ثبات الموقف ووحدة العزيمة../ خالد خليل
في كل مرة يتم بها تقديم لوائح اتهام ضد مناضلين فلسطينيين داخل الخط الأخضر، وبغض النظر عن مدى صحة الاتهامات التي يتم تضخيمها وتهويلها عادة، تعود إلى الواجهة نفس الأسئلة المعتادة التي يشعر البعض معها بالإحراج والإرباك أحيانا، فيبدأ بالبحث عن مخارج وحجج تظهره بمظهر المسؤول و"الولد الجيد" كما يقول أبناء عمومتنا.
يوم أمس نفثت السلطة سمومها ضد الجماهير العربية في أعقاب تقديم لوائح اتهام بحق المناضلين د. عمر سعيد والسيد أمير مخول، الأول بتهمة التخابر مع وكيل أجنبي ونقل معلومة، والثاني بتهمة التجسس الخطير والتخابر مع وكيل أجنبي.
هذه التهم ليست عادية لكننا على يقين أنها مضخمة أكبر بكثير من حجمها الطبيعي. ولا شك أن الأيام القادمة ستلقي مزيدا من الضوء على صحة هذا التقييم.
ومهما كان فانه من الطبيعي أن نعلن نحن في التجمع ومعنا جميع ألوان الطيف السياسي الوطني تضامننا التام مع المعتقلين وعائلاتهم، ثبتت التهم أم لم تثبث، فقضية التضامن غير متعلقة بتاتا بهذا الأمر. وليس مهما إن كان المعتقل من التجمع أو من أي حزب آخر في الداخل أو في الخارج.
مسألة التضامن مع الأسرى والمعتقلين هي جزء من الثوابت الوطنية التي تعلو فوق جميع الاختلافات الحزبية على ساحة العمل الوطني وكم بالحري إذا كان واضحا أيضا أن لوائح الاتهام مرتبطة باستخدام وسائل غير مشروعة في التحقيق وفقا لما يقوله المحامون، تنتهك ابسط حقوق الإنسان وحقوق الأسرى والمعتقلين التي تنص عليها الشرائع والمواثيق الدولية. وكم بالحري اذا كانت المسألة حتى الآن مجرد اتهامات تم تجميعها بشكل تلفيقي كما هو مرجح.
المعتقلون والأسرى السياسيون بعرف الحركات الوطنية عموما مناضلون من اجل الحرية ومناهضون للظلم والاستبداد والاحتلال. ومن واجب الأحزاب السياسية الشريفة مناصرتهم ومؤازرتهم حتى وإن اختلفت معهم سياسيا. ومن يريد أن يستنكف أو يخاف فهذا شأنه وليبحث عن مكان يختبئ فيه. قيادة الجماهير العربية المنضوية داخل لجنة المتابعة أعلنت موقفها الواضح والشجاع من خلال النشاطات الاحتجاجية السابقة، ووعدت أنها ستواصل نضالها في دعم الأسرى والمعتقلين دون توقف، وفي الأمس أعلنت جميع الأحزاب استنكارها للاعتقالات وللحملة السلطوية المسعورة ضد قيادات الجماهير العربية، وبشكل خاص التصريحات العنصرية الأخيرة ضد حنين زعبي وجمال زحالقة، وقبلهما الشيخ رائد صلاح ومحمد بركة، ومنذ البداية الدكتور عزمي بشارة.
أجهزة الأمن غير المنفصلة عن الجهاز السياسي الإسرائيلي تتحين الفرص والظروف من أجل الانقضاض على الجماهير العربية وقياداتها بهدف ترويضها وتقويض منجزاتها التي تتوجت برؤية سياسية واضحة في صلبها مواجهة العنصرية والصهيونية ورفض يهودية الدولة، مما حدا برئيس المخابرات ديسكين بالإعلان صراحة أنه سيلاحق كل من يرفض يهودية الدولة حتى وإن كان هذا الرفض بوسائل قانونية. وهذا يؤكد أن الدولة ليست بحاجة لمبررات وذرائع كي تلاحقنا، وإنما تستخدم الحجج الأمنية لتسهل عملية الملاحقة وانتهاك الحقوق.
لقد هدرت إسرائيل من خلال أحد مصممي سياساتها (فايس غلاس) دم الدكتور جمال زحالقة، واتهمت النائبة حنين زعبي بالخيانة. ومن المتوقع أن تستمر بتحريضها على القيادات الأخرى، لذلك آن الأوان أن تتوحد جميع الجهود في مواجهة هذه الحملة الجديدة، ليس لأنها تخيفها كما تتمنى السلطة، بل لأننا نرفض الذل والهوان ومحاولات التخويف والترهيب التي فشلت في كل المعارك السابقة وستفشل أيضا الآن.
نحن مطالبون بتكثيف النضال والنشاطات الاحتجاجية ضد القمع والاعتقالات، وتحديدا في قضية الدكتور عمر سعيد والسيد أمير مخول. ويجب أن تفهم المؤسسة الإسرائيلية أن عملنا ودورنا السياسي وبرامجنا لن تكون رهينة للعبتها الأمنية، ولن نتراجع قيد أنملة عن هذا البرنامج وهذه الرؤية وهذا العمل. بل إن حملتنا القادمة لن تتوقف لا على الصعيد المحلي ولا على الصعيد الدولي، وسنطالب بمحاكمة من يهدرون دماءنا ودماء قياداتنا الوطنية، والمؤسسة التي تقف وراءهم.