أعلنت مؤسسة "هند رجب"، مساء الإثنين، أنها رفعت قضايا لدى المحكمة الجنائية الدولية، والسلطات الإيطالية، ضد اللواء غسان عليان، منسق أنشطة حكومة الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وطلبت اعتقاله فورًا، حيث يتواجد حاليًا في العاصمة الإيطالية روما.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"

وقالت المؤسسة إن "عليان متواجد في إيطاليا بشكل سري، وقد قدمنا طلبًا لاعتقاله". وأشارت إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تقدم فيها طلبًا لاعتقال ضابط إسرائيلي يحمل رتبة لواء، علما بأن عليان هو "منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي (الفلسطينية) المحتلة".

وشدّدت مؤسسة "هند رجب" على أن عليان "لا يتمتع بأي حصانة من الملاحقة القضائية، وأن الوقت هو جوهر المسألة لضمان محاسبته على أفعاله". وأوضحت المؤسسة دور عليان في "الفظائع" المرتكبة بحق الفلسطينيين، مبينة أنه أشرف على الحصار الطويل الأمد لقطاع غزة.

وأفادت بأنه "بعد السابع من أكتوبر أشرف عليان على فرض الحصار الشامل ضد غزة، بما في ذلك قطع الموارد الأساسية مثل الغذاء والماء والكهرباء والإمدادات الطبية، ما أدى إلى مجاعة ووفيات في صفوف المدنيين وتدمير البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك المستشفيات".

ولفتت المؤسسة، في بيان رسمي، إلى أن عليان هو ذراع لوزارة أمن الاحتلال ومسؤول عن تنفيذ سياسات الحكومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأضافت، أن تحت قيادته، تم تنسيق العمليات العسكرية التي استهدفت البنية التحتية المدنية، وفرضت عقابًا جماعيًا على سكان غزة.

وأشارت المنظمة إلى أن تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان التي وصفت هذه الأعمال بأنها تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وأشارت إلى أن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت مذكرات اعتقال بحق يوآف غالانت وبنيامين نتنياهو على خلفية جرائم ناجمة عن سياسات تسليح المجاعة ومهاجمة البنى التحتية المدنية مثل المستشفيات، مؤكدة أن عليان لعب دورًا محوريًا في الإشراف على هذه السياسات ذاتها.

وشدَّدت مؤسسة "هند رجب" على أن تصريح عليان بأن "الحيوانات البشرية يجب أن تعامل على هذا النحو" يُظهر نية الإبادة الجماعية والجهد المحسوب لتدمير سكان غزة كليًا أو جزئيًا. وأضافت أن عليان لا يتمتع بأي حصانة من الملاحقة القضائية على جرائم من هذا النوع.

ودعت المؤسسة السلطات الإيطالية إلى "التحرك السريع والحاسم"، باعتبارها دولة موقعة على نظام روما الأساسي، مؤكدة أن اعتقال عليان من شأنه أن "يبعث برسالة واضحة مفادها أن الإفلات من العقاب على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية لن يتم التسامح معه".

يأتي ذلك فيما تتزايد الملاحقات القضائية الدولية التي تقودها المنظمة ضد جنود إسرائيليين؛ بسبب تورطهم في حرب الإبادة الجماعية المستمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وأسفرت عن استشهاد وإصابة أكثر من 156 ألف غزي.

وفي 6 كانون الثاني/ يناير الجاري، رصدت هيئة البث العام الإسرائيلية ("كان 11")، في تقرير، ارتفاعا في محاولات ملاحقة جنود إسرائيليين قضائيا في الخارج، مشيرة إلى "تقديم نحو 50 شكوى ضد جنود احتياط" متورطين بالحرب على غزة.

وقالت إنه جرى فتح 10 تحقيقات ضمن تلك الشكاوى القضائية في الدول المعنية "دون تسجيل أي اعتقالات". ولم تحدد هيئة البث أسماء الدول المعنية، فيما أفادت صحيفة "هآرتس" بأن الدول تشمل جنوب إفريقيا وسريلانكا وبلجيكا وفرنسا والبرازيل.

وقدمت مؤسسة "هند رجب" الحقوقية، في الأسبوع الماضي، شكوى لدى السلطات السويدية ضد عسكري في قوات الاحتياط الإسرائيلية مُقيم على أراضيها، بتهمة المشاركة في جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة.

وتتخذ مؤسسة "هند رجب" من العاصمة البلجيكية بروكسل مقرا رئيسيا لها منذ تأسيسها في شباط/ فبراير 2024. وتقول المؤسسة إنها "مكرسة بشكل أساسي للسعي إلى تحقيق العدالة، ردا على الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان".

والطفلة هند، التي تحمل المنظمة اسمها، استشهدت وهي في الخامسة من عمرها عندما استهدفت غارة إسرائيلية سيارة لجأت إليها مع 6 من أقاربها في حي تل الهوى جنوب غرب مدينة غزة، في 29 كانون الثاني/ يناير 2024.

ومن خلال متابعة موقعها الإلكتروني وحساباتها على منصات التواصل الاجتماعي، يمكن رصد شكاوى قدمتها المؤسسة إلى محاكم في دول عديدة ضد جنود إسرائيليين بشبهة بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة.

وتتبع المؤسسة تحركات الجنود الإسرائيليين، وتستعين بمقاطع فيديو وصور نشروها بكثرة على منصات التواصل الاجتماعي خلال مشاركتهم في حرب الإبادة بغزة، وباتت أدلة إدانة ضدهم.

كمثال على أنشطتها، كشفت المؤسسة أن جنديًا من كتيبة الهندسة القتالية 601 نشر صورة عبر "إنستغرام" في 31 كانون الأول/ ديسمبر 2023، يظهر فيها داخل منزل بغزة، كان ملكًا لعائلة فلسطينية قضت أو نزحت أثناء الإبادة الجماعية.

وفي الصورة "يظهر الجندي وهو يقف داخل منزل في غزة كان ذات يوم ملكا لعائلة فلسطينية قُتلت أو نزحت أثناء الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل. أبرزت الصورة التي تمثل عرضا مرعبا للإفلات من العقاب، دور الجندي في الإبادة الجماعية التي شهدتها غزة".

وأوضحت أنه "في هذا العام، بينما يسافر الجندي إلى تايلاند للاحتفال بليلة رأس السنة الجديدة مرة أخرى، يبدو العالم مختلفا تماما لديه، فقد اكتشفت مؤسسة هند رجب (...) وجوده في تايلاند وتصرفت بحزم".

المؤسسة أفادت بأنها "رفعت دعوى ضده أمام المحكمة الجنائية الدولية، متهمة إياه بارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي، وطلبت رسميا من السلطات التايلاندية اعتقاله".

وفي 21 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أصدرت هذه المحكمة مذكرتي اعتقال بحق رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو ووزير الأمن السابق يوآف غالانت، بتهمتي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.

ويتضمن موقع المؤسسة قضايا تم رفعها ضد جنود إسرائيليين في دول بينها البرازيل وتايلاند وهولندا وسريلانكا وفرنسا.

وخشية ملاحقة جنوده بالخارج، أصدر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، قرارا بإخفاء هويات جميع الضباط والجنود المشاركين في أنشطة قتالية عملياتية؛ ودخلت هذه السياسة حيز التنفيذ على الفور، وتسري على جميع الأفراد من رتبة عميد وما دون.

ويشمل القرار آلاف العسكريين في الخدمة الفعلية والاحتياط، بما في ذلك قادة الكتائب والفرق والألوية الذين ظهروا في مقابلات إعلامية متكررة. كما عزز قسم القانون الدولي في النيابة العسكرية الإسرائيلية جهوده لحماية الضباط والجنود قبل أي ظهور إعلامي.