كنا نقول دائما ان "هناك اجماعا سياسيا اسرائيليا يمتد من اقصى اليمين الفاشي الى اقصى اليسار المعتدل على الاهداف والثوابت الاستراتيجية الصهيونية" ، مع اننا كنا نستثني احيانا بعض قوى ورموز اليسار الحقيقي وهم قلة قليلة اليوم في "اسرائيل".

اما اليوم وقد اطل علينا المشهد السياسي الاسرائيلبي بحلة يمينية فاشية صافية ، بعد هذه الاتفاقات التي عقدها نتنياهو اولا مع العنصري الفاشي السافرافيغدور ليبرمان زعيم حزب "يسرائيل بيتينو" ، وثانيا مع الجنرال باراك صاحب اكبر قدر من الاوسمة البطولية التي حصل عليها مكافأة له على حروبه ومجازره واغتيالاته التي اقترفها ضد الفلسطينيين ، وثالثا مع حزب شاس الديني المتشدد ، ورابعا مع حزب"البيت اليهودي" الديني المتطرف ، فيمكننا ان نثبت بالبنط العريض "ان اسرائيل اصبحت اليوم دولة بيبرمانية فاقعة تماما - اي بقيادة ثلاثية ورؤوس ثلاثة رئيسة من بيبي نتنياهو وباراك وليبرمان ، ويبدو انها اول حكومة في "اسرائيل" تتشكل من ممثلي كافة الاطياف السياسية الصهيونية ، ففيها الجنرال باراك عن العمل والمؤسسة العسكرية الامنية ، وفيها نتنياهو وليبرمان عن الايديولوجيا الصهيونية العنصرية الارهابية ، وفيها عن التيار الديني المتطرف من شاس والبيت اليهودي ، ، اذن نحن عمليا امام حكومة صهيونية شاملة لكافة الاطياف السياسية باستثناء طبعا اقصى اليسار والاحزاب العربية...،

من حيث الجوهر تعتبر هذه الحكومة حكومة يمينية فاشية استيطانية سافرة ، ببرنامج ايديولوجي متطرف ، واجندة حربية صارخة ، ولذلك يمكن ان نوثق انها ستكون عمليا حكومة حروب عدوانية استيطانية تهويدية

فلن نرى في ظل هذه الحكومة عمليا سوى لغة القوة والغطرسة والاخضاع والتهديد والوعيد...،

هكذا كانت حكومات "اسرائيل" من قبل ايضا: شارونية مثلا او بن غوريونية او ديانية او بيغنية او شاميرية ...ليتبين لمن مازال الغشى يغطي على عيونهم وما زالوا يتحدثون عن احتمالية السلام مع "اسرائيل" بحكومتها واجندتها الراهنة اننا بتنا عمليا وبمنتهى الوضوح امام خريطة سياسية اسرائيلية بيبرمانية يمينية عنصرية ارهابية اكثر من اي وقت مضى.

فلن تكون حكومة مفاوضات وسلام الا ما يتعلق بالاعلام واستهلاك الراي العام...،.

وهي كذلك حكومة اللاءات الكبيرة تجاه كل ما يتعلق ليس فقط بالالتزام بالاتفاقيات السياسية الموقعة مع الحكومات الاسرائيلية السابقة ، وانما تجاه كافة العناوين الكبيرة من الدولة الفلسطينية الى القدس الى تفكيك تكتلات المستعمرات الى ترسيم الحدود ، الى هضبة الجولان...،.

ويجمع الثلاثة في هذه الحكومة على مواصلة الحصار على غزة وشن المزيد من الحروب ضد اهلها تحت زعم محاربة الارهاب واسقاط حماس ، في الوقت الذي يعتبرون فيه ايضا حتى الرئيس ابو مازن بانه" غير ذي صلة ولا يصلح لان يكون شريكا للسلام"...،

الى كل ذلك ، فان الحقيقة الكبيرة التي تحظى باوسع اجماع هي ان هذا الليبرمان الذي اصبح وجه "اسرائيل" في الخارجية"يذكر بموسوليني كظاهرة فاشية" كما جاء في يديعوت احرونوت مثلا.. وهو "احد اخطر صقور اسرائيل"و"اخطر سياسي اسرائيلي من جهة مواقفه العنصرية"وهو "امتداد لكهانا ورحبعام زئيفي" كذلك ..بل انه الاميز كهانيا ..وهو "الوجه الحقيقي لاسرائيل ـ كما يثبت الكاتب ب.ميخائيل ـ " وهو ايضا "الوجه الحقيقي للمجتمع الاسرائيلي ـ كما يضيف جدعون ليفي في هارتس ـ ".

فهذا الليبرمان يتميز على سبيل المثال عن كافة اقطاب وصقور "اسرائيل" الفاشيين بجرأته وصراحته وعدوانيته وعنصريته وارهابيته الصريحة ..

فهو يعلن قائلا مثلا:"ان اسرائيل اليوم في وضع تكون او لا تكون"، و"اننا امام تحديات كبيرة وان الحرب قادمة وشيكة ويجب ان يكون -هو - بجانب طاولة الحكومة عند اتخاذ القرارات المصيرية "و "ان ما يشعر به الجميع في اسرائيل هو اننا وصلنا الى لحظة الحقيقة والدولة بحاجة الى رب للبيت -اي هو نفسه - ".

وقد دعا ليبرمان علنا واعلاميا الى "تدمير السد العالي في مصر" والى "قتل حسن نصرالله" والى "انه كان يجب تسوية سجن اريحا على من فيه بدلا من الاجتياح والاعتقال" والى ترحيل -ترانسفير عرب "48 والى تدمير القرى والمدن الفلسطينية على رؤوس اهاليها"ثم الى "معالجة الملف النووي الايراني باسرع وقت ممكن قبل ان يفوت الاوان" ، والاقرب والاخطر في تصريحاته دعوته ل"ابادة غزة باستخدام قنبلة نووية".

ولكل ذلك وغيره تم تعيينه في حكومة اولمرت المنصرفة وزيرا للملف الاستراتيجي لمواجهة التهديدات الاستراتيجية الداخلية والخارجية ..وتم تعيينه في حكومة نتنياهو وزيرا للخارجية...،

لا شك ان ضم باراك الى حكومة نتنياهو انما جاء كمحاولة لتجميل وجه الحكومة "البيرمانية"ولاطالة عمرها لاطول فترة ممكنة ، ولكن لانضمامه للحكومة ايضا رسائل اخرى بليغة منها ان ذلك الحزب التاريخي الذي انشأ وقاد "اسرائيل" على مدى عقود قد بات وفق المؤشرات الاسرائيلية في غرفة الانعاش ، و"ان باراك انما يستنفذ فرصته الاخيرة في السلطة" ، بينما يؤشر انضمام ليبرمان اليها الى"ان المجتمع الاسرائيلي بات كله ليبرمانيا" و"ان النزعة الليبرمانية تتسيد المشهد الاسرائيلي"و" ان الاوضاع تسير من الآن فصاعدا نحو المزيد من التصعيد الحربي العدواني ضد الفلسطيني واتجاه غزة على نحو حصري ، ونحو التصعيد العنصري ضد عرب 48 ، ونحو التصعيد الاستيطاني التهويدي على صعيد الضفة وليس نحو المفاوضات والسلام"..

فقد اعلن ليبرمان في اول خطاب له "أن الحكومة الجديدة غير ملتزمة بمسيرة أنابوليس" ، وقال: "من يظن أنه من خلال التنازلات سيحظى بالسلام مخطىء ، وهذا لن يؤدي الا الى الحروب ، ومن يريد السلام فليستعد للحرب ـ هآرتس 2 ـ 4 ـ 2009".

اما نتنياهو ف"يعد لاجراء "اعادة تقويم" للسياسة الاسرائيلية في كل ما يتعلق بالمفاوضات مع الفلسطينيين" ، والتقدير هو أن نتنياهو سيواصل المفاوضات مع الفلسطينيين ، الى جانب استمرار العزل البارز بين يهودا والسامرة وغزة ، واسقاط الدولة الفلسطينية عن الاجندة".

فكيف يمكن لاسرائيل اليبرمانية اذن وهذا هو وجهها ان تسير نحو التفاوض والسلام .؟،.


فاللغة اليبرمانية هي لغة القصف والتدمير والترانسفير العنصري فقط....

ولغة ان تكون اسرائيل او لا تكون بالمضامين الحربية الصهيونية المعروفة....،

فهي اذن بالتاكيد حكومة "الافق السياسي المغلق تماما" ، وحكومة الحروب والاستيطان والتهويد في الضفة الغربية والمدينة المقدسة....،

ما يعني من جهة اخرى ان على الفلسطينيين والعرب ان يعودوا الى رشدهم وان يستعيدوا ارادتهم وان يقوموا بترتيب اولوياتهم السياسية من جديد بما يتناسب مع اسرائيل اليبرمانية .....؟،،.