النظام السوري يشدد قبضته على حمص، ومنع فريق من الأمم المتحدة دخول درعا

النظام الليبي دعا إلى "وقف التدخل الخارجي في شؤون سوريا الداخلية" * ثلاثة مدنيين قتلوا في حمص الأحد، واعتقال الآلاف في مختلف المدن السورية* شيخ الأزهر طالب الأسد بحقن دماء شعبه والنزول عند مطالب المتظاهرين * الأمن السوري قتل 48 شخاص واعتقل 350 على الأقل خلال الأيام الأربعة الأخيرة

النظام السوري يشدد قبضته على حمص، ومنع فريق من الأمم المتحدة دخول درعا

شددت قوات حكومية، بينها قناصة تعتلي أسطح المباني، قبضتها على حمص، ثالث كبرى المدن السورية، يوم الاثنين، بعدما دفع الرئيس السوري بشار الأسد بالدبابات، في حملة تزداد شراسة على ثورة ضد حكمه.

وقال مدافع عن حقوق الانسان في حمص، إن قناصة انتشروا في عدة مناطق سكنية، بينما خبت أصوات لإطلاق النار في أحياء المدينة التي اقتحمتها الدبابات يوم الأحد.

وأضاف: "هناك قناصة يمكن رؤيتهم فوق أسطح المباني العامة والخاصة، في مناطق العدوية، وباب سباع، والمريجة؛ المئات فروا من القرى الثلاث الواقعة مباشرة إلى الجنوب الغربي من حمص، حيث انتشرت الدبابات."

وتقع حمص، مسقط رأس أسماء زوجة الأسد، وسط منطقة زراعية على الطريق السريع بين دمشق وحلب، ثاني كبرى المدن السورية، كما توجد إحدى مصفاتي النفط السوريتين في حمص.

مصادر حقوقية: ثلاثة مدنيين قتلوا في حمص الأحد، واعتقال الآلاف في مختلف المدن السورية

وقال المرصد السوري لحقوق الانسان، إن ثلاثة مدنيين قتلوا يوم الأحد في حمص، المدينة التجارية التي يسكنها مليون نسمة، وتقع على بعد 165 كليومترا شمالي دمشق.

وأضاف المرصد أنه جرى اعتقال عشرات الاشخاص في حمص، وبانياس، على ساحل البحر المتوسط ،اللتين تمثلان أحدث بؤرة لحملة الأسد المتصاعدة ضد المحتجين، إلى جانب مناطق أخرى.

وذكر متحدث باسم المرصد، إن عمليات الاعتقال استمرت يوم الاثنين، مما يضاعف أعداد المعتقلين الذين أصبحوا بالفعل بالآلاف.

كما قال المرصد أيضا، إن قوات الامن السورية فضت مظاهرة صغيرة مؤيدة للديمقراطية في وسط دمشق، يوم الاثنين، واعتقلت كاتبا معارضا وعدة طلاب.

وأوضح المرصد في بيان، أن عمار مشهور ديوب، وهو كاتب دعا إلى الاصلاح السياسي في سوريا، كان ضمن 150 شخصا تجمعوا في ساحة عرنوس في دمشق، في مظاهرة ليلية، للمطالبة برفع الحصار العسكري عن المدن السورية، التي تحدت حكم الرئيس بشار الاسد.

وبدأت الاحتجاجات في سوريا يوم 18 مارس / آذار، عندما قام محتجون استلهموا الثورات في أنحاء العالم العربي، بمسيرات في مدينة درعا الجنوبية، وجاء رد الأسد على هذه المظاهرات بالإعلان عن وعود إصلاح غامضة، ورفع الشهر الماضي حالة الطوارئ، التي استمرت 48 عاما.

لكن بعد أن تواصلت الاحتجاجات، أرسل الأسد قوات الجيش في بادئ الأمر إلى درعا لسحق الثورة، ثم إلى مدن أخرى، مما يشير إلى أنه لن يجازف بفقدان سيطرة أسرته على الحكم.

ويقول المرصد السوري، إن 621 مدنيا، و120 من الجنود وقوات الامن، قتلوا منذ بدء المظاهرات، ويقول مركز سواسية لحقوق الانسان ومناهضة التمييز، وهو منظمة حقوقية أخرى، إن عدد القتلى المدنيين يزيد على 800.

وقال دبلوماسي غربي الاسبوع الماضي، إن ما يقدر بنحو 7000 شخص اعتقلوا، لكن المرصد قال إنه جرى اعتقال ما بين 400 و500 منذ ذلك الحين، في بانياس وحدها.

وقبل بدء الثورة، كان الأسد قد بدأ يخرج من عزلة غربية فرضت عليه، بسبب دعم سوريا لحركتي حزب الله اللبنانية وحماس الفلسطينية، وتعزيز تكتل مناهض لاسرائيل مع إيران، واتهمت الولايات المتحدة أيضا سوريا بالسماح لمقاومين بدخول العراق لدعم مقاومة ضد القوات الامريكية والعراقية هناك.

وأعلنت واشنطن عن عقوبات جديدة ضد شخصيات سورية الشهر الماضي، في حين وافق الاتحاد الاوروبي الأسبوع الماضي على تجميد أرصدة وفرض قيود على السفر، ضد ما يصل إلى 14 مسؤولا سوري، قال إنهم مسؤولون عن أساليب القمع العنيفة ضد المحتجين.

لكن المحللين السياسيين يقولون إنه من غير المرجح أن تردع العقوبات وحدها الأسد عن استخدام القوة، لقمع الاحتجاجات.

شيخ الأزهر طالب الأسد بحقن دماء شعبه والنزول عند مطالب المتظاهرين

وفي الجنوب، دخلت دبابات عدة بلدات يوم الأحد، وقال ناشط حقوقي، إن رجلا قتل عندما اقتحمت قوات الامن منزله في بلدة طفس الجنوبية.

ونقلت صحيفة الاهرام المصرية، عن الشيخ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، مطالبته للرئيس السوري بشار الأسد "بحقن دماء شعبه، ووقف الاعتداء الامني والحصار المفروض على الآمنين بعدد من المدن السورية، والنزول على رغبات المتظاهرين."

ويطالب المحتجون بحريات سياسية، وإنهاء الفساد، ورحيل الأسد، وينفون تأكيده بأنهم جزء من مؤامرة أجنبية، تهدف إلى إثارة الصراع الطائفي.

وتنحي السلطات السورية باللائمة في نحو شهرين من العنف على "جماعات ارهابية مسلحة"، تقول إنها تعمل في درعا، وبانياس، وحمص، وأجزاء أخرى من البلاد.

وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا)، أن عصابة مسلحة قتلت بالرصاص عشرة عمال سوريين مدنيين في كمين لحافلة قرب حمص، لدى عودتهم من لبنان، وإن ستة جنود قتلوا حول درعا، وحمص، وبانياس، في اشتباكات مع جماعات مسلحة.

وقال مدافعون عن حقوق الانسان، إن الحافلة تعرضت للهجوم في منطقة ينتشر فيها الجيش وقوات الامن.

السلطات السورية منعت فريقا انسانيا من الأمم المتحدة دخول درعا

من جهة أخرى، قال متحدث باسم الأمم المتحدة يوم الاثنين، إن سوريا لم تسمح لفريق انساني من المنظمة الدولية بدخول مدينة درعا.

وقال المتحدث فرحان حق للصحفيين: "لم تتمكن بعثة تقييم الوضع الانساني (التابعة للأمم المتحدة) من دخول درعا.. نحن نحاول استيضاح أسباب عدم تمكنها من الدخول، كما نحاول الوصول إلى أماكن أخرى في سوريا."

وسئل حق إن كانت الأمم المتحدة ترى أن سوريا تراجعت عن اتفاق سابق تسمح بموجبه بدخول درعا، فقال: "نحن نحاول الحصول على إيضاح لأسباب عدم تمكن البعثة من الدخول، وسنرى إن كانت ستتمكن من الدخول في الأيام القادمة."

وقال المكتب الصحفي للأمم المتحدة، إن الرئيس السوري بشار الأسد عبر في مكالمة هاتفية مع الأمين العام للأمم المتحدة، بان جي مون، الأسبوع الماضي، عن "الاستعداد للنظر في إجراء مثل هذا التقييم في درعا".

منظمة العفو الدولية: الأمن السوري قتل 48 شخاص واعتقل 350 على الأقل خلال الأيام الأربعة الأخيرة

وأعلنت منظمة العفو الدولية الاثنين أيضا، أن ما لا يقل عن 48 شخصًا قُتلوا على أيدي قوات الأمن في سوريا، خلال الأيام الأربعة الأخيرة، مع تكثيف حملة القمع على مدينة بانياس الساحلية.

وقالت المنظمة إن أكثر من 350 شخصًا، بينهم 48 امرأة وطفل في العاشرة من العمر، اعتُقلوا في بانياس على مدى الأيام الثلاثة الماضية، واحتُجز العشرات منهم في ملعب لكرة القدم، ومن بينهم ثلاثة أطباء على الأقل، و11 جريحًا أُخذوا من المستشفيات.

وأضافت العفو الدولية أنها جمعت أسماء 28 شخصًا قُتلوا على ما يبدو برصاص قوات الأمن يوم الجمعة الماضي، تسعة في حمص، وستة في حماة، وأربعة في اللاذقية، وأربعة في ديرالزور، وثلاثة في درعا، وواحد في إدلب، وواحد في دمشق، و 12 شخصًا قُتلوا في الأيام الثلاثة الماضية، وأسماء 580 متظاهرًا وغيرهم قُتلوا منذ اندلاع التظاهرات في منتصف آذار/مارس الماضي.

وذكرت المنظمة نقلاً عن مصادر متعددة، أن قوات الأمن السورية قتلت بالرصاص أربع نساء، كانوا يحتجون على الطريق من بانياس إلى قرية المرقب من أجل الافراج عن المعتقلين على أيدي قوات الأمن، وتلقت معلومات عن مقتل شخصين برصاص القناصة في بلدة طفس، ومقتل ثلاثة في حمص، وشخصين في مدينة دير الزور، وشخص في قرية جسر الشغور، وطفل في الحادية عشرة من العمر في حمص ليلة الثلاثاء.

" قتل المحتجين خرج عن نطاق السيطرة في سوريا"

وقال فيليب لوثر، نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال افريقيا في منظمة العفو الدولية: "إن قتل المحتجين خرج عن نطاق السيطرة في سوريا، ويتعين على الرئيس بشار الأسد أن يأمر قواته الأمنية بوقف المجزرة فورًا."

وأضاف لوثر أن السلطات السورية "شددت قبضتها على سكان المدن في مختلف أنحاء سوريا، وتقوم بمعاقبتهم في محاولة منها لقمع المعارضة، وهذه الاجراءات الوحشية يجب أن تنتهي ويُسمح للسوريين بالاحتجاج دون خوف من العنف القاتل ضدهم".

وطالب بـ "إعادة الماء والكهرباء وخطوط الهاتف، والافراج عن المحتجين المحتجزين بسبب مطالبتهم السلمية بالإصلاح."

النظام الليبي دعا إلى "وقف التدخل الخارجي في شؤون سوريا الداخلية"

وفي سياق آخر، دعا النظام الليبي الاثنين، إلى وقف "التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لسوريا"، وأدانت ما تتعرض له دمشق من "مؤامرات"، والتي قالت عنها إنها تهدف إلى المساس بأمنها الوطني، والنيل من مواقفها المبدئية من القضايا العربية .

وأكدت وزارة الخارجية الليبية في بيان لها على "وحدة الموقف" بين الشعبين الليبي والسوري، تجاه المؤامرات، واتهمت "قوى استعمارية مدعومة بقوى إقليمية"، لم تحددها، "بحياكتها" ضد البلدين .

وانتقدت في هذا الشأن ما اعتبرته "حملات تضليل اعلامي وتزييف للحقائق" ضد البلدين، بهدف "ضرب صمودهما التاريخي في الدفاع عن استقلال قرارهما الوطني، ووحدتهما الوطنية، وحماية ثرواتهما ومقدراتهما".

التعليقات