26/06/2018 - 09:10

الأمراض المُعْدِيَة

ليست كل الأحياء الدقيقة المحيطة بنا مُضرَّة ومسببة للمرض، فعدد قليل منها يسبب المرض قياسا لأنواعها الكثيرة، فهنالك جراثيم يكتسبها الإنسان منذ الولادة وهي مجموعة متنوعة ومتعددة تستوطن في الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي وترافق الإنسان مدى حياته ولها أهمية بالغة

الأمراض المُعْدِيَة

ماذا نقصد عموما بالأمراض المعدية؟

هي مجموعة متشعّبة جدا من الأمراض تسببها أنواع كثيرة من الأحياء الدقيقة في جسم الإنسان، وتُصنَّف هذه الأحياء لأربع مجموعات: الجراثيم, الفيروسات, الفطريّات والطفيليّات.

بعض الجراثيم والفطريات تفرز مواد سامة قد تسبب الأمراض وليس من خلال دخولها مباشرة للجسم.

لقد رافَقَت مسببات الأمراض الإنسان، منذ فجر التطور البشري، وشاركت في صياغة الحياة البشرية، كما نعرفها اليوم، بعض الأوبئة التي انتشرت قديما كانت تؤثر بشكل كبير على الأحداث التاريخية، على سبيل المثال كان انتشار مرضٍ مُعدٍ بين الجنود، يحسم معارك طاحنة ويؤدي لخسارة جيش كامل في الحرب.

ليست كل الأحياء الدقيقة المحيطة بنا مُضرَّة ومسببة للمرض، فعدد قليل منها يسبب المرض قياسا لأنواعها الكثيرة، فهنالك جراثيم يكتسبها الإنسان منذ الولادة وهي مجموعة متنوعة ومتعددة تستوطن في الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي وترافق الإنسان مدى حياته، ولها أهمية بالغة في الحفاظ على التوازن الصحي للجسم من فوائدها:

  1. تشارك في الهضم
  2. تعطي الفيتامينات
  3. تعطي إشارات معينة لجهاز المناعة وبالتالي تمنع انتشار جراثيم ضارة في الجسم.

ونظرا للتطورات العلميّة في السنين الأخيرة والتقنيات الجديدة بدأنا نفهم هذه التوازنات مع الجراثيم المتواجدة في الجهاز الهضمي، والواضح اليوم أن لها تأثيرات كبيرة على الصحة في الحالة الطبيعية للجسم وأيضا في حالة الخلل بهذا التوازن، نتيجة إما لتناول الأدوية والمضادات الحيوية أو حالات مرضية معقدة.

كيف تنتقل مسببات الأمراض بين البشر؟

تتعدد طرق انتشار الأمراض حسب مسببات المرض وأهم هذه الطرق:

1- تنتقل غالبية الجراثيم بواسطة التلامس باليد، فمجرد السلام مع شخص مريض ويحمل جرثومة ضارة قد ينقل هذه الجراثيم لشخص آخر، وفي حالة عدم استعداد الجسم لمقاومتها قد يحدث المرض عندها، لذلك يعتبر غسل الأيدي بالمواد المعقِمَة من الضرورات الأساسية خصوصا أثناء معالجة المرضى والحالات المعقدة في المستشفيات.

2- تنتقل جراثيم "السلمونيلا" في أنواع أطعمة فاسدة، كالبيض وغيرها، يفرزها المريض من الجهاز الهضمي، لتنتقل ليديه، ومن ثم ينقلها بدوره لشخص قريب أو لطعام يقوم بتحضيره دون أن ينتبه، وتسبب الأطعمة الملوثة الكثير من حالات الإسهال على وجه الخصوص.

3- تنتقل عن طريق الإفرازات التنفسية أثناء العطاس (مثل الإنفلونزا) ، فغالبية الفيروسات التي نعرفها في موسم الشتاء تنتقل بهذه الطريقة من مريض لآخر، ويصعب تحاشي هذه الأمراض الموسمية، خاصة كون المريض يبدأ بإفرازها في جهاز التنفس حتى قبل أن يشعر بالمرض، ولعدة أيام متواصلة بعد ذلك، وتختلف شِدَّة المرض بين شخص وآخر فالبعض لا يشعر بأنه مريض بشكل واضح، ولكنه مع ذلك ينقل هذه الفيروسات للآخرين في البيت أو العمل أو المدرسة، وغالبية هذه الأمراض تنتقل على بُعد مسافة قصيرة (متر تقريبا). وهناك فيروسات مثل الحصبة والجدري وجرثومة السِّل (Tuberculosis)، تنتقل على بعد مئات الأمتار مع تيارات الهواء، أما جرثومة مرض Q-fever، التي تتواجد في الحيوانات التي تعيش مع الإنسان مثل البقر والغنم، فتنتشر في الهواء مسافات طويلة، وتسبب عند البعض مرضا من أعراضه الحرارة العالية والتهاب الرئتين بشكل خاص.

وفي هذا السياق لا بد أن نتطرق لجرثومة "البروسيلا" المسببة للحمى المالطية:

انتشرت هذه الجرثومة بين قطعان الماشية في القرى العربية خاصة، وتسبّبت بمئات الحالات من الحمّى المالطية في السنوات الأخيرة، إذ تنتشر هذه الجرثومة بين مربّي المواشي أثناء الولادة، حيث تتكاثر "البروسيلا" بشكل خاص في المشيمة وتنتقل الجرثومة عند تطاير الإفرازات والدم من الحيوانات لأصحاب المزارع. ولكن غالبية الحالات تحدث نتيجة لتناول الحليب والأجبان بدون عملية التنقية المعروفة "بالبسترة" (على اسم العالم الفرنسي لويس باستير)، ويعتقد الكثيرون بأن غلَيَ الجبنة غير المراقبة يكفي للتعقيم وهذا خطأ، فانتشار المرض يكون نتيجة استعمال منتجات الحليب والأجبان الغير مراقبة ومبسترة.

4. تنتشر بعض الأمراض عن طريق لسع البعوض. في هذا المجال يمكن القول إنّ هذا الأمر يحدث على نطاق عالمي وبشكل واسع لأمراض كثيرة، ما يهمنا هو مرض فيروسي يسمى "حمّى النيل الغربية"، وهو ينتقل مع لسعة البعوض الذي نعرفه جميعا في أشهر الصيف مسببا لمرض من أعراضه، الحرارة المرتفعة والطفح الجلدي العابر، ولكن البعض يتعرض لالتهاب في أنسجة الدماغ وخصوصا في فترة الشيخوخة. أما لسعة "ذبابة الرمل" فتسبب مرض "الليشمانيا"، وهو طفيل يصيب بالأساس الجلد المكشوف في مناطق محددة من الجسم.

5. هنالك أمراض تنتقل عن طريق العلاقات الجنسية كمرض "نقص المناعة المكتسبة" والتهاب الكبد من نوع B وغيرها.

6. بعض الأمراض التي تنتقل عن طريق براز الحيوانات، فمثلا طفيليات "توكسوبلازما" التي تنتقل عن طريق براز القطط في البيوت، وخطورتها تكمن في حالة إصابة المرأة الحامل بها إذ تؤثر على سلامة الجنين، أو من يعانون من نقص في جهاز المناعة.

خطوات وقائية.....

بشكل عام تختلف وسائل الوقاية لكل مرض حسب الطريقة التي ينتشر بها مسبب المرض. عموما، أهم وسائل الوقاية:

  1. غسل الأيدي والمحافظة على النظافة.
  2. الامتناع عن تناول الأطعمة الغير مراقبة.
  3. عدم إبقاء الطعام مكشوفا لفترة طويلة.
  4. يجب استهلاك الحليب ومنتجاته وخاصة الجبنة بعد ضمان مرورها بعملية البسترة(تحدثنا عنها سابقا).
  5. منع انتشار وتكاثر البعوض وغيرها من الوسائل التي تساعد على منع انتشار الأمراض في الصيف، إذ تعتبر الوقاية ومنع تكاثر البعوض ضروريا لمنع انتشار "حمى النيل الغربية" (ذكرت أعلاه).
  6. حتى اليوم أفضل طريقة وجدت للوقاية من الأمراض بشكل كامل هي تطوير أنواع التطعيمات لبعض الأمراض الأكثر انتشارا والأكثر خطورة مما أدى، لغاية اليوم، لاختفاء بعضها كليا.
  1. بروفيسور عماد قسيس

 

 

مدير وحدة الأمراض المعدية عند الأطفال - مستشفى الاطفال- رامبام-حيقا 

التعليقات