الوفاء لسورية الحبيبة يزداد ويتجذر../ أملي القضماني*
شكلت هزيمة حزيران عام 1967 منعطفا تاريخياً في حياة أمتنا العربية، وفجرت قضايا سلبية سرت بخبث في ثنايا الواقع العربي، الذي كان ميزان تقدمه مختلا أصلا. هزيمة، لا زلنا نعاني من تبعياتها.
أربعون عاما، ولا تزال صور الحرب، الميدانية والنفسية، حاضرة في الذاكرة الجماعية العربية، وفي ذاكرتنا نحن الجولانيين خاصة. فبين ليلة وضحاها وجدنا أنفسنا مبتورين عن امتدادنا الطبيعي لوطننا ولأمتنا. وكان لا بد من وقفة شجاعة مع "الهزيمة" ومحاورتها بشفافية بهدف محاصرة الشعور الجماعي بالانكسار الذي أصابنا أسوة بباقي أبناء العروبة، من أجل الانطلاق إلى "معركة" صون عروبة وسورية هذه الأرض بعد أن سقطت محتلة. ومن أجل الحفاظ على أصالة هذه القلة القليلة من السكان التي بقيت في أرضها من مخططات الاحتلال الهادفة إلى صهرها في بوتقة مشاريعها الاستيطانية.
ومجتمعنا مثله مثل باقي المجتمعات الحية، فيه الخيرون والسيئون، فيه الأقوياء والضعفاء.. وقد أدركت الشريحة الوطنية الواعية منذ الأيام الأولى للاحتلال أن الهزيمة الأخطر ستكون باستسلام مجتمعنا أمام هذه الهزيمة. وأدركت أن مجتمعنا الجولاني، بمجمله، مجتمع طيب وأصيل وبإمكانه أن يقول "لا" جماعية في وجه هذا المعتدي الغاصب، في حال تحلى الشباب الوطني العامل بالصبر والمواظبة ووثق بمجتمعه وأتقن مخاطبة ما فيهم من مشاعر وطنية بالفطرة، ورثوها عن ابائهم واجدادهم، جعلتهم على استعداد دائم للتضحية بالغالي والنفيس دفاعا عن عزة بلادهم وكبريائها..
وهذا ما كان..وسادت لدى هذه الشريحة من الشباب الأكثر وعيا والأصلب إرادة، رغبة دفينة بالانتصار على هذا العدو "الذي لا يهزم"..وكان قرارهم الشجاع بدخول "ساحة المعركة" ومحاولة قلب "الهزيمة" إلى انتصار..!
واختار هؤلاء الشباب بحنكة ووعي أساليب نضال تناسب وضعهم وقلة عددهم (بقي من أصل 120 ألف مواطن في الجولان قبل الاحتلال قرابة 7 ألاف فقط توزعوا على خمسة قرى: مجدل شمس، بقعاثا، مسعدة، عين قنيا، الغجر) ونجحوا نجاحا باهرا في تثبيت هويتنا العربية السورية وتفشيل المخطط الصهيوني.
نعم، لم تنتصر "هزيمة حزيران" على مجتمعنا، بل حولتها أيادي الوطنيين بشموخ وإصرار إلى صرخة " لا " كبيرة في وجه هذا المعتدي المتغطرس. وها نحن منذ أربعين عاما نرزح تحت الاحتلال، وصمود مجتمعنا يتعزز يوما بعد يوم، ووطنية الأجيال واعتزازها بانتمائها لسورية الحبيبة يزداد ويتجذر.. وحب العروبة يتوهج بالقلوب والأفئدة وفي حنايا الروح.
إن يوم النصر لقريب بإذن الله، ونحن على موعد مع الوطن وقائد الوطن، سيادة الرئيس بشار الأسد..أدامه الله قويا شامخا صامدا..وكلنا ثقة بأن علمنا الوطني سيرفرف قريبا فوق كامل الجولان، الأمين لوطنه وأمته.