أعرب شبان وشابات من الداخل الفلسطيني عن رفضهم ومناهضتهم  لما يسمى بـ'الخدمة المدنية'، في ظل محاولات المؤسسة الإسرائيلية الإيقاع بهم من خلال إغرائهم بمقابل مادي بالرغم من شحته، أو ما تدعيه من تسهيلات تمحنها لكل من يخدم الدولة ومؤسساتها.

وإلى ذلك، يرى الشبان والشابات بأن 'الخدمة المدنية' تعتبر مخططا لإلحاقهم بالخدمة العسكرية في صفوف الجيش الإسرائيلي، ومحاولة لأسرلة الشباب وإلغاء هويتهم العربية الفلسطينية.

وقالت الشابة لمى عياشي من مدينة طمرة، لـ'عرب 48'، إننا 'نرفض ما يسمى بـ'الخدمة المدنية' أو ما عرفت في السابق 'الخدمة الوطنية' رفضا مبدئيا، حيث من الصعب الربط ما بين حقيقة أن إسرائيل التي قامت على أنقاض شعبنا ونفذت أبشع المجازر بحق شعبنا الفلسطيني وصادرت أراضينا ولا ترى بالفلسطيني إلا عدوا أمنيا، وما بين أن إسرائيل طورت مشروعا يحسن من المواطنين العرب'.

وتابعت 'أما في سياق الخدمة، فعلينا أن نعي سياقها جيدا، فقد جاء هذا المشروع على أثر الانتفاضة الثانية، فمن إحدى توصيات لجنة 'أور' كانت دمج الشباب العرب في مؤسسات الدولة الأمنية، لأن الرسالة الأولى التي أوصلتها الانتفاضة الثانية التمسك بالهوية الفلسطينية، وجاءت التوصيات من لجنة جميع أعضائها كانوا ضباطا في الجيش بإقامة هذا المشروع الذي ينتقي في النهاية من هو الأفضل لدخول الجيش، ولا ريب في ذلك أن الذي ينهي المشروع يحصل على شهادة جندي مسرح'.

وأكدت أننا 'نرفض مشاريع الأسرلة ومحاولة طمس الهوية الفلسطينية ومحاولات شرذمتنا إلى طوائف وملل'.

وأشارت أن 'الخدمة المدنية هي مشروع أمني بغطاء مدني اجتماعي علينا محاربته ومحاربة كل من يروج له، وعلى رأسهم ما يسمى بـ'الشبيبة العاملة والمتعلمة'، واتخاذ موقف واضح بدون تأتأة'.

وأنهت أن 'هذه المسؤولية تقع على عاتق المجتمع الفلسطيني بالمجمل من أحزاب وحركات سياسية التي من شأنها التثقيف وإيجاد بديل، فمن يريد التطوع وخدمة مجتمعه لا يجري ذلك عن طريق المؤسسة الإسرائيلية ولا عن طريق وزارة الأمن أيضا'.

وأعرب الشاب محمد أبو صالح من مدينة سخنين، عن موقفه، لـ'عرب 48'، إن 'ما يقلق في ما يسمى 'الخدمة المدنية' أنه مشروع مبيت من قبل حيث ظهر كمشروع 'التطوع للبلد'، إلا أن الشكوك بدأت عندما انهال الدعم من وزارة الأمن للمشروع، فبدأ الشباب في الأحزاب بالبحث عما يدور وراء هذا المشروع الذي اتضح مؤخرا أنه مشروع لا يخدم المجتمع العربي، إذ لا يربطه مع قضايانا الاجتماعية والوطنية أي شيء'.

وأشار إلى أنه 'على العكس، هناك بنود يجب التوقيع عليها لتتضح بعد التمعن بها أنها بعيدة كل البعد عن العمل التطوعي، حيث يأخذ كل مشترك مبلغا ماليا وتسهيلات معينة على عكس مفهوم ومضمون العمل التطوعي، كما أن البند الأكثر حساسية هو صلة هذا المشروع بالخدمة العسكرية التي سرعان ما تتحول للعمل داخل الجيش في حالات الطوارئ وما نتحدث عنه ليس بعيدا أو مستحيلا، فهناك شبان في مجتمعنا العربي قد جرى دعوتهم لا بل وإجبارهم على العمل داخل الجيش، لذا علينا كشباب واع ومثقف أن نقف بصمود ونتوحد ضد هذا المخطط الخطير، والمخطط له من قبل وزارة الأمن، وعدم السماح بدخوله، ومحاربة كل الأطر التي تحاول تبرئته وتعمل على أسرلة شبابنا'.

وأنهى أنه 'علينا طرح البديل كي يكون نقدنا بناء لمجتمعنا، كما علينا إيجاد بديل للعمل التطوعي الحقيقي داخل بلداتنا العربية وإدخال ثقافة التطوع وصقلها في شخصية الشباب كي تخدم عملهم البلدي والوطني دون أسرلة عقولهم'.

وقال الشاب خالد النصاصرة من مدينة رهط في النقب، لـ'عرب 48'، إن 'ما يسمى بـ'الخدمة المدنية' تأتي بصورة مغايرة عما يسمى بالخدمة العسكرية مع أن كلاهما يصبان في نفس القالب'.

وأضاف: 'أنا كشاب عربي فلسطيني لا أرى بأنه يوجد لنا أي موقع في هذه الخدمة كونها ليست سوى لعبة مفبركة، تهدف لتحريف الهوية والمبادئ الفلسطينية، فهي مخطط أسرلة لأن المؤسسة الإسرائيلية أصبحت تدرك صعوبة انخراط الشاب العربي بالخدمة العسكرية لإدراكه ووعيه السياسي الذي لا يسمح له بأن يطرق باب التهويد'.

وأكد أنني 'أرى بأن نسبة المنخرطين في كلتا الخدمتين العسكرية والمدنية في انخفاض مستمر مقارنة بسنوات ماضية، علمًا أن الشاب النقباوي اليوم هو الذي يتصدى لمشاريع الأسرلة التي تجوب القرى والمدن العربية في النقب، بعد انتشار مؤسسات وطنية تحث على ترسيخ القيم والمبادئ في مجتمعنا العربي الفلسطيني كاتحاد الشباب الوطني الذي شرع بذلك في مدينة رهط ثم انتقل لعدة بلدات في النقب ليلتف من حوله العشرات من الشباب والشابات وكذلك جمعية بلدنا، وأخيرا أؤكد أن الشاب النقباوي أصبح يدرك مدى خطورة استهدافه من قبل المؤسسة الإسرائيلية'.

وقالت الشابة فلك خضر محاميد من قرية معاوية، لـ'عرب 48': 'نرى في الآونة الأخيرة أن إسرائيل ضاعفت وتضاعف جهودها لحشد أكبر عدد ممكن من شبابنا وشاباتنا للانخراط بمشروع ما يسمى 'الخدمة المدنية' تحت شعارات واهية ومنها أن 'الخدمة المدنية' تقدم التسهيلات للوصول إلى المرحلة الأكاديمية أو الحصول على راتب شهري مقابل العمل لمدة 8 ساعات، بالإضافة إلى الكثير من الشعارات والأقوال التي تروج بهدف جذب الجيل الشاب لاعتقادها بأنه من السهل إغوائه'.

واستطردت أنه 'بالنسبة لادعاءات أن 'الخدمة المدنية' هي واجب يستوجب تأديته، نرد بصرامة أننا أصحاب هذه البلاد وسكانها الأصلانيين ونرفض الربط بين الحقوق والواجبات، حيث أنه وفي النظم الديمقراطية تكون الحقوق مطلقة والواجبات نسبية، فحقوقنا مشتقة من حقنا الأصيل على هذه البلاد كأصحاب لها، وليست فقط كمواطنين في هذه البلاد'.

وأسهبت أننا 'نعلم جيدا أن هذه الخدمة ليست سوى تمهيد للخدمة العسكرية، لا سيما وأن الخادمين المدنيين هم الجبهة الداخلية للجيش الإسرائيلي، الذين بدورهم يقفون لمساندة ومد يد العون في أوقات الطوارئ، ومن هنا يحصل كل خادم على شهادة جندي مسرح'.

واختتمت أن 'المشروع يسعى لتخفيف وطأتنا نحن كفلسطينيين في الداخل تجاه وطننا وقضيتنا العادلة على حد سواء، وإن صح القول لتهويدنا بشكل سليم، أي معتبرين أن المعركة بين مديرية 'الخدمة المدنية' وبين القوى الوطنية هي بالأساس على الوعي، مع تأكيدنا على ضرر مشروع 'الخدمة المدنية' لا سيما وأنه ممول من قبل وزارة الأمن الإسرائيلية'.

وقال الشاب عز عودة من مدينة الناصرة، لـ'عرب 48'، إن 'ما يسمى بـ'الخدمة المدنية' هي مشروع أسرلة لشباب وشابات مجتمعنا العربي، كما أنها الطريق المحتملة للخدمة العسكرية بفعل أن كلتيهما يتم تمويلها من الصندوق ذاته'.

وأكد أنه 'على الصعيد الشخصي أرفض هذه الخدمة وطرق الترويج لها بشدة، من منطلق محاولة تهميش هويتي كعربي فلسطيني، باعتبار أن التطوع الفعلي لفائدة المجتمع العربي يأتي فقط من خلال الجمعيات والأطر التطوعية التي تعتني بذلك وتعمل بشكل جاد على تطويره'.

وأنهى أنه 'عدا عن السلبيات التي تمس بنا كمجتمع عربي بشكل خاص، الخدمة المدنية مرفوضة في دول أخرى بسبب تأثيرها على ارتفاع نسبة البطالة'.

اقرأ/ي أيضًا | طمرة تناهض الخدمة المدنية والشبيبة العاملة والمتعلمة