18/02/2021 - 18:57

دير ياسين ليست استثناء: القتل كان جزءًا من الروتين الصهيوني

ورغم أنّ وقائع العمليتين/المذبحتين لم تتغير في الطبعتين، فإنّ التغيير يرتبط بحاضر ما يعتبره بيني موريس زيادة التوتر بين اليمين واليسار، وما نعتبره نحن هيمنة اليمين، الذي يشكّل فرصة لتسويد وجه "اليسار" برأي موريس.

دير ياسين ليست استثناء: القتل كان جزءًا من الروتين الصهيوني

أثناء تهجير دير ياسين (أرشيف الجيش الإسرائيلي)

سؤال في ما إذا كانت مذبحة دير ياسين هي استثناء أم أنّ ما يميّزها عن غيرها من المذابح الصهيونية في فلسطين أنها ارتكبت بأيدي عصابتي "الإيتسل" و"الليحي"، لا بأيدي عصابات التيار المهيمن في الصهيونيّة، التي ارتكبت، بدورها، عشرات المذابح الأخرى. وفي حين جرت محاولة لإخفاء تلك المذابح، جرى بالتوازي تعظيم شأن مذبحة دير ياسين واستغلالها قبل هذا لتسويد وجه اليمين الصهيوني، ومواصلة تحييده عن مراكز صنع القرار في الدولة العبرية الناشئة.

هذا السؤال يُطرح مُجدّدا كلّما سنحت الفرصة لكشف المزيد من المذابح الصهيونية التي ارتكبت بايدي "الهاغاناة" و"البلماح"، ويتعاظم مع تعاظم قوة اليمين مقابل ضمور قوة "اليسار" في حاضر الدولة اليهودية.

في هذا السياق، يلفت المؤرخ بيني موريس في مقال نشرته صحيفة "هآرتس"، إلى مذابح "مستحدثة" في الطبعة الثانية من كتاب المؤرّخ الإسرائيلي اليميني أوري ميلشطاين "حرب الاستقلال" الصادرة عام 2018، لم يكن المؤرخ وصفها بالمذابح في طبعة الكتاب الأولى، رغم عدم تغيّر الوقائع.

ويشير، بشكل خاصّ، إلى مذبحة قرية الخصاص في الجليل الأعلى ومذبحة بلد الشيخ، التي ارتكبتها "البلماح" بمساعدة عناصر "الهاغاناة" من حيفا، وأعدم خلالها عشرات الرجال العرب بعد إخراجهم من بيوتهم، إضافة إلى إلقاء قنابل يدوية على العديد من بيوت في قريتي بلد الشيخ والحواسة.

ووفق المصادر الفلسطينية، فإنّ الهجوم على القريتين بدأ بعيد منتصف الليل وكان عدد المهاجمين بين 150 -200، قدموا من التلال الواقعة جنوبي بلد الشيخ، وركّزوا هجومهم على أطراف بلد الشيخ وحوّاسة.

وفاجأ الصهاينة البيوتَ النائيةَ في الأطراف وقذفوها بالقنابل اليدوية، ودخلوا على السكان النائمين وهم يطلقون نيران رشّاشاتهم. واستمر الهجوم ساعة انسحب إثرها المهاجمون بعد أن هاجموا حوالي عشرة بيوت، وراح ضحية ذلك الهجوم نحو 60 شهيدًا، معظمهم من النساء والأطفال وعدد من الجرحى.

أمّا في الخصاص، فأغار في 18 كان أوّل/ديسمبر 1947، عناصر من القوة الضاربة لـ"الهاغاناة" على القرية ليلًا، وأطلقوا نيران أسلحتهم ورموا القنابل ونسفوا منازل عدة، وقُتِلَ من جراء الغارة اثنا عشر مدنيًا، منهم 4 أطفال كما يورد بني موريس نفسه، فيما دفن الضحايا تحت أنقاض منازلهم.

ورغم أنّ وقائع العمليتين/المذبحتين لم تتغير في الطبعتين، فإنّ التغيير يرتبط بحاضر ما يعتبره بيني موريس زيادة التوتر بين اليمين واليسار، وما نعتبره نحن هيمنة اليمين، الذي يشكّل فرصة لتسويد وجه "اليسار" برأي موريس، والذي هو برأينا، ربما إنصاف للحقيقة من خلال الكشف بأن دير ياسين، رغم بشاعة المذبحة التي ارتكبت ضد أهلها، لم تكن استثناء، بل هي جزء من نهج ساد على امتداد، ما يصفها، المؤرخ مليشطاين، بالحرب الأهلية، وخاصة من اللحظة التي انتقل فيها "اليهود" إلى الهجوم في بداية نيسان/أبريل عام 1948.

فقد قامت وحدات "الهاغاناة" و"البلماح"، كما يقول ميليشطاين، بقتل المدنيين والأسرى العرب بشكل عادي وروتيني، خاصّة خلال احتلال القرى، وفي وقت تم فيه تعظيم شأن مذبحة دير ياسين من قبل أبواق الدعاية التابعة للتيار الاستيطاني المهيمن، تم بموازاة ذلك إخفاء أعمال القتل التي قامت بها منظمات "البلماح" و"الهاغاناة".

وهو يشير في هذا السياق إلى مذبحة عين الزيتون الواقعة على مشارف صفد، والتي قام خلالها عناصر "البلماح" بقتل عشرات الأسرى والمدنيين وهم مقيدون، وإلى تفجير فندق سميرأميس في حي القطمون العربي في القدس بأيدي عناصر "البلماح"، والذي قتل فيه 26 شخصا وأصيب 60 آخرون معظمهم من المدنيين.

التعليقات