة. في وسط هذا الحالة، يبدو أن إسرائيل مطمئنة في استكمال مشروعها الاستيطاني العنصري في كل فلسطين ولا تخشى شيئا. لكن مع كل ذلك، إذا نظرنا للحراك الاحتجاجي الحالي وأمثلة سابقة وما يمكن أن يحصل في المرحلة المقبلة؛ هناك ثلاث حالات من المظاهرات والحراكات الاحتجاجيّة التي تخشاها إسرائيل بعد سن هذا القانون.

العرب الدروز

يبدو حتّى الآن أن أكثر فئة تحرّكت ضد "قانون القومية" هم العرب الدروز. لكن معظم الاحتجاجات الحاصلة تجري من منطلقات طائفيّة وإسرائيليّة. هناك لحظة فارقة يعشيها من اعتقد لسنوات طويلة أن إسرائيل تعطي الحقوق وتعترف بمكانة من خدمها من غير اليهود خصوصًا في المؤسسات العسكريّة. لحظة تبدو فيها أن إسرائيل صفعت بعرض الحائط وطوله كل مقولاتها الزائفة حول الشراكة الإستراتيجيّة و"حلف الدم" ووحدة المصير مع الدروز. المظاهرة الضخمة التي في تل أبيب كانت احتجاجيّة في سياقها الإسرائيلي، ولن تحدث تأثيرًا ما بقي الاحتجاج في الإطار الإسرائيلي والطائفي. إذا لم تتغير قواعد اللعبة السابقة من طرف العرب الدروز كما غيّرت إسرائيل من قواعدها (مع العلم أن كل الكلام عن الحقوق والمكانة للدروز قبل القانون كان كلامًا بلا رصيد) فهذا يعني قبول بالوضعيّة التي عملت عليها إسرائيل وتريد تكريسها تجاه العرب الدروز، وهي التي وصفها متحدثون وكتاب دروز بأنها "وضعيّة المرتزقة".

لا تغيير لقواعد اللعبة أفضل من إسقاط التجنيد الإجباري على الدروز، كما لا يوجد لحظة فارقة أفضل من الآن للعمل على إسقاط التجنيد الاجباري. حالة غضب عامّة واستعداد للإقدام على ذلك، وبيئة أسهل للنشاط على هذا الموضوع من السابق.

نموذج برافر

لا تخشى إسرائيل المظاهرات في البلدات العربيّة (حتى الآن لا يوجد حتى مظاهرات كلها وقفات رفع لافتات وعتب) حتّى لو خرجت بشكل يومي وبشكل كبير. تخشى إسرائيل رؤية الفلسطينيين من مواطنيها يقفون على مفارق الطرق ويغلقون الشوارع كما حصل في الحراك ضد مخطط برافر في العام 2013، الذي تمكّن حينها من إيقاف المخطط الرسمي (الذي سيطل علينا من جديد وبفجع أكبر للمصادرة والترحيل بعد القانون). هذا لا يعني أن الحراك والنشاط داخل البلدات العربيّة غير مجدٍ؛ بل هو هام جدًا ضمن إستراتيجيّة نحو تصعيد وتحشيد، وهذا يشمل جميع الأفكار المبتكرة من أجل ذلك من ضمنها الندوات والأمسيات الفنيّة والتوجه لشرائح عينيّة بشكل خاص (طلاب المدارس مثلًا) ومباشر، والتوقف عن التعامل مع الناس كجمهور عام واحد يُخاطب في بيان.

الخيارات كثيرة والإمكانيّات متعددة والأفكار الإبداعيّة تخرج عندما يُتاح لشرائح أوسع في المشاركة السياسيّة، وعدم احتكار الفعل والقرار السياسي لمن يتصدرون لجنة المتابعة والقائمة المشتركة فقط. يبدو أن من يتصدّر الفعل السياسي للفلسطينيين في أراضي الـ48 عاجزون عن تقديم نموذج احتجاجي مختلف وتصعيدي بعد هذا القانون، ويفتقدون للقدرة على ذلك لعدّة اعتبارات منها السقف السياسي والولاء السياسي لسلطة رام الله غير الراغبة بالتصعيد. لكن كل هذا لا يمنع من المثقفين الذين يطلقون العرائض هذه الأيام والنشطاء الشباب الذي يطلقون الصياح الغاضب في "فيسبوك"، من أن يبادروا ويكسروا هذا الاحتكار. كذلك الأمر بالنسبة للأحزاب التي تخالف النهج المتّبع من رئيسي المشتركة والمتابعة.

وحدة جغرافية

أمّا النموذج الثالث من المظاهرات الذي تخشاه إسرائيل؛ فهو تحوّل حركة الاحتجاج على قانونها إلى وحدة جغرافيّة وطنيّة فلسطينيّة تشمل أهالي القدس والضفة وغزّة والـ48، لينضم لها الشتات وكل من يناصر القضية الفلسطينيّة حول العالم. فما جاء هذا القانون ليمنعه من حقوق وتطلّعات للفلسطينيين كشعب واحد ستكون هذه المظاهرات النقيض تمامًا. الإضراب العام في كل فلسطين، الخروج كل يوم جمعة بعشرات أو مئات النقاط، المظاهرات على طرفي "الحدود" وغيرها، ستفشل أهداف القانون وتجعله محاكمة مستمر لنظام الأبرتهايد.

سطّرت مدينة القدس العام الماضي درسًا مهمًا في الحراك الشعبي احتجاجًا على البوابات الإلكترونيّة التي أراد أن يضعها الاحتلال للدخول للمسجد الأقصى، واستطاع المقدسيون إفشال مخططه. وفي قطاع غزّة ما زالت المظاهرات الأسبوعيّة مستمرة وهي تُسطّر معركة متقدّمة في وجه تصفية القضيّة الفلسطينيّة وتقدّم نموذجًا فلسطينيًا وعالميًا في وجه الفاشية. وفي أراضي الـ48 كانت لتجربة حراك برافر محطّة جديدة في الاحتجاج السياسي في الداخل يمكن البناء عليها. وفي الضفّة الغربيّة قدّمت العديد من القرى والبلدات عدة نماذج في المقاومة الشعبيّة لم تتوقف حتّى اليوم، استطاع بعضها تحقيق نجاحات عديدة وإثارة الرأي العام حول العالم. هذه الجهود كلها إذا توحدّت في حراك مشترك ومستمر، ستكون حينها مرحلة جديدة للتحرر من نظام الأبرتهايد.

التعليقات