يتضح من حيثيات القرار بإخراج الحركة الإسلامية الشمالية عن القانون، أن الحديث عن قرار سياسي اتخذه المستوى السياسي، وليس أمنيا بدليل التوقيت السياسي، وبدليل معارضة جهاز الأمن العام (الشاباك) للقرار لدوافع أمنية تستند إلى مخاوف من تحول النشاط المعلن للحركة إلى نشاط سري، وبدليل تأكيد رئيس الشاباك أنه  لا توجد أدلة تربط الحركة بنشاط إرهابي.

ويجدر التأكيد على أن قرار إخراج الحركة عن القانون يستند إلى أنظمة الطوارئ الانتدابية، وهي تشريعات انتدابية تمنح السلطات صلاحيات بعيدة المدى، وليس بموجب تشريعات عصرية يفترض أن تناسب دولة تدعي الديمقراطية.

وفي هذا السياق، كتب أستاذ القانون الدستوري والقانون الدولي في جامعة تل أبيب، د. أيال غروس،  في صحيفة 'هآرتس' الصادرة صباح اليوم، الأربعاء، أنه في حال اللجوء إلى هذه الصلاحيات، فإنه يجب القيام بذلك فقط عندما توجد أدلة قاطعة على أنها تشكل خطرا على أمن الدولة والجمهور. ومثلما يحصل في كل حالة تمس فيها السلطة بحق أساس، فإن الحديث هنا عن حرية التنظيم وحرية التعبير السياسي، ومن الممكن أن تكون حرية العبادة.

ويضيف أن الأمر يكتسب أهمية خاصة في ضوء النتائج المترتبة عن الإعلان: كل من انضم إلى تنظيم أعلن عنه غير قانوني، وينشط من قبلها، ويشغل منصبا فيها، وينفذ عملا لها، ويشارك في اجتماعاتها، أو من لديه كتاب أو حساب أو مجلة أو نشرة أو منشور منها، من الممكن أن يقدم للمحاكمة، وأن يصدر عليه حكم قد يصل إلى 10 سنوات سجن فعلي. وعلاوة على ذلك، فإن كل من بحوزته أملاك تعود لهذا التنظيم عليه أن يبلغ وزير المالية بذلك، والذي له الحق بمصادرته.

وبالنتيجة، فإن الإعلان يدين ويعرض للعقوبة الجدية كل من له علاقة، مهما كانت ضعيفة، مع الجناح الشمالي للحركة الإسلامية، رغم تصريحات المسؤولين التي جاء فيها أن عددا قليلا من أعضاء الحركة لهم دور في فعاليات قومية، وهو ما يشير إلى عدم شرعية الإعلان عن الحركة كتنظيم غير قانوني.

ينضاف إلى ذلك، حقيقة أن رئيس الحركة، الشيخ رائد صلاح، كانت قد أدين بتهمة التحريض، ما يؤكد أن القانون يمنح السلطات الأدوات لمواجهة الحركة من خلال الاستناد إلى أدلة بدون اللجوء إلى الخطوة الحالية.

ويقول غروس أنه في حين يتضمن الإعلان أن 'إخراج الحركة عن القانون مطلوب بهدف الدفاع عن أمن الدولة وسلامة الجمهور والنظام العام'، كما أعلنت الحكومة أن الحديث عن 'خطوة ضرورية لمنع المس بالأرواح'، فإن ذلك لا يتماشي مع تصريحات رئيس الشاباك، يورام كوهين، والتي جاء فيها أنه لا يوجد لدى الشاباك أدلة تربط الجناح الشمالي للحركة الإسلامية بالنشاط الإرهابي. كما أن مكتب رئيس الحكومة الذي أعلن أن الحركة 'شقيقة' لحركة حماس، وأن هناك تعاونا 'وطيدا وسريا' بينهما لم تذكر أي دليل على ذلك. وبالنتيجة فإن أقوال كوهين، التي حذر فيها من أن الأضرار تزيد عن الفوائد، تشكك في حقيقة وجود أساس للأدلة المطلوبة لاتخاذ مثل هذا القرار.

ونظرا لحقيقة أن القرار قد تم اتخاذه بمبادرة المستوى السياسي، بينما تحفظت الهيئة المهنية المسؤولة عن أمن الدولة، فإن الشبهات تتعزز بأن دوافع اتخاذ القرار هي سياسية وليست أمنية، ما يعني أن القرار غير مشروع.

ويكتب غروس أنه على ما يبدو فإن توقيت تنفيذ القرار، على خلفية هجمات باريس، هو سياسي، وأن الحكومة سعت إلى استغلال الهجمات لربط جسم إسلامي بالإرهاب، من خلال شيطنة حركة كبيرة، ومحاولة طمس الفروق بينها وبين تنظيمات مثل حركة حماس.

ينضاف إلى ذلك، أن ادعاءات الحكومة بأن جزءا كبيرا من العمليات التي نفذت مؤخرا كانت على خلفية تحريض من قبل الحركة، لا تشير إلى تورط الحركة في العمليات، كما أنه في حالة وجود شبهات بالتحريض على العنف والإرهاب فمن الأفضل تفعيل القوانين ذات الصلة ضد المحرضين.

ويشير د. غروس في نهاية مقالته إلى أن ادعاءات الشاباك، بأن هذه الخطوة لا تثير الاضطرابات فحسب، وإنما قد تدفع الجناح الشمالي للحركة الإسلامية إلى الانتقال من النشاط العلني إلى السري، تؤكد على خطر الإعلان عن إخراجها عن القانون، فعندما لا يوجد أدلة حقيقية على تورطها بالعنف والإرهاب فإن الإعلان عن تنظيم سياسي وديني كغير قانوني من الممكن أن يخطئ الهدف المعلن، وهو الحفاظ على الأمن وسلامة الجمهور، وأن يؤدي إلى التطرف والسرية.