تقرير


:






اوضح لي انه خطط في السابق لطرق هذا الموضوع في اطار بحث الا انه اضطر للتنازل عن الفكرة تماما عندما اصطدم بالفراغ ذاته "حيث ان سلطاتنا المحلية لا توثق و لا تجري اي جرد يشمل الاكاديميين في كل مدينة و قرية و بما معناه سيكون وضعنا كمن يبحث عن سمك في بحر . حتى اني فكرت في اقامة مؤتمر للمغتربين ليسقط الموضوع مرة اخرى من اجندتي بسبب انعدام الامكانيات المالية لذلك ".


معد التقرير ان التمثيل الناقص للمواطنين العرب في سلك خدمة الدولة يعبر بشكل صارخ عن مكانتهم الهامشية في القطاع العام . على الرغم من القوانين التي تكفل تمثيل المواطنين العرب في المؤسسات الرسمية و قرارات المحكمة العليا التي شددت على اهمية توزيع الموارد و بضمنها وظائف القطاع العام بشكل متساو و حتى عندما يتم توظيف المواطنين العرب في الاجسام الرسمية يتم تعيينهم في المستويات المتدنية التي تغيب عنها قدرة التاثير و يلخص حيدر "يعتبر التمثيل الناقص للعرب في القطاع العام سببا في العقبات التي تواجه الاكاديميين العرب الذين ينهون دراستهم و يبحثون عن فرص عمل تتلاءم مع قدراتهم . و مهمة الدولة العمل على استيعاب هؤلاء الاكاديميين و المبادرة لخلق فرص عمل جديدة".


:




مدير جمعية مدى ( المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية ) وهو احد الادمغة التي عادت لتسخر معرفتها و خبرتها لخدمة الاقلية العربية الفلسطينية في اسرائيل . "في مدى نصبو لان نستفطب عددا من علماء الاجتماع و العلوم الانسانية في المهجر و مهمتنا تفعيل الادمغة سواءا الموجودة او العائدة في اطار مختلف و بديل عن الاكاديميا الاسرائيلية فهذه الاخيرة تبقى مرتبطة بالشعور الصهيوني بشكل او باخر و نحن في المقابل نصوغ مشروعا بديلا مبنيا على الكرامة و التحرر و المساواة و انطلاق القدرات الفردية و هذا لا يمكن الحصول في جامعة صهيونية الفكر" .


المحاضر في الجامعة العبرية في القدس بموضوع "تصميم الادوية" _هو احد الطاقات الاستثنائية و النادرة لكنه اكد لي انه اتم دراسته الجامعية بمعية اصدقاء لا يقلون كفاءة عنه , بشهادته المتواضعة , الا انه الوحيد الذي استوعبته جامعته ضمن فوجه بينما اضطر اصدقاؤه الى الهجرة و البحث عن العمل الذي يلائم تخصصاتهم لتحتضنهم اشهر و ارقى الجامعات في اوروبا و امريكا.و يضيف ان جميعهم يتمنون العودة ذات يوم الى بلادهم الا انهم يواجهون حالة ضغط مزدوجة تؤدي الى هجرتهم و احتجازهم في هجرتهم في نفس الوقت . فالمؤسسات و الشركات الاسرائيلية تبرر رفضهم بداية بقلة كفاءتهم و بعد ذلك تعتذر عن قبولهم بسبب فائض كفاءتهم !!


المحاضر في كلية بيت بيرل بموضوع الا نتروبولوجيا فانه يؤكد بدوره على ان ابواب الجامعات مغلقة منهجيا امام الخريجين العرب حاملي شهادة الدكتوراة وان هناك ما يقارب 30 ملكة فقط مخصصة للعرب , فهو يشير الى 30 محاضرا (مثبتا) من اصل 6000 محاضر من اليهود. الدكتور قصي حاج يحيى هو نفسه خريج احدى الجامعات في المانيا وله بحث اجراه يتعلق بوضع الطلاب العرب اللاجئين اليها . و تعتبر المانيا اليوم اكثر الدول جاذبية للطلاب العرب فهي تعرض العلم مجانا و في هذا تمويه للحقيقة اذ لا تشمل تكاليف السكن و المعيشة و هي باهظة جدا الامر الذي قد يعيق دراسة الطالب لانخراطه في العمل مضيعا فرصة العلم الاكاديمي في حالات كثيرة تجعله يخشى العودة خوفا من الخزي و العار.المانيا كغيرها من الجامعات في الدول الأوروبية لا تفرط بالكفاءات فهي تخصص منحة كاملة لمن يدرس للدكتوراة لمدة ثلاثة اعوام وتفتح امامهم الفرصة للدراسة في امريكا حيث خطر الهجرة يبدو اكثر قربا بسبب طبيعة امريكا كدولة مهاجرين. .


. ووفقا للمعطيات الواردة فان 40% يعملون في سلك التربية والتعليم (في غير اختصاصهم) و10% يعملون بأعمال لاتستلزم اي تاهيل اكاديمي وهكذا تنبع هجرة التخصص تحديدا. لا يمكن لمن يرصد حركة هجرة الادمغة الا ان يتوقف عند جمعية الجليل و مركز الابحاث التابع لها .


و هي كالصرح تعتلي هضبة على مشارف شفاعمرو شقت دربها منذ 20 عاما قدمت خلالها للجماهير العربية خدمات صحية متنوعة احجمت عن تقديمها السلطات المختصة و على راسها وزارة الصحة . جمعية الجليل من خلال اقامتها لمركز الابحاث التابع لها مهدت عمليا لعودة الادمغة و هي خطوة مباركة من دون شك , تساهم في نهضة المجتمع العربي على اكثر من صعيد. تضم الجمعية في اقسامها المختلفة مجموعة من الباحثين الذين عايشوا الهجرة معايشة تامة لكن المركز نجح في اجتذابهم . مركز الابحاث يمتد على مساحة 600 متر مربع في المنطقة الصناعية في شفاعمرو وهو يضاهي مختبرات بمقاييس عالمية بشهادة الباحث الفخور بانتمائه لهذا المكان وهو خريج التخنيون في مجال الهندسة البيئية عاش في امريكا سنتين كاملتين لاتمام دراسته المتخصصة بالمياه الجوفية وهو تخصص نادر. صحيح هو لم يعايش الهجرة بمعناها التام لكنه يؤكد فعلاعلى وجود كافة عوامل الجذب التي تثير عاصفة التخبط داخل اي باحث ينعم بالشروط المطلوبة لاداء عمله و تحقيق حلمه الا ان الحنين الى الوطن رجح الكفة .


فهوخريج التخنيون /حيفا في موضوع الكيمياء العضوية اقام في سان دييغو/كاليفورنيا مدة 4 سنوات, باطار دراسته , عاد الى بلده شفاعمرو وهو يعمل اليوم في شركة تابعة لجمعية الجليل تدعى" سينثيتيك " تختص بتحضير مواد اولية لشركة ادوية المانية باطار مشروع التعاون بين البلدين .


ابن ام الفحم هو حالة نموذجية حية لما يسمى بالهجرة المعاكسة او المضادة . فقد عاد من غربته في سويسرا التي طالت 20 عاما ليشغل منصب المدير العلمي لمركز الابحاث . تخصص بموضوع الكيمياء البيولوجية و حظي بتقدير اساتذته و عمل في كثير من الابحاث الا ان هاجسه بالعودة ظل حيا داخله الى ان حسم الامرموضوع المناخ التربوي الذي اراد توفيره لابنائه.وهو يعمل بالاضافة كمحاضر اكاديمي في الجامعة الامريكية في جنين .


تخصص بموضوع البيولوجيا و النباتات الطبية , عمل 5 سنوات في المانيا ثم توجه الى الولايات المتحدة لاعداد الدكتوراة و امضى فيها 5 سنوات اضافي.في عام1995جرى اتصال بينه و بين الذي كان يعد حينها لاقامة مختبرات مدعومة من قبل وزارة العلوم و تحظى برعاية اكاديمية من جامعة حيفا .كان القرار بالعودة حتميا فالدكتور حسن عزايزة كسائر زملائه الباحثين في المركز , يتحلى بروح وطنية تجلت بالعودة و التكيف لما هو موجود وهو غير كاف بالمقارنة بما توفر في الخارج من مختبرات مجهزة اضافة الى الدعم المضمون بينما هنا لاشيء مضمون , فمهمة الباحث تتعدى البحث العلمي ذاته الى تجنيد مصادر تمويل خارجية ليؤمن راتبه ورواتب مساعديه."لكني ارسيت مرساتي هنا في بلادي, وساتحمل الصعاب والتحديات".


احد الكوادر المهنية اللامعة والعاملة في الأبحاث تخصص في "علم البكتيريا" و"بيولوجيا الذرة " انجز ابحاث عديدة في اوروبا وامريكا ,بارقى المختبرات , ومع ذلك فضل العودة الى الوطن والى مدينته شفاعمرو وهو يحث رجال الأعمال العرب وغيرهم من الأثرياء الى دعم البحث العلمي من باب الألتزام الوطني بحيث يصب الجهد الجماعي في نهاية الأمر في مصب تطوير البحث المحلي بشكل خاص الأمر الذي يضمن حوارا متناغما ومثمرا بين العلم والمجتمع. الدكتور صبحي بشير من اوائل الباحثين العاملين في الجمعية نجح في تأسيس شركة خاصة به,انطلقت من مركز الأبحاث واصبح مقرها اليوم في" مجدال هعيمق" يعمل فيها نحو ثلاثين باحثا من بينهم محاضرون في التخنيون رفضوا زميلا محاضرا ,وشاء القدر ان يعملوا هم في شركته..طبعا القدر هنا كناية عن الأرادة.


الأمر الذي سبب له الشعور بالأحباط لكنه سرعان ما جند احد اكبر المستثمرين اليهود "احيم عوفر"وكان رهانهم في محله ,فقد اثبتت الشركة نفسها من خلال نجاعة منتجاتها . و الحديث يدور حول منتوجين:الأول زيت حليب الام كمركب في طعام الاطفال الرضع و يشابه في تركيبته التركيبة الاصلية عند الام . و يباع في الاسواق الاوروبية و الامريكية , اما الثاني فهو مادة منشطة للذاكرة تعد على شكل كبسولات . كما يفتخر الدكتور صبحي بشير بكونه مثالا و محركا لباحثين حذوا حذوه و اطلقوا مشاريع تثبت نجاحها كل يوم , يذكر ان الجمعية حريصة على اطلاق باحثيها نحو التفرد و تصنيع البحث و تساهم من ناحيتها في هذه الشركات .


رائدة و طليعية و هي فعلا كذلك لكنها تبقى محدودة الامكانيات كما يقول الدكتور باسل غطاس المدير العام " لكننا نفخر بانجازاتنا نفخر ان نشكل نواة و دفيئة لهذه النخبة العائدة و نفخر ان نتمكن من تجنيد ثلاثة من المستثمرين الكبار في اسرائيل "احيم عوفر" و"صندوق ميلنيوم" اكبر صناديق الاستثمار اضافة الى" مصنع جلعام" مؤخرا بحيث تبلغ مجمل مساهمتهم في الشركة نحو 8.5 مليون دولار" .



مدير كلية غرناطة في كفركنا و المندوب الرسمي لجامعة البلقاء التطبيقية . امتحانات البسيخومتري هي المحفز للأنطلاق نحو الدراسة خارج الوطن وتحديدا الأردن الا ان المفارقة يقول الدكتور امارة تتجلى في النتائج التي حققها طلاب كلية نتانيا في امتحانات نقابة المحامين حيث تفوقوا على زملائهم الذين نالوا بركة البسيخومتري.


و الضالعة ضمن هيئة فاعلة لتغييرهذا الوضع . "الفزع من العربي , قالت سهاد , و عدم نجاح المجتمع اليهودي في التعاطي مع العرب كاقلية لها حقوقها يجعلهم يوصدون الابواب بوجه الاكاديميين العرب. من هنا جاءت الحاجة للتغيير ضمن هيئة تبنت نموذجا امريكي الاصل يلاحق و يضبط خروقات مشابهة في المجتمع الامريكي . لكن بطبيعة الحال عملية السيطرة هنا اكثر صعوبة فاصحاب الشركات يبررون صدهم بالف مبرر و بالتالي يصعب ملاحقتهم قانونيا . و انا اخترت التركيز تحديدا على القطاع الخاص الذي يتمتع بحرية ادارية اكبر بالمقارنة مع القطاع العام الخاضع لقوانين تمنع انتهاج سياسة التمييزولو رسميا و تحديدا تلك الشركات التي في طريقها الى الخصخصة والفاعلة في المجتمع العربي و تجني منه ارباحا طائلة الا انها تتجاهله تماما وانا لا اقصد الاعمال الصغيرة قطعا وانما المناصب الرفيعة والادارية والتي تستلزم ثقافة اكاديمية و اقوم منهجيا بارسال سير ذاتية لاكاديميين عرب اوجهها لهذه الشركات اطالبها فيها منح هؤلاء فرصة عادلة لا اكثر . هيئتنا المكونة من عدة شخصيات عربية و يهودية بادرت لاقامة ورشات لتعليم الاكاديميين كيفية كتابة السيرة الذاتية حتى يسوقوا انفسهم بشكل افضل الا ان انقلابا لم يحدث ! اما خطوتنا التالية فهي تجنيد شخصيات يهودية لبرالية صديقة لدفع العجلة من خلال ارسالهم رسائل توصية لمختلف الشركات... على امل ان تلقى آذانا صاغية و للمثال لا للحصر اذكر حادثة اكاديمي لامع يحمل لقبين في المجال العلمي بعث بالف سيرة ذاتية , دعي لثلاث مقابلات و في النهاية لم يقبل لاي عمل !! و بالمناسبة جامعات الضفة المختلفة مثل و و و غيرها كانت تعج قبل اندلاع الانتفاضة الاخيرة باكاديميين عرب من اسرائيل عملوا كمحاضرين اما اليوم و الحال كهذه فقد فقدنا رئة تشغيلية من الدرجة الاولى و ما من بديل .... لتظل الهجرة هجرة الادمغة تحديدا موضوعا ملحا على طاولة المسؤولين .