كشفت صحيفة "يسرائيل هيوم" اليوم، الخميس، عن أن جهاز الأمن الإسرائيلي (الشاباك) أكد في تقرير أعقب الأحداث في قرية أم الحيران، التي استشهد خلالها المربي يعقوب أبو القيعان برصاص الشرطة الإسرائيلية، لم يكن حدثا على خلفية قومية وهو ليس "عملية إرهابية"، لكن الشرطة الإسرائيلية، وقائدها روني ألشيخ، زعموا منذ البداية أن الحديث يدور عن "عملية إرهابية". وكان وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، غلعاد إردان، أيد موقف الشرطة بداية ووصف الشهيد أبو القيعان بـ"المخرب"، ثم تراجع لاحقا ووصف الشهيد بـ"المواطن". ويذكر أن شرطيا لقي مصرعه دهسا خلال هذه الأحداث.

ويأتي هذا الكشف للصحيفة في الوقت الذي تتسع دائرة الصراعات ما بين المفتش العام للشرطة، روني ألشيخ، ورئيس الحكومة نتنياهو، الذي يخضع لتحقيقات بشبهات فساد في عدة ملفات، حيث أتهم نتنياهو وحزب الليكود الذي يترأسه الشيخ بملاحقة نتنياهو واستهدافه، علما أن الحكومة شرعت ما يعرف بقانون "التوصيات" الذي يمنع الشرطة من تقديم توصيات للنيابة العامة بكل ما يتعلق في ملفات التحقيق التي تجريها وتجردها من هذه الصلاحيات.

وسبق أن شككت نتائج أولية لوحدة التحقيق مع الشرطة والتي سربت للإعلام في رواية الشرطة القائلة إن المواطن يعقوب أبو القيعان نفذ عملية دهس على خلفية قومية راح ضحيتها شرطي، وتنتقد تصرف الشرطة في الحادثة.

وأظهرت النتائج التي سربت للإعلام أن تصرف عناصر الشرطة في مسرح الحادثة لم يكن جيدا، وأن إطلاق النار صوب سيارة أبو القيعان لم تكن مبررة من ناحية قوتها وتوقيتها.

فقد أشارت النتائج إلى أن رجال الشرطة أطلقوا النار على سيارة أبو القيعان وهو على مسافة بعيدة منهم وليس عن قرب كما أدعوا، وأن السيارة تقدمت نحوهم ببطء وليس بسرعة كما أدعى رجال الشرطة. وجاء كذلك أن أبو القيعان سافر ومصباحي سيارته الأماميين كانا مضاءين وليس كما ادعى عناصر الشرطة بأنهما كانا مطفآن.

وكان وزير الأمن الداخلي، جلعاد أردان، ومفتش الشرطة، قد صرحا فور اندلاع الأحداث، بأن قوات الشرطة الإسرائيلية التي وصلت إلى قرية أم الحيران في النقب، بهدف إخلاء السكان وهدم المنازل، تعرضت لعملية دهس من قبل أحد مواطني القرية.

وأكد ألشيخ وأردان أن المواطن، يعقوب أبو القيعان، مربي في مدرسة في النقب، انتمى إلى الحركة الإسلامية ونفذ عملية دهس مستوحاة من تنظيم "داعش".

بالمقابل، اختزل نتنياهو، جريمة هدم البيوت التي ارتكبتها حكومته وشرطته في أم الحيران ، بمقتل أحد أفراد الشرطة الذين شاركوا في هذه الجريمة ووصفها بأنها 'عملية دهس إرهابية'، متجاهلا استشهاد أحد سكان القرية بنيران الشرطة ومتجاهلا هدم البيوت في القرية.

وقال نتنياهو إن الشرطي 'تم قتله في عملية دهس إرهابية. هذه هي عملية الدهس الإرهابية الثانية التي شاهدناها في غضون أيام معدودة. إننا نحارب هذه الظاهرة القاتلة التي تضرب إسرائيل ودول العالم على حد سواء'.

وقالت صحيفة "يسرائيل هيوم" إنه في ليلة الحادث الذي وقع في أم حيران، والذي توفي فيه الشرطي أيريز ليفي، واستشهد خلال، يعقوب أبو القيان، برصاص الشرطة الإسرائيلية، قدم جهاز الأمن العام "الشاباك" توصيات لقيادة الشرطة، بأن الحديث يدور عن حادث. فيما أصرت الشرطة على أن هذا الهجوم "إرهابي".

وكشفت المعلومات الجديدة التي توصلت إليها الصحيفة عما وصفته بـ"الدراما التي وقعت خلف الكواليس"، من الحادث الذي خرج عن نطاق السيطرة، من خلال استجواب "الشاباك" في الميدان الذي كانت نتائجه خافتة، وحتى تصريحات المفتش العام للشرطة، روني ألشيخ، الذي أصر بأن الحديث يدور عن عملية "إرهابية" نفذها تنظيم "داعش".

وفى الشهر الماضي، فاجأت المتحدثة باسم الشرطة، خلال مؤتمر صحفي عقد في إيلات، الحضور بأن الشرطة ما زالت تعتقد أن حادث أم الحيران قبل عام كان "إرهابا متعمدا".

جاء هذا التصريح بعد أن ادعى ألشيخ علنا أن وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة "ماحاش" تجاهل وثيقة قدمها "الشاباك" التي عززت الادعاء بأن الهجوم هو "هجوم إرهابي"، وقال إن "ماحاش حذف وثيقة الوثيقة الحساسة من ملف التحقيق، مما يشكل دليلا مربكا وعرقلة للتحقيق".

ومع ذلك، علمت الصحيفة أن موقف "الشاباك" الذي قدم إلى مفتش الشرطة في ليلة الحادث كان مختلفا. ووفقا للمعلومات، قدم المسؤولون عن التحقيق بجهاز الأمن العام للمفتش نسخة عكسية من الحادث، بحسبها تم التأكيد بأن ما حصل حادث دهس وليس عملية "إرهابية".

وقد استجوب ضباط جهاز الأمن، الذين قدموا للميدان وساحة الحادث مباشرة، عناصر من الشرطة والعائلة والعناصر الأخرى في مكان الحادث، وخلصوا بشكل قاطع إلى أنه لا يوجد أي دليل على نوايا "إرهابية" أو صلة بـ"داعش" بما حصل بأم الحيران، وهي التوصيات التي قدمت للشرطة.

ولكن بعد ذلك جاء نداء عاجل لمفتش الشرطة باستدعاء قيادة الشرطة في صباح يوم 18 يناير، قبل ساعات من جنازة الشرطي ليفي، حيث أعلن عن وجود علاقة ما بين الشهيد أبو القيعان و"داعش".

وعندما وصل ضباط الشرطة، للاجتماع بألشيخ لتحديد كيفية التعامل مع الحادث، قال لهم "أبلغت الشاباك أن الحديث يدور عن عملية إرهابية لداعش"، حيث أصر على موقفه، فيما قال بعض الضباط "ما ذكرناه هو الحقيقة. هذا حادث. لا بأس من القول: "نحن آسفون كنا مخطئين"، كما قال ضباط لمفتش الشرطة.

وبعد ذلك بوقت قصير قال نائب قائد المنطقة الجنوبية العميد بيرتس عمار "إنها عملية اصابت رجال الشرطة الذين جاءوا للقيام بنشاطهم القانوني". وفي وقت لاحق، في جنازة الشرطي ليفي، قال مفتش الشرطة إن "الإرهابي يدرس في مدرسة تم فيها اعتقال ستة معلمين للاشتباه في انتمائهم إلى داعش. إنه إرهابي".

اقرأ/ي أيضًا | ابنة الشهيد أبو القيعان تطالب بمقاضاة نتنياهو وإردان