قمة "كوب 26" للمناخ... الفرصة الأخيرة لإنقاذ البشرية؟

فيما يدق خبراء البيئة ناقوس الخطر، اجتمع قادة العالم، اليوم الإثنين، في اليوم الثاني من الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغيّر المناخ (كوب 26) التي تعقد في مدينة غلاسكو الأسكتلندية، لوضع رؤيتهم بهدف مواجهة الاحتباس الحراري الذي يهدّد كوكب الأرض.

قمة

محتجون على إجراءات الدول بقضية المناخ (أ ب)

فيما يدق خبراء البيئة ناقوس الخطر، اجتمع قادة العالم، اليوم الإثنين، في اليوم الثاني من الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغيّر المناخ (كوب 26) التي تعقد في مدينة غلاسكو الأسكتلندية، لوضع رؤيتهم بهدف مواجهة الاحتباس الحراري الذي يهدّد كوكب الأرض.

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، مؤتمر المناخ "كوب 26" إلى "إنقاذ البشرية"، مخاطبا أكثر من 120 من قادة العالم المشاركين في القمة التي تستمر يومين، واعتبرتها الأمم المتحدة إنها حاسمة لوضع خريطة طريق لتجنب كارثة احترار مناخي.

وتتواصل أعمال المؤتمر في غلاسكو بعد انتهاء قمة مشاركة الزعماء حتى الثاني عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني.

وتُعتبر قمة "كوب 26" حيوية لاستمرارية اتفاق باريس الذي أبرم العام 2015، ونصّ على الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى "أقل بكثير" من درجتين مئويتين، والعمل على حصرها بحدود 1,5 درجة.

مع ارتفاع درجة الحرارة بما يزيد قليلا عن درجة مئوية واحدة منذ الثورة الصناعية، تتعرض الأرض لموجات حر أكثر شدة من أي وقت مضى، وفيضانات وعواصف استوائية تتسبب في ارتفاع منسوب مياه البحار.

وقال رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، في افتتاح القمة، "إنها الفرصة الأخيرة وعلينا التحرك حالا"؛ فيما قال الرئيس الأميركي، جو بايدن، مخاطبا المندوبين، إن العصر الحالي لكارثة المناخ يمثل "نقطة انعطاف في تاريخ العالم".

جونسون خلال الاجتماع (أ ب)

وتسلّط الضغوط على الحكومات لمضاعفة التزاماتها بخفض الانبعاثات لجعلها تتماشى مع أهداف اتفاق باريس، وتوفير الأموال التي وعدت بها منذ فترة طويلة لمساعدة الدول النامية على تخضير اقتصاداتها وحماية نفسها من الكوارث المستقبلية.

"إننا نحفر قبورنا بأنفسنا"

وشدد الأمين العام للأمم المتحدة "لقد آن الأوان للقول ‘كفى‘"؛ وأضاف "كفى لانتهاك التنوع البيولوجي. كفى لقتل أنفسنا بالكربون. كفى للتعامل مع الطبيعة كمكب قمامة. كفى للحرق والحفر والاستخراج على أعماق أكبر. إننا نحفر قبورنا بأنفسنا".

واصطف الآلاف من المندوبين حول المبنى لحضور القمة، في ظل إجراءات أمنية مشددة في وسط المدينة المغلق. وفي الشوارع المجاورة لمقر انعقاد القمة، تظاهر محتجون لمواصلة الضغط على المندوبين.

وأعرب نشطاء من منظمة "أوكسفام" عن استيائهم من خلال الموسيقى، مع فرقة أسكتلندية سميت "فرقة الهواء الساخن كوب 26"، وضع أعضاؤها أقنعة لوجوه قادة العالم.

محتجون يطالبون بإجراءات فعلية (أ ب)

وتحدث رئيس الوزراء البريطاني، عن تفجر غضب شعبي "لا يمكن احتواؤه" في حال فشلت القمة في تحقيق المنشود. فيما شكل كلام جونسون صدى للناشطة المدافعة على المناخ البالغة من العمر 18 عاما، غريتا تونبرغ، الموجودة في غلاسكو، مع الآلاف من المحتجين الآخرين، إذ حث القمة على عدم الانغماس في "الثرثرة".

وقال رئيس الوزراء إنه إذا فشل الزعماء في تحقيق الهدف، فإن الأجيال التي لم تولد بعد "لن تسامحنا". وتابع "سيحكمون علينا بمرارة وبامتعاض يطغى على نشطاء المناخ اليوم، وسيكونون على حق".

وقال بايدن إن الاستجابة لأزمة المناخ يجب أن ينظر إليها على أنها فرصة لاقتصادات العالم. وأضاف أنه "وسط الكارثة المتنامية، أرى أن هناك فرصة رائعة، ليس فقط للولايات المتحدة إنما لنا جميعا".

بايدن يعتذر عن الانسحاب من اتفاقية باريس

واعتذر بايدن لسحب سلفه دونالد ترامب، الولايات المتحدة، من اتفاقية باريس للمناخ، قائلاً إن بلاده ستقوم بدورها لخفض الانبعاثات، وفق ما أوردت ""أسوشييتد برس".

واستعرض بايدن خطورة التغير المناخي، قائلاً إنه "ليس تهديدا افتراضيا"، بل ظاهرة شهدت كل مناطق العالم آثارها الضارة من حرائق وفيضانات تكلف العالم تريليونات الدولارات.

الرئيس الأميركي، بايدن بعيد إلقاء كلمته (أ ب)

وقال إن "السؤال هو هل سنتحرك؟ هل سنفعل ما هو ضروري؟ هذا العقد سيحدد الإجابة". وأضاف أن هذا العقد سيكون حاسمًا، مشددا على أنه "يمكننا خفض معدلات الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية إذا اجتمعنا سويًا. إذا تعهدنا القيام بواجباتنا بعزيمة وطموح".

وتابع أنه "في سياق الكارثة المتنامية، أعتقد أن هناك فرصة رائعة، ليس فقط للولايات المتحدة، ولكن لنا جميعًا، لاستغلال الطاقة النظيفة وخلق ملاين الوظائف والحفاظ على البيئة".

وعود جريئة.. ولا إجراءات محددة

من جانبه، دعا الرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون الدول التي تسجل أكبر انبعاثات لثاني أكسيد الكربون والمتأخرة في التزامتها "برفع طموحاتها خلال الأيام الخمسة عشر" لمؤتمر كوب 26.

وجددت دول مجموعة العشرين، وبينها الصين والهند والدول الغربية، التزامها الأحد بهدف اتفاق باريس المتمثل في حصر ارتفاع درجة حرارة الأرض في 1,5 درجة مئوية.

كذلك، اتفقت على إنهاء تمويل محطات الفحم الجديدة في الخارج التي لا تستعمل تكنولوجيا احتجاز الكربون بحلول نهاية عام 2021.

الرئيس الفرنسي، ماكرون (أ ب)

لكن لم يتم تحديد تدابير دقيقة للوصول إلى هدف 1,5 درجة مئوية، وأعرب النشطاء عن خيبة أملهم إزاء المجموعة التي تسبب مجتمعة نحو 80% من انبعاثات الكربون العالمية.

غيابات بارزة

وتراجعت التوقعات المتوخاة من القمة بسبب غياب عدد من الشخصيات البارزة؛ إذ يغيب عن القمة الرئيس الصيني، شي جينبينغ، الذي لم يغادر بلاده منذ ظهور كورونا، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

كذلك ألغى الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، مشاركته الإثنين لأسباب "أمنية" لم تحدد.

ويرى مراقبون أن النقاشات في قمة غلاسكو المتواصلة حتى 12 تشرين الثاني/نوفمبر لن تكون سهلة.

وقدمت معظم الدول بالفعل خططها لخفض الانبعاثات المعروفة باسم "المساهمات المحددة وطنيا" قبل "كوب 26".

واستعرض رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، الإجراءات الإسرائيلية في هذا السياق، معتبرا أن إسرائيل قادرة على المساهمة "بأثمن مصدر طاقة تمتلكه إسرائيل ألا وهو طاقة وعقول أبناء شعبنا. إنه الأمر الذي يغذي ابتكارنا وقدرتنا الإبداعية، وهو المكان حيث يمكن لإسرائيل أن تحدث فيه تغييرًا حقيقيًا".

بينيت خلال الكلمة (أ ب)

وقال إن "إسرائيل تلتزم بتقليص انبعاث غازات الدفيئة وصولاً إلى صفر بحلول عام 2050، حيث سنتوقف تدريجيًا عن استخدام الفحم الحجري بحلول عام 2025"، مستدركا "لكن دعونا نعترف بحقيقة أن إسرائيل دولة صغيرة الحجم، إذ لا تشكل مساحة أراضينا سوى أقل من ثلث مساحة إسكتلندا. وربما تكون بصمتنا الكربونية صغيرة، لكن تأثيرنا على التغير المناخي قد يكون هائلاً".

ولكن في حالة بقاء الالتزامات على حالها، فإنها ستؤدي إلى احترار "كارثي" بمقدار 2,7 درجة مئوية، وفق الأمم المتحدة.

وفيما قدّمت الصين، أكبر مصدر لانبعاثات الكربون في العالم، خطتها الجديدة بشأن المناخ إلى الأمم المتحدة مؤخرا، والتي كررت فيها هدفها القائم منذ مدة طويلة ببلوغ الانبعاثات ذروتها بحلول العام 2030، تتسلّط الأضواء حاليا على الهند.

(أ ب)

وتصاعد التوتر بين الولايات المتحدة والصين، الإثنين، بعدما اعتبر مستشار الأمن القومي الأميركي، جايك سوليفان، أن موقف بكين "محير" في خصوص احتواء التغير البيئي. وقال سوليفان: "لن تكون الصين ممثلة على مستوى قائد البلاد في مؤتمر ‘كوب 26‘... ولديها واجب تعزيز طموحاتها ونحن نمضي قدما".

ولم تكشف الهند بعد عن "مساهمتها المحددة وطنيا" الجديدة، وهو أحد متطلبات اتفاق باريس.

مسائل ملحة

وتتعلق المسألة الأخرى الملحة، بإخفاق الدول الغنية في تخصيص مئة مليار دولار سنويا اعتبارا من العام 2020 لمساعدة الدول النامية على خفض الانبعاثات والتكيف، بناء على تعهّد صدر سنة 2009 للمرة الأولى.

وتأجّل هذا الهدف إلى العام 2023، ليفاقم أزمة الثقة بين دول الشمال، المسؤولة عن الاحترار العالمي، وتلك الواقعة في جنوب الكرة الأرضية والتي تعد ضحية تداعياته.

وستراقب خطابات أكثر من مئة زعيم عن كثب، خصوصا من الناشطين الشباب الذين توجّهوا إلى أسكتلندا عبر القطار رغم العقبات الماثلة من جرّاء الوباء.

وقالوا في رسالة مفتوحة صدرت عن عدد منهم، بمن فيهم الناشطة السويدية غريتا تونبرغ التي وصلت الأحد، "كمواطنين من مختلف أنحاء الكوكب، نحضّكم على مواجهة حالة الطوارئ المناخية.. لا العام المقبل ولا الشهر المقبل. بل الآن".

التعليقات