انفجار أجهزة الاتصال بلبنان... اختراق إسرائيليّ لسلسلة توريد حزب الله؟
يبدو أن الانفجارات المتزامنة لمئات من أجهزة الإشعار، التي يحملها أعضاء حزب الله في لبنان، جاءت نتيجة تسلل إسرائيلي للسلسلة اللوجستية للحزب.
تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات
وذكر محلل الشؤون الاستخبارية في صحيفة يديعوت أحرونوت، رونين برغمان، أنه إذا كانت إسرائيل هي من نفذ تفجير أجهزة الاستدعاء لدى حزب الله، فيبدو أن أجهزة الاستخبارات رصدت رغبة حزب الله باستيراد أجهزة استدعاء أكثر تشفيرا، وقامت باستبدال الشحنة الجديدة بأجهزة مفخخة.
وأضاف أن لدى الوحدة 8200 الاستخبارية في الجيش الإسرائيلي، إذا كانت مسؤولة عن الانفجارات، "حساب مفتوح" مع حزب الله بعدما تمكن في العام 1999 من إدخال هاتف مفخخ لمعسكر إسرائيلي في جنوبي لبنان، وجرى تحويله إلى مختبر الأكثر سرية للوحدة (8200) بهدف سحب معلومات منه، وتفجر حالما جرى وصله بالكهرباء، وتسبب بإصابة ضابطين بجراح بالغة، وبتر ذراع أحدهما، واعتبر ذلك اختراقا "لقدس أقداسها" حينذاك.
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين أميركيين وآخرين أن إسرائيل أخفت متفجرات داخل دفعة من أجهزة استدعاء تنتجها شركة تايوانية جرى استيرادها إلى لبنان، وأنه تم التلاعب بالأجهزة التي طلبها حزب الله قبل وصولها إلى لبنان. وأضافت المصادر أن حزب الله طلب من شركة غولد أبولو التايوانية أكثر من 3 آلاف جهاز استدعاء.
وأضافت الصحيفة أنه جرى زرع مادة متفجرة صغيرة الحجم بجانب بطارية كل جهاز استدعاء، كانت أغلبها من طراز AP924 الذي تنتجه الشركة التايوانية، رغم أن ثلاثة طرازات أخرى من طراز جولد أبولو كانت ضمن الشحنة، وأن المادة المتفجرة لا يتجاوز وزنها أونصة أو اثنتين؛ كما تم تضمين مفتاح يمكن تشغيله عن بعد لتفجير المتفجرات.
ونقلت الصحيفة عن مصادرها أنه جرى توزيع أجهزة الاستدعاء على أعضاء حزب الله في جميع أنحاء لبنان، وعلى بعض حلفاء حزب الله في إيران وسورية.
إلى ذلك، نقلت وكالة "فرانس برس" عن مصدر مقرب من حزب الله إن "أجهزة الإشعار (بايجر) التي انفجرت، قد وصلت عبر شحنة استوردها حزب الله، مؤخرا، تحتوي على ألف جهاز". وأضاف المصدر ذاته: "يبدو أنه تم اختراقها من المصدر".
تسلّل لوجستيّ
وكتب الخبير لدى معهد الشرق الأوسط (MEI)، تشارلز ليستر، عبر منصة "إكس"، إنه "وفقا لتسجيلات الفيديو... من المؤكد أنه تم إخفاء عبوة بلاستيكية متفجرة صغيرة، بجانب بطارية يتم تشغيلها من بعد، عن طريق إرسال رسالة".
وهذا يعني في رأيه، أن "جهاز الموساد (الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية المسؤولة عن العمليات الخاصة) اخترق سلسلة التوريد".
من جانبه، تحدث المحلل العسكري إيليا مانييه، من بروكسل، عن "خلل أمني كبير في الإجراءات التي يتبعها حزب الله"، موضحا أن عملاء إسرائيليين "تسللوا بلا شك إلى عملية الإنتاج، وأضافوا عنصرا متفجرا وجهاز تفجير من بعد إلى أجهزة الإشعار من دون إثارة الشبهات".
وقال الخبير الأمني والمحلل السابق لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، مايك ديمينو، إن العملاء "تمكنوا من توصيل أجهزة الإنذار في صفوف الحزب... إما من خلال التظاهر بأنهم موردون، أو عن طريق حقن الأجهزة مباشرة عند محطة ما، ضمن سلسلة التوريد الخاصة بحزب الله، عبر استغلال نقاط الضعف (شاحنات النقل والسفن التجارية)".
"أنتم غير قادرين على تحرير أبنائنا؟"
وقال الخبير مايك ديمينو عن عملية الثلاثاء، "إنها عملية تخريب كلاسيكية، عمل استخباراتي في قمة الاتقان". وذكر عبر منصة "إكس" أن "عملية بهذا الحجم تستغرق أشهرا، إن لم يكن سنوات، لتنظيمها على أحسن وجه".
وذكر خبير الدفاع الفرنسي، بيار سرفان، إن "سلسلة العمليات الأخيرة التي نُفذت خلال الأشهر القليلة الماضية، تعني أنها سجلت عودة مجلجلة مع رغبة في الردع، ورسالة مفادها: أخطأنا لكننا لم نمت".
ومع ذلك، أشار إلى خطورة أن تسأل عائلات الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة: "أنتم قادرون على تفخيخ مئات من أجهزة الإشعار الخاصة بحزب الله، وتفجيرها في وقت واحد، وغير قادرين على تحرير أبنائنا؟".
وأعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أن عودة سكان شمال البلاد، الذين فروا من صواريخ حزب الله، صارت اليوم أحد أهداف حكومته.
وقال مايك ديمينو: "إذا كنت تستعد لتدخل بري في لبنان لدفع حزب الله إلى الشمال... فهذا هو بالضبط نوع الفوضى التي ستزرعها قبل ذلك".