تعتبر الدراسة والمعرفة الطريق الذي يتبعه معظم الناس لتحقيق طموحاتهم في الحياة، فهما اللذان يحددان شكل مستقبلك والوظائف التي تستطيع شغلها، والقدرات التي تمكنك من النجاح في كافة نواحي الحياة، وهما السبيل الرئيسي الذي نقوم من خلالهما بتحقيق أحلامنا، آمالنا وطموحاتنا.

ريم نصار

وقالت المستشارة التربوية، ريم نصار، من مدينة عرابة البطوف، عن أهمية المرحلة الانتقالية من العطلة الصيفية الطويلة للانتظام الدراسي لـ"عرب 48" إن "المرحلة الانتقالية تسبب عمليا أزمة عاطفية لدى الطالب عادة، بسبب التغييرات مع بداية السنة الدراسية. هذا الأمر يتطلب اهتماما خاصا من الأهل، فجو العطلة الصيفية كما نعرف يختلف من حيث النظام، التوقيت وكل شيء، والجدول اليومي يتغير، لذلك من المحبذ البدء بعملية تدريجية في تغيير نظام اليوم، وهذا يتطلب البدء في حوار مع الأبناء بجو ودي وإيجابي، الاستماع والإصغاء للأبناء، والهدف منه توفير مناخ ودي للحوار، وقد نفاجأ أنه عند توفر هذا الجو من الحوار تثار عدة نقاط لدى الأبناء، وأحيانا تعبر الأسئلة عن حالات قلق خفي لديهم، وهذا طبيعي لهذه الفترة".

وأضافت أنه "في كل فترة انتقالية، حتى للكبار، يزيد المجهول عن المعلوم، وهذا يولد القلق، والسعي لتوفير المناخ الحواري المناسب وتوقعات الأطفال والأبناء من شأنه إحداث تغييرات داخلية، وعمليا يساهم ذلك بتهيئتهم نفسيا للمرحلة الدراسية وإدراك انتهاء أجواء العطلة ووقت الفراغ والمرونة، إلى مرحلة النظام الدراسي. هذا يتطلب أيضا إشراك الأولاد في عملية تحضير الكتب والدفاتر ومستلزمات الدراسة، فتحضيرهم لهذه المستلزمات يساعدهم في الاستعداد لدخول العام الدراسي".

ماذا عن الأنظمة التي تتغير بشكل فجائي، النوم والدراسة وغيرها؟

نصار: يتوجب على الأهل بناء برنامج محدد للطفل، وقت للدراسة ووقت للعب، مشاهدة التلفاز، برنامج يومي، طبعا هذه المتغيرات يجب أن تكون تدريجيا حتى قبل العودة إلى المدرسة، وأعني تحديد ساعات النوم واللعب وغيرها.

هل علينا مراقبة الطفل ليتأقلم ويندمج بالمدرسة؟

نصار: لا أقول المراقبة بل الشراكة، يتوجب على الأهل أن يكونوا شركاء في العملية التربوية حتى في المدرسة. دور الأهل لا يتوقف عند توصيل الابن لباب المدرسة، فحبذا خاصة في الأيام الأولى لو شارك الأهل في طابور الصباح مع الأبناء، التعرف على أصدقاء الطفل، وحتى مساعدة الطالب بعد الدوام الدراسي للتواصل مع أصدقائه. هذه الشراكة يجب أن تتواصل في البيت أيضا من خلال الحوار ومشاركة الأبناء في مسار يومهم وتشجيعهم على الحديث، ماذا أحبوا وما الذي يشعرهم بالضيق؟ هذه العملية تعزز من قدرات الطالب الفردية والشخصية.

هل من الممكن تحويل الواجبات المدرسية إلى واجبات محببة على نفوس الأطفال، وكيف؟

نصار: نعم، لا شك في أن الأمر ممكن، بغض النظر عن الشريحة العمرية، من المهم التشديد على برنامج عمل وبيئة مريحة للواجبات الدراسية، مثلا اختيار مكان ووقت مخصص للدراسة بأجواء تمنح الطالب التركيز المطلق على الدراسة، أوصي الأمهات بشكل خاص عدم متابعة الدراسة مع الأبناء في غرفة التلفاز أو المطبخ، هذا يمكن أن يشتت تركيز الطفل وتتحول عملية الدراسة أو حل الواجبات المدرسية إلى مهمة طويلة ومضنية، ولا أغفل ضرورة اتباع أسلوب التعزيز للطالب كعامل هام جدا في تحبيبه الدراسة، فالتعزيز يؤدي بطبيعة الأمر إلى زيادة حدوث هذا التصرف الحسن.

كأب ألاحظ كما هائلا في الواجبات المدرسية التي تفرض على الطالب يوميا، هل هذا هو التوجه الصحيح؟

نصار: بصدق وصراحة لا، فالهدف من الواجبات المدرسية خاصة في المراحل العمرية الأولى، هو مشاركة الأهل في المجهود التعليمي والتربوي، وهذا يعني مهام صغيرة لمتابعة تعليم الأبناء، فالأبحاث تنصح اليوم بوظائف بسيطة للمراجعة، وليس من خلال واجبات مدرسية قد يطول متابعتها لمدة ساعتين أو أكثر، لأن هذا يمكن أن يحطم الطفل، فالطفل يجب أن يحصل على الوقت الكافي للترفيه واللعب دون المغالاة، وهنا لا بد من ملاحظة تغيب في مدارسنا، فالعمل على صقل شخصية الطفل تقريبا شبه معدوم، وهذا هام جدا في العملية التربوية سواء للمدرسين أو للأهل.

قد يصل بعض الطلاب إلى ضائقة في المدرسة دون علم ذويهم بالأمر، ربما نتيجة مضايقات من قبل طلاب آخرين وحتى بسبب اعتداءات عليهم، كيف نحمي أبناءنا؟

نصار: في عصر العولمة ودخول تقنيات التواصل الحديثة الأبناء يخفون الكثير، هذا تحد كبير للأهل يزداد من عام لآخر، وهذا يحتم علينا كأهال إيجاد السبل والوقت الكافي للتواصل مع الأبناء. لا يمكن اكتشاف ضائقة الأبناء ونحن بعيدون عنهم، رغم مشاغل وضغوطات الحياة يجب أن يكون في رأس سلم أولوياتنا الأبناء والحوار اليومي معهم، هذا يمنحنا القدرة على اكتشاف التغييرات في حياة الأبناء، ويجب أن تتوفر الثقة وهي الطريق الأول لفتح الباب أمامهم لنقل ما يشكون منه للأهل، فالرقابة والحوار والثقة مكملة لبعضها البعض، والحضور النفسي للأهل هام جدا في حياة الأبناء وهو ما يبني مثلث هام جدا "العلاقة، الثقة والحوار"، ومن الضروري أن يتعرف الأهل على أصدقاء أطفالهم ومعرفة البيئة المحيطة بهم بشكل جيد، بل مساعدة الابن على اختيار أصدقائه في بعض الأحيان.

اقرأ/ي أيضًا | التمييز بالجامعات... وجه آخر للعنصرية بالمجتمع الإسرائيلي

اقرأ/ي أيضًا | أكثر من نصف مليون طالب عربي يعودون لمقاعد الدراسة